وحشية حماس لا تبرر معاقبة جميع الفلسطينيين
تاريخ النشر: 17th, October 2023 GMT
"إنّ لديهم هم أيضاً ضحاياً، ولديهم أسرى وأمهات ثكلى... دعونا نصنع سلاماً حقيقيّاً"... هذا ليس تصريحاً لأحد دعاة السلام الذين يتحدثون من لندن أو واشنطن في مأمن من الأحداث الجارية الدامية، وإنما هو تصريح ليعقوب أرغماني الذي احتُجِزَت ابنته نورا رهينةً من مهرجان الموسيقى على مقربة من بلدة رعيم على الحدود مع غزة.
وفي هذا الإطار، قال كاتب عمود في صحيفة "الأوبزرفر" البريطانية كنعان مالك، آمل ألا أضطر أبداً أن أعيش العذاب الذي يعيشه يعقوب أرغماني. ولكن، لو وجدت نفسي في موقفٍ موحش كهذا، فآمل أن أجد في نفسي ولو ذرة من إنسانيته وصفائه الأخلاقي.
فما يجعل تعليق أرغماني مذهلاً ليس عمق تعاطفه وحسب، وإنما تناقضه مع كثيرٍ من التعليقات التي وردت خلال الأسبوع الماضي.
Hamas’s barbarism does not justify the collective punishment of Palestinians | Kenan Malik https://t.co/iNVGkTHUNp
— The Observer (@ObserverUK) October 15, 2023فقد احتفل كثيرون بالأعمال الإجرامية التي أقدم عليها مسلحو حماس. وحاول كثيرون تبرير تلك الأعمال، إذ احتجوا بأن علينا أن نضع تصرفات حماس في سياقها وأن ننظر إليها بوصفها جزءاً من نضال الفلسطينيين المديد من أجل دولتهم ونتاجاً للقمع الذي واجهوه.
سياق تاريخي للعنف الفلسطينيوقال الكاتب: أجل، هناك سياق تاريخي للعنف الفلسطيني، ولا يزال الفلسطينيون يعانون من القمع الإسرائيلي. ومع ذلك، لا يوجد سياق يُبرر فيه قتل ما يربو على 260 مدنيّاً يشاركون في حفل موسيقي.
ولا يمكن فهم وحشية هجمات حماس على أنها نتاج حتمي لتاريخ القمع، ناهيك عن كونها جانباً من جوانب المقاومة الفلسطينية. كانت هذه أفعال منظومة ثيوقراطية معادية للسامية في حالة انفصام تام عن الأطر الأخلاقية والسياسية التي تسترشد بها حركات التحرر التقليدية.
Like the Tet Offensive in Vietnam in 1968, the Palestinians’ surprise attack has humbled imperialism#FreePalaestine
Read more????https://t.co/1dKRIK7ZbW
والإيحاء بأن هذه المجزرة تمثل النضال الفلسطيني اعتبره الكاتب إهانة للشعب الفلسطيني ومعركته من أجل الحرية والاستقلال. فقد كان هناك قادة فلسطينيون ممن شجبوا هذه الأعمال الوحشية. ولذلك فإن حماس تمثل خيانة للآمال الفلسطينية وتهديداً لليهود.
ومع ذلك، فإن إدانة حماس وسياساتها وأفعالها لا تكافئ دعم السياسات الإسرائيلية. فقد قطعت إسرائيل الكهرباء والمياه والغذاء والإمدادات الطبية عن غزة، وبدأت عمليات قصف جماعية وعشوائية. إذا كانت قصص عمليات القتل التي تقوم بها حماس تذكرنا بوحشية داعش، فإن صور قصف غزة تذكرنا بتدمير حلب السورية أو باخموت الأوكرانية.
ومع ذلك، يرى الكاتب أن العقاب الجماعي وقتل المدنيين الأبرياء بدعمٍ من قادة الغرب الذين يبررون أنه "من حق إسرائيل الدفاع عن نفسها" ضد حماس لا مبرر له. سألَ دانيال ليفي المستشار الأسبق لرئيس الوزراء السابق إيهود باراك مذيع هيئة الإذاعة البريطانية قائلاً: "هل يمكن لأحد أن يدعي صدقاً أنه عندما يقول قادة دولة ما إنهم سيقطعون إمدادات الغذاء والكهرباء والماء عن السكان المدنيين بالكامل، فهذا يعني أنهم يستهدفون المقاتلين"؟.
Varoufakis vows never to condemn Hamas attack https://t.co/a4baEzTFXJ pic.twitter.com/qO5pYqLreO
— Kathimerini English Edition (@ekathimerini) October 10, 2023وفي الوقت ذاته، تُحوِّل إسرائيل احتلال الضفة الغربية إلى عملية ضمّ جديدة. فقد أدى اتفاق الائتلاف الذي تم التوصل إليه العام الماضي بين حزب الليكود بزعامة بنيامين نتنياهو وحزب الصهيونية الدينية اليميني المتطرف الذي يتزعمه سموتريتش إلى إلزام الحكومة رسميّاً "بسياسة تطبق السيادة على يهودا والسامرة".
ويرفض برنامج سياسة الليكود لعام 1999 "رفضاً قاطعاً إقامة دولة عربية فلسطينية". إن سياسة الحكومة الإسرائيلية تدعو فعليّاً إلى إقامة دولة واحدة بحكم الواقع، لكنها دولة يحرم فيها غالبية الفلسطينيين من أبسط حقوقهم الأساسية.
وجزء من المفارقة فيما يتعلق بوعد نتانياهو بـ "استئصال" حماس، حسب الكاتب، هو أن السياسيين أمثاله ساعدوا منذ فترة طويلة على رعاية هذه المنظمة في محاولةٍ منهم لتقويض النضال الفلسطيني. فقد قال نتانياهو في اجتماع لأعضاء الكنيست من الليكود في عام 2019: "كل مَن يريد إحباط إقامة دولة فلسطينية عليه أن يدعم حماس ويدعم تحويل الأموال إليها".
"My cousin is not Hamas. These kids are not Hamas."
Husam Zomlot, Head of the Palestinian Mission to the UK, lost 6 family members amongst the almost 700 killed in Israeli strikes into Gaza.#Newsnight pic.twitter.com/Oih0hpWhxt
وقال الكاتب: منذ السبعينات فصاعداً، ساعدت إسرائيل على تطور جماعة الإخوان المسلمين أولاً في غزة، وبعد ذلك حماس التي أنشأتها جماعة الإخوان المسلمين خلال انتفاضة عام 1987. وكان الهدف من هذا الدعم تقويض سلطة منظمة التحرير الفلسطينية العلمانية الهوى.
وأضاف الكاتب: وبما أن واحدة من سلبيات النقاش العام المعاصر الزج بتهمة "التكافؤ الزائف" التي غالباً ما تُساق رفضاً للحجج دون أن يكلف صاحبها نفسه دحض تلك الحجج، دعوني أعلنها لكم أنني لا أساوي بين حماس وإسرائيل. وإنما أُشير بالأحرى إلى الطريقة التي يستغل بها الجانبان سياسات غير منطقية للطرف الآخر لتبرير أمور لا يمكن تبريرها.
وتابع: كل ذلك يفسر أهمية حجة يعقوب أرغماني. ولا أعني في سياق دعوته للسلام وحسب (فالجميع يدعون إلى السلام، حتى وهم يذبحون الأطفال أو يهدمون المباني السكنية)، ولكن في إطار عمق فهمه لإسرائيل وفلسطين باعتبارها أرضاً مُشتركة لا يمكن أن تصمد إلا إذا اعتُرِفَ فيها بحقوق وكرامة اليهود والفلسطينيين على حدٍ سواء.
واختتم الكاتب مقاله بالقول: إن تقرير المصير، سواء داخل دولة واحدة تضمن لسكانها جميعاً حقوقاً متساوية، أو في دولتين منفصلتين، لا يمكن إلا أن يكون تقريراً لمصير كل مَن يعيشون بين النهر والبحر، فلسطينيين ويهود، في مستقبل مُشترك. ولا قنبلة ولا مجزرة يمكن أن تمحو ذلك.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان سلطان النيادي مانشستر سيتي غزة وإسرائيل الحرب الأوكرانية عام الاستدامة غزة وإسرائيل لا یمکن
إقرأ أيضاً:
حماس: إقامة الاحتلال 7 بؤر استيطانية بالضفة محاربة للوجود الفلسطيني على أرضه
قالت حركة حماس، إن ما كشفت عنه منظمة حقوقية اليوم من إقامة سلطات الاحتلال الصهيوني لسبع بؤرٍ استيطانية جديدة في الضفة المحتلة على أراضي المواطنين الفلسطينيين؛ هو استمرار لمخططات الضم والتهويد التي تنتهجها حكومة الاحتلال الإرهابية، في مخالفة فاضحة للقرارات والقوانين الدولية التي تجرّم الاستيطان.
وأكدت حماس، أن إقامة هذه البؤر والتجمّعات الاستيطانية على أراضي ما يسمّى المنطقة (ب) في الضفة، وهي التي تخضع إدارياً لسيطرة السلطة الفلسطينية؛ يؤكّد من جديد فشل المراهنة على خيارات التسوية مع الاحتلال، وضرورة مواجهة سياساته الإجرامية القائمة على محاربة الوجود الفلسطيني على أرضه، وسعيه الحثيث لتهجير شعبنا في الضفة، وهو ما يعلنه بشكل متواتر وزراء هذه الحكومة الفاشية المتطرّفة.
الشعب الفلسطينيودعت حركة حماس: أبناء الشعب الفلسطيني، في الضفة المحتلة بكافة أطيافهم إلى التوحّد خلف خيار المقاومة ومواجهة الاحتلال، والوقوف في وجه هذه المخططات الفاشية الهادفة لتصفية قضيتنا الوطنية، وتكثيف العمل المقاوم ضد جيش الاحتلال وقطعان مستوطنيه، حتى كنسهم عن ترابنا المقدّس، واستعادة أرضنا ومقدساتنا وتحقيق أهداف شعبنا بالحرية وتقرير المصير.