صحيفة الأيام البحرينية:
2024-11-24@01:24:46 GMT

أحداث السبت وتاجر البندقية!

تاريخ النشر: 17th, October 2023 GMT

أحداث السبت وتاجر البندقية!


الكاتب محمد الرميحي
صحيفة النهار العربي

المسألة اليهودية هي مسألة غربية أساساً، وبالتحديد أوروبية، والاصطفاف الأوروبي مع إسرائيل اليوم هو محاولة للتكفير الجمعي عمّا جرى تاريخياً ضدّ اليهود من اضطهاد بلغ حدّ التصفية، ولكن ليس كل ذلك!

اليهود في أوروبا كانوا أقلية ومعزولين في غيتوات يعملون في الغالب في صناعة المال، لأنّهم لم يكونوا أهل زرع أو ممتلكات واسعة، ومع بزوغ الثورة الصناعية الأولى والاحتياج إلى التمويل زاد من طلب السيولة المالية.

ومع صعود المريكنتيلية الأوروبية، كان تمويل المشاريع التجارية ذا أهمية قصوى، فكان المال مطلوباً وهو في الغالب عند اليهود، لذلك سجّل التاريخ الأدبي أهم أعمال وليم شكسبير، وهي مسرحية «تاجر البندقية». وقد كُتبت تلك الرواية في السنوات الأخيرة من القرن السابع عشر، لا حاجة للتذكير بتفاصيلها، ولكنها تتحدث عن جشع المرابين اليهود. ومع تقدّم الثورة الصناعية، واتساع حركة الاستعمار، تكوّن خليط من الرفض الغربي لليهود، جزء منه ناتج من تصورات دينية مسيحية، والجزء الآخر جراء المزاحمة الاقتصادية، فنما في أوروبا وكذلك في الولايات المتحدة نوع من الكراهية لليهود، وأصبح «شالوك» بطل رواية شكسبير، مثال الجشع في الأدب الغربي.

ولكن هذه الكراهية ليست جديدة أو مستحدثة، كانت هناك دائماً، ويسعفنا الكاتب أمين معلوف في كتابه المعروف «الحروب الصليبية كما يراها العرب» إذ ينقل القصة التالية التي حدثت قبل ألفي عام: «كان مصير يهود القدس يمثّل فظاعات مصير المسلمين (من قِبل الفرنج كما يسمّيهم) ففي الساعات الأولى من المعركة اشترك عدد كبير منهم في الدفاع عن حيّهم، الحيّ اليهودي القائم شمال المدينة، وعندما انهار السور أخذ الفرسان الشقر (الغربيون) يجتاحون الشوارع، فاجتمعت الطائفة اليهودية للصلاة في الكنيست، عندها سدّ الإفرنج جميع المنافذ، وكدّسوا أكوام الحطب على المبنى، وأضرموا النار، وقد أُجهز على الذين حاولوا الهرب في الأزقة المجاورة، وأُحرق الباقون أحياء».

على مقلب آخر، لم يقل لنا التاريخ إنّ اليهود تمّت تصفيتهم في الأندلس العربية، بل كان لهم المكان المناسب في السلطات الأندلسية، وهُجّروا فقط أيام محاكم التفتيش مع المسلمين إلى شمال أفريقيا العربية، ولم يحدث لهم اضطهاد في الشرق، بل عاشوا مع المسلمين.

يقول لنا التاريخ الأوروبي الحديث، إنّ باخرة ضخمة حملت اليهود الألمان ووصلت إلى شواطئ أميركا عام 1939 هاربين من النازية، فلم يُسمح لهم بالنزول لا في أميركا ولا في كندا، وأفرغت بعض شحنتها من البشر في كوبا! ورجع الباقون لمواجهة المحرقة.
أما النازية الألمانية الأوروبية فقد قامت بتنظيم المحارق بالغاز لليهود وأيضاً لغيرهم، وكانت تلك المحارق هي التي اتكأت عليها، وما زالت فكرة اضطهاد اليهود ووجوب حمايتهم، وظهرت فكرة معاداة السامية كإحدى الكبائر في الثقافة السياسية الغربية المعاصرة، تهمة جاهزة تخلط بين اليهودي والإسرائيلي!

قبل أشهر صدر كتاب ايفي شليم المؤرخ اليهودي الذي يعمل الآن في جامعة أوكسفورد بعنوان «ثلاثة عوالم: مذكرات يهودي عربي»، وهو يتحدث عن اضطهاد اليهود الغربيين للشرقيين في إسرائيل، وأنّه كعربي يهودي، لم يكن باستطاعته الحديث بالعربية الاّ في داخل المنزل عندما كان في إسرائيل، ويُسمّى ذلك بالعنصرية الصغرى، وهو كتاب غني يشير إلى المناكفة، حتى بين المواطنين اليهود من ثقافات مختلفة.

الذنب التاريخي الأوروبي الثقيل الذي علق في ضمير شعوب الغرب، أراد التخلّص من اليهود لسبب ديني واقتصادي، فوجد لهم مكاناً يؤويهم هو فلسطين، تحت ذرائع تاريخية، كما أنّ ذلك الذنب نفسه، بعد مرور السنين، هو الذي جعل من المواطن اليهودي في الغرب مواطن «خمس نجوم» إن صح التعبير، ودخل كثير منهم في صلب العمل السياسي والتجاري والصناعي الغربي، فأصبح مؤثراً أكثر بكثير من حجمه العددي.

ذلك ما يفسّر اليوم ما تقوم به الحكومات الغربية من دفن كل القيم الليبرالية التي تنادي بها، وتدين من دون تحفظ أو موازنة الجانب الفلسطيني، ومن دون النظر ولو جزئياً إلى ما يتعرّض له الفلسطينيون من أذى ومحاصرة. حتى المناصرون للقضية الفلسطينية في العواصم الغربية مُنعوا أخيراً من التجمّع لإبداء رأيهم في ما يحصل في غزة وحولها اليوم، كما رفع علم فلسطين أصبح محرّماً. كل ما قيل عن الحرّيات والليبرالية تبخّر في تلك العواصم الغربية، لأنّ بقاء اليهود في فلسطين هو أولوية للغرب، ابتعاداً عن خلق المسألة اليهودية من جديد، إذ إنّ الضغط عليهم سوف يجعل من بعضهم يفكّر في الهجرة، وإلى الغرب بالذات، فتتضخم المسألة اليهودية من جديد في تلك المجتمعات التي يحوطها الكثير من الأزمات الاجتماعية والسياسية.

ذلك هو السبب المخفي إن صح التعبير لهذا الكمّ من المناصرة للأعمال الإسرائيلية العسكرية في الضفة والقطاع، والتجاهل التام لمعاناة المواطن والمواطنة الفلسطينيين. وذهاب كل من وزير خارجية بريطانيا وكذلك وزير خارجية الولايات المتحدة بسرعة قياسية إلى تل أبيب، للمناصرة والإدانة الكاملة لأعمال «حماس» وتعميمها على كل أبناء فلسطين، هما محاولة لتطمين من يريد الهجرة أن يبقى حيث يُحمى.

هذا لا يعني أنّ توقيت أحداث السبت السابع من تشرين الأول (أكتوبر) وأهداف العملية برمتها خالية من الغرض السياسي الذي لم يُكشف بعد، ويحيط بتلك الأحداث الكثير من الغموض في الشكل والهدف، لكن ذلك لا يعني الانحياز الغربي الكامل للدولة الإسرائيلية، ذلك الانحياز بدوافعه التاريخية والمصلحية يحقّق الأهداف الغامضة لأعمال 7 تشرين ويزيد من تعقّد الملفات ولا يقرب حلّها، ويُفقد الغرب القدرة على تقديم حلول للقضية المعقّدة، بل يزيدها تعقيداً ويخلق فرصاً أكبر للتشدّد!

المصدر: صحيفة الأيام البحرينية

كلمات دلالية: فيروس كورونا فيروس كورونا فيروس كورونا

إقرأ أيضاً:

LinkedIn تتخلص من ميزة الصوت المباشر المستقلة

هل تتذكر في خضم جائحة COVID-19 عندما انتشر الصوت المباشر فجأة في كل مكان؟ أصبح هذا الاتجاه شائعًا من خلال الظاهرة الفيروسية القصيرة Clubhouse قبل أن تقوم كل منصة أخرى على الإنترنت بنسخ الميزة لأنفسها.

منذ ذلك الحين، أصبح الصوت المباشر في الغالب مجرد حاشية لوقت غريب عندما كنا جميعًا عالقين في المنزل في نفس الوقت دون أي شيء نفعله والاستماع إلى بث مباشر لساعات من الغرباء يتحدثون مع بعضهم البعض كان بمثابة ترفيه. 

الآن LinkedIn، الذي تأخر إلى حد ما عن حفلة الصوت المباشر في عام 2022، اختار التخلص من أحداث الصوت المباشر المستقلة.

في تحديث، تقول الشركة إنها لن تدعم أحداث الصوت الأصلية بدءًا من الشهر المقبل. سيتوقف المستخدمون عن القدرة على إنشاء أحداث جديدة اعتبارًا من 2 ديسمبر، ولن تعمل الأحداث المجدولة مسبقًا بعد 31 ديسمبر. بدلاً من ذلك، تقوم الشركة "بتجميع" الأحداث الصوتية مع ميزة البث المباشر الخاصة بها، LinkedIn Live. ومع ذلك، يتطلب LinkedIn Live من المبدعين استخدام أدوات خارجية لإعداد البث. لذا، في حين أن البث الصوتي فقط سيظل موجودًا على LinkedIn، إلا أنه سيتخذ بضع خطوات إضافية.

LinkedIn ليست الشركة الوحيدة التي غيرت مسارها بشأن البث الصوتي المباشر.

 فقد أغلقت Reddit وFacebook وSpotify وAmazon منتجات الصوت المباشر الخاصة بها في عصر الوباء. حتى Clubhouse (الذي لا يزال موجودًا) ابتعد عن التنسيق العام الماضي. ومع ذلك، فإن الميزة قوية على X على الرغم من بعض المشكلات الفنية البارزة.

مقالات مشابهة

  • LinkedIn تتخلص من ميزة الصوت المباشر المستقلة
  • عبدالمنعم سعيد: ترامب غاضب من صديقه نتنياهو بسبب أصوات اليهود الأمريكيين
  • كل اليهود لإسرائيل جنود / الجزء الرابع
  • سفير إسرائيل ببرلين: اليهود لا يشعرون بالأمان في ألمانيا
  • عشرات المتطرفين اليهود يحاولون مهاجمة قائد عسكري إسرائيلي في الضفة الغربية
  • شاهد الشخص الذي قام باحراق “هايبر شملان” ومصيره بعد اكتشافه وخسائر الهايبر التي تجاوزت المليار
  • قيادي بارز.. كشف هوية عضو حزب الله الذي استهدفه غارة إسرائيلية في بيروت
  • استطلاع: 37 بالمئة من المراهقين اليهود في أمريكا يتعاطفون مع حماس
  • عمرو سعد: فيلم الغربان يضاهي الأعمال الأمريكية
  • سورة البقرة.. المرأة في الإسلام بعد سجن الجاهلية وتطرف اليهود