مختصون: الرقية عبر التواصل الاجتماعي احتيال يستغل المرضى
تاريخ النشر: 17th, October 2023 GMT
انتشرت مؤخرًا ظاهرة الرقاة في منصات التواصل الاجتماعي، بهدف التكسب وتحقيق الشهرة بطرق غير شرعية. إلا أنهم يتفتقدون تحقق شروط ممارسة الرقية الشرعية والتي تلزم مباشرة الحالة المريضة بشكل مباشر، حسب ما وضحه المختصون لـ"اليوم". وشددوا على ضرورة عدم الانسياق وراء ذلك لما قد يلحق المريض العديد من الاضرار والتي قد تفاقم حالته، مطالبين بإنشاء جمعية متخصصة للرقية الشرعية وللرقاة، ويتم إصدار رخصة للرقاة لممارسة الرقية الشرعية بشروط محددة، حتى يتسنى للرقاة المرخص لهم فقط بممارسة المهنة دون غيرهم.
ذكر المستشار والباحث الشرعي، الدكتور زياد بن منصور القرشي، أن الأمراض والعين والمس والسحر بدأت منذ بداية الخلق، لأن الرسل عليهم الصلاة والسلام لما جاءوا أقوامهم {قالوا ساحرٌ أو مجنون}. إذًا فالسحر موجود منذ بداية الخلق وكذلك الرقية. وإذا احتاج الإنسان إلىزياد بن منصور القرشي راقٍ يقرأ عليه القرآن الكريم والأدعية الصحيحة فيجوز ذلك أن يرقيه مباشرة في المجلس وليس عن بعد عبر بثوث التيك توك، لأنها منصات ربحية ينتج عنها زيادة الدخل. ويستغلها كثير من المؤثرين لزيادة الربح المادي. مستغلين وبكل أسف حاجة المحتاجين والمرضى ومن انقطعت بهم السبل بحثًا عن بصيص أمل، دون أدنى ذرة إنسانية أو تقدير للرقية الشرعية والتي لا شك في نفعها.
أخبار متعلقة "التدريب التقني" ترصد العديد من مخالفات منشآت التدريب في سبتمبرإحباط محاولة تهريب (90) كيلوجرامًا من القات المخدر بجازانوالرقية عمل يحتاج إلى اعتقاد ونية حال أدائها ومباشرة النفث على المريض، وهذا لا يتوافر في الرقية عبر وسائل التواصل الحديثة، ومنعًا من التلاعب بالرقية واستغلال حاجة الناس، وجعلها مجالًا للتكسب وأخذ المال بالباطل وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء: "الرقية لا بد أن تكون على المريض مباشرة، ولا تكون بواسطة مكبر الصوت، ولا بواسطة الهاتف؛ لأن هذا يخالف ما فعله رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه -رضي الله عنهم- وأتباعهم في الرقية". مبينًا أن الحل لهذا الموضوع إنشاء جمعية متخصصة للرقية الشرعية وللرقاة ويتم إصدار رخصة للرقاة لممارسة الرقية الشرعية بشروط محددة، حتى يبقى الرقاة المرخص لهم في الساحة ويخرج غير المرخص لهم.
استغلال للحاجةمن جهته بين أخصائي علم النفس، محمد الغامدي: "إن كثير من الأشخاص حول العالم "يتعالمون" أي يدعون العلم. وهي منطقة بين العلم والجهل خطيرة، يصبح فيها الشخص واهم بأنه على حق ويلبس هذه الظلالة ثوب الدين، حتى يقتنع به الآخرين. ثم يبدأ باصطياد فرائسه من البشر المحتاجين، مستغلين حاجة المريض إلى القشة التي تقييهم من الغرق في القلق والمخاوف والاكتئاب والضغوط، وهذا حالهم يبيعون الوهم والكذب والدجل باسم الرقية الشرعية في تطبيقمحمد الغامدي (التيك توك)، بل إن هؤلاء في نظر القانون محتالون وتجب عليهم العقوبة. كما أنهم مشوهون لصورة الدين الذي تسعى دولتنا -أعزها الله- في رؤيتها 2030 للحفاظ عليه وعلى قيمنا وعاداتنا وثقافتنا التي نجوب بها العالم".
وتابع: "ناهيك عن أن هيئة كبار العلماء قد أصدرت فتواها بأن هؤلاء الرقاة في مواقع التواصل دجالون". وطالب بضرورة اتخاذ العقوبات الرادعة لهذه التجاوزات التي تُضر بفئة أصابها الضعف من قلق ووسواس واكتئاب وذهان، عجزت عن الوصول إلى طبيب، ووجدت من يوهمها بالجن والسحر وتأويل الأحلام، والرؤى ليزرع وهمه وسرابه في نفوس أصابها الوهن، متسائلًا أليس لهذه الفئة من نصير؟
إجراءات قانونيةوأوضح المحامي والمستشار القانوني بندر محمد حسين العمودي: "أن أهم أسباب طلب الرقية الشرعية الوساوس والحسد والمشاكل الزوجية ومس الجن أو السحر أو العين وخلافها، والرُّقيَةُ جائزة باتفاق المذاهِبِ الأربعة. وشروط الرقية: ألا تتضمن شركًا، وأن تكون بكلام الله، أو بما ورد في أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، وأن تكون مفهومة، و ألا يُعتقد أنها مؤثرة بذاتها، إذ الـمُسبّب هو الله تعالى". ووضح أن للرقاة تأثير قد يكون سلبي حال كانت الرقية خارج الضوابط الشرعية من القرآن والسنة. والتعامل مع ذلك بنشر التوعية وتعتبر الرقية غير الشرعية والتكسب منها من الناحية القانونية، نصب واحتيال تتطلب تحريك إجراءات قانونية.
نصب واحتيالقال الكاتب والمستشار النفسي والسلوكي عبده الأسمري: "يسعى العديد من الرقاة إلى الاتجاه نحو وسائل التواصل الاجتماعي من باب الاشتهار وتسويق أنفسهم، نظرًا لتهافت الكثير على برامج التقنية، وأيضًا سرعة الوصول إلى المرضى لأن العديد منهم يتجه إلى تلكعبده الأسمري الوسائل بحثًا عن الرقاة الشرعيين، سواء كانوا من المتمكنين شرعيًا أو الباحثين عن المال، وقد يكون البعض ممن يروج لنفسه من "النصابين" أو "المحتالين"، نظرًا لأن تلك الوسائل ساحة مفتوحة تجمع الكثير تحت مظلة الإعلان والتسويق، الذي لا يرتبط بجهة كونها حسابات شخصية، وقد تكون بعضها منتحلة أو غير واقعية".
ووضح أن العوامل النفسية والاجتماعية التي تؤثر في هذا السلوك هو وجود دوافع داخلية ترتكز على نوعية الإعلان والهدف منه ومدى ارتباط الرقية، وعما إذا اعتمدت على الذاتية أو الموضوعية مع دراسة شخصية الراقي وتاريخه وخبرته، ومعرفة هدفه الذي قد يشمل عدة اتجاهات: إما للشهرة أو جني المال أو تقديم المنفعة. مع ضرورة دراسة المحتوى المقدم.
لذا فإن دراسة شخصية الراقي واتجاهاته ونوعية إعلانه وطريقة الحديث والإعلان والحديث عن الذات والتركيز على الأنا، تكشف عن الجانب الخفي وتظهر السمات الذاتية للراقي. لذا يجب أن تكون هنالك ثقافة مجتمعية تفرق بين الصواب والخطأ في هذا الجانب. وأكمل: "وأرى أن يكون مجهر الرقابة بالمرصاد لمثل هؤلاء المتخذين الرقية الشرعية جسرًا لجني المال، مع ضرورة مراقبة منهجية الرقيةً الشرعية وفق أصولها وفصولها حتى وإن كانت مجانية، لأهمية الاعتماد على المنهجية الشرعية في ومنع الاجتهادات الشخصية في هذا الجانب.
المصدر: صحيفة اليوم
كلمات دلالية: الرقية الرقية الشرعية نصب موثوق تيك توك جميعة الرقیة الشرعیة العدید من أن تکون
إقرأ أيضاً:
هل ارتداء الخمار واجب شرعاً؟دار الإفتاء تحدد شروطه ومواصفاته الشرعية
أكد الشيخ محمد كمال، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، أن الخمار المقصود في القرآن هو جزء من اللباس الشرعي للمرأة، وأن تطبيقه الصحيح يجب أن يلتزم بصفات محددة في الشكل والهيئة.
وقال أمين الفتوى في إجابته عن سؤال: «ما هو الخمار،وكيف تطبقه المرأة كما أراده الله؟»: "الخمار في اللغة والشريعة هو ما تُغطي به المرأة رأسها وعنقها وصدرها، وهو سترٌ كاملٌ لما أمر الله بستره من جسد المرأة، وليس مجرد غطاء للشعر فقط".
وأضاف: "أي قطعة ملابس تحقق هذه الشروط الشرعية تُعد خمارًا أو حجابًا شرعيًا، وهي أن تستر الشعر، والعنق، والرقبة، والصدر، ولا تُظهر شيئًا مما يُعد من العورة، سواء كان ذلك مما يُستقبح كشفه، أو مما يحرم النظر إليه".
وأشار إلى أن الخمار ليس شكلًا محددًا بقدر ما هو وصف لغطاء يستر هذه الأجزاء من جسد المرأة، وبالتالي أي زي أو حجاب يحقق هذه الغاية، يدخل تحت مسمى الخمار الشرعي.
وأكد أن هذا الفهم هو ما كان عليه الصحابة رضوان الله عليهم، وما طبقوه مع زوجاتهم وبناتهم، وما أقرّه النبي محمد صلى الله عليه وسلم في تعامله مع نساء المؤمنين.
وتابع: "المقصود من الخمار ليس المبالغة في الزينة أو الشكل، بل الستر الحقيقي، والالتزام بأمر الله في قوله تعالى: {وليضربن بخمرهن على جيوبهن} [النور: 31]، أي ليُسدلن هذه الأغطية على مواضع الجيب – أي الصدر – سترًا وحياءً وامتثالًا لأمر الله".
هل الحجاب فرض أم سنة ؟حدد مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، 7 نقاط للإجابة عن حكم حجاب المرأة المسلمة، وهي:
1:- حِجاب المرأة فريضة عظيمة، وهو من هدي أمَّهاتنا أمَّهات المؤمنين رضي الله تعالى عنهنَّ زوجات سيِّدنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم.
2:- فرضية الحجاب ثابتة بنصِّ القرآن الكريم، والسُّنة النَّبوية الصَّحيحة، وإجماع الأمة الإسلامية من لدن سيدنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-إلى يومنا هذا.
3- احتشام المرأة فضيلة دعت إليها جميع الشَّرائع السَّماوية، ووافقت فطرة المرأة وإنسانيتها وحياءها.
4-حجاب المرأة لا يُمثِّل عائقًا بينها وبين تحقيق ذاتها، ونجاحها، وتميُّزها، والدعوة إليه دعوة إلى الخير.
5-لا فرق في الأهمية بين أوامر الإسلام المُتعلقة بظاهر المُسلم وباطنه؛ فكلاهما شرع من عند الله، عليه مثوبة وجزاء.
6- حِجاب المرأة خُطوة في طريقها إلى الله سُبحانه، تنال بها أجرًا، وتزداد بها قُربى، والثَّبات على الطَّاعة طاعة.
7- لا يعلم منازل العِباد عند الله إلَّا الله سُبحانه، ولا تفاضل عنده عزّ وجلّ إلا بالتقوى والعمل الصَّالح، ومَن أحسَنَ الظَّنَّ فيه سُبحانه؛ أحسَنَ العمل.
الحجاب فرض ثبت وجوبُه بنصوص قرآنيةقال مركز الأزهر العالمي الفتوي الإلكترونية: أن الحجاب فرضٌ ثبت وجوبُه بنصوص قرآنيةٍ قطعيةِ الثبوتِ والدلالة لا تقبل الاجتهاد، وليس لأحدٍ أن يخالف الأحكام الثابتة، كما أنه لا يُقبل من العامة أو غير المتخصصين - مهما كانت ثقافتهم- الخوض فيها.
واستشهد ببعض من الآيات القرآنية قطعية الثبوت والدلالة التي نصت علىٰ أن الحجاب فرضٌ علىٰ كل النساء المسلمات، قول الله تعالى: «وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ…» [المؤمنون: 31]، وقوله تعالى: «يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَىٰ أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللهُ غَفُورًا رَحِيمًا» [الأحزاب: 59].
وأوضح أن المتأمل بإنصافٍ لقضيةِ فرضِ الحجابِ يجدُ أنه فُرض لصالح المرأة؛ فالزِّيُّ الإسلامي الذي ينبغي للمرأة أن ترتديه، هو دعوة تتماشىٰ مع الفطرة البشرية قبل أن يكون أمرًا من أوامر الدين؛ فالإسلام حين أباح للمرأة كشفَ الوجه والكفين، وأمرها بستر ما عداهما، فقد أراد أن يحفظ عليها فطرتها، ويُبقي علىٰ أنوثتها، ومكانِها في قلب الرجل.
وواصل: كذلك التزامُ المرأة بالحجاب يساعدها علىٰ أن يُعاملها المجتمع باعتبارها عقلًا ناجحًا، وفكرًا مثمرًا، وعاملَ بناءٍ في تحقيق التقدم والرقي، وليس باعتبارها جسدًا وشهوةً، خاصةً أن الله ﷻ قد أودع في المرأة جاذبيةً دافعةً وكافيةً لِلَفت نظر الرجال إليها؛ لذلك فالأليق بتكوينها الجذاب هذا أن تستر مفاتنها؛ كي لا تُعاملَ علىٰ اعتبار أنها جسدٌ أو شهوةٌ.
ولفت إلى أن الطبيعة تدعو الأنثىٰ أن تتمنع علىٰ الذكر، وأن تقيم بينه وبينها أكثرَ من حجاب ساتر، حتىٰ تظل دائمًا مطلوبةً عنده، ويظل هو يبحث عنها، ويسلك السبل المشروعة للوصول إليها؛ فإذا وصل إليها بعد شوق ومعاناة عن طريق الزواج، كانت عزيزة عليه، كريمة عنده.
وأفاد: من خلال ما سبق أن الذي فرضه الإسلام علىٰ المرأة، من ارتداء هذا الزي الذى تستر به مفاتنها عن الرجال، لم يكن إلا ليحافظ به علىٰ فطرتها.
وأهاب مركز الأزهر العالمي للفتوي الإلكترونية، بمن يروِّجون مثلَ هذه الأحكام والفتاوىٰ أن يكفُّوا ألسنتهم عن إطلاق الأحكام الشرعية دون سند أو دليل، وأن يتركوا أمر الفتوىٰ للمتخصصين من العلماء، وألا يزجّوا بأنفسهم في أمور ليسوا لها بأهل، وأن ينتبهوا لقول الله -صلى الله عليه وسلم-: «وَلَا تَقُولُوا۟ لِمَا تَصِفُ أَلۡسِنَتُكُمُ ٱلۡكَذِبَ هَـٰذَا حَلَـٰل وَهَـٰذَا حَرَام لِّتَفۡتَرُوا۟ عَلَى اللهِ ٱلۡكَذِبَۚ إِنَّ ٱلَّذِینَ یَفۡتَرُونَ عَلَى اللهِ ٱلۡكَذِبَ لَا یُفۡلِحُونَ» [النحل: 116]، ولقول بعضِ السلف: «أجرؤكم علىٰ الفُتيا أجرؤكم علىٰ النار» أخرجه الدارميُّ في سننه.
سن ارتداء الحجاب للفتاةقال الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية السابق، إن حجاب المرأة المسلمة فرضٌ على كلِّ مَن بلغت سن التكليف، وإن سن الحيض التي ترى فيها الأنثى الحيض وتبلغ فيها مبلغ النساء؛ فعليها أن تستر جسمَها ما عدا الوجه والكفين، وزاد جماعة من العلماء القَدَمَين في جواز إظهارهما، وزاد بعضهم أيضًا ما تدعو الحاجة لإظهاره كموضع السوار وما قد يظهر مِن الذراعين عند التعامل، وأمّا وجوب ستر ما عدا ذلك فلم يخالف فيه أحد من المسلمين عبر القرون سلفًا ولا خلفًا؛ إذْ هو حكمٌ منصوصٌ عليه في صريح الوحْيَيْن الكتاب والسنة، وقد انعقد عليه إجماع الأمة.
أدلة وجوب الحجاب
ونبه على أن من الأدلة القاطعة على وجوب الحجاب على المرأة المسلمة قول الله سبحانه وتعالى: «وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ» [النور: 31]؛ قال الإمام القرطبي في "الهداية إلى بلوغ النهاية" (8/ 5071): [أيْ: وليلقين خمرهن، وهو جمع خمار على جيوبهن، ليسترن شعورهن وأعناقهن].
وواصل: ومن الأدلة أيضًا حديثُ أنَسٍ رضي الله عنه، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ أَتَى فَاطِمَةَ رضي الله عنها بِعَبْدٍ كَانَ قَدْ وَهَبَهُ لَهَا، قَالَ: وَعَلَى فَاطِمَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا ثَوْبٌ؛ إِذَا قَنَّعَتْ بِهِ رَأْسَهَا لَمْ يَبْلُغْ رِجْلَيْهَا، وَإِذَا غَطَّتْ بِهِ رِجْلَيْهَا لَمْ يَبْلُغْ رَأْسَهَا، فَلَمَّا رَأَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ مَا تَلْقَى قَالَ: «إِنَّهُ لَيْسَ عَلَيْكِ بَأْسٌ، إِنَّمَا هُوَ أَبُوكِ وَغُلَامُكِ» رواه أبو داود، موضحًا فهذا الحديث صريحٌ في وجوب تغطية الرأس؛ لتحرُّج السيدة فاطمة رضي الله عنها من كشف رأسها حتى تغطي رجلها، ولو كان أحد الموضعين أوجب من الآخر في التغطية، أو كانت تغطية أحدهما واجبة وتغطية الآخر سنة، لقدَّمَتِ الواجبَ بلا حرج.
ما هي عورة المرأة ؟
شدد مفتي الجمهورية السابق، على وجوب ستر المرأة جسدها ما عدا وجهها وكفيها وعلى ذلك: فوجوب ستر المرأة جسدها ما عدا وجهها وكفيها وقدميها وبعض ذراعيها هو من الأحكام الشرعية القطعية التي أجمع عليها المسلمون عبر العصور على اختلاف مذاهبهم الفقهية ومشاربهم الفكرية، ولم يشذ عن ذلك أحد من علماء المسلمين سلفًا ولا خلفًا، والقول بجواز إظهار شيء غير ذلك من جسدها لغير ضرورة أو حاجة تُنَزَّل منزلتَها هو كلام مخالف لِمَا عُلِم بالضرورة من دين المسلمين، وهو قولٌ مبتدَعٌ منحرف لم يُسبَقْ صاحبُه إليه، ولا يجوز نسبة هذا القول الباطل للإسلام بحال من الأحوال.
واختتم: بناءً على ذلك: فإن موقف الشريعة الإسلامية بكافة مصادر تشريعها من فرضيَّة الحجاب منذ فرضه الله تعالى في كتابه وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وآله وسلم وأجمع عليه المسلمون سلفًا وخلفًا منذ عصر النبوة وحتى عصرنا الحاضر هو موقفٌ واضحٌ قاطع حاسم لم يَجْرِ فيه الخلافُ قطُّ بين علماء المسلمين، ولم يقل بنفيه أحدٌ من المسلمين على مر العصور وتتابع الأجيال، ولا هو في أصله مما هو قابلٌ لأن يجري فيه الخلاف، ولا هو مما يتغير بتغير الأعراف والعوائد والبلدان؛ فلم يكن أبدًا من قبيل العادات، بل هو من صميم الدين وتكاليف الشريعة التي حمَّلها الله الإنسان دون سائر الكائنات، وهو سائله عنها يوم القيامة.