معركة طوفان الأقصى.. واسئلة اليقين بمستقبل الكيان الصهيوني؟
تاريخ النشر: 17th, October 2023 GMT
#معركة #طوفان_الأقصى.. واسئلة اليقين بمستقبل #الكيان_الصهيوني؟
د. #رامي_عياصرة
بعد أكثر من عشرة أيام على بداية معركة طوفان الأقصى التي اطلقتها حركة حماس وكتائب القسام ضد الممارسات الاجرامية للحكومة الأكثر تطرفا في تاريخ الاحتلال الإسرائيلي يكثر الحديث عن هذه المعركة بمختلف الزوايا و الاتجاهات، منها ما يتعلق باستشراف نهايتها ، ومنها ما يتعلق بطريقة سيرها وإمكانية توسيع نطاقها لتكون حربا اقليمية قد تدخل فيها ايران وحزب الله كطرف مباشر وليس مجرد داعم ومساند ، ومنها ما يتعلق بالمعطيات التي فرضتها في المعادلة العربية والتطبيع العربي الابراهيمي السابق والسعودي اللاحق، ومنها ما يتعلق بالتمثيل الفعلي للشعب الفلسطيني بعد خروج السلطة الفلسطينية عن الخدمة بالكامل اثناء وربما بعد هذه المعركة ، ومنها متعلق بمستقبل القضية الفلسطينية برمتها بعد أن وصل مشروع التسوية الى الحائط بعد ثلاثون عاما على اتفاق اوسلو ، وكذلك من زوايا النظر المتعلقة بحماس ومشروع المقاومة ومدى قدرتها على ترجمة المعركة الى منجزات سياسية وتعظيم المكاسب الاستراتيجية للمعركة .
لكنني سأتخطى كل ذلك على أهميته واتحدث عن “اليقين المفقود بالمشروع الصهيوني ” بعد هذه الجولة من المنازلة العسكرية وهي مسألة استراتيجية تضرب في عمق بقاء واستمرار المشروع الصهيوني اليوم.
من الواضح ان الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا ومعهم المانيا لازالت تعتبر ” اسرائيل ” المحطة المتقدمة في الشرق الأوسط والتي تحفظ مصالحهم في المنطقة، وأنها بالرغم من تطرف قيادتها ويمينيتها المفرطة إلا أنها هي الابنة المدللة للعالم الغربي والتي تحظى بالرعاية والدعم والاهتمام بكافة صوره واشكاله ، ولا أدل على ذلك من جلب حاملات طائراتهم وبوارجهم الحربية الى شرق المتوسط على وجه السرعة، وتقاطر المسؤولون الغربيون بكل مستوياتها لاظهار الدعم والاسناد، وتزويد جيش الاجرام الصهيوني بكل ما تتطلبه المعركة من ذخائر واسلحة لضرب غزة التي انهكها الحصار منذ اكثر من 16 سنة.
باعتقادي أن القراءة الأعمق في المشهد وفي اليوم التالي لليوم الذي تضع الحرب فيها اثقالها ستحمل في ثناياها وبالا بل وزلزالا على دولة الكيان من حيث ” الثقة واليقين ” بمستقبله وذلك على عدة اصعدة:
الأول داخلي يتعلق بمزيد من الانقسام الذي احدثته حكومة نتنياهو الأكثر تطرفا في المجتمع الاسرائيلي بسبب تعنتها في تمرير ما يسمى بخطة الاصلاح القضائي، وأن هذا الانقسام سيتطور الى اسقاط هذه الحكومة التي اخذت على عاتقها توفير اقصى درجات الأمن والحماية للمستوطنين واطلاق العنان للمتدينين المتطرفين ليفعلوا ما يريدون، وكانت النتيجة ما فعلته كتائب القسام بهم من أكبر هزيمة لحقتهم في تاريخ الكيان منذ انشائه وصناعته، هذا بكل تأكيد سيفتح ابواب التنافس والمزايدة على مصراعيها في اوساط النخب السياسية والعسكرية الحاكمة في الكيان، وربما المحاسبة والمحاكمة ايضا.
هذه واحدة والثانية “عدم يقين” المستوطنين بمستقبلهم وأمنهم في دولة الكيان ليس في غلاف غزة فحسب وانما في كل انحاء فلسطين التاريخية بما فيها الضفة الغربية وفي الشمال، لم يعد أحد في مأمن اليوم .
“فقدان اليقين بمستقبل اسرائيل ” من قبل المواطن الاسرائيلي نفسه له تداعيات خطيرة وجذرية على مستقبل الكيان بكل تأكيد.
البعد الثالث فيما يتعلق باسئلة “فقدان الثقة واليقين” ستثور في ذهن الدول الغربية الحليفة والداعمة لدولة الكيان ، وعن إمكانية استمرارها في حماية وتحقيق مصالح الغرب فعلا !!! فاذا كان فصيل مقاوم مسلح مثل كتائب القسام تمكن من تمريغ انفه بالتراب بهذا الشكل الذي شاهده وشهد به العالم، واسقط انظمته الاستخبارية وجدرانه المحصنة باكثر التقنية العسكرية تقدما وتطورا قد سقط بين يدي ابطال كتائب القسام خلال ساعة من الزمن، واعملت فيه جرافاته هدما وتخريبا ، فكيف سيُعتَمد عليها في قادمات الأيام ؟!!
والبعد الرابع المتعلق “بفقدان الثقة وسقوط الهيبة وقوة الردع” ستكون بعيون ” محور المقاومة والممانعة ” – أعرف أن هذا التوصيف قد لا يعجب الكثيرين ولكن على أرض الواقع لا يمكن تجاهله مهما تعددت القراءات والاجتهادات – فاذا كانت ” اسرائيل ” لم تصمد أمام قوة حماس – وهو فصيل فلسطيني واحد – فما قيمة وما وزن تهديداتها لايران الدولة الكبيرة ؟ وكيف ستنظر ايران باذرعها ومليشياتها الى اي منازلة او حرب محتملة معها ؟!!!
لقد سقطت تهديدات نتياهو لايران وفقدت قيمتها منذ اللحظة الاولى لمعركة طوفان الأقصى، وهذه احدى أهم فوائد المعركة لايران.
ثم وفوق كل ذلك ، “فقدان ثقة واعتماد” الدول العربية التي طبعت والتي سارت في ركب التطبيع بناء على قوة وقيمة ” الرضى ” الاسرائيلي حتى لو خالف وناقض وجدان الشعوب العربية والاسلامية والتي تدفقت بالملايين وبشكل غير مسبوق لتعلن تضامنها ودعمها وتأييدها لحماس وللمقاومة .
فهل بعد هذا المد الشعبي الجارف تستطيع انظمة وحكومات الدول العربية أن تستمر بذات النهج الذي يخالف شعور ورضى شعوبها تجاه اقدس قضاياها وأكثرها مركزية ، أم انها ستعيد حساباتها بالذات تجاه التعامل والتعاطي مع قيادة حركة حماس والمقاومة وتجعل منها مفردة من مفردات الانسجام والتصالح مع شعوبها ؟؟!!
خلاصة الكلام، معركة طوفان الأقصى فتحت جميع تلك الاسئلة الكبرى في كل ما يتعلق باليقين في مستقبل دولة الكيان فعلا وبمختلف الاتجاهات.
فهل نحن على اعتاب تحول استراتيجي وعميق في وجود وبقاء هذا الكيان بكل ارتباطاته الداخلية والاقليمية والعالمية؟؟
باعتقادي أن الجواب : نعم.
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: طوفان الأقصى الكيان الصهيوني معرکة طوفان الأقصى ما یتعلق
إقرأ أيضاً:
مسمار في نعش الكيان الصهيوني
حاتم الطائي
◄ القرار التاريخي إدانة دولية غير مسبوقة لمجرمي الحرب الإسرائيليين وداعميهم
◄ 124 دولة مُلزمة بتنفيذ قرار القبض على مجرمي الحرب الإسرائيليين
◄ يقظة الشعوب الحُرّة حول العالم كان لها الفضل الأكبر في استصدار القرار
لم يكن القرارُ التاريخيُّ والشجاعُ من المحكمةِ الجنائيةِ الدوليةِ بإصدار أمر اعتقالٍ بحق رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي المُجرم بنيامين نتنياهو ووزير حربه السفّاح يوآف جالانت، مجرد إدانة غير مسبوقة لمجرمي الحرب الإسرائيليين وحسب؛ بل إدانة عالمية تاريخية للحركة الصهيونية الإجرامية العنصرية، ولكل داعميها من الأمريكيين والأوروبيين، وكل من تواطأ وصَمَتَ عن جرائم الإبادة الجماعية وجرائم الحرب والتجويع، ولكل من خَذَلَ الشعب الفلسطيني ولم يقف بجانبه ولو بكلمة!
صدر القرار بعد أكثر من 414 يومًا من العدوان البربري الدموي ضد شعب فلسطين في قطاع غزة، مع تدمير كامل للبنية التحتية والمنازل فوق رؤوس ساكنيها، واستشهاد أكثر من 44 ألف شهيد وإصابة ما يزيد عن 105 آلاف فلسطيني، كثيرٌ منهم يُعانون من إعاقة دائمة أو بتر في الأطراف أو استئصال لأحد أعضاء الجسد، فضلًا عن عشرات الآلاف من المفقودين تحت الأنقاض، وأمثالهم من الأسرى الذين اُعتقِلوا ظلمًا وعدوانًا على أيدي قوات الاحتلال الإسرائيلية.
صدر القرار رغم المحاولات المُستميتة من الكيان الفاشي الإسرائيلي لإثناء قضاة العدالة عن قرارهم، وإعلان كثير منهم عن تعرضهم لرسائل تهديد بالقتل والتنكيل، علاوة على ابتزاز المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان، من خلال تلفيق قضية أخلاقية بحقه، لا أساس لها من الصحة؛ بل هي محاولة يائسة للانتقام من الرجل الذي قاد جهود استصدار مذكرة الاعتقال الدولية بحق مجرمي الحرب الإسرائيليين.
صدر القرار رغم أنف الولايات المُتحدة المُلطخة يداها بدماء الشعب الفلسطيني، في ظل الدعم العسكري اللامتناهي لإسرائيل، والدعم الاستخباراتي والأمني لهذا الكيان السرطاني البغيض. إذ لم تتوانَ واشنطن منذ اليوم الأول من العدوان عن تقديم كافة أوجه الدعم لدولة الاحتلال؛ عسكريًا من خلال شحنات السلاح والمعدات والطائرات وغيرها، وسياسيًا عبر استخدام حق النقض "فيتو" في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وممارسة الضغوط السياسية وغيرها ضد دول المنطقة من أجل عدم اتخاذ موقف رسمي موحَّد ضد العربدة والإجرام الصهيوني.
صدر القرار ليؤكد للعالم أجمع أنَّ العدالة لا بُد وأن تأخذ مجراها، حتى ولو طال الأمد؛ حيث إننا نعلم أن مثل هذه القضايا ربما تستغرق سنوات طويلة لإصدار حكم فيها، كما إن المحكمة لا تملك أي سلطات تنفيذية لتنفيذ الحكم، باستثناء أن الدول المُوقّعة على "نظام روما الأساسي"، مُلزمةً دون اختيار منها بتنفيذ أي قرار يصدر عن المحكمة الجنائية الدولية، وهذا يعني أن جميع هذه الدول المنضوية تحت "نظام روما" (وعددها 124 دولة) مُلزمة قانونًا بتنفيذ قرار الاعتقال، ولاحقًا قرار الإدانة.
ورغم أنَّ الولايات المتحدة ليست عضوًا في "نظام روما" أي أنها غير مُلزمة باعتقال نتنياهو وجالانت، إلّا أنها استشاطت غضبًا من صدور قرار الاعتقال، وأطلقت نيران هجومها على المحكمة، في موقف يعكس مستوى الانحطاط السياسي الذي بات يُهمين على السياسات الأمريكية، الدولة التي يُفترض بها أن تكون نصيرًا للعدالة والمساواة وحقوق الإنسان، والتي لطالما تشدقت بها وابتزت بها جميع دول العالم، وتفاخرت بما يُسمى بـ"العدالة الدولية"، لكن عندما يأتي الأمر إلى إسرائيل تنقلب الموازين، وتتكشف العورات السياسية القبيحة، وتتجلى ازدواجية المعايير في موقف مُخذٍ يؤكد أننا ما زلنا نعيش في عالم يسوده قانون الغاب؛ حيث القوي بإمكانه التهام الضعيف دون مُحاسبة.. لكن هيهات هيهات.. لقد انتهى زمن إفلات إسرائيل من العقاب، وولَّت حقبة الهروب من المساءلة بلا رجعة.
لا شك لديَّ أن المحكمة الجنائية الدولية استندت في قرارها العادل والمُنصف، على حقيقة الوضع الكارثي وغير الإنساني في قطاع غزة، في تأكيد دولي لا مثيل له على الجرائم البشعة التي ارتكبتها دولة الاحتلال المُجرمة في غزة، وهو ما يُفنِّد الأكاذيب الصهيونية التي ظلّت تُشكك في أعداد الشهداء والمصابين وضحايا هذا العدوان طوال فترة الحرب وحتى الآن.
ومن المُؤكد أنَّ يقظة الشعوب الحرة حول العالم كان لها الفضل الأكبر في الضغط على جميع المؤسسات الدولية ودعم قضاة المحكمة في قضيتهم العادلة، فلقد شاهدنا- وما نزال- المظاهرات الحاشدة حول العالم المُندِّدَة بهذا العدوان الدموي الإجرامي على قطاع غزة، واعتصامات الطلبة الأحرار في أكبر جامعات أمريكا وأوروبا، إلى جانب التنديد الشديد بكل ما يمُت لدولة الاحتلال بصلة، حتى لفرق كرة القدم الإسرائيلية التي باتت منبوذة في كل البطولات والمنافسات. أضف إلى ذلك العزلة الدولية لهذا الكيان المُجرم، وفرار مئات الآلاف من الإسرائيليين إلى الخارج، فيما بات يُعرف بـ"الهجرة العسكية"؛ حيث عاد هؤلاء إلى أوطانهم التي قدموا منها للاستيطان في فلسطين المحتلة، بعدما زيّنت لهم حكومة الاحتلال الأوضاع ومنحتهم الأموال والمنازل والأراضي.
لقد قيل على لسان بعض المسؤولين إنهم أنشأوا المحكمة الجنائية الدولية لمحاكمة الديكتاتوريين والمستبدين في العالم الثالث، لذلك يستنكفون أن يمثل مجرمو الحرب الإسرائيليون أمام هذه المحكمة صاغرين، ما يؤكد أنَّ النظام العالمي القائم حاليًا على أحادية القطب بقيادة الولايات المتحدة أثبت فشله، وتأكد الجميع من حجم الظلم الواقع على عاتق الشعوب المُستضعفة.
ويبقى القول.. إنَّ القرار التاريخي للمحكمة الجنائية الدولية باعتقال مجرميْ الحرب نتنياهو وجالانت بمثابة مسمار غليظ في نعش الصهيونية البغيضة، وهو ما يُبشِر بزوال هذا الكيان المُجرم قريبًا، ويُؤكد للعالم أجمع أنَّ دماء الشعب الفلسطيني لن تذهب سُدى، وعلى حُكام وقادة العالم أن يدعموا ويؤيدوا قرار المحكمة الجنائية الدولية، وذلك بالتوازي مع المُحاكمة الجارية في محكمة العدل الدولية؛ إذ لأول مرة في التاريخ تُحاكم إسرائيل على إجرامها أمام أكبر مؤسستين للعدالة الدولية في العالم، وما من ريبٍ أنَّ العدالة ستأخذ مجراها، وإذا ما أخفقت عدالة الأرض، فإنَّ عدالة السماء نافذة ولا رادَّ لها، وهذا يقينُنا في الله عزَّ وجلَّ.
رابط مختصر