مقتل مراسل تلفزيونية صومالي في تفجير انتحاري بمقديشو
تاريخ النشر: 17th, October 2023 GMT
مقتل مراسل تلفزيوني بالصومال، مساء اليوم، أثر انفجار انتحاري في مقديشو.
رئيس الصومال يبدأ زيارة رسمية إلى إريتريا بهدف تعزيز العلاقات الثنائية
وأصيب عبد الفتاح معلم نور قيس، 33 عاماً، الذي كان مديراً لتلفزيون الكابل الصومالي، بجروح قاتلة في الانفجار الذي وقع في مطعم بالعاصمة، وأكدت الشرطة أن منفذي الهجوم كانوا أعضاء في حركة الشباب المتشددة.
وقالت الشرطة في بيان: "في حوالي الساعة 21:00، فجر انتحاري من الخوارج حركة الشبابعبوات ناسفة على أشخاص كانوا يتناولون الشاي خارج مطعم بلو سكاي في منطقة بوندهير".
وأضافوا أن أربعة أشخاص آخرين أصيبوا خارج المطعم.
وأعلنت حركة الشباب، التابعة لتنظيم القاعدة، مسؤوليتها على الفور عن الهجوم في رسالة على تطبيق تيليجرام.
"القتل بلا رحمة" وقال وزير الإعلام والثقافة والسياحة داود عويس، إنه “حزين للخسارة المأساوية لعبد الفتاح معلم نور”، مضيفا فليكن عمله الاستثنائي في الصحافة ليتم الاحتفال به وتذكره ".
وفي أماكن أخرى، تدفقت ردود الفعل من زملاء نور في جميع أنحاء الصومال والمنطقة.
وكتب الاتحاد الوطني للصحفيين الصوماليين في بيان له أنهم "شعروا بالصدمة والغضب العميقين بسبب العمل الوحشي الأحمق الذي أودى بحياة الصحفي المتميز عبد الفتاح معلم نور (قيس)."
وشجب مدير الاتحاد، عمر فاروق عثمان، ما قال إنه "القتل المأساوي والوحشي لصحفي لامع، تم انتزاعه منا في وقت مبكر جدًا"، في حين أدانت الرابطة الدولية للصحافة في شرق إفريقيا (IPAEA) أيضًا عملية القتل.
كما سلط عثمان الضوء على المخاطر المستمرة للعمل كصحفي في الصومال.
وكتب: "من المقلق للغاية أن نشهد حالة أخرى يدفع فيها الصحفي في بلدنا الثمن النهائي". "إلى متى يجب أن نتحمل العنف الأحمق الذي يحرمنا من هذه الأصوات الرائعة؟"
قُتل الصحفي محمد عيسى حسن في أكتوبر من العام الماضي، وهو واحد من أكثر من 100 شخص قتلوا في تفجير سيارتين مفخختين في مقديشو.
وقبل ذلك بشهر، قُتل أحمد محمد شكر، وهو أيضاً صحفي تلفزيوني، في انفجار لغم أرضي.
ومع مقتل أكثر من 50 عاملاً في مجال الإعلام منذ عام 2010، تعد البلاد واحدة من أخطر الأماكن بالنسبة للصحفيين في أفريقيا.
تصنف منظمة مراسلون بلا حدود الصومال في المرتبة 141 من أصل 180 دولة على مؤشر حرية الصحافة.
وليست حركة الشباب وحدها هي التي تشكل تهديدًا لحرية الصحافة، بل أيضًا السلطات الصومالية، حيث يوجد ثلاثة صحفيين محتجزين حاليًا، وفقًا لمنظمة مراسلون بلا حدود.
عبد الله أحمد مؤمن، صحفي مستقل، سُجن في وقت سابق من عام 2023 بتهمة "عصيان أوامر الحكومة"، وهو القرار الذي أدانته بشدة لجنة حماية الصحفيين، وهي منظمة غير ربحية.
كما واجه نور "تهديدات وضغوطًا شخصية" من الحكومة طوال حياته المهنية، وفقًا لنقابة الصحفيين الصوماليين.
وفي أكتوبر من العام الماضي، عمل نور مع نقابة الصحفيين لتحدي "التوجيهات غير القانونية" الصادرة عن وزارة الإعلام والتي تقيد حرية الإعلام، مما أدى إلى تلقيه تهديدات من الوزارة، حسبما تقول النقابة.
وظل الصحفي "مدافعاً قوياً عن حرية الصحافة" وكان موته "بمثابة تذكير صارخ بالمخاطر الهائلة التي يواجهها الصحفيون في الصومال".
المصدر: بوابة الوفد
إقرأ أيضاً:
من حكايات جميل مطر
يبدو الزمن غير الزمن، والناس غير الناس، لذا كانت الصحافة غير الصحافة.
يسرد لنا الكاتب الكبير جميل مطر فى كتابه الرائع «حكايتى مع الصحافة» الصادر مؤخراً عن الدار المصرية اللبنانية لقطات من أزمنة ولت كانت فيها الصحافة سلطة حقيقية، والكتابة مؤثرة وفاعلة فى المجتمع.
فى التسعين من عمره مازال جميل مطر يكتب ويقرأ ويحلل ويفكر ويؤكد لنا أنه لا تقاعد للكاتب المتميز، ذى الثقافة الواسعة، والاطلاع العميق. فهو دليل على تفرد جيل الكتاب الأوائل الذين تخرجوا من مدرسة الإتقان والإجادة، ومثلوا آخر موجات مثقفى مصر الليبرالية المنفتحة. ورغم مصاحبته الطويلة لمحمد حسنين هيكل، إلا أن إغراءات القرب من السلطة لم تجرفه، فظل مستقلاً تماماً، معتزاً بفكره.
ولهذا لم يكن غريباً وهو أحد الملتحقين المبكرين بالسلك الدبلوماسى بعد ثورة يوليو أن يتخلى عن لطف هذا العمل ورونقه الاجتماعى فى أول خلاف مع رئيسه، ليعمل فى الصحافة وتحديداً فى مركز الدراسات الاستراتيجية بالأهرام.
تبدو حكايات الرجل معبرة وبليغة، إذ يحكى لنا مثلاً عن واقعة موحية عاشها فى نهاية الخمسينات عندما كان ملحقاً سياسياً فى سفارة مصر بالهند، وهى تدلل على «فهلوة» كثير ممن يحوزون مناصب مهمة. كان جميل مسئولاً عن إرسال الرسائل المشفرة، وفى يوم أملاه السفير المصرى نص تقرير ذكر فيه أنه قابل مسئولاً هندياً، وأبلغه معلومة مهمة وذكرها، فلفت جميل مطر نظر السفير إلى أن الرجل الذى يشير إلى أنه قابله، سافر خارج البلاد منذ يومين، وأن المعلومة الواردة منشورة فى الصحف. وهنا بهت السفير وشعر بالإحراج، وخرج جميل مطر متصوراً أن السفير لن يرسل التقرير، لكنه فعل ذلك ثم انقلبت الدنيا على الملحق الشاب، وعرف أن السفير بذل كل جهد لإبعاده من الخارجية كلها تحت زعم ضعف كفاءته، ولولا ثقة ومساندة دبلوماسيين آخرين لتم استبعاده تماماً.
على أى حال، استقال جميل مطر بعد ذلك بإرادته، وعمل فى مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية فى عهد هيكل، ومعه التقى كبار الزعماء والملوك العرب، حيث كان المركز يمثل بوتقة أفكار وقراءات مستقبلية عظيمة ساهمت فى خدمة الدولة المصرية فى زمن الحرب والسلم.
ومما يحكيه أن الرئيس معمر القذافى كان يعتبر مركز الأهرام مزاره الأهم فى القاهرة، وكان يأتى كل زيارة للاجتماع برموز المركز والتشاور معهم. وفى يوم تحدث القذافى بسطحية عن تاريخ الخلافة الإسلامية العظيم، وهو ما استفز أحمد بهاء الدين، فتحداه بأسلوب مهذب أن يختار عهداً من عهود الخلافة الإسلامية ينطبق عليه وصف العهد الذهبى، ولم يجب القذافى، فاستعرض له بهاء الدين التاريخ وصولاً إلى العصر العثمانى بمخاصمته للعلوم والفنون. وكثيراً ما صرح لهم القذافى بأنه فقد الثقة فى شعب ليبيا ويود استبداله بشعب آخر!
فى جلسة مع الرئيس التونسى الحبيب بورقيبة، لاحظ تأثره كلما تذكر حياته فى مصر قبل الحكم، لدرجة تغرغر عينيه بالدموع، ليتحدث عن كازينو كان يجلس عليه فى ميدان الأوبرا أمام تمثال إبراهيم باشا الذى فتنه جداً، وعندما تولى الحكم أقام تمثالاً مشابهاً لنفسه ممتطياً جواداً فى أهم ميادين تونس.
عند لقاء صدام حسين لاحظ جميل افتخار الرجل الدائم بقسوته الشديدة، وحكى كيف أخبرهم بأن بعض أحبائه دفعوا أعمارهم ثمناً لأخطاء بسيطة ارتكبوها، فحاكمتهم الثورة بتهمة الخيانة وأعدموا. وحكى كيف كان يتم عمل قرعة لاختيار منفذ الإعدام وأن حاشيته تقديراً له كانوا لا يضعون اسمه فى القرعة لكنه كان يصر على المساواة بالآخرين.
عاش جميل مطر دبلوماسياً ثم كاتباً سياسياً فى الأهرام، ووجهات نظر، والشروق، وعايش أجيالاً من الصحفيين وخلص بعد طول تجوال إلى أن الحقيقة الزائفة والدفاع عنها هى مهمة الصحافة فى النظم غير الديمقراطية.
والله أعلم
[email protected]