نأكل نصف وجبة.. كيف يتدبر أهالي غزة احتياجاتهم في ظل تواصل العدوان؟
تاريخ النشر: 17th, October 2023 GMT
يشهد قطاع غزة كارثة إنسانية غير مسبوقة جراء عدوان الاحتلال الإسرائيلي المتواصل منذ أحد عشر يوما، في ظل أوضاع إنسانية متردية يرزح تحت وطأتها أهالي القطاع بعد فرض الاحتلال حصارا شاملا ما أدى إلى انقطاع الكهرباء والغذاء والمياه وتسبب في انهيار المنظومة الصحية.
وبجانب حمم الاحتلال المتساقطة من السماء، يواجه الفلسطينيون في غزة شح المياه وخطر الجفاف، حيث أعلنت منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسيف" عن نفاد المياه النظيفة من العائلات في القطاع، مشيرة إلى أنهم مجبرون الآن على استخدام المياه الملوثة.
يأتي ذلك في ظل مساعي الاحتلال الحثيثة لدفع أكثر من مليون فلسطيني إلى النزوح قسريا من شمال القطاع إلى جنوبه، فيما يستهدف قوافل النازحين بشكل متعمد رغم ادعاءاته بوجود ممرات آمنة، وهو ما أسفر عن مجازر مروعة بحق الفلسطينيين.
وكانت الأمم المتحدة حذرت من خطورة الوضع "اللاإنساني" غير المسبوق في غزة ونفاد الإمدادات الأساسية، داعية إلى فتح ممرات إنسانية آمنة لإيصال المساعدات والإمدادت الإغاثية إلى سكان القطاع الذي يتجاوز عددهم 2.2 مليون نسمة.
وفي ظل انعدام مقومات العيش وتواصل العدوان الوحشي، رصدت "عربي21" الأوضاع المعيشية الصعبة التي يرزح تحتها سكان القطاع منذ بدء العدوان، حيث تحدث العديد من الأهالي في لقاءات خاصة عن كيفية مواجهتهم الواقع القاتم الذي يحاول الاحتلال فرضه عليهم، كما أنهد شددوا على نيتهم عدم مغادرة القطاع، رافضين أن يتعرضوا إلى التهجير ثانية أو أن يتخلوا عن أرضهم.
"لن نصبح لاجئين"
تحدث سليم محمد، وهو مواطن يبلغ من العمر 40 عاما ويقيم في منطقة المقوسي في غزة، عن صعوبة الأوضاع المعيشية مع استمرار العدوان.
وقال في حديثه لـ"عربي21" أن "الأوضاع المعيشية منعدمة أحيانا تصل لنا المياه ونجمعها في جرادل وزجاجات وأي شيء ممكن نظرا لتعذر تشغيل مضخات المياه بسبب انعدام الكهرباء سواء من الشركة أو المولدات الخاصة".
"كنا نشتري الخبز من مخبز عجور في الشارع الثالث إلا أن قصفا طال العمارة المقابلة تسبب له بالعديد من الأضرار، كما أسفر عن ارتقاء أكثر من 20 شهيدا".
وأضاف وهو يؤكد على أن معنوياته عالية رغم الأوضاع القاسية: "نقتصد بضم كبير في استهلاك الطعام والشراب والموارد المتاحة من أجل الصمود".
وعن بقائه في منزله، أوضح في حديثه لـ"عربي21" أنه رفض مغادرة شقته التي يسكن فيها بجوار والده، مع زوجته وطفليه الاثنين.
وتابع: "جدي توفي قبل ثلاثة أعوام وهو من الذين عاصروا النكبة وهاجر من يافا. نرفض أن نصبح لاجئين مزدوجين ولن نكرر تجربة أجدادنا القسرية".
"أنا من غزة أبا عن جد"
بدوره، قال أحمد وهو من سكان حي الزيتون ويبلغ من العمر 35 عاما، إنه قرر البقاء في منزله وعدم مغادرته رغم القصف.
وأضاف في حديثه لـ"عربي21": "بقيت في منزلي الذي تربيت فيه وبه كل ذكرياتي، إذا فكرت بالخروج ليس لدي أي أقرباء في منطقة الجنوب سأبقى هنا".
وأردف: "أنا من غزة أصلا أب عن جد ولن أغادر إلى سيناء أو غيرها".
"الفكرة أن اليهود يدمرون ذكرياتك.. الدكان الذي كنت أشتري منه وأنا طفل تم محوه، ومعالم الشارع الذي كنت أقطعه يوما للمدرسة والجامعة والعمل تغير تماما، حتى الجيران الكثير منهم استشهد أو أصيب"، قال أحمد رافضا فكرة التهجير بشكل قاطع.
وتابع: "الخبز غير مهم.. عندي خبز في البيت ظهر عليه العفن بسبب طول مدة وجوده. ما لنا نفس أو قابلية للأكل"
"قررنا البقاء بالإجماع"
أما آية التي تقطن في منطقة تل الهوا جنوبي مدينة غزة، فلم تخالف موقف أحمد أو محمد اللذان رفضا التهجير القسري.
وقالت آية (33 عاما) في حديثها لـ"عربي21": أجمعت عائلتي من أسرتي وأعمامي على البقاء في المنزل. سألنا الجميع قبل اتخاذ القرار وجميعهم أكدوا عدم رغبتهم بالنزوح".
وأضافت: "برأيي الجميع أن ما يحدث من محاولات للتهجير يأتي ضمن الحرب النفسية"، لافتا إلى أن بيان جيش الاحتلال الذي طالب خلاله السكان بالإخلاء القسري "مستفز".
وتابعت متسائلة: "كيف لا أعود إلى بيتي إلا بإذن من الجيش؟".
وعن الطرق التي يواجهون بها الأوضاع المعيشية الصعبة في ظل الحصار، أشار آية إلى أن عائلتها عملت مع بدء العدوان على تعبئة خزانات المنزل الكبيرة بالمياه الصالحة للشرب.
وأردفت: لدينا مخزون يكفينا حاليا. لكننا نستخدم المياه بقدر قليل واقتصاد شديد.
وأكملت حديثها: "من حولنا في منطقة تل الهوا نزح الآلاف إلى أربع مدارس محيطة هناك ضغط كبير على المياه والغذاء.. الشيء الجيد أن هناك مخبزان يعملان حتى الآن".
"سأموت في بيتي"
من جهته، رفض مصطفى ياسر، الذي يعيش في تل الهوا أيضا، مغادرة منزله إلى مراكز الإيواء رغم الظروف الصعبة وتدهور الأوضاع المعيشية وانعدام الغذاء والكهرباء.
وتحدث لـ"عربي21" عما يقاسيه في ظل تلك الظروف قائلا: "كان لدينا نظام طاقة شمسية قديم للكهرباء مازال يعمل نستخدمه الآن فقط من أجل ضخ المياه إلى خزانات المنزل حال توصيلها من قبل بلدية غزة".
"ونستخدمه أيضا لشحن الجوالات وبطارية تستخدم من اجل إضاءة الليدات".
وأضاف: "لدي توأمان بمعر 7 شهور، حاولت تدبير حاجاتهم من غذاء ومتعلقات صحية خلال الفترة الماضية. إلى الآن لا زلنا نأكل من الخبز الذي تم شراؤه خلال الأيام الأولى من الحرب".
وأوضح ياسر أنه رفض فكرة الذهاب إلى مراكز الإيواء لعلمه أن الأوضاع صعبة جدا داخلها لاسيما وأن طفليه يعانيان من الحمى ومناعتهما ضعيفة جدا، مشددا على أنه "إن قُدر له الموت في هذه الحرب فسيموت في بيته وليس في مركز إيواء".
"الموت حاضر معنا"
اعتبرت مريم أن طلب الاحتلال من أهل القطاع النزوح هو "أمر غريب"، مشيرة إلى أنه "خلف صدمة لديها وعائلتها خوفا من أن ينتهي بهم المطاف لاجئين مجددا في دولة أخرى".
وأوضحت الفتاة الفلسطينية البالغة من العمر 28 عاما "أن القرار الذي استقرت عائلتها عليه هو البقاء في منزلهم"، مشددة على "عدم وجود مكان آمن في جميع أرجاء قطاع غزة لاسيما بعدما استهدف الاحتلال قوافل النازحين".
وأضافت في حديثها لـ"عربي21": "الأوضاع لدينا مخيفة القصف موجود وصوت الطائرات ما وقف ابدا شكل الموت حاضر بكل الاحوال".
"نأكل نصف وجبة"
الشابة نغم التي تسكن في حي الرمال، أوضحت أن أفراد عائلتها قرروا الاستجابة لمطالب الاحتلال والنزوح نحو الجنوب بادئ الأمر، قبل أن يتراجعوا جميعا عن قرارهم حيث اتفقوا على البقاء معا والموت معا، بحسب تعبيرها.
وحول الأوضاع المعيشية، قالت في حديثها لـ"عربي21": "مثل كافة المناطق في غزة، لا كهرباء، ولا ماء، ولا إنترنت".
وأضافت "نأكل نصف وجبة باليوم لأننا لا نعلم غدا ما يمكن أن يحدث".
وتابعت: "نحن في حاجة الأمان فقط ولا نريد الأكل ولا الشرب، فقط نريد الأمان وأن نحيا كما يحيا باقي البشر في العالم".
الجدير بالذكر أن الاحتلال يواصل لليوم الحادي عشر عدوانه على غزة بمختلف أنواع الذخائر والأسلحة المحرمة دوليا، في محاولة لإبادة كافة أشكال الحياة في القطاع وتهجير سكانه قسريا عبر تعمده استهداف المناطق والأحياء السكنية بالإضافة إلى قوافل النازحين ومزودي الخدمات الطبية.
وأسفر العدوان عن ارتقاء أكثر من 2837 شهيدا وإصابة نحو 12 ألفا بجروح مختلفة، وفقا لأحدث أرقام وزارة الصحة في قطاع غزة.
وتسببت آلة الحرب الإسرائيلية أيضا في دمار غير مسبوق في المباني والبنية التحتية، كما أنها أدت إلى نزوح أكثر من مليون فلسطيني من منازلهم داخل القطاع، بحسب وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا).
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية غزة الاحتلال الإسرائيلي الفلسطينيون فلسطين حماس غزة الاحتلال الإسرائيلي طوفان الاقصي سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الأوضاع المعیشیة فی منطقة أکثر من فی غزة إلى أن
إقرأ أيضاً:
"إسرائيل" تواصل احتلال معابر غزة وإغلاقها لليوم الـ192 على التوالي
غزة - صفا
تواصل القوات الإسرائيلية، يوم الخميس، احتلال معابر غزة وإغلاقها، ومنع سفر الجرحى والمرضى للعلاج أو إدخال أي مساعدات إنسانية للقطاع لليوم الـ192 على التوالي.
ويغلق الاحتلال المعابر منذ اجتياحه مدينة رفح جنوبي القطاع وسيطرته على معبري رفح البري وكرم أبو سالم، رغم تحذيرات المنظمات الإنسانية والإغاثية ومطالبات دولية بإعادة فتح المعابر لتلافي حصول مجاعة بسبب انقطاع المساعدات، ولإنقاذ أرواح آلاف المرضى والجرحى.
وحذر برنامج الأغذية العالمي من أن مليوني فلسطيني بقطاع غزة الذي يتعرض لحرب إسرائيلية، مدمرة يعانون من انعدام الأمن الغذائي، معربًا عن قلقه إزاء تقليص حجم عمليات تقديم المساعدات لغزة.
وقال متحدث المنظمة الأممية طارق يساريفيتش إن "هناك أكثر من 10 آلاف شخص بحاجة إلى الإجلاء، وتلقي الرعاية الطبية خارج غزة".
وشدد يساريفيتش على ضرورة إعادة فتح معبر رفح وأي معبر حدودي آخر لإخراج المرضى والجرحى حتى تظل حياتهم آمنة.
وطالب المكتب الإعلامي الحكومي بفتح معبري رفح وكرم أبو سالم وإدخال المساعدات والبضائع وإنهاء حرب الإبادة الجماعية المستمرة للشهر العاشر على التوالي.
وأشار المكتب إلى أن شبح المجاعة يُهدد حياة المواطنين بشكل مباشر، مما يُنذر بارتفاع أعداد الوفيات بسبب الجوع خاصة بين الأطفال، حيث بات 3,500 طفل يتهددهم الموت بسبب سوء التغذية وانعدام المكملات الغذائية والتطعيمات التي أصبحت في إطار الممنوعات من الدخول إلى قطاع غزة.
وكانت وزارة الصحة قالت، إن نحو 20 ألف جريح ومريض في غزة حاليًا بحاجة للسفر للعلاج في الخارج، مؤكدة عدم تمكن أي منهم من مغادرة القطاع منذ احتلال القوات الإسرائيلية للمعابر، ما يعرض حياة الآلاف منهم للمضاعفات والموت.
وفي السياق، حذرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف" من التأثير الكارثي والوضع المزري الذي يواجهه أطفال غزة بسبب إغلاق المعابر التي تمر منها المساعدات، والعمليات العسكرية الإسرائيلية المكثفة في القطاع.
ومنذ السابع من أكتوبر/ تشرين أول 2023 يشن الاحتلال الإسرائيلي عدوانا همجياً على قطاع غزة خلف عشرات آلاف الشهداء والجرحى والمفقودين، معظمهم أطفال ونساء.