لترميم صورتهم بعد الطوفان.. المستوطنون يصعّدون إرهابهم في الضفة (صور)
تاريخ النشر: 17th, October 2023 GMT
منذ أن تزوجت قبل أربعة عشر عاما لم تعش السيدة وعد سلامة أسبوعا هادئا، فالمستوطنون يهاجمون بشكل مستمر منازل عائلة زوجها في منطقة القانوب ببلدة سعير شرق مدينة الخليل، جنوب الضفة الغربية المحتلة.
ولكن على اختلاف تلك الهجمات وآثارها كان الهجوم الأخير هو الأعنف، فخلال الأسبوع الماضي أقدمت مجموعة من المستوطنين من مستوطنة "أصفر" المقامة على أراضي شرق الخليل على إحراق منزل وعد ومنازل عائلة زوجها.
الحريق التهم كل شيء دون أن يحظى بتغطية إعلامية كافية، فقدت العائلة منزلها وكل ما يحيط به، وحين انشغلت بإطفاء الحريق سرق المستوطنون قطيع الماشية الذي يرعاه الزوج ويعتمد عليه في تأمين قوت أطفاله السبعة.
تقول سلامة لـ"عربي٢١" إن المستوطنين هاجموا المنازل بشكل وحشي مختلف عن كل مرة وشرعوا يسرقون ويحطمون الممتلكات، مبينة أن الدخان غطى كل شيء ولم تتمكن سوى من تأمين أطفالها الذين حُرقت كل ملابسهم وألعابهم وحقائبهم الدراسية.
المستوطنون عاثوا فسادا في المكان مستغلين انشغال العائلة بإخماد النيران، ووسط صراخ الأطفال وبكائهم وخوفهم من تكرار مشهد حرق عائلة دوابشة قبل أعوام؛ شرع المستوطنون يرشقون الحجارة ويشتمون العائلة ويغرقون المكان بالاعتداءات المختلفة.
توضح سلامة أن الحريق طال كل شيء، الأجهزة الكهربائية والملابس وحتى مبلغ مالي صغير تملكه العائلة لتسيير أمورها، كما أن الحريق طال بعض الدجاجات التي كانت تربيها للاستفادة من بيضها، بينما سرق المستوطنون الأغنام التي يرعاها زوجها المريض.
"كل شيء احترق، الثلاجة وأغراض المطبخ، الملابس والحقائب، أطفالي يسألونني أين ألعابنا ولا أعرف ما أجيبهم، هم رأوا المستوطنون يهاجموننا ويرونهم في كل مرة، ولكنه الهجوم الأعنف منذ سنوات بحماية الجيش الإسرائيلي الذي لم يحرك ساكنا"، أضافت وعد.
بعد الحريق اضطرت العائلة للانتقال من المكان إلى بلدة سعير، خمسة عشر فردا معظمهم من الأطفال اضطروا منذ ذلك الحين للعيش في غرفة متهالكة قديمة لا تلبي أبسط ظروف الحياة اليومية.
"لجأنا إلى هذه الغرفة ولا ندري إلى متى، فلا توجد أي جهة تساعدنا أو تقدم لنا حتى أبسط الاحتياجات الإنسانية، فقدنا كل شيء وزوجي يعاني من آلام الغضاريف ولا يستطيع العمل، والمستوطنون يصولون ويجولون في المنطقة دون اكتراث".
قبل عامين تعرض زوج وعد للدهس من قبل أحد المستوطنين بشكل متعمد ما أدى لإصابته برضوض وآلام ما زالت آثارها ماثلة إلى اليوم في ظهره، بينما اعتدوا في إحدى المرات على والد زوجها وأصابوه بجروح بليغة.
تحريض ممنهج
اعتداءات المستوطنين لم تتوقف يوما واحدا في الضفة الغربية المحتلة، ولا يكف النشطاء ضد الاستيطان عن تسجيل حالات جديدة لاعتداءات ممنهجة تخلف جرحى وإصابات وأحيانا شهداء.
ولكن بعد معركة طوفان الأقصى ومشاهد القتل والدوس على رؤوس الجنود الإسرائيليين في مستوطنات ومواقع غلاف غزة العسكرية، شرع المستوطنون بحملة إرهاب جديدة في الضفة رافعين شعارا واحدا هو القضاء على الفلسطينيين بدعم من جيش وحكومة الاحتلال.
الأسلوب الجديد الذي تتبعه مجموعات المستوطنين هو التحريض، حيث تتداول مجموعاتهم الداخلية عبر وسائل التواصل الاجتماعي صورا لفلسطينيين محسوبين على حركة حماس وتنشر معلومات كاملة عنهم، وتختم الرسالة بجملة "لا تبقوا أحدا من حماس النازية".
اللافت للنظر في كل ذلك هو أن جيش الاحتلال استجاب للمستوطنين وقام باعتقال عدد من هؤلاء المحرض عليهم بعد اقتحام منازلهم وتفتيش هواتفهم.
موجة التحريض طالت حتى مطاعم ومحلات تجارية، ففي بلدة حوارة جنوب نابلس قام المستوطنون بنشر صورة محل تجاري ومنشور كان تداوله عبر صفحته يوم معركة طوفان الأقصى تظهر فيه مستوطنة إسرائيلية تقطن في مستوطنات غلاف غزة.
قوات الاحتلال واستجابة لهذا التحريض قامت بمداهمة المحل وإغلاقه بالصفائح الحديدية والسواتر الترابية واعتقال أصحابه وتسليمهم أمرا بإغلاق المحل لخمسة أشهر.
المشهد ذاته تكرر في مدينة رام الله حين قام المستوطنون بالتحريض على مطعم "بيتزا العاصور" في بلدتي سلواد وبيرزيت قرب المدينة.
يقول معاذ حماد مالك المطعم لـ"عربي٢١" إنه تفاجأ بقدوم الجيش الإسرائيلي وإغلاق المطعم وتسليمه قرارا بإغلاقه لمدة خمسة أشهر دون أي مبرر.
ويضيف:" نحن نتابع الأمر قانونيا في المحاكم وفوجئنا بالتحريض دون مبرر، وتم إغلاق المطعم لخمسة أشهر وهو قوت عائلات العديد من الموظفين فيه".
حملة التحريض طالت حتى رئيس الهيئة الإسلامية العليا الدكتور عكرمة صبري، حيث نشر المستوطنون خرائط توضح كيفية الوصول إلى منزله في القدس، في دعوة واضحة لمهاجمته شخصياً والاعتداء عليه.
مناطق الهجوم
يحاول المستوطنون في حملتهم الحالية توسيع هجومهم وإرهابهم ليشمل مناطق جديدة لم يعتادوا بسط أيديهم فيها، ولكنها تعني كذلك تعميق اعتداءاتهم على المناطق التي كانوا يستبيحونها دائما.
"مسافر يطا" جنوب الخليل واحدة من تلك المناطق، حيث يتناوب جيش الاحتلال والمستوطنون على بث عدوانهم على الفلسطينيين فيها بهدف تحقيق هدف تهجيرهم وسلب أراضيهم.
الناشط في اللجان الشعبية ضد الاستيطان هناك فؤاد العمور قال لـ"عربي٢١" إن حالات العدوان على "مسافر يطا" وجبال جنوب الخليل من قبل المستوطنين في ظل الأحداث الجارية ما زالت مستمرة.
يقوم المستوطنون، بحسب قوله، بتوسيع سطوتهم في "مسافر يطا" والبادية والتجمعات الشرقية لبلدة السموع جنوب الخليل، بحيث يقومون متعمدين بارتداء الزي العسكري لجيش الاحتلال والاعتداء على المواطنين وعلى ممتلكاتهم وتهجيرهم بقوة السلاح.
وأضاف:" أبرز الانتهاكات التي قام بها المستوطنون بالزي العسكري هي إغلاق جميع المداخل المؤدية إلى "مسافر يطا" والبادية، وهدم وتخريب ممتلكات المواطنين كما حدث في خربة وادي قرب السموع ومنزلين في قرية المفقرة وخربة صفي التحتا".
الناشط أشار إلى أن حالات الاعتداء على مركبات المواطنين وإطلاق النار عليها تزايدت، بالإضافة إلى الاعتداء بشكل مباشر على المواطنين كما حدث في قرية التواني والذي أسفر عن إصابة ثلاثة مواطنين.
الناشط ضد الاستيطان بشار القريوتي قال بدوره لـ"عربي٢١" إن الفلسطينيين في الضفة الغربية يعيشون في هذه الفترة فيما أسماها جزيرة الوحوش، حيث أن المستوطنين يحاولون ارتكاب جرائم ضدهم وقاموا عدة مرات بتهديد النشطاء والمواطنين الذين يتصدون لهم بالقتل ووضعهم على لائحة الاستهداف لديهم.
وتابع:" هذه الفترة من أصعب المراحل التي أصبحت مرعبة جدا، بعد تسليح عدد كبير من المستوطنين من الحكومة الصهيونية ليقوموا بارتكاب جرائم ضد الفلسطينيين، خاصة بعد تجنيد عدد كبير منهم داخل الجيش الإسرائيلي بهذه الفترة ليقوموا بتصفية أي فلسطيني بحقد وكراهية".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية الضفة الغربية المستوطنون الضفة الغربية مستوطنون طوفان الاقصي سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة مسافر یطا فی الضفة کل شیء
إقرأ أيضاً:
احرصوا على سجل الذكريات
الذكريات صفحات تسجلها الذاكرة منذ الطفولة، مع كل الأشخاص الذين نعيش معهم، ويعيشون حولنا في الشارع والحارة، في المدرسة، في بيوت أهالينا وجيراننا، وفي كثير من المواقف التي تمر بنا، وتلتصق بذاكرتنا، إما لطرافتها، أو لجمالها ، أو لصعوبتها وقسوتها، وتبقى الذكريات أجمل ما نحمله معنا، حتى القاسية منها، تفقد قسوتها مع مرور الزمن. والجميل يطغى على السيئ، وكثيراً ما يحتاج الناس لا ستراجعها من الذاكرة، لإرواء عطش تصحُّر أيام أصابها الجفاف، واستيراد دفء الماضي، وقد تفيد في إشعال الأمل للمستقبل.
واعتقد أن أهم محضن، وأول ميدان لصناعة الذكريات، هو (منزل العائلة)، وصناعة الذكريات، واجب جميع أفراد العائلة، وعلى رأسهم الوالدين والأجداد والإخوة والأخوات، ولن أنسى العائلة الممتدة من خلال الأب (أعمام وعمات) وكذلك الأم (أخوال وخالات)، ويدخل ضمنها الجيران وزملاء وزميلات العمل. من كل هؤلاء، وبهم، ومعهم، تصنع الذكريات. لذا فمن المهم جداً، أن يحرص كل فرد في العائلة، وكذلك الأصدقاء والجيران أن يرسموا خريطة ذكرياتهم بكلماتهم ومواقفهم وتواجدهم بين بعضهم البعض. فالذكريات لا تأتي من نفسها، بل هي كاللوحة الفنية يرسمها الرسام، لذلك ينتقي للوحته الألوان الجيدة، والوقت المناسب، لتكون اللوحة قد رسمت بحب وشغف. والعكس صحيح. فبدون اعتناء، وحرص، ستكون اللوحة مشوشة. هكذا الذكريات وليس منا من أحد إلا ويختزن في ذاكرته ملفات وفيديوهات بعضها مشرقة بحروف دونها أصحابها من نور. في استرجاعها سعادة وشوق وسرور، وأخرى قاسية غليظة بغلاظة من كتبها في ذاكرة الآخرين سواء أبناء أو زملاء أو جيران! ولعل أهم الذكريات، هي التي ينقشها الوالدان في عقول أبنائهما، فعلاقة الأب بالأم علاقة جميلة راقية ملؤها الاحترام، حتى لو اختلفا، فبعيداً عن السوء من الأفعال والأقوال، يحرصون على تعريف الأبناء أن الحياة جميلة حتى مع الخلافات، وأن الخلافات أمر طبيعي لا يخلو منها بيت، لكن نوع الخلافات، وأسلوب تعاطيها، هو المهم. فالخلاف مع النقاش الهادئ المحترم، مهم جداً ليتعلم الأبناء كيف يكون الخلاف. فأكثر ما يترك أثراً في ذاكرة الأبناء، هي العلاقة بين والديهم. وقيسوا على ذلك تعامل الوالدين مع بقية أفراد العائلة، فعندما تسود العلاقات الجيدة المليئة بالود والتقدير، وحين تكون اللقاءات العائلية، والرحلات الترفيهية بينهم، فبدون شك هم يصنعون ذكريات، يحفظها أفراد العائلة وأهمهم الأبناء الذين تتشكل ذاكرتهم بحسن سير وتعامل أهلهم، الجلسات العائلية الدافئة، تصنع ذكريات غاية في الجمال، فكيف يفرط البعض في ذلك؟ وأيضاً الصحبة الطيبة الراقية، بيئة رائعة لصناعة الذكريات، فتستحق الحرص عليها. العلاقات مع الأهل والأقارب، ميدان خصب لأجمل الذكريات. فهل يمكن التفريط في ذلك؟ كما أن علاقات العمل والمساجد والمدارس، كلها محاضن لذكريات كم أسعدت كثيراً ولازالت. الذكريات استثمار للسعادة في الحياة.
من المهم أن يستثمر رب العائلة وقته مع زوجته وأبنائه فيملأه حباً ولعباً وتعاملاً راقياً وتعاوناً، وقد قال الرسول عليه الصلاة والسلام (فخيركم خيره لأهله وأنا خيركم لأهلي) لا أدري ألا يخجل الرجل القاسي في بيته والليِّن مع رفاقه، ألا يخجل الرجل الذي يقضي جل وقته لاهياً خارج بيته وعائلته آخر اهتمامه؟ مثل هؤلاء الرجال (هداهم الله)، الخجل يخجل منهم! حتى يكبر الأبناء وهم يحملون أجمل الذكريات، لابد أن يبذل الآباء والأمهات جهداً لفهم معنى العائلة وواجباتها التي لا تتوقف عند المأكل والمشرب والملبس، فللحياة احتياجات نفسية وعاطفية وعقلية مهمة جداً، إذا تم التفريط فيها، فكثيراً ما تحدث نتائج لا يريدها الأهل. فلله در أولئك الذين يزرعون في نفوس الآخرين أجمل وأطيب الذكريات.
إن جودة صناعة الذكريات، مسؤولية الجميع.
وليبقى الكل في ذاكرة الكل ذكرى جميلة، أرجو أن يوفق الله الجميع لصناعة أجمل الذكريات في حياة أحبتهم. ودمتم. (اللهم زد بلادي عزاً ومجداً وزدني بها عشقاً وفخراً).