سلام لأرض سعدتُ بزيارتها مرَّتَين، وتشرَّفت بالصَّلاة في المسجد الأقصى، ثالث الحرمين، حيث قال عليه الصَّلاة والسَّلام: «لا تشدُّ الرحال إلَّا إلى ثلاثة مساجد، المسجد الحرام ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى» أرض خلقت للأديان والسَّلام والتسامح، أرض الشرفاء والجبابرة والمرابطين الصادقين في مواقفهم. لذا ستظلُّ القضيَّة الفلسطينيَّة قضيَّتنا الأولى، وقضيَّة المُسلِمين، وقضيَّة أصحاب الحقِّ والعدْل والحقوق المشروعة، وستحظى على الدوام بدعم شَعبي من كافَّة الأقطار العربيَّة والإسلاميَّة والأحرار الشرفاء في بقاع العالَم.

فلسطين قضيَّة شَعب سلبت أرضه، واختُطف بغطاء ممَّن يدَّعي الديمقراطيَّة والإنسانيَّة والعدالة، ومَن أسَّس الأُمم المُتَّحدة واستخدم حقَّ النقض (الفيتو) ضدَّ كُلِّ قرار يخصُّ القضيَّة، فأيُّ عدالة وأيُّ مجلس أمن، وعن أيِّ قرار تتحدثون؟ الشَّعب الفلسطيني سيقرِّر مصيره بنضاله المُشرِّف، وإقامة دَولته المستقلَّة، وبالتَّالي نحن داعمون ومساندون لهم حتَّى تتحرَّرَ بلادهم وينالوا حقوقهم في العيش والسِّلم، فالنضال من أجْل حقوقهم وحُرِّيَّتهم ليس إرهابًا أو ضدَّ الشرعيَّة وقرارتها الدوليَّة. بَيْنَما نجد الولايات المُتَّحدة وحلفاءها، تُقرِّر دعم «إسرائيل»، وتتَّهم الشَّعب المناضل من أجْل الحُرِّيَّة والتحرير بأنَّه إرهابي، وهذا ليس بغريب عليهم، فعلى الدوَل التي تقف متفرجة في مشهد دراماتيكي أن تتحركَ لوقف المجزرة الصهيونيَّة على أهل غزَّة وفلسطين وعلى الأطفال والنساء والمَدنيِّين. فالسابع من أكتوبر 2023 سيبقى في ذاكرة الإسرائيليِّين، وفي تاريخ اليهود فقَدْ قدَّمت المقاومة الفلسطينيَّة درسًا للجيش والاستخبارات اليهوديَّة، وكما أكَّد جلالة السُّلطان المُعظَّم فإنَّ سلطنة عُمان تتضامن مع الشَّعب الفلسطيني وتدعم الجهود الدَّاعية لوقف التصعيد والهجمات التي تؤدِّي إلى خسائر كبيرة في الأرواح والخراب، لذا فعلى «إسرائيل» الاستجابة لهذه المبادرات ومبادرة السَّلام العربيَّة ولقرارات مجلس الأمن وغيرها؛ لأنَّها لَنْ تستطيعَ العيش في أمان ما دام هناك احتلال وقتل واستيطان، فالمعارك الحاليَّة والقادمة ستكُونُ ضارية والطلقات ستصيب أهدافها.
ونقول لكُلِّ الدَّاعمين لـ»إسرائيل»، لا يُمكِن إحلال السَّلام دُونَ إقامة دَولة فلسطين على أراضيهم، فعلى المُجتمع الدولي العمل على إيقاف هذا التصعيد وعدم الكيل بمكياليْنِ وإيجاد دَولة قابلة للحياة، ثمَّ يُمكِن التطبيع مع «إسرائيل» لِتكُونَ جزءًا لا يتجزأ من دوَل المنطقة، سعيًا لطيِّ صفحة الصراعات والخلافات والحروب. فعمليَّة «طوفان الأقصى» لَنْ تكُونَ هي البداية ولا النهاية، بل هي رسالة قويَّة وجِّهت من شَعب لا يخاف الموت أو الشهادة، بل مستمرون في واجبهم المقدَّس وعقيدتهم التي تدرس للأجيال جيلًا بعد جيل بأنَّ «إسرائيل» شَعب محتل. فالجيش الذي لا يقهر، والمخابرات التي لا تهتز، أسقطها «طوفان» شباب لا يملك شيئًا سوى القليل والقليل من الأسلحة واستطاع كسر كُلِّ الحواجز ولقَّن تل أبيب درسًا لا ينسى، والغطرسة الإسرائيليَّة لا بُدَّ لها من نهاية، طال الزمن أم قصر؛ لأنَّ فلسطين ليست قطعة من الأرض، بل هي مدينة مقدَّسة، ومهبط الديانات الثلاث، ورمز الحُرِّيَّة والكرامة والشرف. وكما عَدَّت الصحف الإسرائيليَّة «طوفان الأقصى» بمثابة الزلزال، فنحن نقول لهم هناك تسونامي في الطريق، إذا لَمْ تستجب الحكومة الإسرائيليَّة والأميركيَّة لدعوات السَّلام المتكررة ووضع الحل العادل والشامل من خلال إقامة الدَّولة الفلسطينيَّة المستقلَّة وعاصمتها القدس الشريف. فالمعركة الحاليَّة نقطة تحوُّل حقيقيَّة، والدوَل العربيَّة اليوم أمام مسؤوليَّة تاريخيَّة لدعم الشَّعب الفلسطيني وقضيَّته ينبغي أن تكُونَ هي قضيَّتهم الأولى، نسأل الله الثبات والنصر لإخواننا في فلسطين، اللهُمَّ كُنْ لهم عونًا وناصرًا في كُلِّ معركة حتَّى ينالوا مرادهم وتتحقَّقَ العدالة والتحرير.. والله من وراء القصد.

د. أحمد بن سالم باتميرا
batamira@hotmail.com

المصدر: جريدة الوطن

إقرأ أيضاً:

عاجل | واشنطن بوست عن مصادر: إسرائيل تطبق قواعد جديدة صارمة على منظمات الإغاثة التي تساعد الفلسطينيين

واشنطن بوست عن مصادر:

إسرائيل ستطبق قواعد جديدة تشمل التأشيرات وتسجيل المنظمات الإنسانية في الأراضي الفلسطينية. الضوابط الإسرائيلية الجديدة تأتي في إطار جهود أوسع لتقليص مساحة عمل المنظمات الإنسانية. ضوابط إسرائيل تشمل مراجعة إن كانت منظمات الإغاثة أو موظفوها قد دعوا لمقاطعة إسرائيل. منظمات إغاثة: القيود الإسرائيلية الجديدة تقوض جهودنا في الضفة الغربية وقطاع غزة. منظمات إغاثة: قلقون بشكل خاص من إلزامنا بتقديم أسماء وأرقام هويات موظفينا الفلسطينيين. بيان إسرائيلي: الرقابة على منظمات الإغاثة ستضمن تنفيذ أعمالها بطريقة تتسق مع مصالح إسرائيل. وزير الشتات الإسرائيلي: النظام الجديد يهدف لمنع استغلال العمل الإنساني لتقويض الدولة. مصدر قانوني: المكلفون بتطبيق الضوابط الجديدة لا يفهمون التزامات إسرائيل بموجب القانون الدولي. منظمات إغاثة بالأراضي الفلسطينية: هذا الوقت من أكثر اللحظات إثارة للقلق منذ فترة طويلة. منظمات إغاثة: قيود إسرائيل قد تجبرنا على التوقف عن العمل وهذا لن يكون في صالح أحد. محامون: إسرائيل تعتبر من يدافع عن تطبيق القانون الدولي مناهضا لها. عمال إغاثة: قيود إسرائيل الجديدة يمكن استخدامها لمعاقبة من انتقد سلوكها في غزة. موظف إغاثة كبير: ضوابط إسرائيل الجديدة خطيرة بالنسبة لغزة وسابقة على مستوى العالم. موظف إغاثة كبير: لا نعلم إن كنا سنبقى هنا بعد بضعة أشهر والوضع محبط للغاية ولا نعرف ماذا سنفعل. إعلان

مقالات مشابهة

  • رئيس الشاباك يكشف أسباب إقالته وعلاقة طوفان الأقصى بالقرار
  • الأمم المتحدة تعارض الوجود العسكري الإسرائيلي في المنطقة العازلة بين سوريا والجولان المحتل
  • هاليفي: حماس نجحت في خداع إسرائيل قبل عملية طوفان الأقصى
  • مستوطنون يقتحمون باحات المسجد الأقصى بحماية شرطة الاحتلال الإسرائيلي
  • علماء فلسطين تدعو لنصرة الأقصى تدين تصاعد انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي بحقه
  • عاجل | واشنطن بوست عن مصادر: إسرائيل تطبق قواعد جديدة صارمة على منظمات الإغاثة التي تساعد الفلسطينيين
  • بيان مجموعة السبع لم يؤكد على الالتزام بحل الدولتين للصراع الفلسطيني- الإسرائيلي
  • كاتس: إسرائيل ستبقى في المواقع الخمسة التي أنشأتها في جنوب لبنان
  • هل اقترب السلام بين إسرائيل ولبنان؟
  • الجمعة الثانية.. إسرائيل تشدد قيودها على وصول الفلسطينيين للأقصى