سيؤدي غزو الجيش الإسرائيلي المحتمل لقطاع غزة إلى مخاطر عديدة ويُضر بالمصالح الأمريكية؛ ما يضع إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن في "موقف صعب"، بحسب تحليل لريتشارد هاس في مجلة "فورين أفيرز" الأمريكية (Foreign Affairs) ترجمه "الخليج الجديد".

ولليوم الحادي عشر على التوالي منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، تتواصل مواجهة بين جيش الاحتلال الإسرائيلي وحركة "حماس" وفصائل مقاومة فلسطينية أخرى في قطاع غزة.

وقال هاس إنه توجد "دلائل على أن إسرائيل تتحضر لشن هجوم بري على نطاق واسع على غزة؛ ما يضع واشنطن في موقف صعب، فإدارة الرئيس بايدن محقة في تأييد حق إسرائيل في الرد، لكن لا يزال يتوجب عليها تحديد ما هية هذا الرد".

واعتبر أن "رغبة إسرائيل بالقضاء على حماس أمر مفهوم بالكامل بعد ما فعلته، لكن هذا لا يعني أن السعي لتحقيق هذا الهدف هو المسار الأمثل، فحماس شبكة وحركة وفكر، لكنها أيضا منظمة، ويمكن قتل قيادتها، لكن كيانها سينجو."

هاس رأى أن "الولايات المتحدة لا تستطيع إرغام إسرائيل على التخلي عن شن هجوم بري واسع أو الحد منه بعد وقت قصير من انطلاقه، لكن يمكن للسياسيين الأمريكيين أن يحاولوا فعل ذلك، كما يتوجب عليهم اتخاذ خطوات لتقليل فرص اتساع رقعة الحرب".

اقرأ أيضاً

دعمت غزة وانتقدت إسرائيل.. استقبال فاتر لبلينكن بعواصم عربية

دولة قابلة للحياة

"كما يجب على السياسيين الأمريكيين أن ينظروا إلى ما هو أبعد من الأزمة، وأن يضغطوا على نظرائهم الإسرائيليين ليعرضوا على الفلسطينيين مسارا سلميا لإقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة"، وفقا لهاس.

وتابع أن "عمل الولايات المتحدة لتشكيل الرد الإسرائيلي وما بعده لا يستند فقط إلى حقيقة أن النصيحة هي ما يدين به الأصدقاء لبعضهم بعضا، وإنما أيضا لأن لواشنطن مصالح في المنطقة".

وأردف أن "هذه المصالح ستتضر إذا كان هناك غزو واحتلال إسرائيلي لغزة وسياسات إسرائيلية طويلة الأمد لا تقدم أي أمل للفلسطينيين الذين يعارضون العنف. والبديل عن هذا سيكون أصعب وأخطر بكثير ويتمثل بحرب واسعة واستمرار لوضع قائم إلى أجل غير مسمى".

و"من شبه المؤكد أن شن غزو واسع النطاق ستكون كلفته أكبر من فائدته، فقد رسخت حماس بنيتها التحتية العسكرية في مناطق مدنية بغزة"، كما أضاف هاس.

ورأى أن "أي محاولة لتدمير هذه البنية تتطلب هجوما واسع النطاق على منطقة ذات كثافة سكانية عالية في بيئة حضرية وستكون كلفته عالية على إسرائيل وستؤدي إلى إصابات بين المدنيين تعمل على مضاعفة التأييد لحماس بين الفلسطينيين، كما إن إسرائيل ستعاني من إصابات كثيرة، وقد يتم خطف جنود آخرين".

وردا على "اعتداءات إسرائيلية يومية بحق الشعب الفلسطيني ومقدساته"، أطلقت "حماس" عملية "طوفان الأقصى" في 7 أكتوبر، وأسرت ما لا يقل عن 199 إسرائيليا، بينهم عسكريون برتب مرتفعة، وترغب في مبادلتهم مع أكثر من 5 آلاف أسير فلسطيني، بينهم أطفال ونساء، سجون إسرائيل.

اقرأ أيضاً

حماس لن تنتهي.. حتى لو دمرنا قياداتها وقدراتها بغزة (تقدير إسرائيلي)

تطبيع وحرب إقليمية

كما أن "استخدام القوة الهائلة ضد غزة سيجلب غضبا دوليا، وستتوقف معه مباحثات التطبيع (الإسرائيلية) مع الحكومات العربية، وستتجمد علاقات إسرائيل القائمة مع جيرانها العرب أو قد تتعرض للانتكاس"، كما زاد هاس.

ومنذ أشهر، تناقش إدارة بايدن تفاصيل صفقة ضخمة محتملة لتطبيع العلاقات بين إسرائيل والسعودية، صاحبة المكانة الدينية البازرة في العالمين الإسلامي والعربي والدولة الثرية الغنية بالنفط.

ومن أصل 22 دولة عربية، تقيم 5 دول هي مصر والأردن والإمارات والبحرين والمغرب علاقات رسمية معلنة مع إسرائيل، التي تحتل أراضٍ في فلسطين وسوريا ولبنان منذ حرب 1967.

ولا تتوقف المخاطر المحتلة للغزو البري عند هذا الحد، إذ قال هاس إن "أي عمل عسكري كبير قد يؤدي إلى حرب إقليمية واسعة يشعلها إطلاق (جماعة) حزب الله (اللبنانية) لصواريخ ضد إسرائيل، أو اندلاع أعمال عنف عفوية في الضفة الغربية موجهة ضد الإسرائيليين".

وحتى الثلاثاء، قتلت "حماس" نحو 1400 إسرائيلي، فيما قتلت غارات إسرائيل  2808 فلسطينيين وأصابت 10950، وهي تستهدف المباني السكنية والمرافق وقطعت إمدادات المياه والكهرباء والغذاء والأدوية عن القطاع، مع رفع وتيرة المداهمات لمدن ومخيمات الضفة الغربية المحتلة.

وبالأساس، يعاني سكان غزة، وهم نحو 2.2 مليون نسمة، من أوضاع معيشية متردية للغاية؛ جراء حصار إسرائيلي متواصل للقطاع منذ أن فازت "حماس" بالانتخابات التشريعية الفلسطينية في 2006.

اقرأ أيضاً

ينزلق إلى "السيناريو الكابوس".. بايدن يرخي لجام نتنياهو على غزة

المصدر | ريتشارد هاس/ فورين أفيرز- ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: بايدن إسرائيل غزة غزو حماس مصالح

إقرأ أيضاً:

لبيد: هذا هو الحل لغزة بعيدا عن حماس والسلطة الفلسطينية

عرض زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لبيد في مقال بصحيفة "هآرتس" رؤيته للحل في قطاع غزة، وأكد أن مستقبل القطاع في السنوات القادمة يجب أن يرسم بعيدا عن حركة المقاومة الإسلامية (حماس) والسلطة الفلسطينية.

وقال لبيد إن العالم اكتشف بعد ما يقرب من عام ونصف من الحرب أن حماس لا تزال تسيطر على غزة، و"جندت أعدادا كبيرة من المقاتلين الجدد.. وتسيطر على المساعدات الإنسانية في جميع أنحاء غزة. تقيم احتفالات مثيرة للغضب عندما تُطلق سراح الرهائن. لم تتغير. لا تزال نفس المنظمة الإرهابية المشوهة والشريرة والقاسية كما كانت دائما".

واعتبر أن استخدام القوة في غزة يجب أن يكون وسيلة وليس غاية، وأشار إلى أن الحرب على غزة افتقدت لهدف، إذ فشلت الحكومة الإسرائيلية في تقديم بديل واقعي "يطمئن الشعب الإسرائيلي أن حماس لن تهددهم بعد الآن ويطمئن سكان قطاع غزة أن حماس لن تحكمهم بعد الآن".

وأمام هذا الوضع، يرى لبيد ضرورة التوصل لحل يأخذ بعين الاعتبار أن إسرائيل لن توافق على بقاء حماس في السلطة، كما أن السلطة الفلسطينية غير مستعدة ولا قادرة على حكم غزة في المستقبل القريب، والاحتلال الإسرائيلي للقطاع ليس ممكنا ولا مرغوبا فيه، فيما تشكل حالة الفوضى المستمرة تهديدا أمنيا لإسرائيل وكارثة إنسانية متواصلة لغزة.

إعلان

وهنا يطرح زعيم المعارضة الإسرائيلية رؤيته للحل، ويؤكد أن كلمة السر هي مصر التي يجب أن تتولى مسؤولية إدارة قطاع غزة لمدة 8 سنوات، يمكن تمديدها إلى 15 عاما. وخلال هذه الفترة، سيتم إعادة بناء غزة وخلق الظروف طويلة الأجل لحكومة مستقلة.

وأشار إلى أن السلطة الفلسطينية مطالبة وقبل أن تحظى بدور كبير في إدارة غزة، بإجراء إصلاحات كبيرة في نظامها التعليمي لمنع التحريض، ويجب عليها مكافحة الفساد وتحسين فعاليتها كجهاز حكم بشكل كبير.

آلية مشتركة

وقال إن مصر ستعمل خلال فترة سيطرتها المؤقتة في غزة على "تدمير البنية التحتية التي لا تزال موجودة في غزة، بما في ذلك الأنفاق ومنشآت إنتاج الأسلحة. وسيتم إنشاء آلية أمنية مشتركة بين مصر وإسرائيل والولايات المتحدة لضمان تنفيذ الاتفاق ومنع حماس من إعادة بناء قوتها العسكرية".

وأشار لبيد إلى أن السيطرة على غزة سيشكل رافعة تساعد مصر في التعامل مع أزمتها الاقتصادية المتفاقمة، وقال إن وضع مصر ليس سهلا. عليها إطعام 120 مليون نسمة، وسكانها ينمون بنسبة 2% سنويًا. يبلغ دينها الخارجي حوالي 155 مليار دولار، مما يعيق قدرتها على التعافي من أزمتها الاقتصادية وعلى الاقتراض. لقد دمرت جائحة كوفيد-19 وحرب غزة صناعتها السياحية، وأثّر عمليات الحوثيين بشدة على دخلها من قناة السويس.

وأضاف "سيكون عدم الاستقرار في مصر أخبارا سيئة للشرق الأوسط بأسره.. قوة مصر واستقرارها وازدهارها هي مصلحة إقليمية، وضعفها يمكن أن يخلق تأثير دومينو خطير للمنطقة بأسرها".

وأشار لبيد إلى أن مصر يجب أن تحصل في مقابل موافقتها على تولي المسؤولية المؤقتة عن غزة، على خطة من حلفاءها الإقليميين ومن المجتمع الدولي  لتسديد ديونها الخارجية، مع توزيع المدفوعات على عدة سنوات.

واختتم مقاله بالتأكيد أن خطته "بسيطة وقابلة للتنفيذ"، وأن إعادة إعمار غزة سيكون واحدا من أكبر مشروعين اقتصاديين في الشرق الأوسط (إلى جانب إعادة إعمار سوريا). وبالتالي، فإن إدارة هذا المشروع ستؤدي إلى نمو وازدهار لمصر بعد فترة صعبة.

إعلان

مقالات مشابهة

  • إسرائيل توقف دخول المساعدات الإنسانية لغزة وتهدد بعودة الحرب
  • نتنياهو: لا مزيد من الغذاء المجاني لغزة
  • بيان شديد اللهجة من مصر بعد وقف إسرائيل إدخال المساعدات لغزة
  • مصر تدين قرار إسرائيل بوقف المساعدات لغزة وتطالب بتحرك دولي
  • المنصات تشتاط غضبا بسبب منع إسرائيل دخول المساعدات لغزة
  • الأمم المتحدة قلقة من تعليق إسرائيل دخول المساعدات الإنسانية لغزة
  • إسرائيل توقف تدفق المساعدات لغزة وحماس تعلق
  • واشنطن بوست: إدارة بايدن تراجعت في آخر لحظة عن معاقبة إسرائيل
  • لبيد: هذا هو الحل لغزة بعيدا عن حماس والسلطة الفلسطينية
  • حماس تعلق على إخفاق إسرائيل في 7 أكتوبر