فن الدبلوماسية.. مهام وكاريزما موظفي العلاقات العامة

يفتقر كثيرٌ من الوحدات الحكوميَّة والقِطاع الخاصّ إلى دائرة تخصصيَّة في العلاقات العامَّة، أو بالأحرى دائرة مركونة ومهمَّشة وليس لدَيْها أيُّ صلاحيَّات أو خبرة مهنيَّة لقيادة الدفَّة بكُلِّ حِرفيَّة وحنكة إيجابيَّة، وهذه المسؤوليَّة ترجع إلى رئيس الجهة الحكوميَّة أو الشركة الذي لَمْ يزجّ موظَّفي العلاقات العامَّة بحلقات ودَوْرات تصقل مواهبهم لغرض تنمية مهاراتهم في هذه الدَّائرة المُهمَّة، ولذلك لا تقع المسؤوليَّة على الموظفين، وإنَّما على هرم الجهة المسؤولة، بالإضافة إلى تحويل واجباتهم ومهامهم إلى منسِّق (سكرتير) أو رئيس مكتب الجهة أو الاستعانة بدائرة التشريفات في وزارة الخارجيَّة.

تتفاخر المدارس الدبلوماسيَّة الأجنبيَّة كثيرًا بكاريزما موظَّفي العلاقات العامَّة؛ لكونهم هُمُ الواجهة الرئيسة للجهة الحكوميَّة أو القِطاع الخاصِّ، وكذلك بالنسبة للبعثات الخارجيَّة؛ لأنَّها ترفد السَّفير وكادر السّفارة بأهمِّ المعلومات الموجودة في ساحة عملهم من خلال بناء وتواصل علاقات العامَّة بمختلف المجالات، بل كثيرٌ من سفارات الدَّولة المتقدِّمة تعتمد على كاريزما موظَّفي العلاقات العامَّة؛ لكونهم هُمْ بصيرة السَّفير أو الدَّائرة المعنيَّة بمختلف المعلومات؛ لكون حركة السَّفير تكاد تكُونُ محدودةً لأسباب أمنيَّة وسياسيَّة وأخرى. ولكن موظَّفو العلاقات العامَّة لدَيْهم مهام وواجبات كبيرة، والذين هُمْ بتَماس مع الجمهور ونقل المعلومات من الجمهور إلى مقرِّ السّفارة أو الدَّائرة من خلال اشتراكهم ومشاركتهم بمختلف الأنشطة التي تجلب لبلدهم النواحي المعنويَّة والمادِّيَّة من خلال حضورهم في مختلف الأنشطة ذات العلاقة بعملهم. وتتباهى الشركات الكبرى بدائرة العلاقات العامَّة وموظَّفيها الذين يتميزون ويتسلَّحون بأحدث المعلومات والتي من الممكن الاستفادة مِنْها، وهناك تعاريف كثيرة للعلاقات العامَّة من مختلف المدارس الإداريَّة ذات العلاقة، ولكن أهمها المدرسة الإنجليزيَّة التي ربطت العلاقات العامَّة مباشرة برئيس الوحدة.
وكما هو معروف فإنَّ الدبلوماسيَّة هي استراتيجيَّة وأداة الحكومة لغرض تحقيق أهدافها السِّياسيَّة الخارجيَّة. ويستند مفهوم الدبلوماسيَّة إلى القيادة والعلاقات العامَّة كثيرًا والتي تحتاج إلى كاريزما وشخصيَّة بارعة من القائد بفنِّ العلاقات العامَّة والإقناع. ومن أهمِّ مهام وواجبات العلاقات العامَّة هي: (1) بناء استراتيجيَّة لبناء علاقات متعدِّدة المجالات ذات مردود إيجابي بَيْنَ مختلف الأطراف، (2) تتمثل في الربط بَيْنَ القائد أو الشخص المسؤول ومحيطه الخارجي، سواء على المستوى المحلِّي أو الإقليمي أو العالَمي، (3) تتلخص في الترويج بأبهى صورة عن الأهداف الموجودة ضِمْن جعبة المدير المسؤول كما تفعل الإعلانات التجاريَّة في الترويج عن أهدافه كسياحة لبلده أو جلب استثمارات.. وغيرها، (4) الاعتماد على فنون وعلوم التواصل الحديثة المرتبطة بتحليل توجُّهات الإدارة والمصالح المتبادلة وتقديم الاستشارات التنظيميَّة، (5) استقبال الوفود بجميع درجاتهم حيث تقسّم دائرة العلاقات العامَّة إلى (لجنة استقبال الوفود، حجوزات تذاكر السَّفر، حجوزات الفنادق والطعام، مرافقي الوفد والجولات الحرَّة، قاعات الاجتماعات وتوقيع الاتفاقيَّات، لجنة الجوازات والحقائب، لجنة المقابلات الصحفيَّة والإعلام، لجنة النقليَّات) كُلُّ أفراد وموظَّفي هذه اللجان يجِبُ أن يكُونُوا على درجة عالية من الحِرفيَّة والخبرة العالية لاستقبال الضيوف، (6) الإشراف على المؤتمرات والأنشطة والفعاليَّات الرسميَّة داخل البلد وخارجه، (7) الاهتمام بمعرفة خطط وأهداف الجهة العامل فيها. ومن أهمِّ سِمات وكاريزما موظَّفي العلاقات العامَّة هي: التسلُّح بأحدث مفاهيم البروتوكول والإتيكيت في إعداد وتنظيم الفعاليَّات الرسميَّة كافَّة، المعرفة الكاملة بنظام الأسبقيَّة لاستقبال وحضور كبار الشخصيَّات والوفود، لُغة الجسد وحُسن الهندام والمظهر الخارجي، الموهبة المميزة في الاتِّصال والتواصل الاجتماعي، المعرفة الكاملة بوسائل التكنولوجيا وكيفيَّة استخدامها، القدرة الكبيرة على التعامل مع المواقف المحرجة واستخدام الخطط البديلة، اللغات الأجنبيَّة والاطِّلاع على الثقافات المختلفة، مهارات التخطيط والإدارة والقيادة، مهارة التعامل مع وسائل الإعلام واللقاءات الصحفيَّة، يعتمد قِسم العلاقات العامَّة على ركائز عمليَّة مُهمَّة لأداء مهامه، ومن أبرز تلك الركائز هي: العمل وفق خطط منظَّمة ومدروسة، إنشاء العلاقات المشتركة بَيْنَ جميع الأطراف وإن لَمْ تكُنْ هناك مصالح مشتركة، تقديم الآراء حَوْلَ أهمِّية إقامة نوع ودرجة العلاقات العامَّة مع الطرف (س)، تشريع سياسات لمفهوم وصلاحيَّات العلاقات العامَّة وتنظيم إجراءاتها، الحرص على أن تكُونَ السِّياسات والإجراءات متوافرة الأدوات.
أهداف دائرة أو قِسم العلاقات العامَّة: إعطاء صورة لائقة عن الجهة المرتبطة بها أمام المُجتمع والمؤسَّسات الأخرى، إبداء الاهتمام بالرأي العاِّم على المستويَيْنِ الداخلي والخارجي، المشاركة في تقديم المشورة لإدارة قيادة الجهة المسؤولة في حال اتِّخاذ أي قرار أو سياسة معيَّنة، حماية أهداف الوحدة الحكوميَّة من خلال إعداد البرامج الاحتياطيَّة التي تقدِّمها خليَّة أو دائرة العلاقات العامَّة من الوقوع بأيِّ مشاكل، الحرص على تكوين علاقات طيِّبة بَيْنَ الجميع، جذب الموظفين ذوي المهارات والكفاءات العالية في دائرة العلاقات العامَّة.

د. سعدون بن حسين الحمداني
دبلوماسي سابق والرئيس التنفيذي للأكاديمية الدولية للدبلوماسية والإتيكيت

المصدر: جريدة الوطن