عندما يوجّه دريانكور الرأي العام الفرنسي!
تاريخ النشر: 17th, October 2023 GMT
يسود انطباع عام في فرنسا بأن ثقل ومستوى الشخصيات السياسية قد تراجع كثيرا في السنوات الأخيرة، وهو أمر يمكن ملاحظته بسهولة عندما يتصدر شخص مثل السفير السابق في الجزائر كزافييه دريانكور المشهد، وينجح في ركوب تيار سياسي واسع وتوجيهه جماعيا نحو المطالبة بإلغاء اتفاقية التنقل والهجرة بين الجزائر وفرنسا لسنة 1968، وتصوير ذلك على أنه علاج لفرنسا المثخنة بمشاكلها وإنقاذ لها من طريق "العالمثالثية"، كما يبشر إلى ذلك سياسيون فرنسيون أنفسهم.
بخلفية انتقامية واضحة، يزور دريانكور الجزائر من جديد في كتاباته وتحليلاته المتهافتة التي تجد لها مكانا في أوكار اليمين المتطرف الفرنسي الإعلامية، فهذا السفير الفاشل الذي لا يُذكر له أثر، رغم طول مدة بقائه على مرتين في مبنى حيدرة بالجزائر العاصمة، يحاول في كل مرة "إثبات أنه موجود" بحثا عن "مجد" لم يستطع تحقيقه في حياته المهنية.
وقد بدأ رحلة التأريخ لفراغ فترتيه في الجزائر بإصدار كتاب بعنوان "اللغز الجزائر"، ضمّنه مجموعة من الحكايات من طرف واحد حول المسؤولين الجزائريين الذين كانوا يقصدونه من أجل التأشيرة. ثم سرعان ما تحولت "التأشيرة" إلى وسواس قهري أصاب هذا السفير، لا يترك مناسبة إلا وتحدث عنها، كما لو أنها منّة من فرنسا "السيدة" في رفض وقبول التأشيرة على الجزائريين الذين يملؤون الخزائن الفرنسية سنويا بملايين الأوروهات مقابل الطلبات، وحتى المواعيد التي صارت عرضة للبزنسة.
واليوم أصبح هذا السفير يبشر بخراب فرنسا إذا لم يتم إلغاء اتفاقية التنقل بين البلدين، كما لو أنها نفس الاتفاقية التي وُقّعت سنة 1968 ولم تفرغ من أغلب امتيازاتها، إذ لم يكن الجزائريون بحاجة حتى لتأشيرة من أجل الزيارة أو العمل في فرنسا، ومع مرور الزمن أصبحوا مثلهم مثل غيرهم مطالبين بالتأشيرة.
يعلم هذا السفير أنه "يدلس" على الفرنسيين، إذ خارج بعض الامتيازات التي يردّدها دائما كما لو أنه عامل في مصلحة الحالة المدنية، بخصوص مقدرة الجزائريين على تسوية أوضاعهم بطريقة أسرع قليلا من غيرهم، والتي أصبحت مهددة بحكم التثاقل الإداري في معالجة ملفات الزواج والحصول على رخصة الإقامة، لا يوجد اليوم ما يميز الجزائريين، بل إنهم مظلومون، خاصة الطلبة الذين لا يتاح لهم العمل خارج أوقات الدراسة إلا في حدود نصف ما يرخص لبقية الطلبة الأجانب.
لكن دريانكور لم يجد من يصده ويكشف تدليسه، بل وجد القبول والترحاب لأنه وافق شعورا بالكراهية لدى تيار معين في فرنسا ضد الجزائريين، وهو تيار ينقاد إلى كل ما يحاول إلغاء الوجود الجزائري في فرنسا، حتى باتباع الأكاذيب. وأصبح هذا الشخص في فترة وجيزة من نكرة إلى شخصية "شبه سياسية" تُنظّر لليمين الفرنسي ما يجب فعله.
وعلى هذا الأساس، انطلقت حملة واسعة تَسَاوى فيها المتطرفون من نواب حزب التجمع الوطني والعنصريون من أتباع إيريك زمور مع شخصيات معروفة باعتدالها، مثل جيرارد لارشي رئيس مجلس الشيوخ الفرنسي، والوزير الأول إدوارد فيليب المرشح المحتمل للرئاسيات الفرنسية المقبلة، في الدعوة لإلغاء الاتفاقية الملغاة عمليا بحكم عوامل الزمن وطغيان القوانين الأوروبية على الفرنسية في مجالات الهجرة والتنقل.
وفي الواقع، تدرك الحكومة الفرنسية أن ما يثار حول هذه الاتفاقية ليس سوى جعجعة سياسية يريد من خلالها اليمين استغلال الشعور المعادي للمهاجرين والجزائريين منهم خصوصا لأجل مكاسب انتخابية، وإلا ما الذي كان يمنع مثلا رئيسا معروفا بعدائه للجزائريين مثل نيكولا ساركوزي من إلغائها؟ وما الذي جعل فرنسا تتأخر في أزمات كثيرة بين البلدين في "معاقبة" الجزائر عبر إلغاء هذه الاتفاقية إذا كان الضرر على الجزائر بهذه الحدة التي يصورها اليمين؟
ولأن النفاق السياسي والإعلامي بلغ أوجه كما أظهرته التغطية الإعلامية للعدوان على فلسطين هذه الأيام، فلا أحد بات يذكر امتيازات الهجرة، خاصة من جانب الجزائريين الذين يساهمون بقوة في النظام الصحي الفرنسي عبر جيوش الأطباء والممرضين العاملين هناك، ويساهمون في شتى مناحي الحياة الاجتماعية والاقتصادية، وهم بذلك يد عاملة مفيدة لا يمكن تعويضها، وهي تمثل أرقى نماذج الاندماج والمساهمة في النظام الاجتماعي الفرنسي عبر الاستهلاك ودفع الضرائب ودعم الدورة الاقتصادية.
المصدر: الخبر
كلمات دلالية: هذا السفیر فی فرنسا
إقرأ أيضاً:
لوبان مهددة بمنعها من الانتخابات.. واليمين المتطرف يناشد الرأي العام
ناشد اليمين المتطرف الفرنسي الرأي العام، اليوم الخميس، دعم زعيمته مارين لوبان غداة طلب الادعاء إنزال عقوبة الحبس 5 سنوات بحقها، ومنعها من الترشح لانتخابات في قضية اختلاس أموال من البرلمان الأوروبي، ما يهدد طموحاتها الرئاسية في استحقاق 2027.
وزعيمة التجمع الوطني التي تحاكم منذ 30 سبتمبر (أيلول) الماضي، مع حزبها و24 متهماً آخر، مهددة في حال اعتمدت المحكمة العقوبة التي يطالب بها الادعاء العام، بمنعها من الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة، بعدما ترشحت 3 مرات في 2012 و2017 و2022.
???? ALERTE INFO
Procès des assistants du RN: Marine Le Pen dénonce la "violence des réquisitions" contre elle et son partihttps://t.co/EhtBufoP29 pic.twitter.com/7PGKBBpd8t
وطلب الادعاء، أمس الأربعاء، إنزال عقوبة السجن 5 سنوات بحق لوبان، من ضمنها سنتان مع النفاذ قابلتان للتعديل، وتغريمها 300 ألف يورو ومنعها من الترشح لمدة 5 سنوات، معتبراً أنها في "قلب نظام مدبر"، يهدف إلى استخدام البرلمان الأوروبي "مصدر أموال" للتجمع الوطني.
وأطلق التجمع الوطني عبر منصة إكس، اليوم الخميس، عريضة تحت عنوان "ادعموا مارين! دافعوا عن الديموقراطية"، ندد فيها بـ"تدخل فاضح في تنظيم الحياة البرلمانية بدون الاكتراث لفصل السلطات"، وبـ"محاولة للقضاء على صوت المعارضة الحقيقية"، و"الالتفاف على العملية الديموقراطية".
وعلق برونو غولنيش (74 عاماً)، المسؤول الثاني سابقاً لحزب الجبهة الوطنية (التسمية السابقة للتجمع الوطني) "أشعر بالذهول والاستنكار".
وغولنيش متهم على غرار مارين لوبان ونواب أوروبيين سابقين من الحزب، بإبرام "عقود صورية" مع مساعدين برلمانيين كانوا يعملون في الحقيقة لحساب الحزب بين 2004 و2016. وأكد "كل ما فعلناه كان مطابقاً للممارسات السارية لدى كل التشكيلات السياسية في البرلمان الأوروبي".
وقدر البرلمان الأوروبي ضرره المالي بـ4.5 مليون يورو، لكنه لا يطالب سوى بـ3.4 ملايين إذ تم تسديد قسم من هذا المبلغ. وتحتمل عقوبة الحبس 5 سنوات التي طلبها الادعاء، وقفاً جزئياً للتنفيذ، أي لا تعني بالضرورة إيداع لوبان السجن في حال إدانتها.
إلا أن الحكم من شأنه الحؤول دون ترشّحها للرئاسة في العام 2027، إذ طلبت النيابة العامة دخول عقوبة المنع من تولي أي منصب رسمي حيّز التنفيذ فور الإدانة، حتى في حال الطعن بالحكم.
Le parquet n’est pas dans la justice: il est dans l’acharnement et la vengeance à l’égard de Marine Le Pen.
Ses réquisitions scandaleuses visent à priver des millions de Français de leur vote en 2027. C’est une atteinte à la démocratie.
Tout mon soutien Marine.… pic.twitter.com/8V7aioZWSn
وفي تصريح لصحافيين لدى خروجها من المحكمة، قالت لوبان "أعتقد أن النيابة العامة تريد حرمان الفرنسيين من القدرة على التصويت لمن يريدون، وتدمير الحزب"، في إشارة إلى حزب التجمّع الوطني الذي تتزعّمه. وطلب الادعاء تغريمها 300 ألف يورو وتغريم حزبها 4.3 ملايين يورو، والغرامة الأخيرة هي أيضاً تحتمل وقفاً جزئياً للتنفيذ.
وسارع رئيس حزب التجمّع الوطني جوردان بارديلا، للتعليق على منصة إكس في منشور جاء فيه "النيابة العامة لا تتوخى العدالة، بل تريد الانتقام من مارين لوبان"، معتبراً أن طلبات الادعاء "ترمي إلى حرمان ملايين الفرنسيين من التصويت في 2027. إنه اعتداء على الديموقراطية".
ولوبان متّهمة مع نحو 20 من المسؤولين البارزين في حزب "التجمع الوطني"، باستحداث وظائف وهمية لاختلاس أموال البرلمان الأوروبي، وهي تدفع ببراءتها.