غزة.. تراث تدمره الحرب وتحاصره إسرائيل
تاريخ النشر: 17th, October 2023 GMT
مثلت الحرب الأخيرة خطرا مدمرا على تراث وآثار غزة، فقد أصاب القصف الإسرائيلي متحف خان يونس بأضرار كبيرة، ودمر العديد من القطع الأثرية، وأصاب بناية المتحف بأضرار بالغة.
أُنشئ هذا المتحف بجهود ذاتية ولا يرقى كبناية إلى مستوى وقيمة المعروضات، وهو ينقسم إلى قسمين، قسم للآثار يضم قطعا تعود لعصور ما قبل التاريخ إلى العصر الحديث، أبرزها مجموعة من القطع التي تعود إلى الحقبة الرومانية والبيزنطية ومجموعات النقود الثرية التي ترجع إلى العصور البيزنطية والأموية والعباسية والأيوبية والمملوكية والعثمانية.
تحطمت العديد من القطع الفخارية الأثرية التي فقد بعضها إلى الأبد، ويمكن معالجة بعضها بالترميم، وبالمتحف قطع من الحلي الرائعة، ويحتفظ بالعديد من الأسلحة التي تعد نادرة من مخلفات الحربين العالمتين الأولى والثانية، ويضم قسم التراث آلات خشبية للعزف عليها في الأفراح والسوامر كالبرغول والشبابة والربابة، وأدوت زراعية يعود بعضها إلى 200 عام كالمنجل والقدوم.
فضلا عن الأزياء الفلسطينية التي تعود إلى ما قبل عام 1948، خاصة أزياء الرجال مثل العباءة والقمباز والكوفية العقال والعصا، لكن من أهم مقتنيات قسم التراث الأدوات المنزلية كالرحى والكانون والأواني الفخارية تعود إلى 100 عام بعضها تعرض لأضرار شديدة، ولا يمكن تحديد حجم الأضرار التي لحقت بمقتنيات المتحف إلى الآن.
متاحف غزةتضم غزة 12 متحفا تشتمل على 12 ألف قطعة أثرية، كلها شيدت بجهود ذاتية رغبة من أهل غزة في الحفاظ على تراثهم، كل هذه المتاحف تعرضت لأضرار متفاوتة نتيجة للقصف الإسرائيلي، فضلا عن ترك بعضها من قبل القائمين عليها دون حراسة أو متابعة إما لتهجير القائمين عليها أو استشهاد بعضهم.
وتدل بعض الشواهد أيضا على سرقة العديد من القطع لكن لا يوجد إلى الآن ما يثبت ذلك بصورة قطعية، فافتقاد غزة للكوادر المتخصصة في المتاحف جعل من الصعب حصر هذه الأضرار، فضلا عن عدم التسجيل العلمي الدقيق لها وبالتالي إمكانية تعرضه للنهب، كما أن عدم عضوية هذه المتاحف في المجلس الدولي للمتاحف يفقدها وجودها على الساحة الدولية بل يجعل دعمها فنيا صعبا.
من أبرز متاحف غزة التي تعرضت لأضرار تتراوح بين شروخ في جدرانها وتصدعات أو تدمير أو تكسير لبعض المقتنيات متحف العقاد الذي تأسس منذ 44 عاما وهو يضم 2800 قطعة أثرية من عصور ما قبل التاريخ إلى العصور الحديثة.
وكذلك قصر الباشا الذي شيد في العصر المملوكي وحُول إلى متحف في عام 2010، لكنه منذ هذا العام لم يلقَ العناية اللازمة، وتعرض حاليا لأضرار تحتاج إلى التدخل العاجل، وكلما تأخر هذا التدخل تدهورت حالته، وليست لدينا معلومات حول حالة مقتنياته وهو ما يثير القلق.
إن الحقيقة المرة أن التراث المستخرج من أرض غزة يتم تهريبه وبيعه علنا، فمنذ حصار غزة في عام 2007 توقفت التنقيبات الأثرية العلمية المنظمة لوقف النهب العشوائي للتلال الأثرية، وهذا ما أضاع على الباحثين الكثير من المعلومات في تتبُّع هذا التراث وتسجيله، ولولا جهود الأفراد لما تبقى لدينا شيء من هذا التراث في غزة، فقد قضت سهيلة شاهين 30 عاما في جمع هذا التراث لتنشئ متحف رفح للتراث الشعبي.
متحف خان يونس وآثار العدوان الإسرائيلي المساجد الأثريةإذا كان جامع السيد هاشم دمر في الحرب العالمية الأولى بقنبلة في عام 1917، فإن القصف المستمر حوله أدى لتصدع بعض جدرانه، وهو الجامع الذي دفن فيه جد الرسول -صلى الله عليه وسلم- هاشم بن عبد مناف ونفس الأضرار بجامع الشيخ زكريا في حي الدرج في غزة الذي أنشأ في القرن الخامس الهجري/ الـ11 الميلادي.
وكذلك جامع الشمعة في حي النجارين، وجامع الشيخ عبد الله وهو جامع قديم في حي التفاح مدفون به الشيخ عبد الله الأيبكي وهو من مماليك السلطان المملوكي عز الدين أيبك، وكذلك تضرر من المساجد الأثرية في غزة جامع ابن عثمان وهو من جوامع غزة شيد في القرن الثامن الهجري.
أما من المنشآت الأثرية التي تضررت من القصف الإسرائيلي على غزة سبيل السلطان عبد الحميد وهو منشأة معمارية كانت تقدم الماء للمارة، وحمام السمرة الذي يقع في حي الزيتون، وهو أحد النماذج الرائعة للحمامات العثمانية ويدرس كنموذج متكامل ضمن منهجيات دراسة تاريخ الحمامات في العمارة الإسلامية، وهو الحمام الوحيد الباقي في غزة.
يتطلب كل ما سبق تدخلا عاجلا من اليونسكو لكي يجري إعلان تراث غزة تراثا إنسانيا مهددا يتطلب برامج عاجلة لإنقاذه، فضلا عن دور كل من المنظمة الإسلامية للتربية والثقافة والعلوم ومنظمة العواصم والمدن الإسلامية.
لكن الأهم تشكيل لجنة علمية لتحديد الأخطار ووضع خطة إنقاذ وتدعيم عاجل للتراث المهدد، فضلا عن تحديد مخزن لنقل المقتنيات الأثرية لكي لا نفقد المزيد منها تحت نيران القصف الإسرائيلي، ثم بعد الحرب أصبح من الضروري إعادة هيكلة التعامل مع التراث في غزة بصورة جديدة.
مسجد هاشم aj-logoaj-logoaj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معناأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinerssجميع الحقوق محفوظة © 2023 شبكة الجزيرة الاعلاميةالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: من القطع فضلا عن فی غزة
إقرأ أيضاً:
مع استمرار الهجمات على إسرائيل.. هل فشل العراق في تفادي الحرب؟
رغم تأكيدات الحكومة العراقية على إبعاد شبح الحرب عن البلاد ومحاولة إنهاء التوترات في المنطقة، لم تتمكن الحكومة العراقية حتى الآن من الحد من الهجمات التي تشنها المليشيات الموالية لإيران بشكل شبه مستمر على إسرائيل والمصالح الأميركية.
وأكد رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، نهاية أكتوبر الماضي في لقاء مع رؤساء عشائر بمحافظة واسط جنوب شرق بغداد، على أن قرار الحرب والسلم تتخذه الدولة بمؤسساتها الدستورية، مضيفا أن "كل من يخرج عن ذلك سيكون بمواجهة الدولة التي تستند إلى قوة الدستور والقانون في تنفيذ واجباتها ومهامّها".
وأعلنت مجموعة المقاومة الإسلامية في العراق التي تتبنى الهجمات الصاروخية على إسرائيل، الاثنين الماضي، استهداف موقع حيوي في أم الرشراش (إيلات) في اسرائيل، بواسطة طائرات مسيّرة، مؤكدة في بيان لها استمرار هجماتها ضد إسرائيل.
ويعتبر المحلل السياسي، الناصر دريد، أن تشكيل الحكومة العراقية من قبل مليشيات موالية لإيران تسبب في عجزها عن التحرك لإيقاف هذه الهجمات.
ويتابع دريد لـ"الحرة"، "أصبحت الميليشيات جزءا من هذا النظام فهي ليست طرفا خارجيا حتى تقوم الحكومة أو أي حكومة عراقية بمواجهتها، في الواقع هي ليست مجرد جزء من هذا النظام بل هي أصبحت الجزء المهيمن عليه وذلك بسبب تراجع الدور الأميركي عن تسيير الوضع الداخلي في العراق بعد الانسحاب الأميركي".
ويرى الناصر أن السوداني يواجه ضغطا دوليا واضحا في هذه الفترة خاصة أن الضغط الأميركي بدأ خلال العامين الأخيرين من إدارة الرئيس جو بايدن، وتمثل في العقوبات التي فرضتها واشنطن على عدد من المصارف والشركات العراقية المتورطة بعمليات تبييض الأموال وتهريب العملة إلى إيران.
عقوبات وضغوط
ويتوقع الناصر أن تواصل الإدارة الأميركية الجديدة فرض العقوبات الاقتصادية على المؤسسات والبنوك العراقية وربما سيواجه العراق ضغطا أميركيا أكبر خلال الفتره المقبلة، بعد استلام الرئيس دونالد ترامب مقاليد الحكم في يناير المقبل.
وبعد هجوم 7 أكتوبر 2023 الذي نفذته حركة حماس على بلدات جنوبي إسرائيل، أدى لشنّ الأخيرة عملية عسكرية في قطاع غزة مستمرة حتى الآن، نفذت مليشيات عراقية تحت اسم "المقاومة الإسلامية في العراق"هجمات ضد القواعد الأميركية في العراق وسوريا.
ويؤكد رئيس مركز التفكير السياسي في العراق، إحسان الشمري أن الحكومة العراقية الحالية حاولت في بادئ الأمر الحفاظ على مبدأ التوازن ما بين الولايات المتحده وإيران لكن فشلت في الحفاظ على التوازن وبالتالي، ظهرت في كثير من الأحداث على أنها أقرب إلى إيران منها إلى الولايات المتحدة.
ويوضح الشمري لـ"الحرة"، أن "هناك رغبة أميركية تحول دون وقوع فوضى أمنية، أو حتى ارتباك أمني في المشهد العراقي، لذلك أطلقت واشنطن من خلال الحوارات مع الحكومة ضمانات بالتأثير على إسرائيل وساهم هذا الأمر إلى حد ما في تأجيل الضربة الاسرائيلية وليس إلغاءها".
وأضاف المتحدث أنه بعد فشل وعجز حكومة السوداني من القيام بتأثير حتى بشكل محدود على الفصائل المسلحة فإن الولايات المتحدة فيما يبدو لم تعد قادرة على إعطاء ضمانات لإسرائيل والسبب في ذلك أن السوداني لا يستطيع مواجهة داعميه السياسيين متمثلا بالإطار التنسيقي الذي ركيزته الفصائل المسلحة".
وكشف وزير الخارجية العراقي، فؤاد حسين، حصول العراق على تعهدات إيرانية بعدم استخدام أراضيه للهجوم على إسرائيل، في حال أي رد من طهران على هجوم إسرائيل الأخير.
وقال حسين خلال مقابلة متلفزة، في 8 نوفمبر الحالي، إن "السوداني، اتصل بالجانب الإيراني، وأكدوا له أنهم لن يستخدمون الأراضي العراقية منطلقا للهجوم على إسرائيل".
شبح الحرب
لكن عضو لجنة الأمن والدفاع في مجلس النواب العراقي، ياسر إسكندر، يلفت إلى أن العراق استطاع أن يبعد شبح الحرب عن أرضه بحكمة كبيرة.
وأوضح إسكندر في حديث لـ"الحرة"، أن "الجولات المكوكية التي أجراها السوداني وكابينته الوزارية في عدد من الدول كان لها التأثير في إبعاد العراق عن الصراعات بجميع جبهاتها ونحن في لجنة الأمن والدفاع نوصي بتطبيق التشريعات التي تضمن النأي بالبلاد عن الحروب والصرعات."
وأوصلت الحكومة العراقية رسائل إلى طهران عبر مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي مفادها تأكيد العراق على البقاء خارج دائرة الحرب التي تشهدها المنطقة منذ أكثر من عام.
وقال الأعرجي في منشور على صفحته على منصة إكس: "نؤكد مجدداً الموقف العراقي الرافض لاستخدام الأراضي والأجواء العراقية منطلقاً للاعتداء على أي دولة، وسنعمل بكل قوة وجهد لإنجاح دور العراق البارز في تهدئة الأوضاع وعدم الذهاب نحو التصعيد وجر المنطقة إلى أتون الحرب الشاملة".