عربي21:
2025-04-22@19:04:26 GMT

إسرائيل.. تتأخّر لتعويض ما لا يمكن تعويضه!

تاريخ النشر: 17th, October 2023 GMT

بدأتُ بكتابة هذه المقالة في مطالع اليوم الحادي عشر لعملية "طوفان الأقصى". في العادة كان عدوان الاحتلال على غزّة ينقضي بعد عشرة أيام، أو تكون الخطوة التالية هي "وقف إطلاق النار"، لكن الحاصل هذه المرّة أنّ العدوان في بدايته، ليس فقط لأنّ الأيام العشرة الماضية لم تكن كافية ليقضي شهوة الانتقام، أو ليرمّم هيبة جيشه بإلقاء كلّ ما لديه من مقذوفات على المكان الأكثر اكتظاظا في العالم في المساحة الأصغر، كلّ ما لديه، لأنّ ما لديه نفد فزودته أمريكا بالمزيد، ليس لأجلّ ذلك فحسب هو يقف في البداية، ولكن لأنّه في وضع غير معتاد عليه، في وضع يُبشّر بقتال حقيقيّ، يتجنّبه منذ عدوانه في العام 2014، ويتنافر مع الوضع الذي تحوّل إليه، من الجيش الذي يُبادر إلى الزحف والقتال إلى الجيش المحتمي بالمجسّات والتكنولوجيا الفائقة!

أخطر ما في "إسرائيل" الآن جرحها.

. هذا الجرح المتسع على قدر الضربة التي تلقّتها فجر السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، هو الذي صعد بالقلق إلى ذروته من خطوتها التالية حين إدراكها لمعنى ما وقع عليها ذلك الفجر، لكنّها الآن، وهي تئنّ هيبتَها وصورتَها وتنزف صراخَ الفزع الوجودي، لم تنتقل بعد إلى الحرب البرّية في هياجها الانتقامي، الذي لا بدّ منه، لا بدّ منه مرّة أخرى، بسبب ما تلقّته ومعنى ما تلقّته، لا باندفاع من إرادة أصيلة لا تخشى القتال!

لا يكاد يملك الطرف الآخر إلا البنادق، وما سوى ذلك أسلحة من قذائف مضادة للدروع، وعبوات متفجّرة، يصنعها بنفسه في قلب الحصار المطبق، إذن ما هذه الحرب البرّية في هذه المساحة وبهذا الفارق غير القابل لقياس القوّة أصلا؟!
هذا الموقف الغريب من الهياج داخل الزاوية، زاوية الحسابات الدقيقة، والخيارات التي تتنازعها إرادة الانتقام والخشية من الانتقام نفسه، تتنازعها ضرورة الانتقام وضعف الإرادة السابقة على داعي الانتقام، هو غريب من جهة أخرى، وهي جهة الحرب البرّية نفسها على قطاع غزّة، وجهة أن تسمّي "إسرائيل" ما كانت تسمّيه "عملية" أو "حملة" حربا هذه المرّة؛ لأوّل مرّة منذ حرب تشرين/ أكتوبر 1973. فذلك العمق الجغرافي لـ"إسرائيل" كلّه والممتدّ على جبهتين في جنوبها وشمالها، بحيث تصير هي كلّها فيه، وسوريا ومصر، وبين جيوش دول، لا مثيل له الآن، فما ينبغي أن يكون جولة سهلة في هذه الـ365 كيلو مترا مربعا لهذه المساحة المسمّاة قطاع غزّة، يصير "حربا برّيّة"، حربا المدرّعاتُ فيها المستظلّة بالطائرات الخارقة لا يملكها إلا طرف واحد. لا يكاد يملك الطرف الآخر إلا البنادق، وما سوى ذلك أسلحة من قذائف مضادة للدروع، وعبوات متفجّرة، يصنعها بنفسه في قلب الحصار المطبق، إذن ما هذه الحرب البرّية في هذه المساحة وبهذا الفارق غير القابل لقياس القوّة أصلا؟!

تبدو القصّة غير قابلة للتصديق، لكنّها حقيقية بالفعل، لأنّ الإرادة هي التي صنعت الفارق وقلّصت المسافة، التي يُفترض أنّها غير قابلة بدورها للتقليص. والإرادة، والحالة هذه، لا تعود شعارا تحفيزيّا، ولكنّها واقع يحمل "إسرائيل" على تسمية ما كان يوما جولة ساعات على الأكثر، حربا، في تلك المساحة المستعصية على التحديد على الخريطة، وضدّ من لا يملك مسمارا في دبّابة، ليصير القتال بين الإرادة، الإرادة التي رسمت هذه الصورة الأسطورية الحقيقية جدّا، وبين كتلة القوّة المرتصّة من الطائرات والدبابات والصواريخ ومئات آلاف الجنود، ومن خلف ذلك العالم الغربي كلّه، الزاحف بالبوارج وحاملات الطائرات.

لم يكن لهذا الموقف الغريب التشكّل، لولا إدراك المقاومة في غزّة لـ"إسرائيل" على ما باتت عليه، لكن ما باتت عليه "إسرائيل" ساهمت هذه المقاومة في صنعه، ومن ثمّ صار لا بدّ من الاستثمار فيه، في لحظة سُمّيت بالانسداد التاريخي، أي أن الاستحالة قد انغلقت على الممكنات النضالية للفلسطينيين، إلا أنّ ما كانت تراه كتائب القسام غير ذلك، بإدراكها ما باتت عليه "إسرائيل"، وهو ما احتاج عملية فائقة في شكلها ومعناها، لتحقيق الخلخلة اللازمة فيما يبدو انسدادا تاريخيّا
وينغي أن يكون حاضرا دائما أن ذلك كلّه يتأهّب لدخول غزّة، بمساحتها تلك التي لا تكاد تُذكر، وبالقوات تلك التي تتأهّب فيها بالإرادة فحسب، ليكون المعنى شديد الحدّة والكثافة، إذ هذا الموقف في وضع آخر أقرب إلى الكوميديا السوداء، أو العبثية الخالصة. في وضع آخر، لو تحصّل فيه موقف بهذا النحو، سيبدو العالم قد فقد عقله، ولكن العالم، وفيه "إسرائيل" وأمريكا وهذه الدول المرتجفة من إصبع التهديد الأمريكي، مفرطة في عقلانيتها، إلى درجة ارتسام هذا الموقف الغريب جدّا، والواقعي جدّا!

لم يكن لهذا الموقف الغريب التشكّل، لولا إدراك المقاومة في غزّة لـ"إسرائيل" على ما باتت عليه، لكن ما باتت عليه "إسرائيل" ساهمت هذه المقاومة في صنعه، ومن ثمّ صار لا بدّ من الاستثمار فيه، في لحظة سُمّيت بالانسداد التاريخي، أي أن الاستحالة قد انغلقت على الممكنات النضالية للفلسطينيين، إلا أنّ ما كانت تراه كتائب القسام غير ذلك، بإدراكها ما باتت عليه "إسرائيل"، وهو ما احتاج عملية فائقة في شكلها ومعناها، لتحقيق الخلخلة اللازمة فيما يبدو انسدادا تاريخيّا. وهذا النوع من التفكير يحتاج جرأة، لا تتوفّر إلا على قاعدة من الإيمان، الذي بدوره ارتفعت عليه الإرادة، هذه الإرادة الآن تحتاج "إسرائيل" تقليص الفجوة نحوها بفائض القوّة.

هذا التأخير الكبير الحاصل قبل الذهاب إلى "الحرب البرّية"، هو تعبير عن هذه المعضلة الإسرائيلية، معضلة أنّ المقاتل المحاصر في البيئة الضيقة المكشوفة بات قادرا على مفاجأة القوّة المدجّجة بالدبابة والطائرة والبارجة، وإيقاع الهزيمة المحقّقة بها، كما حصل فجر السابع من تشرين/ أكتوبر، ومن ثمّ تعلم دولة الميركافاه أنّ ما ينتظرها داخل غزّة أصعب، وهذه الدولة، بالرغم من غطرستها وكونها جيبا للإمبراطورية الأمريكية وبالرغم من دلالها على العالم، تعلم أنّ العالم يتغيّر ولن يسير بالضرورة على هوى دلالها، وأنّ هذا المقاتل المسلّح بالإرادة من أهمّ من يغيّر في هذا العالم، ولذلك فإنّها لم تتمكن من تحديد أهدافها وصياغة خطّتها المفصّلة للحرب البرّية، ولتبدو أهدافها أوّل الأمر ترهيبية مرتفعة جدّا، مؤسّسة على وجوب ترميم الصورة والإحساس بأن ما كانت تخشى من خسارته قد خسرته أصلا فجر السابع من تشرين/ أكتوبر، ثمّ لتؤول تالي الأمر إلى البحث في أهداف أكثر قابلية للتحقّق وبأقلّ قدر ممكن من الخسائر لتعود بصورة انتصار ما.

تبحث "إسرائيل" ومعها أمريكا عن الشروط الممكنة لعملية برّية تحقّق صورة الانتصار بأقلّ كلفة ممكنة، وما هو واضح أنه دخول متدحرج يسعى (ويا للمفارقة) إلى تقليص الفجوة، الفجوة مع المقاتل الذي لا يكاد يملك شيئا، تقليص الفجوة بمضاعفة الاستناد للقوّة، قوّة رصّ الدبابات والجنود على الأرض المحروقة، لتقليص الفجوة مع إرادة المقاتل الفلسطيني!
هذا التردّد داخل الزاوية كاشف عن مفارقة أخرى، فالدافع للانتقام هو الكابح للانتقام، فـ"طوفان الأقصى" الذي فتق جرح الكبرياء الإسرائيلي بحيث لم يبق أمام الإسرائيلي مناص من "إعلان الحرب"، فرض عطلا عملياتيّا بتدمير فرقة غزّة في الجيش الإسرائيلي المسؤولة عن العمليات الحربيّة ضدّ غزّة، وأنذر، لا بالصوت العالي ولكن بالفعل المحقّق، أن من تجرأ بضخّ الطوفان مستعد لما بعده، لكن يبقى الجرح مضطرا للدواء، الذي هو الانتقام وصورة النصر، فما العمل؟!

بالضرورة، تأخّرت "الحرب البرّيّة"، لذلك كلّه، ولأنّه صار لا بدّ من خطّة يطالب بها الأمريكي الذي لا بدّ وأنّه حريص أيضا على أن يمسح عار الهزيمة الإسرائيلي، ثمّ لأنّ التدافع في العالم لازم للوجود البشري بما لا يمكن للغطرسة الإسرائيلية نفيه، وبالإضافة إلى الأسباب السياسية والعملياتية، تبحث "إسرائيل" ومعها أمريكا عن الشروط الممكنة لعملية برّية تحقّق صورة الانتصار بأقلّ كلفة ممكنة، وما هو واضح أنه دخول متدحرج يسعى (ويا للمفارقة) إلى تقليص الفجوة، الفجوة مع المقاتل الذي لا يكاد يملك شيئا، تقليص الفجوة بمضاعفة الاستناد للقوّة، قوّة رصّ الدبابات والجنود على الأرض المحروقة، لتقليص الفجوة مع إرادة المقاتل الفلسطيني!

"إسرائيل" إذن تتأخر، لتعويض ما لا يمكن تعويضه، وهذا في حدّ ذاته يعني أنّها بوصفها قوّة لا تقهر قد انتهت.

twitter.com/sariorabi

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه إسرائيل المقاومة إسرائيل غزة المقاومة طوفان الاقصي السيوف الحديدية مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة مقالات مقالات سياسة سياسة رياضة صحافة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة المقاومة فی ما کانت الذی لا فی وضع القو ة

إقرأ أيضاً:

قرار تاريخي من الخطيب لـ لاعبي الأهلي قبل مواجهة صن داونز.. تعرف عليه

رصد مجلس إدارة النادي الأهلى برئاسة محمود الخطيب مكافأة مالية كبيرة حال الفوز بدورى الأبطال الإفريقى للموسم الثالث على التوالي وذلك قبل المباراة المهمة أمام صن داونز يوم الجمعة المقبلة فى السابعة مساء الجمعة المقبل، بإستاد القاهرة الدولى، فى إياب قبل نهائى دورى أبطال إفريقيا، بعد أن تعادل الفريقان سلبيا ببريتوريا فى مواجهة الذهاب.

ويحتاج الأهلي الى الفوز بأى نتيجة من أجل التأهل الى المباراة النهائية.

وتسلم لاعبو الأهلي 200 ألف جنيه عقب عبور عقبة الهلال السوداني، وهناك تعهد بصرف نصف مليون جنيه لكل لاعب، حال التأهل للنهائى للعام السادس على التوالي، فيما سيكون حصد اللقب هناك مكافأة قد تصل إلى مليون و200 ألف جنيه لكل لاعب.

تعرف على موقف مصابي الأهلي قبل مواجهة صن داونزالأهلي يحسم مصير وسام أبو علي قبل مواجهة صن داونزالأهلي يخوض مرانه الرئيسي استعداداً لصن داونز بدوري أبطال أفريقيا

واستقر السويسرى مارسيل كولر المدير الفنى لفريق الكرة بالنادي الأهلي على إجراء تعديل فى التشكيل الذى سيخوض به صن داونز يو الجمعة المقبلة، ولكنه سينتظر حتى آخر يوم بهدف تعافى وسام أبوعلي، لكن على الأرجح سيشارك عمر كمال عبدالواحد أو أحمد نبيل كوكا فى مركز الظهير وأشرف بن شرقى أساسيا من بداية المواجهة.

وتأكد غياب المغربى يحيى عطية الله الظهير الأيسر عن مباراة الأهلي وصن داونز الجنوب إفريقي، لأنه يحتاج إلى فترة قد تصل إلى 10 أيام أخرى بسبب إصابته بشد فى العضلة الخلفية.

وحرص كولر على تجهيز كل البدائل مثلما فعل في مباراة الذهاب بعدما اعتمد على مصطفي العش في الجانب الأيسر بالاضافة الى جاهزية أحمد نبيل كوكا للقيام بهذا الدور.

ومنح السويسرى مارسيل كولر، المدير الفنى لاعبيه راحة سلبية لمدة يومين، على أن يعود للتدريبات اليوم، ثم يدخل معسكرا مغلقا مبكرا غدا قبل المواجهة بـ 48 ساعة بهدف زيادة معدلات التركيز لدى اللاعبين.

وأشارت مصادر داخل النادي الأهلي الى كريم فؤاد لا يزال يواصل برنامجه التأهيلى وذات الأمر بالنسبة لرضا سليم.

ويخضع وسام أبوعلى مهاجم الفريق وكريم الدبيس لفحص طبى على هامش مران اليوم، لتحديد موقفهما من العودة للتدريبات الجماعية، وإن كانت فرص لحاق وسام كبيرة للغاية ومبشرة، ولكن سيكون هناك تحفظ من عودة الدبيس للتدريبات، خاصة أن الجهاز الطبى يخشى من تجدد إصابة

مقالات مشابهة

  • الرجل الذي فقد قلبه.. تفاصيل ألبوم مروان موسى الجديد
  • سموتريتش: الوقت قد حان لمهاجمة غزة ومن يتلاعب بنا سنقضي عليه ولا مبرر لوجود الحكومة إن لم تفعل هذا الأمر
  • دعاء السيدة عائشة.. واظب عليه كل يوم ييسر أمرك ويفرج همك
  • قرار تاريخي من الخطيب لـ لاعبي الأهلي قبل مواجهة صن داونز.. تعرف عليه
  • مصرع عامل سقطت عليه حمولة أحجار سيارة نقل في قنا
  • الأونروا: لا شيء يمكن أن يبرر العقاب الجماعي للشعب الفلسطيني
  • ريال مدريد يخطط لصفقة صادمة من مانشستر سيتي لتعويض كروس
  • العفو الدولية: لا يمكن الوثوق بإسرائيل للتحقيق في جرائم جيشها 
  • الجنرال الأميركي الذي لا تريد إسرائيل ضرب إيران دون وجوده
  • أخبار العالم | تقدّم «إيجابي» في محادثات نووي إيران.. آلاف الأمريكيين يتظاهرون ضد ترامب لوقف تسليح إسرائيل.. والشيباني يدعو لرفع العقوبات الأمريكية عن سوريا