عصب الشارع -
في زيارته الاخيرة لاوغندا وعندما سال الرئيس موسفيني البرهان عن حقيقة تبنيه للجماعات الاسلامية ابتسم وقال بكل وقاحة (انا اعاقر الخمر) فكيف لي أن أتبنى الجماعات الإسلامية وقد يكون بهذا الرد قد أزال بعض مخاوف الرئيس الاوغندي الذي لايعرف العلاقة المعقدة بين كيزان السودان والدين الاسلامي فهم يمكنهم الزني في نهار رمضان ثم الخروج الي الناس في خطبة عصماء عن تجريح دم الباعوضة للصيام وكيف يضع الله الروح الطاهرة في الجسد الفاسد وكيف أن الإسلام يفرق بين شرب الخمر والسكر حيث لم يحرم الله (الخمر) نصاً في القران الكريم بل يحرم السكر وذكر في آياته بأن للخمر منافع للناس وباختصار انهم ملوك المراوغة في التفسير وأن مذهبهم هو أن الضرورات تبيح المحظورات وبالتالي لاعلاقة للاسلام بما يفعلونه في الدنيا وأنهم عموماً لايعملون للدنيا بل هم للدين فداء .
المراوغة هي ديدن قيادات الحركة الاسلامية في الدين والدنيا ففي سبيل الحصول على ملذات الدنيا يمكن أن يقودهم (كافر) لا يصلي كمرحلة عبور ولا يستبعد أن يهدرون دمه غداً إن (تمكنوا) كما فعلوا مع الراحل جعفر النميري ويكررون نفس السيناريو اليوم مع البرهان الذي سيجد نفسه يوما يفقد كل شيء فجاة فلا هو عمل لآخرته ولا لوطنه ويموت بكل أسف وهو لايحمل في كتابه سوي ذنب مئات الأرواح ولعنات الملايين من المشردين كما أنه سيظل يعيش في الدنيا وهو خائف مهموم لايستطيع النوم وهو آمن ولا يجد مذاق لكل مسرات الحياة رغم اعتقاده بانه يمتلك كل شيء..
وقائد لجنة البشير الأمنية (البرهان) يعترف أحياناً بأن مايربطه ب (الكيزان) لايتعدي علاقة مصلحة مشتركة فهم المجموعة الوحيدة بالسودان التي تساند وتدعم بقاءه على كرسي الحكم بينما ينادي الجميع برحيله وعودة الجيش للثكنات وتسليم البلاد الي حكومة مدنية ولاعلاقة للامر بالعقيدة أو الولاء او الوفاء ويمكنه بكل بساطة التضحية بهم اذا ماوجد كتلة غيرهم تدعمه وتضمن له بقاءه في الحكم وعدم المطالبة بذهاب الجيش للثكنات وهو وضع يلعب عليه (الكيزان) ايضا وهم الأعلم بعدم ولاء البرهان الكامل لهم ولكنه الورقة الوحيدة التي يملكونها في هذه المرحلة والتي يمكن أن تعيدهم للسلطة او تحفظ لهم خروج امن على أقل تقدير..
ومايدور من الداخل حول إدارة الدولة اليوم والتحالف بين كتلتي الطامعين من العسكر ومجموعة المنبوذين من بقايا النظام المباد من الكيزان وسماسرة السياسة والأرزقية لا يتعدى تحالف مرحلي يتوجس فيه كل طرف من الآخر وهو تحالف مبني علي المصالح المشتركة بين الطرفين غير مربوط بفكر موحد أو إستراتيجية مستقبلية ولن يستمر طويلاً وسينهار بمجرد أن يشعر أحد الأطراف بأن الآخر سيغدر به، ليبقى التوجس والخوف هو سيد الموقف وعلى الشعب السوداني الصابر أن ينتظر قليلاً ، فما بني على باطل يظل باطل وسرعان ما سينهار باذن الله..
وثورتنا ستظل مستمرة
والقصاص يظل أمر حتمي
والجنة والخلود للشهداء
الجريدة
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
“الدنيا كما هي.. لكننا تغيّرنا”
بقلم : وسن زيدان ..
كثيرًا ما نسمع عبارات مثل: “الدنيا تغيرت”، “الزمن لم يعد كما كان”، وكأننا نحمل الزمن والدنيا مسؤولية كل ما نراه من تغيرات في القيم والأخلاق. ولكن، هل فعلاً تغيرت الدنيا؟ أم أن القلوب والنفوس هي التي تبدلت؟
الحقيقة التي قد يغفل عنها البعض هي أن الزمن في ذاته لا يتغير. الأيام تمر، والشمس تشرق وتغيب، والفصول تتعاقب كما كانت منذ الأزل. ولكن، نحن البشر، نحن من يضع بصمته على هذا العالم، ونحن من نرسم ملامح “الدنيا” التي نتحدث عنها.
كانت الأخلاق في الماضي قيمة جوهرية في المجتمعات. الاحترام، الأمانة، الكرم، والترابط الأسري كانت هي القواعد التي تحكم علاقات الناس. أما اليوم، فقد نلاحظ تراجعًا في هذه القيم بسبب الانشغال بالمظاهر والاهتمام بالمصالح الفردية. لقد تغيرت الأولويات، وأصبحت المادة والمكانة الاجتماعية هي المحرك الرئيسي للعديد من التصرفات.
هذا التحول في الأخلاق ليس مسؤولية “الدنيا”، بل مسؤوليتنا نحن كبشر. القلوب التي كانت تفيض بالمحبة والصفاء أصبحت أكثر قسوة بفعل الأنانية والتنافس غير النزيه.
المبادئ التي كانت تُعتبر خطًا أحمر لا يمكن تجاوزه أصبحت مرنة في عيون البعض، تُعدل وتُكيف حسب المصالح. في الماضي، كانت الكلمة وعدًا، والعهد التزامًا. أما الآن، فالكثيرون يتحدثون عن “الظروف” و”المتغيرات” كأعذار لتبرير أخطائهم وتجاوزاتهم.
لكن، رغم هذا التغير، لا تزال هناك قلوب طيبة وأرواح صادقة ترفض الانجراف مع التيار. هذه الفئة القليلة من الناس هي التي تجعلنا نؤمن بأن الأمل لا يزال موجودًا، وأن الدنيا لم تفقد جمالها، بل نحن بحاجة إلى إعادة النظر في تصرفاتنا.
العودة إلى القيم الأصيلة تبدأ من داخلنا. علينا أن نتحمل مسؤولية أنفسنا بدلاً من إلقاء اللوم على الدنيا أو الزمن. التغيير يبدأ من التربية، من غرس القيم في الأجيال القادمة، ومن تعليمهم أن الأخلاق هي أساس كل شيء.
كما أن دور الإعلام والتعليم والمجتمع مهم جدًا في إعادة إحياء المبادئ والقيم. يجب أن يكون هناك وعي بأن التغيرات التي نلاحظها ليست قدرًا محتومًا، بل نتيجة لما نصنعه نحن بأيدينا.
الدنيا لم تتغير. هي كما هي، بعيدة عن كل
اتهام. نحن من تغيرنا. نحن من نحتاج إلى وقفة صادقة مع أنفسنا لمراجعة أخلاقنا وسلوكياتنا. ربما حينها، حين تتبدل قلوبنا إلى الأفضل، سنرى أن “الدنيا” أجمل بكثير مما نعتقد.
حين تتبدل قلوبنا إلى الأفضل، سنرى أن “الدنيا” أجمل بكثير مما نعتقد، لأن الجمال الحقيقي لا يكمن في الأشياء المحيطة بنا، بل في الطريقة التي ننظر بها إلى الحياة وفي القيم التي نحملها ونعكسها في تعاملاتنا. إذا أردنا تغيير الواقع، فعلينا أن نبدأ بإصلاح دواخلنا؛ بالعودة إلى الصدق، بالتسامح مع الآخرين، بإحياء روح التعاون والتعاطف التي كانت يومًا أساس مجتمعاتنا.
التغيير يبدأ بخطوة صغيرة، لكنها قادرة على صنع فرق كبير. فلنجعل من أنفسنا نموذجًا للخير، ولننظر إلى العالم من منظور إيجابي يحمل في طياته الإيمان بأن الخير لا يزال موجودًا، وأن الإصلاح ممكن. فالزمن لا يغير الإنسان، بل الإنسان هو الذي يملك القوة لتغيير نفسه والعالم من حوله.
اخيرا .. ، تذكروا دائمًا أن الدنيا ستبقى كما هي، محايدة وصامتة. لكننا نحن من نحدد ملامحها، بأفعالنا، بأخلاقنا، وبما نزرعه من قيم. فلنكن نحن التغيير الذي نتمنى رؤيته في هذا العالم.
user