مجالس المستقبل العالمية.. جلسة كيف نحقق النمو المطلوب لاستدامة مستقبلنا
تاريخ النشر: 17th, October 2023 GMT
ضمن الأسئلة التي تجيب عليها مجالس المستقبل العالمية..
كيف نحقق النمو المطلوب لاستدامة مستقبلنا.
• ساندور مالسو: 4 ساعات عمل يومية تحقق الكفاءة وتقلل الضغط على الموارد الطبيعية.
• مسعود أحمد: تغيير السلوك الاستهلاكي وفتح قنوات الحوار مفتاح لتنمية مستدامة مستقبلية.
• كومي كيتاموري: مراعاة احتياجات محدودي الدخل بالتوازي مع تعزيز الاقتصاد الأخضر.
• أليكس إدمانز: قياس مخرجات النمو يجب أن يركز على تقييم مستويات جودة الحياة.
دبي في 17 أكتوبر/ وام / أكد خبراء وأكاديميون دوليون متخصصون في التنمية الاقتصادية والاجتماعية أن استدامة التنمية مستقبلاً تحتاج إلى حوارات مفتوحة صريحة وجريئة تشمل الجميع من أجل اتخاذ إجراءات جذرية ومؤثرة تحقق الاستفادة الأوسع من المسارات التنموية، داعين إلى اعتماد مؤشرات قياس أكثر إنسانية وشمولاً وتنوعاً في تقييم تلك المسارات بحيث لا تقصر النمو على أرقام وقراءات الناتج المحلي الإجمالي للدول.
جاء ذلك خلال جلسة بعنوان "كيف نحقق النمو الذي نحتاجه لاستدامة مستقبلنا؟" التي عقدت خلال أعمال اجتماعات مجالس المستقبل العالمية 2023 في دبي، التي تنظم بالشراكة بين حكومة دولة الإمارات والمنتدى الاقتصادي العالمي بمشاركة نحو 600 قيادي ومسؤول من القطاعين الحكومي والخاص والمنظمات الدولية والمؤسسات الأكاديمية والخبراء ومستشرفي المستقبل.
- تنمية للجميع..
وأكد مسعود أحمد رئيس مركز التنمية العالمية في الولايات المتحدة الأمريكية، الحاجة إلى تنمية اقتصادية عالمية مستدامة تشمل أوسع شريحة ممكنة من الأفراد والفئات وتشركهم في النشاط الاقتصادي. وقال: "علينا أن نعيد التفكير في كيفية النمو وفي شموله لأكبر شريحة ممكنة من الناس، وعلينا بناء إجماع على نمط الحياة الذي نتطلع إليه كمجتمع عالمي".
وأضاف مسعود أحمد أن من الضرورة تغيير السلوك الاستهلاكي كمفتاح لتنمية مستدامة مستقبلية قابلة للتطبيق للحفاظ على الموارد العالمية، ما يشجع جميع الدول، بما فيها النامية على اختيار مسار الاستدامة في التنمية الشاملة، مشيرا إلى أن العقود الماضية شهدت تحسناً نوعياً أكثر من أي وقت في تاريخ البشرية في انتشال الملايين من الفقر وخفض أعداد وفيات الأطفال والنساء الحوامل وغير ذلك من مؤشرات التنمية الإيجابية، لكن طريقة تحقيق ذلك التقدم كان لها تأثير ضاغط على موارد الكوكب.
وأوضح رئيس مركز التنمية العالمية أن من المهم أن تكون الحوارات حول مستقبل التنمية جادة وواضحة وصريحة وواقعية دون تردد، لافتاً أيضاً لأهمية المبادرة الفردية في التأثير على سياسات الدول وتوجهات صناع القرار فيها نحو المستقبل.
- أنبوب يحتاج إلى الاستبدال..
من جانبه، أكد ساندور مالسو الأستاذ المقيم في جامعة أوسترال في جمهورية تشيلي، الحاجة إلى إيجاد وسيلة جديدة لقياس الناتج المحلي الإجمالي للدول، بالشكل الذي يحل مشاكل عدم المساواة في التنمية، قائلاً: "علينا أن نفكر بشكل مختلف، وأن نفكر بكوكبنا وبحجم الضغط عليه في جهودنا لتحقيق مؤشرات تنموية أعلى على الورق".
وقال مالسو " كمواطنين عالميين يجب أن نحمي مستقبل أطفالنا من محيطات وبحار عالية الحموضة وموارد مستنزفة، مقترحاً جعل ساعات العمل اليومية 4 ساعات فقط، لتحقيق الكفاءة وتقليل الضغط على الموارد الطبيعية للكوكب، وخفض الانبعاثات، وحماية مستقبل الأرض"، مشيراً إلى أن الاقتصاد الدائري أساسي لمستقبل الكوكب، وأن الاقتصاد العالمي اليوم يشبه أنبوباً ضخماً فيه شقوق يتم ترقيعها مرة بعد أخرى، والحل هو استبدال هذا الأنبوب، بأنبوب أخضر أكثر مرونة واستدامة.
وأضاف " يجب أن نتحلى بالجرأة الكاملة في تطبيق حلول جذرية تنقذ الكوكب وتضع الجشع جانباً. وأهم ما علينا القيام به مستقبلاً هو أن يكون كل ما نقوم به موجّهاً لمصلحة الكوكب والإنسان".
- نمو عادل أخضر يشمل الجميع..
في السياق ذاته، قالت كومي كيتاموري نائب مدير البيئة في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، إن النمو يجب أن يكون عادلاً وأخضر ويشمل الجميع، داعيةً إلى مراعاة الاحتياجات اليومية للفئات محدودة الدخل أثناء الاتجاه المستمر والمتصاعد نحو الاستدامة والاقتصاد الأخضر، مؤكدة أهمية تحقيق التوازن بين تحليل السياسات الاقتصادية وتوجهات تعزيز الإنتاجية، وتحقيق أفضل صيغة للتنمية الخضراء التي تشرك الأفراد أيضاً في هذا المسار المستقبلي.
وأكدت كيتاموري أن مستويات التنسيق بين مصممي السياسات دون المستوى المطلوب عالمياً، ما يؤخر تحقيق التنمية المستدامة، داعيةً إلى حوارات بين الحكومات والقطاعات الاقتصادية وقطاعات الأعمال والمعنيين لتحقيق سياسات مثمرة للاستثمار والتنمية الهادفة والفاعلة والمؤثرة.
وشددت على ضرورة التمسك بهدف الحياد الكربوني الصفري في كل ما نحققه مستقبلاً مع الاستفادة من رأس المال البشري للوصول إلى الازدهار وجودة الحياة التي نتطلع إليها.
- نمو يقاس بجودة الحياة واستدامة الموارد..
من جانبه، اعتبر أليكس إدمانز أستاذ المالية في كلية لندن للأعمال، أن النمو المالي ليس المقياس الوحيد للنمو، لأن هناك أيضاً معايير تشمل نمو رأس المال البشري ورأس المال الطبيعي المقترن باستدامة الموارد الطبيعية، داعياً إلى أن يكون النمو اجتماعياً كما هو اقتصادي.
وأكد إدمانز أن قياس مخرجات النمو يجب ألّا يقتصر على الإحصاءات والأرقام، بل أن يقيّم جودة الحياة والنمو الفردي للأشخاص والأسر والفئات المجتمعية، وهو ما يتطلب نموذجاً شمولياً لقياسه واحتسابه.
وقال إن مصالح الاستثمار يجب ألّا تتغلب على معايير التنمية المستدامة، خاصة في الدول النامية، لافتاً إلى أن اقتصاد إزالة الكربون الشامل إذا نجح وازدهر يمكنه أن يوفر الدعم لمن فقدوا وظائفهم بسبب التحول الاقتصادي الأخضر.
- شبكة عالمية رائدة..
يشار إلى أن مجالس المستقبل العالمية تقعد بمشاركة نحو 600 خبير عالمي ومفكر ضمن 30 مجلساً، إلى جانب مسؤولين حكوميين وممثلين عن المنظمات الدولية والأكاديميين، في ملتقى سنوي يهدف لوضع خطط المستقبل والتي تحدد توجهات اجتماعات المنتدى الاقتصادي العالمي "دافوس" 2024.
وجمعت مجالس المستقبل العالمية منذ إطلاقها عام 2008، بالشراكة بين حكومة دولة الإمارات والمنتدى الاقتصادي العالمي، أكثر من 12 ألف مشارك من 100 دولة، في نحو 900 مجلس ناقشت مستقبل القطاعات الأكثر ارتباطاً بحياة الإنسان. عبد الناصر منعم
المصدر: وكالة أنباء الإمارات
كلمات دلالية: مجالس المستقبل العالمیة إلى أن یجب أن
إقرأ أيضاً:
مجالس الصلح في سوريا.. تساند القضاء وتحل النزاعات وديا
ريف دمشق – بهدف تسوية النزاعات الأهلية والمجتمعية والتحكيم العادل في القضايا العالقة بين المتنازعين، شكَّل وجهاء وحقوقيون وزعماء دينيين مجالس صلح عامة في مدن وبلدات سورية، ويزاول عدد من تلك المجالس أعماله بالتنسيق مع النيابة العامة التابعة لوزارة العدل السورية.
ويعد مجلس الصلح في مدينة دوما، إحدى ضواحي دمشق ومركز ريفها، مثالا نموذجيا لتلك المجالس، حيث شُكّل في فبراير/شباط الماضي وتمكن حتى الآن من التسوية والفصل في عشرات القضايا المعروضة عليه من قبل الأهالي في الغوطة الشرقية.
ويضم المجلس قضاة ومحامين وزعماء دينين ورجال أعمال، ويعمل على تجاوز إرث التفرقة الذي خلَّفته سياسات النظام السوري المخلوع بين السوريين على مدى 14 عاما، وعلى احتواء الصراعات المختلفة التي نشأت بعد سقوط بشار الأسد في 8 ديسمبر/كانون الأول الماضي، وعودة آلاف المهجرين لمنازلهم في ريف دمشق.
ويهدف مجلس الصلح لإعادة بناء الثقة بين كافة مكونات المجتمع السوري، وتجاوز التحديات الراهنة، وإرساء قواعد تضمن استمرارية المسار الإصلاحي بعد انتصار الثورة السورية، وذلك بالاعتماد على مجموعة من الخبرات المحلية في دوما.
وحول أسباب تأسيس مجلس الصلح في دوما، يقول مؤسس المجلس المهندس نزار الصمادي إن "الدافع الأساسي يكمن في إرساء الصلح المجتمعي لأهميته في بناء مجتمع مستقر وتعزيز السلم الأهلي بعد انتصار الثورة في سوريا".
ويضيف الصمادي للجزيرة نت أن ذلك يتم "عبر حل الخلافات التي نشأت جراء انقسام المجتمع في سوريا بين مؤيد ومعارض بسبب الدور الخبيث الذي لعبه النظام البائد عبر تكريس الخلافات الأفقية بين السوريين في المجتمع والبلدات وحتى ضمن أفراد الأسرة الواحدة".
إعلانويتابع أن المجلس يعمل على تكريس الصلح الذي ينهي الخلافات بين المتخاصمين بطرق "ودية وبناء على مبادئ العدل والرحمة والحكمة".
كما أن المجلس قد يلجأ للتحكيم، إذا استحال الصلح بين المتخاصمين، وسيلةً لحل النزاعات خارج المحاكم القضائية بتنسيق مع النيابة العامة التي تجعل من قرار المجلس "ملزما" عند حضور الطرفين وتوقيعهما على صك القبول.
ويؤكد الصمادي أنه تم اختيار أعضاء المجلس بعناية، حيث يتألف من 16 شخصا، مقسمين لثلاث لجان، وكل لجنة تضم زعيما دينيا ومحكّما وقانونيا (قاضيا أو محاميا) وخبيرا عقاريا إضافة لأحد وجهاء البلدة.
وعن آليات التحكيم، يقول الصمادي إنها تبدأ بتوقيع الطرفين المتنازعين على صك تحكيم يقضي بقبولهما حكم المجلس، ومن ثم تُدون الوقائع بين المتخاصمين، والاستماع للشهود وجميع الأطراف قبل اللجوء إلى الصلح أو إصدار الحكم.
وتأتي أهمية المجلس من التزامه بمبدأ تغليب الصلح ما استطاع أعضاؤه ذلك، وحل القضايا في وقت قصير نسبيا مقارنة بالمحاكم، وتسهيل الإجراءات القانونية، وتقليل التكاليف الباهظة لإجراءات المحاكم، وتخفيف العبء عن الجهات المختصة.
"الملكية" أكثر النزاعاتويقول محمود هارون، أحد أعضاء مجلس الصلح، للجزيرة نت إن "الخلافات كبيرة بين الناس، وهناك ضغط كبير على القضاء، ولذلك أنشئ المجلس، وأهم ما نلتزم به هو إرضاء طرفي النزاع قدر المستطاع، وأن يُلزم الحل أو الحُكم كليهما".
واستقبل المجلس منذ إنشائه قضايا مختلفة شملت خلافات أسرية، وفض شراكات، وقضايا اقتتال، ونزاعات ملكية، وحوادث سير، وهي قضايا "حُلّت أغلبها بفضل الله"، حسب هارون.
في حين يشير نزار الصمادي إلى طغيان "نزاعات الملكية" على سائر القضايا الأخرى المعروضة على المجلس، وذلك بسبب مرسوم فرضه "النظام البائد" كان يقضي بعدم الاعتراف بعقود البيع والشراء التي صدرت في المناطق الخارجة عن سيطرته عام 2012.
إعلانويضيف الصمادي، الذي ترأس بلدية دوما وكان عضوا في المجالس المحلية في الغوطة الشرقية عندما سيطر عليها الثوار، أنهم عملوا آنذاك على تسجيل تلك العقود في حينها، لكن مع عودة الغوطة الشرقية لسيطرة النظام عام 2018، ألغى الأخير كافة العقود التي أشرفت عليها المجالس المحلية.
ويقول "كما زوَّر كثير من ضعاف النفوس عقود بيع وشراء ظنا منهم أن المُهجَّرين قسرا لن يعودوا إلى بلداتهم، لهذا تأتينا الكثير من نزاعات الملكية".
وإلى جانب قضايا الملكية، هناك شكاوى مرتبطة بصراعات بين المؤيدين والمعارضين للنظام السابق، وقضايا خلاف أسري، التي يلجأ المجلس إلى التحكيم فيها وفق مبدأ "إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان"، مما يسهم في بناء مجتمع مستقر انطلاقا من الأسرة وصولا إلى الدوائر الكبرى كحل الخلافات والنزاعات بين بلدات بأكملها.
ويختلف هذا المجلس عن مجالس الصلح الأخرى التي تأسست بعد سقوط النظام بسبب دمجه لجان المصالحة مع التحكيم في آن واحد، في حين تعتمد المجالس الأخرى على إجراءات الصلح فقط، وقد لا تتضمن اختصاصين أو تحكيما ملزما.
مهام المجالسوتشهد مدن وبلدات عدة في سوريا إنشاء مجالس صلح عام منذ سقوط نظام بشار الأسد، كمجلس الصلح في ناحية الحمراء في ريف حماة الشرقي، ومجلس الصلح في منطقة الصبيخان في محافظة دير الزور، ومجلس الصلح في منطقة السفيرة في محافظة حلب.
وتعمل معظم هذه المجالس بالتنسيق مع "مجلس الصلح العام" في منطقة حارم بمحافظة إدلب، والذي تم تأسيسه مطلع عام 2024 بالتنسيق مع الجهات المختصة في مدينة إدلب التي كانت حينها تخضع لسيطرة فصائل المعارضة السورية المسلحة.
ويحدد مجلس الصلح العام مهامه في تعزيز القيم الإسلامية والأخلاقية كالعفو والتعاون والتسامح والمودة، واحتواء النزاعات وحلها بعيدا عن العنف، وتعزيز وحدة وتماسك أفراد المجتمع والحفاظ على توازنه، وتخفيف العبء عن دُور القضاء ومنحها تركيزا أكبر للتعامل مع القضايا الكبرى، ونبذ الكراهية والتعصّب ونشر ثقافة التسامح والتعايش بين الأهالي، وتقليل الكلفة المادية للقضايا التي يكون المال شرطا لحلها.
إعلانكما تعزز هذه المجالس الاستقرار في عموم سوريا، وتنشر ثقافة حل المنازعات بالطرق السلمية دون الانجراف للعنف، وذلك في ظل جمود مسار العدالة الانتقالية الرسمية في بلاد مزقتها الحرب، وفرَّقت وخلقت العداوات بين سكانها طيلة 14 عاما.