أحداث السبت وتاجر البندقية!
تاريخ النشر: 17th, October 2023 GMT
الكاتب محمد الرميحي
صحيفة النهار العربي
المسألة اليهودية هي مسألة غربية أساساً، وبالتحديد أوروبية، والاصطفاف الأوروبي مع إسرائيل اليوم هو محاولة للتكفير الجمعي عمّا جرى تاريخياً ضدّ اليهود من اضطهاد بلغ حدّ التصفية، ولكن ليس كل ذلك!
اليهود في أوروبا كانوا أقلية ومعزولين في غيتوات يعملون في الغالب في صناعة المال، لأنّهم لم يكونوا أهل زرع أو ممتلكات واسعة، ومع بزوغ الثورة الصناعية الأولى والاحتياج إلى التمويل زاد من طلب السيولة المالية.
ولكن هذه الكراهية ليست جديدة أو مستحدثة، كانت هناك دائماً، ويسعفنا الكاتب أمين معلوف في كتابه المعروف «الحروب الصليبية كما يراها العرب» إذ ينقل القصة التالية التي حدثت قبل ألفي عام: «كان مصير يهود القدس يمثّل فظاعات مصير المسلمين (من قِبل الفرنج كما يسمّيهم) ففي الساعات الأولى من المعركة اشترك عدد كبير منهم في الدفاع عن حيّهم، الحيّ اليهودي القائم شمال المدينة، وعندما انهار السور أخذ الفرسان الشقر (الغربيون) يجتاحون الشوارع، فاجتمعت الطائفة اليهودية للصلاة في الكنيست، عندها سدّ الإفرنج جميع المنافذ، وكدّسوا أكوام الحطب على المبنى، وأضرموا النار، وقد أُجهز على الذين حاولوا الهرب في الأزقة المجاورة، وأُحرق الباقون أحياء».
على مقلب آخر، لم يقل لنا التاريخ إنّ اليهود تمّت تصفيتهم في الأندلس العربية، بل كان لهم المكان المناسب في السلطات الأندلسية، وهُجّروا فقط أيام محاكم التفتيش مع المسلمين إلى شمال أفريقيا العربية، ولم يحدث لهم اضطهاد في الشرق، بل عاشوا مع المسلمين.
يقول لنا التاريخ الأوروبي الحديث، إنّ باخرة ضخمة حملت اليهود الألمان ووصلت إلى شواطئ أميركا عام 1939 هاربين من النازية، فلم يُسمح لهم بالنزول لا في أميركا ولا في كندا، وأفرغت بعض شحنتها من البشر في كوبا! ورجع الباقون لمواجهة المحرقة.
أما النازية الألمانية الأوروبية فقد قامت بتنظيم المحارق بالغاز لليهود وأيضاً لغيرهم، وكانت تلك المحارق هي التي اتكأت عليها، وما زالت فكرة اضطهاد اليهود ووجوب حمايتهم، وظهرت فكرة معاداة السامية كإحدى الكبائر في الثقافة السياسية الغربية المعاصرة، تهمة جاهزة تخلط بين اليهودي والإسرائيلي!
قبل أشهر صدر كتاب ايفي شليم المؤرخ اليهودي الذي يعمل الآن في جامعة أوكسفورد بعنوان «ثلاثة عوالم: مذكرات يهودي عربي»، وهو يتحدث عن اضطهاد اليهود الغربيين للشرقيين في إسرائيل، وأنّه كعربي يهودي، لم يكن باستطاعته الحديث بالعربية الاّ في داخل المنزل عندما كان في إسرائيل، ويُسمّى ذلك بالعنصرية الصغرى، وهو كتاب غني يشير إلى المناكفة، حتى بين المواطنين اليهود من ثقافات مختلفة.
الذنب التاريخي الأوروبي الثقيل الذي علق في ضمير شعوب الغرب، أراد التخلّص من اليهود لسبب ديني واقتصادي، فوجد لهم مكاناً يؤويهم هو فلسطين، تحت ذرائع تاريخية، كما أنّ ذلك الذنب نفسه، بعد مرور السنين، هو الذي جعل من المواطن اليهودي في الغرب مواطن «خمس نجوم» إن صح التعبير، ودخل كثير منهم في صلب العمل السياسي والتجاري والصناعي الغربي، فأصبح مؤثراً أكثر بكثير من حجمه العددي.
ذلك ما يفسّر اليوم ما تقوم به الحكومات الغربية من دفن كل القيم الليبرالية التي تنادي بها، وتدين من دون تحفظ أو موازنة الجانب الفلسطيني، ومن دون النظر ولو جزئياً إلى ما يتعرّض له الفلسطينيون من أذى ومحاصرة. حتى المناصرون للقضية الفلسطينية في العواصم الغربية مُنعوا أخيراً من التجمّع لإبداء رأيهم في ما يحصل في غزة وحولها اليوم، كما رفع علم فلسطين أصبح محرّماً. كل ما قيل عن الحرّيات والليبرالية تبخّر في تلك العواصم الغربية، لأنّ بقاء اليهود في فلسطين هو أولوية للغرب، ابتعاداً عن خلق المسألة اليهودية من جديد، إذ إنّ الضغط عليهم سوف يجعل من بعضهم يفكّر في الهجرة، وإلى الغرب بالذات، فتتضخم المسألة اليهودية من جديد في تلك المجتمعات التي يحوطها الكثير من الأزمات الاجتماعية والسياسية.
ذلك هو السبب المخفي إن صح التعبير لهذا الكمّ من المناصرة للأعمال الإسرائيلية العسكرية في الضفة والقطاع، والتجاهل التام لمعاناة المواطن والمواطنة الفلسطينيين. وذهاب كل من وزير خارجية بريطانيا وكذلك وزير خارجية الولايات المتحدة بسرعة قياسية إلى تل أبيب، للمناصرة والإدانة الكاملة لأعمال «حماس» وتعميمها على كل أبناء فلسطين، هما محاولة لتطمين من يريد الهجرة أن يبقى حيث يُحمى.
هذا لا يعني أنّ توقيت أحداث السبت السابع من تشرين الأول (أكتوبر) وأهداف العملية برمتها خالية من الغرض السياسي الذي لم يُكشف بعد، ويحيط بتلك الأحداث الكثير من الغموض في الشكل والهدف، لكن ذلك لا يعني الانحياز الغربي الكامل للدولة الإسرائيلية، ذلك الانحياز بدوافعه التاريخية والمصلحية يحقّق الأهداف الغامضة لأعمال 7 تشرين ويزيد من تعقّد الملفات ولا يقرب حلّها، ويُفقد الغرب القدرة على تقديم حلول للقضية المعقّدة، بل يزيدها تعقيداً ويخلق فرصاً أكبر للتشدّد!
المصدر: صحيفة الأيام البحرينية
كلمات دلالية: فيروس كورونا فيروس كورونا فيروس كورونا
إقرأ أيضاً:
مصرع وإصابة 15 شخصا فى حادث تصادم أتوبيس ونقل بالصحراوي الغربي بالمنيا
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
لقي 3اشخاص مصرعهم فيما أصيب 12اخرين اثر حادث تصادم أتوبيس بسيارة نقل بالطريق الصحراوي الغربي
وتوجه الدكتور محمد ابو زيد نائب المحافظ الى مركز مغاغة لمتابعة تداعيات الحادث
كانت غرفة عمليات المحافظة قد تلقت إخطارًا بوقوع حادث تصادم اتوبيس بسيارة نقل مقطورة على الطريق الصحراوي الغربى اعلى نفق قرية برطباط بالقرب من مدخل مدينة مغاغة. وعلى الفور، انتقلت قوات الشرطة وسيارات الإسعاف إلى موقع الحادث .
من داخل مستشفى مغاغة المركزى ، أكد نائب المحافظ تقديم كافة اوجه الرعاية الطبية والاسعافات اللازمة لجميع المصابين ، وتم خروج 6 مصابين وتحويل مصابين اثنين لمستشفى الجامعة وجار تلقى 4 مصابين للعلاج مشيراً إلى ان حالتهم جميعا مستقرة، وان جثامين المتوفين الثلاثة سيتم تسليمها لذويهم عقب انهاء الاجراءات القانونية اللازمة .
من جانبه، اكد هانى الجويلى رئيس مركز مغاغة اعادة حركة سير المركبات إلى طبيعتها بالطريق الصحراوى الغربى بعد ازالة الاثار الناجمة عن الحادث ونقل السيارتين المتصادمتين لإخلاء الطريق .