الوحدة نيوز/ جدد فخامة المشير الركن مهدي المشاط رئيس المجلس السياسي الأعلى، التأكيد على موقف الجمهورية اليمنية الواضح والراسخ رسوخ جبل صبر وجبال اليمن الشاهقة، المساند للشعب والمقاومة الفلسطينية حتى إقامة دولة فلسطين وعاصمتها القدس الشريف.

وعبر الرئيس المشاط خلال لقاء موسع بمحافظة تعز اليوم، لتعزيز المشاركة المجتمعية للتخطيط وتنفيذ الخدمات بمحافظة تعز، عن الشكر لكل أبناء تعز العز والإباء المتواجدين على امتداد جميع الجبهات في محافظات الجمهورية، وفي الجبهات التعليمية والثقافية والبناء والنهضة.

وأشار إلى أن تعز مستهدفة لإنهاك حالة الطموح والتطلع لأبناء هذه المحافظة المعروفة بالثقافة والإبداع والذين لهم النصيب الأكبر في بناء هذا البلد، لكن للأسف الشديد لا زالت ولا يزال أبناءها مستهدفون وهذا هو مسار من مسارات دول العدوان.

وقال “كنا متابعين لوضع المحافظة منذ اليوم الأول للعدوان وحاولنا بكل ما أوتينا من جهود لتجنيب هذه المحافظة الصراع، بذلنا كل الجهود لكن للأسف الشديد قوبلت كل تلك المحاولات بالرفض”.

وأضاف “تعاطينا إيجابيا فيما بعد مع كل المحاولات التي طرحت من قِبل كثير من الخيِّرين، وكثير من المساعي، تعاطينا إيجابيا حرصاً منا على تجنيب محافظة تعز كل ويلات الصراع، والحروب”.

ولفت الرئيس المشاط إلى أن المتتبع لوضع المحافظة، يُدرك أن هناك استغلال سيء وسلبي للوضع الموجود داخل مدينة تعز، نتيجة الإدارة السيئة وتنفيذ أجندات العدو الذي لا يأبه بالمواطن .. مخاطباً أبناء المحافظة بالقول “يا أبناء تعز لا تنتظروا من بياعٍ حرص ولا من مرتزق هم وطن، هذا مرتزق بياع لا يهمه أمر الوطن ولا أمر المواطن”.

وأفاد بأن الحل هو بالتقييم السليم والصحيح للفترة الماضية، وفترة التسع السنوات كفيلة وكافية للوصول إلى نتيجة حتمية لكل من له أدنى تفكير أو حس أنه لا حل إلا بوحدة الكلمة والموقف من الجميع .. وقال “نحن أمام عدو لا يرعوي إلا بالقوة والقوة تصنعها وحدة الموقف وتكاتف الكلمة كما هو حالكم أيها الشرفاء في محافظة تعز”.

وأضاف “عندما نتوحد تتوجه بندقيتنا إلى صدور الغزاة والمحتلين، ونقول للغازي والمحتل أرحل أنت ومرتزقتك قبل أن ترحل كما رحل أسيادك في الثلاثين من نوفمبر عام 1967م إلى غير رجعة”.

وأوضح الرئيس المشاط أنه تم خلال زيارة المحافظة، وضع حجر الأساس لمجموعة مشاريع بأكثر من خمسة مليارات و200 مليون ريال، في مجالات متفرقة تشمل الطرق والمياه والزراعة والمستشفيات وغيرها.

ودعا أبناء تعز إلى أن يكونوا عونا للمحافظ وقائد المنطقة العسكرية لإعادة ترتيب وضع المحافظة والتوجه إلى بنائها .. وقال” بفضل صمودكم وتكاتفكم سنتغلب على كل الصعاب ونصهر الذي لا يلين”.

وأشار إلى أن الوطنية هي في التوجه إلى بناء البلد وليس التوجه إلى الغزاة والمحتلين لمشاركتهم تدمير الوطن .. مبيناً أن الوطنية هي إجراءات مسلكية تتمثل في الحرص على بناء البلد والارتقاء به وليس جره إلى تحت أقدام الغزاة والمحتلين.

وقال “الشعارات الزائفة مللنا منها، منذ أن كنا أطفالاً ونحن وللأسف الشديد نسمع هذه الشعارات الرنانة، لكن سرعان ما رأيناها تحولت إلى خنوع تحت أقدام الغزاة والمحتلين”.
وأكد الرئيس المشاط، أن المرتزق ليس مؤهلاً لبناء وطن والتاريخ يشهد على ذلك .. وقال” الشعب اليمني جربكم لأكثر من عقود، ورأى النتيجة في نهاية المطاف أنكم شاركتم لأكثر من عقود في تدمير هذا البلد، ثم اتجهتم في مسعى مفضوح لمحاولة جرجرة وتركيع أبناء هذا البلد تحت أقدام الغزاة والمحتلين لكن بعد ثورة الـ 21 هذا لن يكون”.

وأضاف “بالتزامن مع احتفالات شعبنا بالعيد الستين لثورة الـ14 من أكتوبر، ومن على جبال محافظة تعز الشماء، أتوجه لأبنائنا وآبائنا في المحافظات المحتلة أننا هنا سنكون لكم عونا، وأن محافظة تعز ستكون لكم عوناً وسنداً لدحر الغزاة والمحتلين، كما فعلت في الماضي”.

وتابع” ما أشبه اليوم بالأمس، نحن نستذكر كيف عانقت تعز المحافظات التي كانت تقبع تحت الاحتلال البريطاني لأكثر من 120 عاماً، واحتضنت محافظة تعز أحرار هذه الثورة، وكانت تعز هي العون والسند لكل الأحرار والثوار في المحافظات التي كانت تخضع تحت الاحتلال البريطاني”.

وذكر فخامة الرئيس أن قوى الاستعمار والاحتلال حاولت أن تقضي على طموح هذه الثورة بعد أن قتلت راجح لبوزة في اليوم الأول، وحاول الاحتلال قمع هؤلاء الأحرار .. مبيناً أن محافظة تعز كانت هي الملاذ الآمن للأحرار بما فيهم عيدروس، وعلي عبدالكريم وغيرهم، الذين حملوا بندقية راجح لبوزة.

وأردف قائلاً” كانت محافظة تعز هي السند والملاذ الآمن لهؤلاء الرجال الأبطال، وسنعيد التاريخ، وسنكرر التاريخ – بإذن الله سبحانه وتعالى- بكم أيها الأحرار في هذه المحافظة الأبية”.

وجدد التأكيد على التضامن والوقوف إلى جانب الأحرار في فلسطين .. وقال” من خلال أبناء محافظة تعز نرسل لكم رسالات التضامن والموقف الواحد، موقفكم هو موقفنا يا أبناء فلسطين نحن نطالع في هذه الأيام تسخين الوضع في المنطقة، إلا أنني أقول لكم ولجماهير أمتنا العربية والإسلامية إن هذا التسخين هو بداية نهاية الكيان الغاصب، لأنه كيان باطل ومجرم، وشيطنة المجاهدين والمقاومة الفلسطينية ليس حلاً، أنتم غزاة ومحتلون سترحلون في يوم من الأيام، وإن تأخر حسم ذلك لدى رجال المقاومة، لكنه مصير محتوم”.

وعبر الرئيس المشاط، عن الأسف للموقف الرسمي للخانعين في الدول العربية والإسلامية، والذي لا يمثل موقف الشعوب بل يمثل من وضع المطبعين والخانعين على تلك الكراسي .. مؤكداً أن الموقف العربي والإسلامي هو موقف الشعوب، والذي يمثل استبيان على عدم شرعية المطبعين والخانعين.

وأضاف” من جوار جبل صبر الشموخ، أقول للمستكبر الأمريكي ليس الحل في إعادة المعنوية والاعتبار للكيان الغاصب والمحتل، أن تصب الزيت على النار، هذا كيان هش وزائل، ولن تستطيع، وليس بمقدورك أن تعيد له اعتباره وكرامته التي داستها أرجل المجاهدين في عملية “طوفان الأقصى”.

ومضى بالقول” موقفنا واضح، وحدد قائدنا، السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي موقف الجمهورية اليمنية المعبر عن أصالة أبناء هذا الشعب، وعن هوية وانتماء شعب الإيمان والحكمة، هذا هو موقفنا الذي سنستمر عليه”.

وبين الرئيس المشاط، أنه من خلال الأحداث الأخيرة تبين لكل من له أدنى تفكير أن أمريكا هي إسرائيل، كل إجرام يقوم به الصهاينة المغتصبون لأرض فلسطين يمثلون السياسة الأمريكية، فأمريكا هي إسرائيل، وهم لصوص الثروات، ومحتلون ومغتصبون للشعوب، ولا حل للص والمغتصب إلا أن تقطع يده، وستقطع أيديهم -بإذن الله”.

وخاطب الرئيس المشاط المجاهدين في فلسطين قائلاً :”لا تهنوا ولا تحزنوا، ولا يضيركم خذلان القريب ولا تواطؤ العبيد، الله معكم، ومعكم كل الشعوب الحرة والأبية، ومعكم يمن الإيمان والحكمة، سيستمرون معكم، وكفى بالله ولياً وكفى بالله نصيرا”.

المصدر: الوحدة نيوز

كلمات دلالية: الامم المتحدة الجزائر الحديدة السودان الصين العالم العربي العدوان العدوان على اليمن المجلس السياسي الأعلى المجلس السياسي الاعلى الوحدة نيوز الولايات المتحدة الامريكية اليمن امريكا ايران تونس روسيا سوريا شهداء تعز صنعاء عاصم السادة عبدالعزيز بن حبتور عبدالله صبري فلسطين لبنان ليفربول مجلس الشورى مجلس الوزراء مصر نبيل الصوفي الرئیس المشاط محافظة تعز إلى أن

إقرأ أيضاً:

تصاعد التوتر في حضرموت.. مشروع حضرمي يواجه أجندات خارجية

يمن مونيتور/تقرير خاص

تشهد محافظة حضرموت اليمنية تصاعدًا حادًا في التوتر السياسي منذ بداية العام الماضي. يتزايد الصراع بين المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتيًا والقوى المحلية المعارضة لتدخله. ويُؤدي هذا إلى مطالبات متزايدة بالحكم الذاتي.

وأثارت زيارة رئيس المجلس الانتقالي، عيدروس الزبيدي، لحضرموت في منتصف مارس الماضي جدلاً واسعًا. فقد ألمح الزبيدي في خطابه إلى تواطؤ بين أطراف محلية وجماعة الحوثي، متهمًا خصومه بالعداء للتحالف العربي.

وأدت تصريحات الزبيدي إلى ردود فعل غاضبة. أعلنت قبائل حضرموت رفضها لهذه التصريحات، وشكلت لجنة تحضيرية لكيان جديد اسمه “مجلس شيوخ الجنوب العربي”. كما أُعلن مؤخرًا عن تكتل قبلي وسياسي يُسمى “تيار التغير والتحرير”.

وعقدت قيادة حلف قبائل حضرموت، برئاسة عمرو بن حبريش، اجتماعًا قبليًا واسعًا السبت الماضي. حضر الاجتماع عدد كبير من القبائل، وأكد المشاركون على تمسكهم بحقوق أبناء حضرموت، بما في ذلك إدارة شؤونهم السياسية والأمنية والاقتصادية دون أي وصاية خارجية.

وتزامن هذا التصعيد مع عودة بن حبريش من زيارة للسعودية. يشير هذا التوقيت إلى اختلافات في الرؤى بين الرياض وأبوظبي بشأن مستقبل حضرموت. تسعى الإمارات، عبر المجلس الانتقالي، إلى بسط نفوذها على المحافظة، بينما تُشير بعض الملاحظات إلى أن السعودية تدعم تمكين القوى المحلية واستقلالية القرار السياسي في حضرموت.

وتُعتبر حضرموت ساحة صراع جديدة في ظل التصعيد السياسي والعسكري بالبلاد. تبدو الحكومة الشرعية ومجلس القيادة الرئاسي هامشيين، بلا تأثير حقيقي على الأحداث. هذا الواقع يُعقّد المشهد في حضرموت، التي تُقاوم مشروع الانفصال المدعوم إماراتيًا.

وساهم غياب الدولة المركزية وتضارب القرارات داخل السلطة الشرعية في خلق بيئة خصبة للنزعات الانفصالية. كما يثير تضارب مصالح أبناء حضرموت مع أجندات المجلس الانتقالي تساؤلات جوهرية حول مستقبل المحافظة، وهل ستحقق حضرموت تمكينًا ذاتيًا يعبر عن إرادة أبنائها بعيدًا عن التبعية والصراعات المفروضة.

مشروع حضرمي

وفي هذا السياق، علّق أستاذ العلوم السياسية بجامعة سيئون، الدكتور مختار اليماني، على مخرجات “لقاء حضرموت” الذي نظمه حلف قبائل حضرموت، السبت الماضي، مؤكداً أن اللقاء كان بمثابة إعلان عن مشروع حضرمي خالص، يعبّر عن تطلعات أبناء المحافظة في إدارة شؤونهم، بعيداً عن الإملاءات الخارجية. وأضاف أن المشروع الحضرمي تم طرحه على طاولة قيادة التحالف العربي، بعد لقاء جمع الشيخ عمرو بن حبريش بوزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان.

اليماني انتقد زيارة رئيس المجلس الانتقالي عيدروس الزبيدي إلى المكلا، واعتبرها استفزازية وغير مبررة، قائلاً: “الزبيدي جاء ليوزع اتهامات باطلة لا تمت للشيخ عمرو بن حبريش أو للحضارم بأي صلة, الحضارم يرفضون الإرهاب، وليس من طباعهم احتضان أي قوى متطرفة, وعلى عيدروس أن يعي جيداً أن حلم الإمارات في التشطير لن يمر، وسينكسر على صخرة حضرموت”.

كما تساءل اليماني عن دوافع الزبيدي في إطلاق تهديداته لأبناء حضرموت، في الوقت الذي لا يتحرك فيه إلا بتوجيهات مباشرة من الكفيل الإماراتي، على حد تعبيره. مشيراً إلى تناقضات المجلس الانتقالي، الذي يتحدث عن فيدرالية في حال عودة الدولة الجنوبية، لكنه يمارس الإقصاء والتخوين في المحافظات التي لا تخضع لسيطرته.

وأكد اليماني أن حضرموت بتاريخها السياسي وثقلها الثقافي والاقتصادي، لا يمكن اختزالها في تبعية عابرة لأجندات تمولها أبوظبي، بل إنها كانت ولا تزال ركيزة أساسية في معادلة الوحدة والاستقرار اليمني. مشدداً على أن أبناء حضرموت يختلفون في تركيبتهم ومواقفهم عن أي مناطق أخرى، ولن يسمحوا بأن تتحول محافظتهم إلى ساحة لتنفيذ أجندات لا تخدم المواطن الحضرمي الذي يرزح تحت وطأة الفقر وغياب الخدمات الأساسية.

أردف: “ما تشهده حضرموت اليوم يعكس واقعاً متغيراً، تسعى فيه القوى المحلية إلى استعادة زمام المبادرة، في مواجهة مشاريع الهيمنة الخارجية, مع تراجع دور السلطة الشرعية، لذلك تبرزاليوم حضرموت كصوت مختلف يطالب بتمكين حقيقي ينبع من إرادة أهلها، لا من رغبات الفاعلين الإقليميين”.

فدرالية تحفظ اليمن وتوحّد مكوناته

تمثل محافظة حضرموت اليوم واحدة من أبرز بؤر التوتر السياسي في اليمن، في ظل غياب الدولة المركزية, وتعدّ المحافظة نموذجاً صريحاً لما يصفه مراقبون بـ”عبث الإمارات” في الجغرافيا اليمنية، حيث تسعى أبوظبي عبر وكلائها في الداخل – وعلى رأسهم المجلس الانتقالي الجنوبي – إلى فرض أجندة انفصالية تتجاوز إرادة أبناء المحافظات، وفي مقدمتهم أبناء حضرموت الذين يرفضون بشدة هذا المشروع.

في حديثه لـ”يمن مونيتور”، اعتبر الكاتب والصحفي مصعب عفيف أن البيان الختامي لفعالية حلف قبائل حضرموت لم يأتِ من فراغ، بل جاء نتيجة طبيعية لتراكمات طويلة من التهميش وسوء الأداء الحكومي. وأشار إلى أن مطالب أبناء حضرموت بدأت بشكل أساسي كمطالب أساسية ومشروعة, تتعلق بالأوضاع المعيشية لأبناء المحافظة، جراء تدهور سعر العملة، وارتفاع الأسعار، وتردي الخدمات، وضمان استقرار الكهرباء لكنها قوبلت بتجاهل واضح من قبل المجلس الرئاسي والحكومة.

وقال عفيف إن “المسؤول الأول عن هذا الإهمال هو الدولة الشرعية”، مضيفاً أن حلف قبائل حضرموت منح المجلس الرئاسي مهلة كافية منذ 7 يوليو 2024 للرد على تلك المطالب، دون أن يقابل ذلك بأي استجابة جدية. واعتبر أن هذا التجاهل هو ما تسبب في حالة التصعيد والاحتقان الذي تعيشه المحافظة اليوم.

وبحسب عفيف، فإن المجلس الانتقالي لم يكتفِ بعدم الاستجابة، بل أرسل رئيسه عيدروس الزبيدي إلى مدينة المكلا في زيارة أثارت التوتر، حيث أطلق تهديدات مباشرة ضد أبناء حضرموت وحلفهم القبلي، في محاولة واضحة للهيمنة على القرار المحلي. وأوضح أن أبناء حضرموت باتوا يعتبرون الحلف القبلي بقيادة الشيخ عمرو بن حبريش المكون الأكثر تمثيلاً لقضاياهم.

ويرى عفيف أن الحكم الذاتي للمحافظة ليس فقط مطلباً عادلاً، بل إنه يتوافق مع مخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، الذي أقرّ قيام دولة يمنية اتحادية تضمن لكل إقليم حقه في إدارة شؤونه. وأكد أن أبناء حضرموت يرفضون تمثيل الانتقالي لهم، ويطالبون بالمشاركة المباشرة في أي مفاوضات سياسية تخص حاضرهم ومستقبلهم، وهو حق مشروع لا يمكن القفز عليه تحت أي ذريعة.

واختتم عفيف حديثه بالتأكيد على أن الأمن والاستقرار في حضرموت هو جزء لا يتجزأ من أمن الجزيرة والخليج، وأن الحل الحقيقي يكمن في دعم دولة يمنية واحدة تحت نظام فدرالي شامل، لا من خلال تغذية النزعات الانفصالية أو تمكين كيانات تتبع أجندات خارجية. ودعا إلى أن تكون حضرموت نموذجاً لحكم ذاتي عادل، في إطار دولة اتحادية جامعة تحفظ سيادة اليمن وتستوعب تنوع مكوناته، لا مشروعاً ممزقاً يضع البلاد رهينة للفوضى الإقليمية.

لماذا تُعد حضرموت هدفاً استراتيجياً لأطماع الإمارات؟

منذ انطلاق عمليات التحالف العربي في مارس 2015 تحت شعار “التصدي للحوثيين”، لم تمضِ سنوات حتى تحوّل الدور الإماراتي في اليمن من شريك عسكري في المعركة إلى لاعب مستقل يسعى لتحقيق أهداف توسعية تتجاوز الأهداف المُعلنة, واليوم، تبرز حضرموت كواحدة من أبرز محطات هذا التمدد، في مشهد يُظهر كيف تحوّلت “مواجهة الانقلاب” إلى بوابة للهيمنة الجيوسياسية والاقتصادية؟!.

ورغم أن الحوثيين يتركزون في شمال اليمن – من صعدة مروراً بعمران والجوف وذمار، ووصولاً إلى صنعاء – فإن حضرموت، الواقعة في الجنوب الشرقي من البلاد، ظلت بعيدة عن جبهات المواجهة المباشرة, ومع ذلك، فإن الإمارات لم تتردد في توسيع نفوذها نحو هذه المحافظة، وهو ما يثير تساؤلات حول الدوافع الحقيقية وراء هذا التوجه.

الناشط والكاتب السياسي فؤاد بن طهيف يرى أن حضرموت “فرضت نفسها كغنيمة ضرورية لدى دولة الإمارات”، بسبب جملة من العوامل الحيوية التي تمتلكها، والتي تجعل منها هدفاً استراتيجياً لأي مشروع توسعي في المنطقة. ويضيف أن المجلس الانتقالي الجنوبي، كأداة إماراتية محلية، لم يكن سوى الوسيلة لتسهيل هذا التمدد.

تتمتع حضرموت بقدرات لوجستية وجغرافية جعلت منها مطمعاً إقليمياً، إذ تمتد سواحلها على مساحة كبيرة من البحر العربي، وتحتضن موانئ واعدة، فضلًا عن ثروات نفطية وغازية لا تزال بكراً في كثير من مناطقها, هذه الإمكانيات – بحسب بن طهيف – أسالت لعاب أبوظبي، التي بات واضحاً أنها تسعى للسيطرة على ممرات التجارة البحرية من اليمن حتى القرن الإفريقي.

وأوضح بن طهيف في حديثه لموقع “يمن مونيتور”, قائلا:” وفي الوقت الذي كان ينشغل فيه التحالف السعودي بالمواجهات مع الحوثيين شمالاً، كانت الإمارات تنقل ثقلها العسكري والسياسي إلى الجنوب، وتحديداً نحو المناطق الساحلية، لتبني وجوداً دائماً يخدم طموحاتها في الهيمنة البحرية على بوابات آسيا وإفريقيا.

وأكد بن طهيف إن قوات الانتقالي المدعومة من أبوظبي، إلى جانب قوات طارق صالح، تحولت إلى أذرع عسكرية بيد الإمارات للسيطرة على السواحل والجزر اليمنية الممتدة من حضرموت شرقاً إلى باب المندب غرباً, وهو ما يشير إلى مشروع لا يقتصر على اليمن، بل يمتد ليشمل عمقاً استراتيجياً أكبر في القارة الإفريقية، عبر سلسلة من القواعد والموانئ التي تسعى أبوظبي للسيطرة عليها في كل من سقطرى، بربرة، مصوع، وأماكن أخرى على البحر الأحمر.

“تيار التغيير والتحرير”: تصدٍ للهيمنة

في خطوة اعتُبرت ردًا مباشرًا على التصعيد الإماراتي الأخير في حضرموت، أُعلن يوم الاثنين المنصرم عن إشهار تكتل قبلي وسياسي جديد تحت مسمى “تيار التغيير والتحرير”، جاء ليرفع صوتاً حضرمياً وطنياً يطالب بالعدالة والسيادة ويرفض مشاريع الهيمنة والانفصال.

وشهدت مدينة العبر، الواقعة شمال غرب حضرموت، مراسم إعلان التكتل وسط حضور لافت لقيادات اجتماعية ومشايخ قبائل، أبرزهم من قبيلة كندة، وهي واحدة من أعرق القبائل في اليمن والمنطقة، حيث رُفعت الأعلام اليمنية، إلى جانب رايات تمثّل هوية التيار الوليد.

وأكد بيان الإشهار أن “تيار التغيير والتحرير” ينطلق من ثلاث أولويات محورية: الإصلاح الشامل ومكافحة الفساد، إعادة بناء مؤسسات الدولة على أسس العدالة والكفاءة، وحماية الحقوق والحريات وتحقيق العدالة الاجتماعية والاقتصادية. وشدد البيان على التزام التيار باستخدام الوسائل المشروعة لتحقيق هذه الأهداف، مستنداً إلى دعم الشعب ومشاركته الفاعلة في اتخاذ القرار.

يتزامن إعلان التيار مع احتدام مساعي الإمارات لتعزيز سيطرتها على حضرموت عبر أدواتها المحلية، وعلى رأسها المجلس الانتقالي الجنوبي، والذي تصاعدت تحركاته مؤخرًا بعد جولة عيدروس الزبيدي في محافظات جنوب وشرق اليمن، حيث أدلى بتصريحات أثارت غضبًا واسعًا في حضرموت.

الأكاديمي والمحلل السياسي، سليمان باذيب، يرى في هذا التكتل الجديد استجابة وطنية واعية لـ”السلوك الإماراتي الاستفزازي” في حضرموت، مضيفًا أن أبناء المحافظة باتوا يدركون أن المجلس الانتقالي يُستخدم كجسر عبور لأجندات توسعية لا تخدم اليمن ولا أهله، بل تسعى لنهب موارده وتفتيت كيانه الوطني.

وقال باذيب في حديثه لـ”يمن مونيتور”: “أثارت تحركات الإمارات المريبة تجاه حضرموت حفيظة المخلصين، الذين أدركوا خطورة ترك الأمور دون مواجهة، خاصة بعد أن تحوّلت حضرموت هدفا للمشروع الانفصالي الممول من أبوظبي”.

وأكد باذيب أن التصدي لهذا المشروع لا يتأتى إلا من خلال دعم توجهات الحكم الذاتي لأبناء حضرموت، واستعادة القرار الوطني المستقل، بعيدًا عن الوصاية الخارجية، داعيًا في الوقت نفسه دول التحالف إلى مراجعة مواقفها ودعم وحدة اليمن ومؤسساته الاتحادية.

وأضاف: “نأمل أن يكون دعم الإخوة في التحالف مرتكزًا على بناء دولة فدرالية قوية موحدة، بعيداً عن الحسابات الضيقة التي تُغذي مشاريع الفوضى والانقسام”.

في ظل تصاعد التوترات الإقليمية وتزايد التدخلات الخارجية، تجد حضرموت نفسها أمام لحظة فارقة في تاريخها السياسي والوطني. فبحسب مراقبين، تقف المحافظة بين خيارين لا ثالث لهما: إما الانخراط في مشروع الهيمنة الذي تقوده أبوظبي عبر أدواتها المحلية، بما يعنيه ذلك من تقويض للسيادة الوطنية وتهميش للقرار الحضرمي، أو التوجه نحو إعادة تشكيل دورها كقوة محلية فاعلة، تمتلك زمام المبادرة وتدير مقدراتها في إطار دولة اتحادية عادلة، تُعيد الاعتبار للمركزية التوافقية، وتحفظ لليمن وحدته واستقلاله في مواجهة مشاريع التفكيك والتبعية.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

مقالات مشابهة

  • قافلة علاجية جديدة لدعم 234 مريض من أبناء محافظة الفيوم
  • تصاعد التوتر في حضرموت.. مشروع حضرمي يواجه أجندات خارجية
  • اليمن.. صوت الموقف حين خَرِسَت الأبواق!
  • مفاوضات الكيلو 101 لاسترداد طابا.. ماذا قال مفيد شهاب عن موقف السادات من الحقوق الفلسطينية؟
  • تفاصيل مصرع 3 أشخاص من أبناء الدقهلية في هجرة غير شرعية والبحث عن مفقودين
  • الرئيس المشاط يعزّي في وفاة اللواء الركن سعيد محمد عون
  • الرئيس التركي يجدد وقوف بلاده إلى جانب سوريا
  • مجلس النواب يجدد التأكيد على ثبات الموقف اليمني المساند للقضية الفلسطينية
  • مجلس النواب يجدد التأكيد على ثبات الموقف اليمني الداعم والمساند لغزة
  • اليمن في قلب المعركة.. موقف لا يتزحزح في نصرة غزة