ارتجاج الدماغ..5 حقائق يجب معرفتها عن هذه الحالة وأعراضها
تاريخ النشر: 17th, October 2023 GMT
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- قطع الأطباء والباحثون شوطًا طويلاً لفهم ارتجاجات الدماغ. وأصبحت هذه الحالة تحظى بالاهتمام الذي تستحقه أخيرًا، مع تطبيق بروتوكولات صارمة عند حدوثها خلال الرياضات المنظمة للهواة والمحترفين.
ووفقًا لما ذكرته المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والسيطرة عليها (CDC)، يحدث الارتجاج بعد الإصابة بـ"ضربة أو رجّة في الرأس"، أو "ضربة بالجسم تؤدي إلى تحرك الرأس والدماغ بسرعة ذهابًا وإيابًا".
ويمكن أن تتسبب هذه الحركات المفاجئة في "ارتداد الدماغ، أو التواء في الجمجمة"، و"تغيرات كيميائية في الدماغ" و/أو "تمدد وإتلاف" خلايا الدماغ، بحسب ما ذكرته المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والوقاية منها.
وقد تؤدي التغييرات إلى أعراض تشمل الشعور بالدوار، أو الارتباك، أو مشاكل طويلة الأمد في النوم، والذاكرة، والتعلم، وحتّى تغيرات في شخصية المرء.
وتُصنَّف الارتجاجات بكونها إصابات دماغية رضحية، بحسم ما قالته جولي ستام، مؤلفة كتاب "The Brain on Youth Sports: The Science, the Myths, and the Future"، لكبير المراسلين الطبيين لـCNN، الدكتور سانجاي جوبتا، في برنامج "Chasing Life".
وأوضحت ستام، وهي أستاذة مساعدة سريرية في قسم علم الحركة بجامعة "ويسكونسن ماديسون": "كثيرًا ما أستخدم مصطلح الارتجاج لأنّ استعماله شائع في الرياضة بشكلٍ خاص. ولكنّها إصابة دماغية رضية، وغالبًا ما يتم تصنيفها على أنّها إصابة دماغية رضية خفيفة، ويبدو هذا حتّى وكأنّه يقلل من شأن الإصابة".
ويمكن أن تحدث الارتجاجات عند ممارسة الرياضات الشبابية أو الاحترافية، ولكنها قد تكون أيضًا نتيجة للسقوط، وحوادث السيارات، والإصابات العسكرية، والاعتداءات بما في ذلك عنف الشريك الحميم، والإساءة للأطفال.
ويمكن أن تزيد إصابات الرأس المتكرّرة من خطر الإصابة بالاعتلال الدماغي الرضحي المزمن (CTE)، وهي حالة مرتبطة بفقدان الذاكرة، والارتباك، ومشاكل في التحكم بالانفعالات، والعدوانية، والاكتئاب، وسوء الحكم، والسلوك الانتحاري، بالإضافة إلى الخرف المبكر.
ما الذي يمكنك فعله للحماية من الارتجاجات، ورصدها، وعلاجها؟ يمكن أن تحدث الارتجاجات من دون فقدان الوعيوأفادت ستام في رسالة عبر البريد الإلكتروني: "لستَ بحاجة إلى فقدان الوعي للإصابة بارتجاج"، لافتة إلى أن "أقل من 10% من حالات الارتجاج تؤدي إلى فقدان الوعي".
يمكن أن تحدث الارتجاجات من دون إصابة مباشرة في الرأسيمكن أن يحدث الارتجاج حتّى عند انعدام ضربة مباشرة إلى الرأس.
وأوضحت ستام: "الضربة التي يتعرّض لها الجسم، والمتسببة في تحرك الرأس ذهابًا وإيابًا.. قد تُسبب ارتجاجًا لأنّ الدماغ يتحرك داخل الجمجمة، ويصطدم بها"، مؤكدة: "هذا من الأسباب التي تجعل الخوذات غير قادرة على منع جميع الارتجاجات".
لا تتجاهل أعراض الارتجاج الأقل وضوحًاوقالت ستام إنّ "الارتباك، والدوّار، أو مشاكل التوازن، والظهور بحالة ذهول من علامات وأعراض الارتجاج".
ولكنها ذكرت ضرورة اطّلاع الآباء، والأوصياء، والمدربين وزملاء الفِرَق الرياضية على الأعراض الشائعة التي يتم تجاهلها، موضحة أن تلك الأعراض تشمل "صعوبة النوم، أو عدم النوم بما فيه الكفاية، أو اللامبالاة، أو الانفعال المفرط"،
قم بتحديث تدابير العلاج الخاصة بكالمصدر: CNN Arabic
كلمات دلالية: نصائح
إقرأ أيضاً:
هل غض البصر واجب على النساء أم الرجال فقط؟.. انتبه لـ10 حقائق
لاشك أن الاستفهام عن هل غض البصر واجب على النساء أم الرجال فقط ؟، يعد من المسائل التي تلتبس على الكثيرين ، حيث إن من المعروف أن الله سبحانه وتعالى أمر المؤمنين بغض البصر درءًا للفتن، وتفاديًا للوقوع فيها، وهو ما يطرح السؤال عن هل غض البصر واجب على النساء أم الرجال فقط ؟.
لماذا جهنم أكثرها نساء؟.. بسبب فعلين حذر منهما النبي وتقع فيهما الزوجات لماذا لعن الله قوما تحكمهم امرأة؟.. الحديث صحيح والإفتاء توضح قصته ومقصده هل غض البصر واجب على النساءقال الدكتور أسامة الجندي، أحد علماء وزارة الأوقاف، إن الأمر بغض البصر في القرآن الكريم موجه للذكر والأنثى لحماية المجتمع من الفتن.
وأوضح “ الجندي” في إجابته عن سؤال: هل غض البصر واجب على النساء أم الرجال فقط ؟، أن قول الله سبحانه وتعالى ( قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ۚ ذَٰلِكَ أَزْكَىٰ لَهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ ) الآية 30 من سورة النور، يعتبر خطاب إلهي يهدف إلى تعزيز الأخلاق وحماية المجتمع من الفتن.
ونبه إلى أن هذه الآية تدعو المؤمنين إلى استخدام وسائل الإدراك بشكل حكيم، مشيراً إلى أن العين تُعتبر أكثر وسائل الإدراك عرضة للفتن، وغض البصر يُعتبر بمثابة مناعة تحصين ضد الشهوات والمواقف المحرمة، حيث يُدرب الإنسان على تجنب ما يُغضب الله تعالى.
وأشار إلى أن الرسالة إلى كلا الجنسين، حيث يجب على الرجال غض بصرهم، وعلى النساء عدم إبداء زينتهن إلا ما ظهر منها، منوهًا بأن هناك أربعة تصورات تتعلق بغض البصر وإبداء الزينة، مع التأكيد على ضرورة الالتزام بالتعاليم الشرعية.
وأفاد بأن كلمة "يغض" تعني تقليل أو نقص من مجال الرؤية، مما يعكس أهمية أن ينظر الإنسان فقط إلى ما يرضي الله جل وعلا، وأن المؤمنين مطالبون بتحديد حد أدنى لرؤيتهم، حيث يُمنع النظر إلى ما حرمه الله عز وجل.
ما معنى غض البصرورد أن غض البصر في اللغة يعني كفه ومنعه من الاسترسال في التأمل والنظر . ويقول ابن فارس في “معجم مقاييس اللغة” (4/307) : ” الغين والضاد ، يدلُّ على كفٍّ ونَقْص، (مثل) غضُّ البصر ، وكلُّ شيءٍ كففتَه فقد غَضَضْته ” انتهى .
ويقول ابن منظور في “لسان العرب” (7/196) : ” وغَضَّ طَرْفَه وبَصره : كفَّه وخَفَضَه وكسره . وقيل : هو إِذا دانى بين جفونه ونظر ” انتهى.
ويشمل في الشرع أمورا عدة :
1- غض البصر عن عورات الناس ، ومن ذلك زينة المرأة الأجنبية .
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله “مجموع الفتاوى” (15/414) :
” والله سبحانه قد أمر فى كتابه بغض البصر وهو نوعان : غض البصر عن العورة . وغضه عن محل الشهوة . فالأول كغض الرجل بصره عن عورة غيره .
وأما النوع الثاني من النظر كالنظر إلى الزينة الباطنة من المرأة الأجنبية ، فهذا أشد من الأول ، كما أن الخمر أشد من الميتة والدم ولحم الخنزير ، وعلى صاحبها الحد … لأن هذه المحرمات لا تشتهيها النفوس كما تشتهى الخمر ” انتهى .
2- غض البصر عن بيوت الناس وما أغلقت عليه أبوابهم :
يقول ابن تيمية “مجموع الفتاوى” (15/379) : ” وكما يتناول غض البصر عن عورة الغير وما أشبهها من النظر إلى المحرمات ، فإنه يتناول الغض عن بيوت الناس ، فبيت الرجل يستر بدنه كما تستره ثيابه ، وقد ذكر سبحانه غض البصر وحفظ الفرج بعد آية الاستئذان ، وذلك أن البيوت سترة كالثياب التى على البدن ” انتهى .
ويقول ابن القيم رحمه الله في “مدارج السالكين” (1/117) : ” ومن النظر الحرام النظر إلى العورات ، وهي قسمان : عورة وراء الثياب . وعورة وراء الأبواب ” انتهى .
3- غض البصر عما في أيدي الناس من الأموال والنساء والأولاد والمتاع ونحوها .
قال تعالى : ( لاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِّنْهُمْ وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ ) الحجر/88 قال ابن سعدي في “تفسيره” (434) : ” أي: لا تعجب إعجابا يحملك على إشغال فكرك بشهوات الدنيا التي تمتع بها المترفون ، واغترَّ بها الجاهلون ، واستغن بما آتاك الله من المثاني والقرآن العظيم ” انتهى .
وقال أيضا (ص/516) : ” أي : لا تمد عينيك معجبا ، ولا تكرر النظر مستحسنا إلى أحوال الدنيا والمُمَتَّعين بها ، من المآكل والمشارب اللذيذة ، والملابس الفاخرة ، والبيوت المزخرفة ، والنساء المجملة ، فإن ذلك كله زهرة الحياة الدنيا ، تبتهج بها نفوس المغترين ، وتأخذ إعجابا بأبصار المعرضين ، ويتمتع بها – بقطع النظر عن الآخرة – القوم الظالمون ، ثم تذهب سريعا ، وتمضي جميعا ، وتقتل محبيها وعشاقها ، فيندمون حيث لا تنفع الندامة ، ويعلمون ما هم عليه إذا قدموا في القيامة ، وإنما جعلها الله فتنة واختبارا ، ليعلم من يقف عندها ويغتر بها ، ومن هو أحسن عملا ” انتهى .
هل غض البصر للرجال فقطورد أن النظر إلى عورات النساء الأجنبيات محرم ولو كان بدون شهوة، واستثنى أهل العلم من ذلك حالات الضرورات أو الحاجات المعتبرة ككشف الطبيب على المرأة التي لا تجد طبيبة تكشف عليها.
قال ابن قدامة في المغني : ولا خلاف بين أهل العلم في إباحة النظر أي للخاطب إلى وجهها وذلك لأنه ليس بعورة وهو مجمع المحاسن، وموضع النظر ولا يباح له النظر إلى ما لا يظهر عادة..... ويباح للطبيب النظر إلى ما تدعو إليه الحاجة من بدنها... وللشاهد النظر إلى وجه المشهود عليها... وإن عامل امرأة في بيع أو إجارة فله النظر إلى وجهها ليعلمها بعينها فيرجع عليها بالدرك، وقد روي عن أحمد كراهة ذلك في حق الشابة دون العجوز، ولعله كرهه لمن يخاف الفتنة أو يستغني عن المعاملة، فأما مع الحاجة وعدم الشهوة فلا بأس. اهـ
وقال النووي : ويجب على الرجال غض البصر عنها في جميع الأحوال إلا لغرض صحيح شرعي وهو حالة الشهادة والمداواة وإرادة خطبتها، أو شراء الجارية، أو المعاملة بالبيع والشراء وغيرهما ونحو ذلك، وإنما يباح في جميع هذا قدر الحاجة دون ما زاد. والله أعلم.اهـ.
ويحرم نظر الوجه بشهوة وعند خوف الفتنة عند من يقول إنه ليس بعورة، وكذا نظر المستور من جسمها بشهوة.
قال ابن عبد البر رحمه الله في التمهيد: وأما النظر للشهوة فحرام تأملها من فوق ثيابها لشهوة، فكيف بالنظر إلى وجهها مسفرة. انتهى كلامه.
وقال ابن تيمية: اتَّفَقُوا عَلَى تَحْرِيمِ النَّظَرِ إلَى الْأَجْنَبِيَّةِ وَذَوَاتِ الْمَحَارِمِ بِشَهْوَةِ. انتهى.
وقال الشربيني: أما النظر بشهوة فحرام قطعا لكل منظورإليه من محرم وغيره غير زوجته وأمته. اهـ
وذهب بعضهم إلى منع النظر مطلقا لوجه الأجنبية إن كانت ممن يشتهى عادة، وذهب بعضهم للكراهة.
قال ابن حجر الهيتمي في التحفة: ويحرم نظر فحل ...(بالغ)... عاقل مختار إلى عورة حرة... (كبيرة) ولو شوهاء بأن بلغت حداً تشتهى فيه لذوي الطباع السليمة لو سلمت من مشوه بها كما يأتي (أجنبية)، وهي ما عدا وجهها وكفيها بلا خلاف لقوله تعالى: قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ [النــور: 30]، ولأنه إذا حرم نظر المرأة إلى عورة مثلها كما في الحديث الصحيح فأولى الرجل، (وكذا وجهها) أو بعضه ولو بعض عينها، أو من وراء نحو ثوب يحكي ما وراءه (وكفها)، أو بعضه أيضا وهو من رأس الأصابع إلى الكوع (عند خوف الفتنة) إجماعاً من داعية نحو مس لها، أو خلوة بها وكذا عند النظر بشهوة بأن يلتذ به، وإن أمن الفتنة قطعاً (وكذا عند الأمن من الفتنة) فيما يظنه من نفسه وبلا شهوة (على الصحيح). اهـ.
وقال المرداوي الحنبلي في الإنصاف: وأكثر الأصحاب: أنه لا يجوز للرجل النظر إلى غير من تقدم ذكره، فلا يجوز له النظر إلى الأجنبية قصداً، وهو صحيح، وهو المذهب، وجوز جماعة من الأصحاب: نظر الرجل من الحرة الأجنبية إلى ما ليس بعورة صلاة، وجزم به في المستوعب في آدابه، وذكره الشيخ تقي الدين رواية. قال القاضي: المحرم ما عدا الوجه والكفين. وصرح القاضي في الجامع: أنه لا يجوز النظر إلى المرأة الأجنبية لغير حاجة. ثم قال: النظر إلى العورة محرم وإلى غير العورة: مكروه. وهكذا ذكر ابن عقيل، وأبو الحسين، وقال أبو الخطاب: لا يجوز النظر لغير من ذكرنا، إلا أن القاضي أطلق هذه العبارة. وحكى الكراهة في غير العورة قال الشيخ تقي الدين رحمه الله: هل يحرم النظر إلى وجه الأجنبية لغير حاجة؟ رواية عن الإمام أحمد: يكره ولا يحرم. وقال ابن عقيل: لا يحرم النظر إلى وجه الأجنبية إذا أمن الفتنة. انتهى قلت: وهذا الذي لا يسع الناس غيره، خصوصاً للجيران والأقارب غير المحارم الذين نشأ بينهم. انتهى.
وقال الدسوقي في حاشيته: والحاصل أن العورة يحرم النظر إليها ولو بلا لذة. ... قوله: غير الوجه والكفين أي وأما هما فغير عورة يجوز النظر إليهما ولا فرق بين ظاهر الكفين وباطنهما بشرط أن لا يخشى بالنظر لذلك فتنة، وأن يكون النظر بغير قصد لذة وإلا حرم النظر لهما وهل يجب عليها حينئذ ستر وجهها ويديها وهو الذي لابن مرزوق قائلاً إنه مشهور المذهب أو لا يجب عليها ذلك وإنما على الرجل غض بصره وهو مقتضى نقل المواق عن عياض، وفصل زروق في شرح الوغليسية بين الجميلة فيجب عليها وغيرها فيستحب. انتهى.
فوائد غض البصريذكر العلماء في فوائد غض البصر أمورا كثيرة ، منها ما قاله ابن القيم رحمه الله في “الجواب الكافي” (125) ورد أن الله سبحانه وتعالى قد أمر المؤنين في كتابه العزيز بغض البصر ، وذلك لما له من فوائد عدة ، وهي:
الأولى: أنه امتثال لأمر الله الذي هو غاية سعادة العبد في معاشه ومعاده ، وليس للعبد في دنياه وآخرته أنفع من امتثال أوامر ربه تبارك وتعالى ، وما سعد من سعد في الدنيا والآخرة إلا بامتثال أوامره ، وما شقي من شقي في الدنيا والآخرة إلا بتضييع أوامره .
الثانية : أنه يمنع من وصول أثر السهم المسموم الذى لعل فيه هلاكه إلى قلبه .
الثالثة : أنه يورث القلب أنسا بالله ، وجمعية على الله ، فإن إطلاق البصر يفرق القلب ويشتته ويبعده من الله ، وليس على العبد شيء أضر من إطلاق البصر ، فانه يوقع الوحشة بين العبد وبين ربه .
الرابعة : أنه يقوي القلب ويفرحه ، كما أن إطلاق البصر يضعفه ويحزنه .
الخامسة : أنه يكسب القلب نورا ، كما أن إطلاقه يكسبه ظلمة ، ولهذا ذكر سبحانه آية النور عقيب الأمر بغض البصر ، فقال : ( قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ) النور/30 ثم قال إثر ذلك : (اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ ) النور/35 أي مثل نوره في قلب عبده المؤمن الذي امتثل أوامره واجتنب نواهيه ، وإذا استنار القلب أقبلت وفود الخيرات إليه من كل جانب ، كما أنه إذا أظلم أقبلت سحائب البلاء والشر عليه من كل مكان ، فما شئت من بدعة وضلالة واتباع هوى واجتناب هدى وإعراض عن أسباب السعادة واشتغال بأسباب الشقاوة ، فإن ذلك إنما يكشفه له النور الذي في القلب ، فإذا فقد ذلك النور بقي صاحبه كالأعمى الذي يجوس في حنادس الظلام .
السادسة : أنه يورث الفراسة الصادقة التي يميز بها بين المحق والمبطل والصادق والكاذب ، … والله سبحانه يجزي العبد على عمله بما هو من جنس عمله ، ومن ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه ، فإذا غض بصره عن محارم الله عوضه الله بأن يطلق نور بصيرته ، عوضة عن حبسه بصره لله ، ويفتح له باب العلم والإيمان والمعرفة والفراسة الصادقة المصيبة ، التي إنما تنال ببصيرة القلب ، وضد هذا ما وصف الله به اللوطية من العمه الذي هو ضد البصيرة فقال تعالى : (لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ ) الحجر/72
السابعة : أنه يورث القلب ثباتا وشجاعة وقوة ، ويجمع الله له بين سلطان البصيرة والحجة وسلطان القدرة والقوة ، كما في الأثر : ( الذي يخالف هواه يفر الشيطان من ظله ) ومثل هذا تجده في المتبع هواه من ذل النفس ووضاعتها ومهانتها وخستها وحقارتها ، ما جعله الله سبحانه فيمن عصاه ، كما قال الحسن : ( إنهم وإن طقطقت بهم البغال ، وهملجت بهم البراذين ، فإن المعصية لا تفارق رقابهم ، أبى الله إلا أن يذل من عصاه ) .
وقد جعل الله سبحانه العز قرين طاعته ، والذل قرين معصيته ، فقال تعالى : ( ولِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ ) المنافقون/8 ، وقال تعالى : ( وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ) آل عمران/139 ، والإيمان قول وعمل ، ظاهر وباطن ، وقال تعالى : ( مَن كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ ) فاطر/10 ، أي من كان يريد العزة فليطلبها بطاعة الله وذكره ، من الكلم الطيب والعمل الصالح ، وفي دعاء القنوت : ( إنه لا يذل من واليت ، ولا يعز من عاديت ) ومن أطاع الله فقد والاه فيما أطاعه فيه ، وله من العز بحسب طاعته ، ومن عصاه فقد عاداه فيما عصاه فيه ، وله من الذل بحسب معصيته .
الثامن : أنه يسد على الشيطان مدخله من القلب ، فإنه يدخل مع النظرة ، وينفذ معها إلى القلب أسرع من نفوذ الهوى في المكان الخالي ، فيمثل له صورة المنظور إليه ، ويزينها ويجعلها صنما يعكف عليه القلب ، ثم يَعِدُهُ ويُمَنِّيه ، ويوقد على القلب نار الشهوة ، ويلقي عليه حطب المعاصي التي لم يكن يتوصل إليها بدون تلك الصورة ، فيصير القلب في اللهب ، فمن ذلك اللهب تلك الأنفاس التي يجد فيها وهج النار ، وتلك الزفرات والحرقات ، فإن القلب قد أحاطت به النيران بكل جانب ، فهو في وسطها كالشاة في وسط التنور ، لهذا كانت عقوبة أصحاب الشهوات بالصور المحرمة أن جُعل لهم في البرزخ تنورٌ من نار .
التاسع : أنه يفرغ القلب للفكرة في مصالحه والاشتغال بها ، وإطلاق البصر يشتت عليه ذلك ويحول عليه بينه وبينها ، فتنفرط عليه أموره ، ويقع في اتباع هواه ، وفي الغفلة عن ذكر ربه ، قال تعالى : ( وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً ) الكهف/28
العاشر : أن بين العين والقلب منفذا أو طريقا يوجب اشتغال أحدهما عن الآخر ، وأن يصلح بصلاحه ويفسد بفساده ، فإذا فسد القلب فسد النظر ، وإذا فسد النظر فسد القلب ، وكذلك في جانب الصلاح ” انتهى .