يبدو أن الرئيس الأميركي جو بايدن قد حسم أمره وقرر المضي قدما في موضوع زيارته إلى إسرائيل بعد عملية "طوفان الأقصى" التي نفذتها حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الحالي داخل إسرائيل وخلفت أكثر من 1300 قتيل إسرائيلي، وأسر نحو 200 شخص، بينهم عسكريون.

وبحسب مراقبين، فإن الزيارة الاستثنائية التي تأتي بناء على دعوة من رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، سيكون هدفها الأساسي إظهار الدعم الأميركي لإسرائيل والإسرائيليين بعد الصفعة العنيفة وغير المسبوقة التي وجهتها المقاومة الفلسطينية للنخبة السياسية والعسكرية في تل أبيب.

وفي حديث مقتضب للصحفيين بشأن هذه الزيارة، قال جون كيربي المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي إن بايدن سيعقد اجتماعات في تل أبيب، وقبلها في العاصمة الأردنية عمان التي سيلتقي فيها بملك الأردن عبد الله الثاني والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس ليبحث معهم القضايا الإنسانية المتعلقة بأوضاع الناس في غزة.

وأضاف كيربي أن بايدن سيركز في محادثاته على "الحاجة الماسة لوصول المساعدات الإنسانية إلى غزة، فضلا عن قدرة الأبرياء على الخروج من القطاع".

هذه الرحلة المرتقبة للرئيس الأميركي، التي يبدو أن ثمة ظروفا عديدة أسهمت في اتخاذ قرار الإسراع بها ستبدأ محطتها الأولى بالأردن التي سيحل بها بايدن أولا لأسباب أمنية ولوجستية قبل الوصول إلى إسرائيل، ينظر إليها الصحفي في نيويورك تايمز ماثيو غولن باعتبار أنها:

الزيارة وفي هذا التوقيت ستكون مقامرة كبرى في ظل ما يجري في الأراضي الفلسطينية. وصول بايدن إلى إسرائيل سيحمل رسالة إلى إيران وسوريا وحزب الله بأن تل أبيب تحظى بدعم واشنطن، في وقت يسود فيه القلق على نطاق واسع بشأن نشوب حرب إقليمية. الزيارة في ظل ما يجري ستربط الرئيس الأميركي والولايات المتحدة بعمليات سفك الدماء المستمرة في غزة. رحلة بايدن إلى إسرائيل في مثل هذه اللحظة الحرجة تفرض تحديات هائلة على البيت الأبيض، على المستويين السياسي والأمني.

 

وقد فصل تقرير في نيويورك تايمز للصحفيين بيتر سانغر وديفيد بيكر تلك المخاطر والتحديات في التالي:

زيارة بايدن لدعم إسرائيل تشبه زيارته إلى أوكرانيا في فبراير/شباط الماضي عندما كانت على أعتاب عملية عسكرية كبيرة، وتأتي في الوقت الذي تستعد فيه القوات الإسرائيلية لشق طريقها عبر المناطق الحضرية المزدحمة في غزة لتنفيذ عملية عسكرية. المخاطر الأمنية لمثل هذه الرحلة واضحة، فقد انطلقت صفارات الإنذار للتحذير من صواريخ قادمة من غزة عندما كان وزير الخارجية الأميركية في زيارته الثانية لإسرائيل خلال أسبوع، يجتمع في قاعدة عسكرية مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وحكومته، حيث نقلوا إلى مخبأ واحتموا به لمدة 5 دقائق قبل استئناف مناقشاتهم. وقد كان هناك تحذير مماثل من تهديد أمني عندما كان بايدن يقوم بجولة رفقة نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في العاصمة كييف في فبراير/شباط الماضي. لم تنتقد الإدارة حتى الآن تحركات إسرائيل لقطع الكهرباء والغذاء عن غزة رغم زعمها العمل على تخفيف الأزمة الإنسانية هناك، ورغم احتجاج بعض الزعماء العرب أمام المسؤولين الأميركيين بأن الحصار يرقى إلى مستوى العقاب الجماعي وغير قانوني وفقا لقوانين الحروب. ومن التحديات أيضا ما أشارت له صحيفة واشنطن بوست بأن زيارة بايدن تأتي ودون أن تطلب الإدارة الأميركية ضمانات بأن إسرائيل لن تشن غزوها البري أثناء زيارة بايدن للبلاد. وتنقل عن المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي قوله "نحن لا نملي الشروط أو التوجيهات العملياتية على الإسرائيليين" لكننا "لا نريد أن نرى تصعيدا.. نريد أن نتأكد من بدء تدفق المساعدات الإنسانية".
إسرائيل تخسر معركة الصورة الذهنية

ثمة موضوع مهم يأتي في خضم زيارة الرئيس الأميركي لإسرائيل والأردن، وهو ما يمكن تسميته خسارة إسرائيل لمعركة الصورة الذهنية في عدوانها على غزة وحربها بلا هوادة على الفلسطينيين. فبالرغم من أن الرئيس الأميركي ووزير خارجيته أنطوني بلينكن يدعمان بوضوح ما يسمونه الإطاحة بحماس، فإنهما قد عبرا عن قلقهما من تأثر الصورة الذهنية لإسرائيل، فعندما يشاهد العالم الآلة الحربية الإسرائيلية وهي تفجر المباني وتزهق أرواح الفلسطينيين في غزة فإن مشاعر الناس في جميع أنحاء العالم ستتغير بشكل كبير، وسيتحول التركيز والتعاطف إلى غزة، وليس لما جرى للإسرائيليين في السابع من أكتوبر/تشرين الأول.

وتنقل نيويورك تايمز عن اثنين من مسؤولي الإدارة الأميركية أن المسيرات المؤيدة للفلسطينيين في أوروبا، وفي نيويورك وفي بعض الجامعات الأميركية تشير بالفعل إلى تحول عن قبول الرواية الإسرائيلية، وإلى تماه تام مع الرواية الفلسطينية.

كواليس ما قبل الزيارة

يبدو أن زيارة بايدن إلى إسرائيل كانت وفق شروط قدمتها الإدارة الأميركية إلى تل أبيب، ويبدو أن الأخيرة تأخرت في قبولها أو الرد عليها، وهو الأمر الذي تسبب في تأخير إعلان البيت الأبيض رسميا عنها لما بعد منتصف الليلة الماضية.
والشروط المذكورة التي وضعتها الإدارة الأميركية كانت إنسانية بامتياز بحسب توصيف واشنطن بوست.

وبحسب الصحيفة الأميركية فقد انتظر المسؤولون الأميركيون حتى تلقوا التزامات من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بشأن حزمة إنسانية، وفقا لمسؤولين أميركيين مطلعين على المناقشات. وقد تلقى وزير الخارجية الأميركية أنتوني بلينكن التأكيدات الإسرائيلية خلال اجتماع ماراثوني في تل أبيب استمر لـ7 ساعات، وشملت الموضوعات التي ناقشها الجانبان الإسرائيلي والأميركي العديد من القضايا الإنسانية بما في ذلك إدخال المساعدات إلى غزة، وإنشاء مناطق آمنة للمدنيين الفلسطينيين.

ولا بد من الإشارة إلى أن زيارة بايدن إلى إسرائيل، وبحسب مراقبين للمشهد السياسي المتوتر في المنطقة تأتي في ظروف صعبة جدا، وفي ظل حشد للقوة الأميركية إظهارا للدعم لإسرائيل، ومحاولة لإرسال رسائل إلى إيران وسوريا وحزب الله اللبناني بأن أي تدخل في ما يجري في فلسطين سيقابل برد.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الإدارة الأمیرکیة بایدن إلى إسرائیل الرئیس الأمیرکی زیارة بایدن تل أبیب فی غزة

إقرأ أيضاً:

WSJ: تداعيات الحرب بغزة تظهر في مصر والأردن.. حظر الإخوان مثال

شدد تقرير نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال"، على أن تداعيات العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة بدأت في الظهور في كل من مصر والأردن، مشيرة إلى قرار حظر جماعة الإخوان المسلمين في المملكة.

وقالت الصحيفة في التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إن حليفين مهمين للولايات المتحدة يواجهان غضبا متزايدا وسط السكان مع تصعيد إسرائيل للحرب ضد غزة.

وفي إشارة لتصاعد الضغط، أعلنت الحكومة الأردنية يوم الأربعاء حظرا شاملا على نشاطات حركة الإخوان المسلمين في الأردن، وهي جزء من تيار إسلامي يتمتع بتأثير واسع في العالم العربي، وفقا لما أورده التقرير.

وأعلنت الحكومة بداية الشهر عن اعتقال عدد من ناشطي الحركة واتهمتهم بالتآمر لتنفيذ هجمات وتعريض الأمن الوطني للخطر، فيما نفت الجماعة أي علاقة لها بخطر التآمر المزعومة.  

وقالت الصحيفة إن الأردن شهد تظاهرات منتظمة، وجه المشاركون فيها انتقادات للحكومة وعلاقتها مع إسرائيل، فيما عقدت تظاهرات أمام السفارتين الأمريكية والإسرائيلية، واشتبك فيها المتظاهرون مع قوات الأمن الأردنية.  


وبالمقابل، تمارس مصر قيودا أشد على التظاهرات إلا أنها سمحت في مناسبات للمتظاهرين الخروج في تظاهرات مدروسة ومسيطر عليها لإظهار التضامن مع فلسطين وبدون انتقاد لحكومة عبد الفتاح السيسي. وتقول الصحيفة إن عدم الاستقرار يمثل تهديدا لقيادة البلدين العربيين، اللذان يعتبران حليفين حيويين للولايات المتحدة في الشرق الأوسط.  

ويقع الأردن ومصر في بعض المناطق الأكثر حساسية بالمنطقة. وقد استولى السيسي على السلطة في انقلاب عام 2013. وعقدت كل من مصر والأردن اتفاقيات سلام مع إسرائيل في عام 1979 و 1994 على التوالي.

ورغم العلاقات الدبلوماسية والأمنية وغير ذلك بين البلدين وإسرائيل، إلا أن شعبي البلدين عبرا عن  مواقف عدوانية ضد إسرائيل. وزادت الحرب الإسرائيلية ضد غزة من توتر هذا السلام الهشّ والبارد، إذ اضطرت الدول العربية إلى تهدئة غضب شعوبها ومحاولة الحفاظ على منافعها الاقتصادية والأمنية مع إسرائيل، حسب التقرير.

وفي الوقت نفسه، دفع بعض أعضاء الحكومة اليمينية الإسرائيلية لنقل فلسطينيي الضفة الغربية إلى الأردن، وفلسطينيي غزة إلى شبه جزيرة سيناء المصرية. وقد زاد ذلك من الغضب الشعبي إزاء الحرب التي كانت تشتعل في هذين البلدين، ودفع عمان والقاهرة لاتخاذ مواقف متشددة من إسرائيل، حيث حذر مسؤولون مصريون إسرائيل من أن القاهرة قد تصل إلى حد تعليق معاهدة السلام لعام 1979 إذا ما دفع الفلسطينيون إلى سيناء.

وقال وزير الخارجية الأردني إن تهجير الفلسطينيين إلى الأردن سيعتبر عملا حربيا. وأضافت الصحيفة أن بقاء الأردن يعتمد على ما تفعله إسرائيل وكذا النظام المصري: "إذا دفعت إسرائيل الفلسطينيين من غزة إلى سيناء، وفشل النظام في وقف هذا المد، فقد يسقط"، كما قال جوست هيلترمان، الزميل في  برنامج الشرق الأوسط بمجموعة الأزمات الدولية في بروكسل.

وأضاف هيلترمان "وإذا دفعت إسرائيل فلسطينيي الضفة الغربية إلى الأردن، فقد يعني ذلك نهاية المملكة الأردنية الهاشمية"، على حد قوله.

واتهمت مصر إسرائيل بانتهاك معاهدتها بالاستيلاء على ممر على طول حدودها، حيث ردت بتعزيز وجودها العسكري في شبه جزيرة سيناء. ورفضت الموافقة على اعتماد السفير الإسرائيلي المعين حديثا لدى مصر، ولم ترسل سفيرا جديدا إلى إسرائيل. كما يرفض السيسي التحدث مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو هاتفيا، وفقا لمسؤولين مصريين. ومن جانبها استدعى الأردن سفيره من إسرائيل في وقت مبكر من الحرب. 

وأشارت الصحيفة إلى أن مصر والأردن تعدان شريكين أمنيين إقليميين مهمين لإسرائيل. ويمتد الدعم للإخوان المسلمين أنفسهم ففي الأردن، فقد فاز الجناح السياسي لها، جبهة العمل الإسلامي، بعدد وافر من المقاعد في الانتخابات البرلمانية، وشكلت أكبر كتلة برلمانية في مجلس النواب. 

 ولا يزال مستقبل الحزب غير واضح في ظل القمع ضد الإخوان المسلمين، حيث يضع عدم التسامح معها على نفس الخط مع مواقف حكومات السعودية ومصر والإمارات وعدد آخر من دول المنطقة. 


ونقلت الصحيفة عن نيل قويليام، الزميل المشارك في مركز تشاتام هاوس في لندن، قوله "لا شك أن حرب إسرائيل لعبت دورا رئيسيا في حشد الدعم لجبهة العمل الإسلامي. وكانت النتيجة بمثابة صدمة للحكومة".

ويعد الأردن ومصر وإسرائيل من بين أكبر خمس دول تتلقى التمويل العسكري الأمريكي. ويستضيف الأردن قوات أمريكية، وساعد أمريكا العام الماضي في إسقاط مقذوفات إيرانية متجهة إلى "إسرائيل"، مما أثار انتقادات في النظام الملكي، وفقا للتقرير.  

ويعلق هيلترمان، من مجموعة الأزمات الدولية أنه في مصر، مثل الأردن "يتعاطف الرأي العام بشدة مع شعب غزة". ومع ذلك، شنت مصر حملة قمع ضد حملات التضامن مع فلسطين، خوفا من أن يؤدي هذا النشاط إلى تأجيج المعارضة التي قد تتحول إلى مظاهرات تهدد النظام.

وفي الأردن، كانت جماعة الإخوان المسلمين من أبرز الجماعات التي تنظم احتجاجات متكررة. ويقول محللون إن الحظر الشامل المفروض على الجماعة، والذي يحظر أيضا حضور أو تغطية الاحتجاجات التي تنظمها، يقرب الأردن من "النهج المصري". 

مقالات مشابهة

  • ضبابية تحيط بمساعي التوافق لانتخابات بيروت
  • مندوب مصر أمام محكمة العدل: إسرائيل انتهكت كافة القوانين الدولية التي وقعت عليها
  • إنترسبت: روبيو يُسكت كل صوت ينتقد إسرائيل بالخارجية الأميركية
  • معارك اعلامية وسياسية قبل انتخابات 2025
  • WSJ: تداعيات الحرب بغزة تظهر في مصر والأردن.. حظر الإخوان مثال
  • مسير راجل ووقفة مسلحة لخريجي دورات طوفان الأقصى بمدينة عمران
  • مسير راجل لخريجي دورات “طوفان الأقصى” في بلاد الطعام بريمة
  • مسير راجل ووقفة لخريجي دورات “طوفان الأقصى” في عمران
  • باحث سياسي: الإدارة الأمريكية لا تضغط بجدية على إسرائيل لإنهاء حرب غزة
  • جهاد حرب: الإدارة الأمريكية ليست جادة في الضغط على إسرائيل لإنهاء الحرب