تحول لافت في الخطاب الإعلامي المصري من الحرب على غزة
تاريخ النشر: 17th, October 2023 GMT
شهد الخطاب الإعلامي المصري تحولا لافتا في تغطية عملية "طوفان الأقصى" التي أطلقتها المقاومة الفلسطينية في السابع من تشرين أول/ أكتوبر الجاري ضد قوات الاحتلال الإسرائيلي وما تلاها من عملية "السيوف الحديدية" الإسرائيلية التي استهدفت بالأساس المدنيين في غزة بشكل كبير حيث تفيد جميع التقارير الصحية أن غالبية الضحايا من المدنيين.
حظيت الأحداث الساخنة منذ بدايتها في قطاع غزة والأراضي المحتلة بتغطية واسعة من قبل الإعلام المحلي المصري، وخاصة قناة القاهرة الإخبارية المحسوبة على جهاز المخابرات العامة، والتي تعد القناة الإخبارية الرسمية المتحدثة باسم السلطات المصرية.
وحرصت القناة على ملء الشاشة بالعواجل والأخبار الحصرية التي تصل إلى مسؤولي القناة في قسم الأخبار بشكل مباشر من قبل مكتب مدير المخابرات العامة، اللواء عباس كامل، كما أوفد مراسلين لها إلى معبر رفح الحدودي المصري لنقل صور المساعدات الإنسانية والإغاثية.
ولا تزال قوافل المساعدات رابضة في استاد العريش القريبة من الحدود مع قطاع غزة، منذ 10 أيام، حيث لم تستطع مصر إدخال أي مساعدات بانتظار موافقة الجانب الإسرائيلي الذي يرفض بشكل قاطع دخولها لإغاثة المدنيين المنكوبين.
في 30 تشرين الأول/ أكتوبر 2022، أطلقت الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، قناة القاهرة الإخبارية، بتمويل سعودي، بعد الشراكة مع المجموعة السعودية للأبحاث والإعلام.
بدا واضحا حرص السلطات المصرية على تغطية تطورات الأوضاع في الأراضي الفلسطينية المحتلة، والاجتماعات المكوكية بين المسؤولين المصريين و الإقليميين والدوليين، ونقلها بشكل مباشر على الهواء بما فيها اجتماع رئيس النظام الحالي عبد الفتاح السيسي مع وزير خارجية أمريكا أنتوني بلينكن.
وفي سابقة من نوعها، قدم الإعلام المصري (بروموهات وفلرات) مقاطع قصيرة مصورة ومقاطع إعلامية تضمنت مشاهد من المقاومة والعدوان الإسرائيلي ومآسي المنكوبين بعدة لغات من بينها الإنجليزية والألمانية على خلفية أغاني تدعم المقاومة الفلسطينية.
Die israelische Armee forderte die Bewohner des Gazastreifens auf, ihre Häuser zu evakuieren.#gazastreifen #palästina #frieden #gaza pic.twitter.com/5DoiCVmHNl
— AlQahera News (@Alqaheranewstv) October 14, 2023"تحول غريب لكنه محمود"
في تقديره لهذا التغير اللافت في الموقف الإعلامي الرسمي من الحرب في الأراضي الفلسطينية والعدوان عليها، قال مدير عام قنوات "مكملين" الفضائية المعارضة بالخارج، الدكتور أحمد الشناف: "هذا التحول وإن بدا غريبا على النظام المصري وسياساته فيما سبق في القضايا المشابهة، إلا أنه محمود ويستحق الإشادة هنا لدعم صمود أهل غزة ومنع التهجير والحفاظ على حدود مصر".
ولكنه استدرك بالقول في تصريحات لـ"عربي21": "ويبقى على النظام دور وقرار هام أيضا من خلال فتح معبر رفح وتسهيل دخول المساعدات والقوافل الإغاثية من مصر و الدول المختلفة وربما نقل المصابين إلى مستشفيات مصرية لتلقي العلاج اللازم خاصة العمليات الجراحية الكبرى".
ودعا الشناف إلى ضرورة السماح للمصريين بالتضامن مع أشقائهم في الأراضي الفلسطينية، قائلا: "يجب أن يسمح للمصريين بالتعبير عن آرائهم و تضامنهم مع أشقائهم في فلسطين من خلال التظاهرات والنقابات و رفع العلم الفلسطيني في الحفلات والمناسبات المختلفة كأحد أشكال التضامن، والتي تعد رسائل قوية للجانب المحتل ويعمل لها ألف حساب".
"تحول إعلامي بحسابات سياسية"
رئيس المرصد العربي لحرية الإعلام، الكاتب الصحفي قطب العربي، اعتبر أن "هذا التحول الإعلامي هو انعكاس للتحول السياسي للنظام والذي أبدى موقفا مختلفا عن مجمل سياساته وخطابه طيلة السنوات العشر الماضية، وهذا التحول السياسي والذي تبعه تحول إعلامي ينطلق من حيثيات تكتيكية وأخرى استراتيجية".
مضيفا لـ"عربي21": "ومثال الأولى محاولة كسب شعبية وعلاج أضرار لحقت بسمعة النظام بعد انتشار رواية أنه قدم معلومات استخبارية للعدو عن استعداد حماس للقيام بعملية كبرى قبل أيام من انطلاق عملية طوفان الأقصى وهو الأمر الذي لم ينفه النظام رسميا حتى الآن".
وتابع الكاتب الصحفي: "ومن الأسباب الاستراتيجية المخاوف التي تحيط الأمن القومي بسبب تحركات ومساعي تهجير أهل غزة وتسكينهم في سيناء وهو الأمر المرفوض مصريا رسميا وشعبيا حفاظا على بقاء القضية الفلسطينية وعدم تصفيتها".
لكن هناك شكوك، بحسب العربي، في مدى صدق الموقف الرسمي المصري الحالي تنطلق من تماهي النظام ومنذ وقت مبكر مع خطة صفقة القرن التي ظهر مصطلحها لأول مرة على لسان السيسي نفسه خلال لقائه مع ترامب في 2019، وقد قام النظام بتهجير أهل سيناء من شريط حدودي بعمق 5 كيلومترات يتوقع أن يكون استعدادا لقبول التهجير، كما أن النظام قد يقبل الضغوط الأخيرة عليه تحت إلحاح الأزمة الاقتصادية ومشكلة الديون التي قد يكون تلقى وعدا بحلها حال موافقته على التهجير".
الإعلام المصري ما بين التشفي والتغطية
تأتي هذه التغطية الإخبارية مغايرة تماما لنهج القنوات الإخبارية السابقة خلال عمليات العدوان المتكررة على قطاع غزة، والتي تخللها اتهامات واضحة ومباشرة للمقاومة الفلسطينية وتحميلها مسؤولية استفزاز قوات الاحتلال الإسرائيلي.
في صيف عام 2014، شهد الإعلام المصري حالة غير مسبوقة من العداء للشعب الفلسطيني، وصلت إلى حد الشماتة والتشفي في ضحايا العدوان الإسرائيلي على القطاع، والمطالبة بضرب غزة لمساعدة الاحتلال الإسرائيلي في حربه على حماس.
وزعم الإعلامي توفيق عكاشة، أن مصر كانت الأحق بضرب قطاع غزة في تلك الأيام بدلا من "إسرائيل"، لكن النظام المصري وعلى رأسه عبد الفتاح السيسي أضاع هذه الفرصة.
كما طالبت الكاتبة لميس جابر، حينها، بطرد كل الفلسطينيين المقيمين في مصر، ومصادرة أملاكهم وأموالهم، بل واعتقال كل المتعاطفين مع القضية الفلسطينية، في مشهد لم تعرفه مصر منذ بدء اليهود في احتلال فلسطين في بدايات القرن العشرين.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية المصري مصر اعلام طوفان الاقصي سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة قطاع غزة
إقرأ أيضاً:
تفاصيل قضية التسريبات في الجيش الإسرائيلي
فجر الإعلان عن اعتقال ضابط إسرائيلي كبير في الجيش في قضية التسريبات، مزيداً من الجدل بشأنها، وحسب ما أفادت وسائل إعلام عبرية، كان الضابط يستجم مع زوجته وولديه في أحد الفنادق بمدينة إيلات الجنوبية، عندما داهمته قوة من رجال الشرطة الملثمين واعتقلته، ونقلته إلى غرفة التحقيق في منطقة تل أبيب، وأبلغوه بأنه مطلوب للتحقيق من دون إعطاء تفاصيل.
وحسب الشرق الأوسط، يتوقع المراقبون أن يكون هذا الضابط أحد عناصر الأمن الذين سربوا وثائق من الجيش وزوروا بعضها، حتى تلائم سياسة نتنياهو، وإصراره على إفشال صفقة تبادل أسرى مع «حماس».
وبهذا الاعتقال الأحدث، يصبح هناك 5 معتقلين، المتهم الرئيسي وهو مدني كان يعمل ناطقاً بلسان نتنياهو، و4 ضباط وموظفين في أجهزة الأمن تعاونوا مع نتنياهو في خططه.
إيلي فيلدشتاين
وكشفت وسائل إعلام عبرية، الاثنين، معطيات جديدة عن المتهم الرئيسي، إيلي فيلدشتاين، وهو الوحيد الذي سمحت المحكمة بنشر اسمه، واتضح منها أنه كان يعمل ناطقاً بلسان وزير الأمن الداخلي، إيتمار بن غفير، وقد أهداه إلى نتنياهو في 7 أكتوبر 2023، ليكون ناطقاً بلسانه في القضايا العسكرية.
وبحسب مقربين من التحقيق، فإن إحدى المهام التي كلف بها فيلدشتاين في مكتب نتنياهو، كانت أن يدس في وسائل الإعلام المختلفة، «معلومات أمنية تخدم السيد (نتنياهو)».
وفيلدشتاين مشتبه به بالتآمر مع ضباط في الجيش، إذ تلقى منهم وثائق سرية ووزعها بتفسير زائف على كل من صحيفة «بيلد» الألمانية، وصحيفة «جويش كرونيكل» البريطانية، التي سارع نتنياهو وزوجته ليستخدماها لأغراضهما السياسية، علماً بأن الصحيفتين معروفتان بقربهما منه.
وبداية تلك الفضيحة تعود إلى ما نشرته صحيفة «بيلد» الألمانية، في 6 سبتمبر الماضي، إذ ادعت وجود وثيقة سرية لحركة «حماس»، تحدِّد استراتيجية التفاوض التي تتبعها الحركة مع إسرائيل.
وزعمت الصحيفة، آنذاك، أن الوثيقة تابعة لمكتب يحيى السنوار، رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» حينها، ويعود تاريخها إلى ربيع 2024، عن «المبادئ التوجيهية لمحادثات وقف إطلاق النار».
وبحسب «الوثيقة المزعومة»، فإن «حماس» لا تسعى إلى نهاية سريعة للصراع، بل «تفضِّل تحسين شروط الاتفاق، حتى لو أدى ذلك إلى إطالة أمد الحرب»، كما أن «استراتيجية (حماس) ترتكز على نقاط أساسية: أولاً، مواصلة الضغط النفسي على عائلات الرهائن لزيادة الضغط الشعبي على الحكومة الإسرائيلية. وثانياً، استنفاد الآليات السياسية والعسكرية الإسرائيلية، وتكثيف الضغوط الدولية على إسرائيل».
وبالتزامن مع تقرير الصحيفة الألمانية، نقلت صحيفة «جويش كرونيكل»، عن مصادر وصفتها بـ«استخباراتية»، أن «خطة زعيم (حماس) السنوار، كانت تتمثل في الهرب مع قادة الحركة المتبقين، وكذلك مع الرهائن الإسرائيليين، عبر محور فيلادلفيا إلى سيناء في مصر، والطيران من هناك إلى إيران».
وعقب بث تلك المعلومات عبر الصحيفتين أدلى نتنياهو بتصريحات صاخبة، ادعى فيها أنه يسعى لمنع السنوار من الهرب مع الرهائن، وفي مؤتمر صحافي لوسائل الإعلام الأجنبية في القدس، قال إن «(حماس) تخطط لتهريب رهائن إلى خارج غزة عبر محور فيلادلفيا»، واستخدم نتنياهو هذه المسألة لتبرير احتلاله رفح وتمسكه بمحور فيلادلفيا (على الحدود بين مصر وقطاع غزة) ونسفه مفاوضات الصفقة.
أخبار الفضيحة
وسيطرت هذه الفضيحة على الحوار في المجتمع الإسرائيلي، لدرجة أنها تُغطي على أنباء الحرب، وفي حين يهاجم اليمين الجهاز القضائي على تنفيذه الاعتقالات، والجيش على تولي قيادة هذه الحرب ضد نتنياهو، أبرزت وسائل الإعلام المستقلة «الفساد الذي لا يعرف حدوداً» في حكومة نتنياهو.
وكتب يوسي فيرتر في صحيفة «هآرتس»، أن «مجموعة المقربين من نتنياهو عبارة عن تنظيم إجرامي يضعه فوق الدولة ومصالح الأمن الوطني، لكن السمكة فاسدة من الرأس».
وتابع الكاتب الإسرائيلي متحدثاً عن المتهم الرئيسي في القضية: «النجم الجديد فيلدشتاين، جاء من مكتب بن غفير، متحمساً جداً كي يثبت نفسه، وبالفعل اندمج بسرعة في الأجواء الفاسدة وشبه الإجرامية في مكتب رئيس الحكومة، (حيث) الفساد الأخلاقي والقيمي المتفشي هناك، وفي ثقافة الكذب والتلاعب والمعلومات الكاذبة، وقد أغرق ممثلي وسائل الإعلام بالأنباء، هذا مقبول لدينا».
وسائل الإعلام في إسرائيل
وشرح فيرتر أن «وسائل الإعلام في إسرائيل أصلاً تخضع للرقابة، أما وسائل الإعلام الأجنبية، مثل (بيلد) و(جويش كرونيكل) فهي غير مراقبة، وعندما نشرت في هذه الصحف مواد استخبارية حساسة جداً، فقد فهموا في الجيش الإسرائيلي أنهم يتعاملون مع مسرب كبير، ليس فقط خطيراً وعديم المسؤولية والكوابح؛ بل هو أيضاً يعمل على مساعدة رئيس الحكومة في أهدافه السياسية».
ورأى فيرتر أن المتهم الرئيسي فيلدشتاين «خدم نتنياهو في سلوكه الكاذب والمتعمد مع عائلات المخطوفين، إذ استخدم منظومة نشر الأنباء الكاذبة، ليس ضد (حماس)؛ بل ضد الجمهور الإسرائيلي وعائلات المخطوفين، وهذه هي السخرية في أبهى صورها».
وفي صحيفة «معاريف»، استغل شمعون حيفتس، وهو عميد في جيش الاحتياط وعمل سكرتيراً عسكرياً لـ3 رؤساء إسرائيليين، ذكرى مرور 29 عاماً على اغتيال رئيس الوزراء إسحق رابين، لإجراء مقاربة مع الأوضاع الراهنة، وقال: «سيكون إلى الأبد (اغتيال رابين) يوماً صادماً للديمقراطية الإسرائيلية، كما يحدث في مكتب رئيس الحكومة اليوم، ويؤكد كم تحتاج إسرائيل اليوم لزعيم شجاع وأخلاقي ويتحمل المسؤولية ويعمل لصالح الجمهور مثل رابين، وعندما أقف أمام قبره، أتذكر وعده بالسلام ورغبته في إنهاء الحروب، وأنا أنتظر مستقبلاً بالفعل تكون لنا فيه حياة آمنة وسلام حقيقي».