"المحرقة الفلسطينية".. تنفيذ صهيوني بدعم غربي
تاريخ النشر: 17th, October 2023 GMT
إذا كان العالم منقسما حول حقيقة حصول ما يسمى بـ"الهلوكست" أو "المحرقة اليهودية"، فإنه اليوم على موعد مع محرقة فلسطينية حقيقية تدور أطوارها في غزة المحاصرة ويتابعها كل العالم، تنفّذ بأياد صهيونية وبدعم غربي ضد شعب محاصر ومعزول تفرغ عليه آلاف من الأطنان من القنابل والأسلحة المحرّمة دوليا، وتستهدف تجمعات المدنيين والممرات ممن دُفعوا للهروب من الموت، يحدث هذا بضوء أخضر غربي وبسلاح غربي.
ما شهده قطاع غزة خلال العشرة الأيام الماضية، لم تشهده آلة الدمار الاستعمارية من قبل. ففي حرب غزة 2014 استشهد 2322 فلسطينيا، بينهم 578 طفلا و489 سيدة. أما هذه الحرب، فقد استشهد أكثر من 2700 فلسطيني في ظرف عشرة أيام فقط تقريبا، أكثر من 700 منهم أطفال.
وما أفرغته آلة القتل الصهيونية على غزة في ظرف أسبوع من القنابل والمقدّرة بـ 6 آلاف، لم تفرغه الولايات المتحدة خلال سنة من العمليات العسكرية والقصف في أفغانستان.
ويحدث كل هذا في ظل حصار مطبّق على قطاع غزة، إذ يتم استهداف المباني السكنية والمستشفيات والبنى التحتية، مع منع الماء والكهرباء والأدوية والمستلزمات الطبية لنجدة وإسعاف الجرحى والمرضى الذين يعدّون بالآلاف في القطاع، في حين عجزت أطقم الإسعاف والنجدة انتشال جثث أكثر من ألف قتيل فلسطيني تتواجد تحت الأنقاض وما يشكّله هذا الوضع.
وكانت منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في الأرض الفلسطينية المحتلة، لين هاستينغز، قد حذرت من خطورة الوضع "اللاإنساني غير المسبوق" في غزة، ونفاذ الإمدادات الأساسية، مشيرة إلى أن المياه المتوفرة لدى المنظمة الأممية لمساعدة السكان "ستنفد إما غدا أو بعد غد على الأكثر".
وأعربت المسؤولة الأممية عن أسفها لإصدار الكيان الصهيوني تعليمات بإخلاء المستشفيات وكذلك قصفه المستمر لمدارس وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" التي يحتمي فيها النازحون من سكان غزة هربا من جحيم النيران الصهيونية.
وسجّل نظام مراقبة الهجمات على مرافق الرعاية الصحية التابع لمنظمة الصحة العالمية، منذ بداية العدوان الصهيوني على غزة 48 "هجمة صحية".
وقالت الأمم المتحدة في تقرير إنساني، إن الهجمات شملت استشهاد 12 عاملا صحيا وإصابة 20 آخرين أثناء أداء الواجب، كما استشهد حوالي 12 من موظفي وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل لاجئ فلسطيني (الأونروا) أيضا.
وفي الضفة الغربية، وثّقت منظمة الصحة العالمية 63 هجوما على المرافق الصحية، بما في ذلك عرقلة تقديم الرعاية الصحية والعنف الجسدي تجاه الفرق الصحية واحتجاز العاملين في مجال الصحة ومركبات الإسعاف، والتفتيش العسكري للأصول الصحية.
كل هذه الأرقام وتصريحات المسؤولين الأمميين، تبيّن مدى همجية آلة القتل الصهيونية للإنسان الفلسطيني، خاصة الأطفال. فحسب التقديرات الأولية، فقد قتل أكثر من 800 طفل وامرأة فلسطينية، ونقلت الصور من مواقع الغارات الجوية مشاهد استخراج جثت عدد كبير من الأطفال، من بينهم أجنّة في بطون أمهاتهم، وكأن هذا الاستهداف الممنهج أو وفق المصطلح الأمريكي الذي ابتدع خلال حرب العراق "العمليات الجراحية" بهدف إعطاء تصور بأن العمليات دقيقة ولا تستهدف إلاّ الأهداف "المعادية"، هي في الحقيقة رسالة من الصهاينة واضحة "نريد اجتثاث الفلسطيني من جذوره وقطع نسله".
هذه الفضاعات تحدث ليس أمام صمت دولي وبالأساس غربي، لكن بدعم وإسناد غربي للصهاينة لاستكمال خطط تصفية الفلسطينيين بغزة، في محرقة سيسجلها التاريخ أن الغرب "الإنساني" كان وراء أحد أبشع الجرائم و"المحارق" التي تستهدف المدنيين في التاريخ الحديث.
المصدر: الخبر
كلمات دلالية: الأمم المتحدة أکثر من
إقرأ أيضاً:
مجلس الأمن يناقش الاعتداءات الصهيونية على المنشآت الصحية في غزة
الثورة نت/..
عقد مجلس الأمن الدولي مساء اليوم الجمعة، اجتماعا لبحث “الاعتداءات الصهيونية على المنشآت الصحية في قطاع غزة”.
واستمع المجلس إلى إفادات من مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان وممثل منظمة الصحة العالمية في الضفة الغربية وغزة، والدكتورة تانيا حاج حسن الطبيبة في جمعية العون الطبي للفلسطينيين.
ويأتي الاجتماع بدعوة من الجزائر التي تتولى رئاسة مجلس الأمن الدولي خلال شهر يناير.
وقال مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك: إن “كارثة في مجال حقوق الإنسان لا تزال مستمرة في غزة أمام أعين العالم”.. مضيفاً: إن “أساليب “إسرائيل” في الحرب أدت إلى مقتل عشرات آلاف الأشخاص وتشريد واسع النطاق ودمار، مما يثير مخاوف كبرى بشأن الامتثال للقانون الدولي”.
وأشار تورك عبر “الفيديو كونفرنس” إلى تقرير حديث أصدره مكتبه يغطي الفترة من السابع من أكتوبر 2023 حتى 30 يونيو 2024، “وثـّق نهجا من الهجمات على المستشفيات بدءا بالغارات الجوية الصهيونية التي تعقبها اقتحامات من قوات برية واحتجاز بعض المرضى والموظفين بما يترك المستشفيات غير قادرة على العمل”.
وتابع تورك: إن حماية المستشفيات أثناء الحروب تحظى بأهمية قصوى ويجب أن تُحترم من قبل كل الأطراف في كل الأوقات.
وتطرق المسؤول الأممي إلى الدمار الذي ألحقته قوات العدو الجمعة الماضية بمستشفى كمال عدوان، آخر المستشفيات العاملة في شمال غزة.
وقال إن ذلك يعكس نهج الهجمات التي يوثقها تقرير مكتبه.. مشيراً إلى إجبار بعض الموظفين والمرضى على الخروج من المستشفى، بينما اُحتجز آخرون منهم المدير العام للمستشفى في ظل تقارير كثيرة عن التعذيب وإساءة المعاملة.
وتابع: “إن الفشل في احترام تلك المبادئ يعد انتهاكا للقانون الدولي الإنساني.. إن شن الهجمات بشكل متعمد على المستشفيات والأماكن التي يُعالج بها المرضى والجرحى، بالنظر إلى أنهم ليسوا أهدافا عسكرية، جريمة حرب.. وتحت ظروف معينة فإن التدمير المتعمد لمنشآت الرعاية الصحية قد يصل إلى أن يكون شكلا من أشكال العقاب الجماعي الذي يعد أيضا جريمة حرب”.
بدوره، قال ممثل منظمة الصحة العالمية في الأرض الفلسطينية المحتلة ريك بيبركورن: إن نحو سبعة في المائة من سكان القطاع قُتلوا أو أصيبوا بجراح منذ أكتوبر 2023.
وأضاف: إن أكثر من 25 في المائة من المصابين المقدر عددهم بـ105 آلاف، يعانون من جراح غيرت حياتهم ستتطلب جهودا مكثفة لإعادة التأهيل ومساعدات طبية تكنولوجية مدى الحياة.
وأكد أن المستشفيات، مرارا وتكرارا تصبح ساحات للمعارك بما يجعلها غير قادرة على تقديم خدماتها ويحرم المحتاجين من الرعاية المنقذة للحياة.. مضيفاً: إن القطاع الصحي في غزة يُفكك بشكل منهجي ويُدفع إلى نقطة الانهيار في ظل الشح الحاد في الإمدادات الطبية والمعدات والمتخصصين.
وأشار إلى أن 16 مستشفى فقط من بين مستشفيات غزة الستة والثلاثين، لا تزال تعمل بشكل جزئي، بقدرة سريرية تبلغ 1822 فقط، بما يقل بكثير عن احتياجات التعامل مع الأزمة الصحية الهائلة في القطاع.
وتحدث عن بطء عمليات الإجلاء الطبي، وقال: إن أكثر من 12 ألف شخص بحاجة إلى نقلهم خارج غزة لتلقي العلاج.. مشيراً إلى أن استمرار الوتيرة البطيئة الحالية يعني أن إجلاءهم، بمن فيهم آلاف الأطفال، سيستغرق من خمس إلى عشر سنوات.
ورغم التحديات، قال بيبركورن: إن منظمة الصحة العالمية وشركاؤها يفعلون كل ما يمكن لتمكين المستشفيات والخدمات الصحية من مواصلة العمل، ولكنه تطرق إلى العراقيل والقيود أمام إدخال الإمدادات إلى غزة وبأنحاء القطاع.
وأضاف: إن 40% فقط من مهمات منظمة الصحة العالمية خلال عام 2024 في غزة قد تم تيسير تنفيذها، بما أثر بشكل مباشر على قدرة المنظمة على توفير الإمدادات للمستشفيات ونقل المرضى من الحالات الحرجة ونشر فرق الطوارئ الطبية.
من جهتها، أشارت الطبيبة حاج حسن التي قامت بالتدريس في كليات الطب والمستشفيات في القطاع، إلى أن العاملين في القطاع الصحي في غزة يرسلون رسائل استغاثة منذ أكثر من عام إلى مجلس الأمن.. مبينة أنها تعرفت على العديد من العاملين عن قرب.
وقالت: “على الرغم من الحصار، تمكنوا بشكل مذهل من بناء نظام صحي شامل، وتقديم رعاية طبية عالية الجودة للمرضى، وتعزيز تعليم طبي ممتاز للأجيال الجديدة من الأطباء”.
وأضافت: “إنهم محترفون مجتهدون يفتخرون بعملهم، ويأخذون قسمهم للعناية بمرضاهم على محمل الجد”.
وتابعت: إنه منذ أكتوبر الماضي، “أصبح العاملون في القطاع الصحي هدفا واضحا للعنف العسكري الصهيوني”.. مُشيرةً إلى أن العدو الصهيوني قتل أكثر من 1,000 شخص منهم.
وقالت الطبيبة حاج حسن: “يخبروننا أنهم أهداف فقط لأنهم عاملون في مجال الصحة، وأن ارتداء الملابس الطبية والمعاطف البيضاء يشبه وضع علامة استهداف على ظهورهم.. لأن المستشفيات والعاملين في المجال الصحي يمثلون الحياة والإرادة للحفاظ على حياة الناس”.
وقال مندوب الجزائر الدائم لدى الأمم المتحدة السفير عمار بن جامع: إن “الاحتلال الصهيوني يهدف إلى تهجير الفلسطينيين قسرا من أرضهم من خلال سياسة واضحة ومتعمدة للتطهير العرقي”.
وأضاف: “الأرقام تتحدث عن نفسها”.. واصفاً ما يجري بالتدمير المنهجي للنظام الصحي، حيث أصبح 53 في المائة من المستشفيات في غزة خارج الخدمة، كما استشهد عدد من الأطباء أثناء اعتقالهم في سجون الاحتلال.
وأكد بن جامع أن “قرارات مجلس الأمن تبدو بشكل متزايد بلا جدوى”، حيث إن “قوات الاحتلال في الأراضي الفلسطينية المحتلة تتصرف كما لو أن القانون الدولي غير موجود أو ببساطة لا ينطبق عليها”.
وتابع: “يجب أن ننهي هذا الإفلات من العقاب، ويجب أن ننهي هذه الحصانة”.. داعياً إلى “محاسبة كاملة على انتهاكات القانون الإنساني الدولي وقانون حقوق الإنسان” في غزة.
كما دعا إلى اتخاذ مجلس الأمن إجراءات حاسمة والمطالبة بوقف دائم لإطلاق النار في غزة.
وأدان مندوب فلسطين الدائم لدى الأمم المتحدة السفير رياض منصور، اعتداءات العدو الصهيوني في قطاع غزة.. مؤكدا أنها “جرائم حرب صارخة” و”إبادة جماعية”.
وشارك منصور المجتمعين، رواية قوية عن شجاعة الطواقم الطبية الفلسطينية تحت النار.. قائلاً: “الأطباء والعاملون الطبيون الفلسطينيون يقاتلون من أجل إنقاذ الأرواح البشرية ويخسرون أرواحهم”.
ووصف منصور الواقع المروع الذي يواجهونه.. مؤكدا “أننا مدينون لهم بأكثر من الذكرى”.
وقال إن “المجتمع الدولي لم يتمكن من مضاهاة ولو جزء من شجاعتهم وتفانيهم من أجل الإنسانية”.
وأعرب عن شعور الشعب الفلسطيني بالتخلي عنهم، مسلطا الضوء على شجاعتهم وصمودهم في مواجهة الصعاب الساحقة.. وقال: “علينا واجب إنقاذ الأرواح.. على هذا المجلس واجب إنقاذ الأرواح”.