البطريرك يوحنا العاشر: جهود بطاركة أنطاكية أسفرت عن قيام نهضة رعائية وتجديد ثقافي وروحي
تاريخ النشر: 17th, October 2023 GMT
لبنان-سانا
اعتبر بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس يوحنا العاشر أن الفهم الدقيق للتاريخ يرتكز على القاعدة العلمية التي تعتبر أن التاريخ ليس وجهة نظر بل مجموعة من الوقائع والأحداث التي ندرسها لنستبين ما حصل بالفعل فنستخلص العبر.
جاء ذلك في كلمة البطريرك خلال افتتاح المؤتمر العلمي الدولي: “الكنيسة الأرثوذكسية الأنطاكية من القرن الخامس عشر إلى القرن الثامن عشر نحو فهم دقيق للتاريخ”، الذي بدأ أعماله مساء أمس في أوديتوريوم الزاخم ونظمه معهد القديس يوحنا الدمشقي اللاهوتي في جامعة البلمند في الكورة بلبنان، حيث أشار غبطته إلى أن كنيسة أنطاكية البطريركية الرسولية والكرسي البطرسي الأول، تظل كنيسة المشاركة والشورى والانفتاح والسلام وتبقى كنيسةً لها موقعها ومرجعيتها بين الكنائس”.
وقال: “نحن أبناء هذه الأرض، ولا نسعى لحمايات أجنبية فيها، بل نسعى لترجمة تعاليم الإنجيل في هذه الأرض، فنحن هنا لنبني هذه البلاد على قيم المحبة والأخلاق الكريمة مع كل الخيرين وأهل الإخلاص، فنحن كتلةُ محبة ولسنا كتلةً طائفية”.
وأضاف البطريرك: “إن جهود بطاركة أنطاكية منذ القرن السابع عشر أمثال ملاتيوس كرمة، ومكاريوس الثالث ابن الزعيم، وأثناسيوس الثالث دباس، أسفرت عن قيام نهضة رعائية وتجديد ثقافي وروحي في بطريركية أنطاكية”.
وتوقف غبطته عند اختطاف مطراني حلب يوحنا إبراهيم وبولس يازجي المخطوفين منذ نيسان 2013، وقال: “إن هذا الجرح النازف في جسد الكنيسة الأنطاكية، لن يندمل قبل معرفة مصيرهما، وسيبقى خطفهما في تاريخنا صورة موجعة لما يعانيه إنسان هذا المشرق من قهر”.
قدس الأرشمندريت يعقوب خليل عميد معهد اللاهوت تطرّق في كلمته إلى أهميّة هذا المؤتمر على الصعيدين الكنسيّ والعلميّ منوّهًا بمشاركة نخبة من ذوي الاختصاص في تاريخ كنيسة أنطاكية الأرثوذكسيّة، ولفت إلى أنّ الدراسات التي ستُقرأ، حضورياً أو عن بُعد، هي أصيلةٌ من حيث إنّها جَمَعت وحَلَّلت معلوماتٍ نقّبَها الباحثونَ من وثائقَ ومحفوظاتٍ، لا فقط في أرشيف بطريركيّتنا والأبرشيّات والأديار، بل وفي إسطنبول وبوخارست وكييف وموسكو وروما وسواها من المدن.
وفي كلمته، بين رئيس الجامعة البروفسور الياس ورّاق أن هذا المؤتمر إنَمَّا هو خيرُ دليلٍ على دورِ لبنان الريادي ليسَ فقط في التربيةِ والتعليمِ العالي، وإنَّما في نشرِ المعرفةِ والتوعية بما اختَصَّ بتاريخِ الأديانِ السّماوية والحضاراتِ الإنسانية التي بدَأَتْ مفاهيمُها تضمحِّلُ وعسى ألا تختفي”.
ويستمر المؤتمر ثلاثة أيام، ويناقش من خلال محاور أربعة السياق التاريخي والسياسي والنشاط الفكري والثقافة والعلاقات مع سائر الكنائس الأرثوذكسية والحياة الكنسية.
عماد الدغلي
المصدر: الوكالة العربية السورية للأنباء
إقرأ أيضاً:
البطريرك ميناسيان: ندعو القوى السياسية إلى اختيار رئيس يكون رمزًا للوحدة
وجّه البطريرك روفائيل بيدروس الحادي والعشرون ميناسيان كاثوليكوس بطريرك بيت كيليكيا للأرمن الكاثوليك رسالة بمناسبة عيد الاستقلالجاء فيها:
نحتفل اليوم بعيد الاستقلال، لكن هذا الاحتفال يمرّ علينا في وطن معذّب، مجروح ومتألم، عانى وما زال يعاني من آثار الحروب، التي دمرت بنيته، وأثقلت كاهل أبنائه. نزيف المعارك لا يزال يترك أثره في قلوبنا وفي شوارعنا، وايضا تهجير العائلات والشهداء الذين سقطوا. في هذه اللحظة، نحتاج أن نجدد العزم والإرادة لنعيد بناء هذا الوطن من ركام الألم، وأن نضع نصب أعيننا رسالة السلام والمصالحة التي ستقودنا إلى مستقبلٍ مشرق.
هذه الجراحات تستصرخ ضمائرنا، وتدعونا جميعًا – مواطنين وقادة – للوقوف صفًا واحدًا لإيقاف هذا النزيف، ولتضميد جراح الوطن عبر المصالحة وبناء أسس الوحدة الحقيقية. فلا يمكن أن يُستعاد الاستقلال بمعناه العميق، إذا استمر شبح الحرب والانقسام يخيم على سمائنا.
في تاريخنا القريب، شهدت ساحة الشهداء لقاءً تاريخيًا، حيث توافد قادة هذا الوطن كافة، بلا استثناء، للترحيب بالكاردينال أغاجانيان، الذي كان يدعو بكل محبة إلى المصالحة وتوحيد اللبنانيين. لقد جسّد الكاردينال بمواقفه ورسائله روح الحوار والوحدة، وعمل على تقريب القلوب وإعلاء مصلحة الوطن فوق كل اعتبار. إن استعادة هذا النهج والعمل بروحه، هو ما نحتاجه اليوم أكثر من أي وقت مضى لنعيد اللحمة الوطنية ونمضي في مسيرة المصالحة الحقيقية.
إن غياب رئيس للجمهورية هو جرح مفتوح في قلب الوطن، وعقبة كبيرة أمام مسيرتنا نحو الاستقرار والازدهار. إن انتخاب الرئيس ليس مجرد استحقاق دستوري، بل هو مسؤولية جماعية تقع على عاتق كل من يدرك أهمية إعادة بناء مؤسسات الدولة وتثبيت الاستقرار. الحياة الدستورية هي العمود الفقري للدولة، ومن دونها يتعثر كل جهد لإصلاح البلاد وإنعاشه. لذا، بصفتنا الروحية ندعو جميع القوى السياسية إلى وضع خلافاتها جانبًا، والعمل معًا، بإخلاص وتجرد، لاختيار رئيس يكون رمزًا للوحدة ويسعى لتحقيق الخير لجميع اللبنانيين. إن لبنان يحتاج إلى قيادة وطنية جامعة، تعمل من أجل السلام الداخلي والتفاهم، وتعيد إحياء مؤسسات الدولة وتفعيل دورها في خدمة الشعب.
لا يمكن للبنان أن ينهض إلا بروح وطنية تجمعنا وتلهمنا لبذل الجهد في سبيل المصلحة العامة، بعيدًا عن الحسابات الضيقة والمصالح الشخصية. نحن بحاجة إلى أن نحب الوطن لأجل الوطن، لا لأجل مكاسب آنية أو منافع خاصة. وحين نضع مصلحة لبنان فوق كل اعتبار، سنتمكن من بناء مستقبل يليق بتضحيات الأجيال السابقة وآمال الأجيال القادمة.
لبنان يحتاج اليو
م أكثر من أي وقت مضى إلى قادة يعملون يدا واحدة، وقلبا واحدا، وإرادة واحدة لتحقيق الخير لجميع أبنائه. في هذه اللحظات العظيمة، أذكركم برموز ثقافتنا وهويتنا، بفيروز التي توحّدنا بصوتها في كل المناسبات، وبمدينة بعلبك التي تقف شاهدةً على عراقة هذا الوطن وجماله. دعونا نعمل معًا، نحن اللبنانيين، متكاتفين، لنبني المستقبل الذي نحلم به، ولنجعل من الاستقلال واقعًا يوميًا نعيشه، لا مجرد ذكرى نحتفل بها.
نرفع اليوم صلواتنا إلى الله لكي يوحّد القلوب والعقول، ويعيد للبنان مجده واستقلاله الكامل، ليكون وطنًا يسوده السلام، يعمه العدل، وتظلله المحبة.
كل عام وأنتم ولبنان بألف خير، وليبارك الرب وطننا العزيز.