جريدة الرؤية العمانية:
2025-04-02@18:40:49 GMT

ضمير الغرب!

تاريخ النشر: 17th, October 2023 GMT

ضمير الغرب!

 

د.صالح الفهدي

يبدو أَن ضميرَ الغربِ ليس ضميرًا إِنسانيًا طبيعيًا؛ بل هو ضميرٌ صناعي، يتحكَّمُ فيه بـ(الرموت كنترول) بحسبِ مصالحهِ، وأَهوائه، فالضمير الإِنساني لا يمكنُ إلا أن يكون طبيعي المشاعر، صادق الأحاسيس.

الضمير الغربي يتألمُ لمقتل فردٍ من كيانٍ محتلٍ، ويتجاهلُ مقتل الآلافِ من الأَبرياء؛ بل ويذرفُ الدمع لصورةٍ مفبركةٍ لكلبٍ، ولا يُبدي أَي اهتمام للمشاهدِ المروِّعة لمقتل المدنيين من النساء والرجال والأطفال، وهدمِ البيوت على أهلها العزَّلِ الأَبرياء.

الضمير الغربي هبَّ لهجومِ روسيا على أُوكرانيا، مع أن روسيا هي صاحبةُ حقٍّ لحماية بلادها من توسِّع الناتو شرقًا، ومن إبادة جماعية للسكان الروس الأصل في المقاطعات التي أصبحت اليوم جزءًا من روسيًا، ومن المختبرات البيولوجية التي تنتشرُ في أوكرانيا بإدارة إبن الرئيس الأمريكي بايدن، ومن تحكم النازيين واليهود على سدَّة الحكم فيها؛ يهبُّ الضمير الغربي ليفرض كل أشكال العقوبات على روسيا، لكنَّه لا يفعلُ شيئًا تجاه كيانٍ غاصبٍ في شكل دولةٍ تمارسُ العربدة والعنجهية والفصل العنصري والتهجير القسري والإِبادة الجماعية!!

الضمير الغربي يُسرعُ عبر محكمته الجنائية الدولية لإصدار مذكرةٍ بحق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي كان يدافعُ عن حق بلاده الوجودي، بعد أن تخلت أوكرانيا عن الحياد وطلبت الإنضمام إلى الناتو وهو ما يشكِّل خطرًا محدقًا على روسيا، لكن الضمير الغربي لم يصحُ على الجرائم البشعة غير الإنسانية التي ارتكبها بنيامين نتنياهو في حق الفلسطينيين بشهادة كل المنظمات الدولية وبعض المسؤولين  في الدول الأوروبية كالنرويج وأسبانيا!!

الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوروبية تدَّعي أنها تمثِّل "العالم الحر" و"العالم الديمقراطي" و"الدول المتقدمة" ولكن كل هذه الشعارات الزائفة تفضحها المواقف والأحداث، بل يفضحها المنطقُ قبلَ كل شيء، إذ يقول الرئيس الكولومبي غوستافو بيترو الذي طردت بلاده السفير الإسرائيلي فيها:"الشعوب الديمقراطية لا يمكنها السماح للنازية بإعادة ترسيخ نفسها في السياسة الدولية".

لم يعد للضمير الغربي من منطقٍ يسوِّقه للعالم، فقد سقط الضمير الأخلاقي المنحط القيم في الحضيض بعد أن تمرَّد بحريته المزعومة على الفطرة الإنسانية السوية، وسقط ضميره العقلي المنحاز إلى الإجرام واستعباد البشر، وهو الذي يدَّعي محاربة العنصرية، التي لا يصحُّ فيها إلا معاداة السامية التي ينتفضُ لها الضمير الغربي فيحاكم من يشكك في محرقتها المضخَّمة الأسطورة، ويسجنُ من يعلن موقفها نحو الكيان الصهيوني المحتل!!

فماذا تبقَّى في الغربِ بعد أن فسد ضميره، وامتلأ بالنفاقِ ودعم الإجرام، وقتل الأبرياء، والإبادة الجماعية، وكل أصناف الشرِّ الذي يمكنُ أن يصدرَ من اللاإنسان المتصهين الذي فعل الأعاجيب؟!

في المقابل.. يُريه ضميرُ المقاومة كيف يعاملُ أسراه بالحُسنى، ويعتني بأطفال مستعمريه الذين يحملهم بين أياديه، ويطبطبُ عليهم، ويعالجُهم، ويفك أسر من لا ذنب له من المدنيين العزَّل، بيد أن كل ذلك لا تقابله صحوة ضميرٍ، ولا خفقة شعورٍ بالذنب.

هذا هو ضمير الغرب الذي لا أقصد به شعوبه في الغالب، فهم مغلوب عليهم بما تحقنه الآلة الإعلامية اليهودية في أذهانهم ليل نهار، وإنما أقصدُ به أنظمتهم السياسية التي تدوس مصالحها على كل الأعراف والمثل والقيم الإنسانية، ثم تدَّعي أنها الدول الديمقراطية، وحقوق الإنسان، والحريات، والعدالة.

في كتابه "الحرب على غزة ونهاية إسرائيل"، ينقل المفكر الأمريكي الشهير نعوم تشومسكي عن المحلل الإسرائيلي يوري أفنيري قوله: "ستنحفر في الضمير العالمي صورة إسرائيل كوحش ملطخ بالدماء جاهز في أي لحظة لارتكاب جرائم حرب وغير مستعد للالتزام بأي شرط أخلاقي".. هذه هي صورة الكيان الصهيوني كما صورها محلل إسرائيلي ونقلها عنه مفكر أمريكي، لكن الضمير الغربي يصور الكيان المغتصب بأنه "حمل وديع تحيط به ذئابٌ متوحشَّة"..!  

الضميرُ الغربي هو ضميرٌ ميِّتٌ حين يتعلق الأمر بما لا يتوافق مع مصالحه إلا من بعضِ فئات الشعوب الإنسانية والنُّخب المختلفة في جوانب الأدب والفن والرياضة وغيرها، والتي تنتفضُ في القضايا الإنسانية ضد سياسات حكوماتها، إنَّما الحكومات الغربية لم يعد لها ضميرٌ تحييه المشاهد المأساوية المروِّعة لأي بشر يحمل قلبًا يخفقُ بين أضلاعه.

لهذا طفحت الشعوب الأخرى بهذا الضمير الغربي الذي يقود الظلم، ويدعم الطغيان، ويساند الإستعباد، ضميرٌ لم يعد له كلمة صدق، ولا مسلك حق.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

مكالمة هاتفية بين الشرع والسوادني.. هذا ما جاء فيها

أكد رئيس مجلس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، اليوم الثلاثاء، موقف بلاده الثابت بالوقوف إلى جانب خيارات الشعب السوري.

جاء ذلك خلال تبادل السوداني، اليوم ، التهاني مع الرئيس السوري أحمد الشرع بمناسبة عيد الفطر خلال اتصال هاتفي، وفق  بيان للمكتب الإعلامي لرئيس مجلس الوزراء العراقي .

تفاصيل المكالمة

وطبقاً للبيان، الذي أوردته وكالة الأنباء العراقية (واع)، عبر السوداني، خلال الاتصال، عن "تمنياته وتهانيه للشعب السوري بمناسبة تشكيل الحكومة الجديدة"، مؤكداً على أهمية أن تضم العملية السياسية كل الأطياف والمكونات، وأن تصب في مسار التعايش السلمي والأمن المجتمعي، من أجل مستقبل آمن ومستقر لسوريا وكل المنطقة".

رئيس الوزراء للرئيس السوري: العراق يقف إلى جانب خيارات الشعب السوري ويدعم وحدة وسلامة أراضيه وسيادتها pic.twitter.com/4J0bIYJHRI

— واع (@INA__NEWS) April 1, 2025

وأكد  رئيس الوزراء "رفض العراق لتوغل إسرائيل داخل الأراضي السورية، ودعم العراق لوحدة وسلامة أراضي سوريا وسيادتها، ورفض التدخلات الخارجية، وكذلك أهمية التعاون المتبادل في مواجهة خطر عصابات داعش الإرهابية، بالإضافة إلى التعاون في المجالات الاقتصادية، بحكم العوامل والفرص المشتركة".


ولم يقابل العراق الإدارة السورية الجديدة بالانفتاح الذي لاقته من بقية الدول العربية، كما أن الشرع لم يتلق تهنئة رسمية من العراق بعد توليه منصب رئيس المرحلة الانتقالية في سوريا.

وزيرا خارجية العراق وسوريا يبحثان في بغداد العلاقات الثنائية  - موقع 24اجتمع وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين مع نظيره السوري أسعد الشيباني، الذي وصل العاصمة بغداد، اليوم الجمعة، في زيارة رسمية هي الأولى من نوعها. 

وفي منتصف مارس زار وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني العراق والتقى نظيره فؤاد حسين، وكانت تلك أول زيارة لمسؤول سوري للعراق بعد سقوط نظام الرئيس بشار الأسد.

مقالات مشابهة

  • إسرائيل تعلّق دخول عمال سوريين دروز للعمل فيها
  • أمين العاصمة ومحافظ الحديدة يزوران المرابطين في جبهة الساحل الغربي
  • 7 أفعال شائعة تبطل صيام الست من شوال.. الإفتاء: احذر الوقوع فيها
  • « الداخلية »: 3 مخالفات مرورية لا يجوز أمر الصلح فيها والمخالف يحال للمحاكمة
  • مكالمة هاتفية بين الشرع والسوادني.. هذا ما جاء فيها
  • بوقعيقيص: نحن مخدوعون بديمقراطية الغرب
  • هل إيران في مسار تصادمي مع الغرب؟
  • ماذا يريد الغرب وكياناتنا القُطْرِيَّةُ؟
  • الخارجية الروسية: لن ننسى ولن نغفر كل شيء بسرعة للشركات الأوروبية التي انسحبت من سوقنا
  • لافروف: أوروبا تسعى لإطالة عمر "نظام زيلينسكي"