«التاكسي الوردي» على طريق النجاح
تاريخ النشر: 17th, October 2023 GMT
أرادت أن تكون مختلفة وليست نسخة مقلدة من الأخريات، حاربت لأجل حلمها، ولأجل أن تترك أثرًا وبصمة، أُقفلت الأبواب في وجهها لتبني فكرتها، سُخر من فكرتها بأشد الألفاظ والعبارات..انهارت دموعها..ولكنها في كل صباح تنهض باكرا وتردد» سأحقق حلمي»..شغفها وحبها لقيادة المركبة قادها؛ لأن تعمل في توصيل الفتيات والطالبات والنساء لمشاويرهن في الحي الذي تقطن فيه.
نشأت فاطمة في مجتمع محافظ فالجميع عارض الفكرة بقوله « قيادة التاكسي للرجال وليس للفتاة « وظلت طوال الأربع سنوات تخطط لحلمها قابلت الكثير من الرؤساء التنفيذين لتبني الفكرة ولكن الجميع رفضها بدأت بالانهيار لكن الإصرار والعزيمة لا زال يلازم فاطمة، نصحها أحد الأخوة بعرض الفكرة على المهندس حارث المقبالي الرئيس التنفيذي لشركة أوتاكسي كونه داعما للشباب رحّب بالفكرة كثيرا وبدأ حلمها يرى النور تم إصدار أول ترخيص للتاكسي النسائي باسم فاطمة بنت راشد المقبالية عام 2021.
بتحويل الحلم إلى فكرة حقيقة وواقع تركت فاطمة أثرًا وبصمة لا تُنسى في المجتمع العماني ستكمل عليه أجيال أخرى، دعوات الأمهات في الصباح الباكر..الكلمات اللطيفة التي تسمعها من الراكبات كانت جرعات إيجابية تمدُ فاطمة بالدعم في الاستمرار ومواصلة العمل،، الزبونات أصبحن صديقات وأهلا وعائلة لفاطمة.
انتشر تاكسي النساء ذو اللون الوردي في الأحياء التجارية والسكنية في محافظة مسقط وحين سألت فاطمة ماذا يعني لكِ اللون الوردي أجابت: يعني اللون الوردي لفاطمة الإلهام أن الحياة وردية ليس بها صعوبات مهما كانت الظروف والتحديات الإنسان قادر أن يجعلها جميلة ومزهرة ووردية مليئة بالحيوية.
لا تعد فاطمة الزبونات والراكبات التي تقلهن لمشاويرهن مجرد رحلة عابرة بل جميعهن أصبحن أخوات وصديقات حتى الكبيرات في السن عندما تقلهن يجري بينهن الكثير من الحوارات ويخبرنها بالنزول معهن إلى المنزل، كذلك الحال بالنسبة للفتيات أثناء وصولهن إلى التجمعات والرحلات مع صديقاتهن يطلبن منها النزول معهن للاستمتاع وقضاء أوقات جميلة برفقتهن.
وتذكر فاطمة لي بعض المواقف على سبيل المثال قائلة: إحدى الزبونات التي دائما أقوم بإيصالها إلى مشاويرها تحضر دائما لي في يدها هدية بسيطة،، وفي أحد الأيام منذ الصباح الباكر أوصلت صديقتين إلى مقهى للقهوة وأحضرن لي كوب قهوة.
لم تصادف فاطمة أية معاملة سيئة منذ عملها كقائدة مركبة في التاكسي النسائي؛ لأنها لديها القدرة على تحليل الشخصيات لجميع الزبونات إذا كانت مرحبة أو لا منذ دخولها المركبة، كما أنها منذ التحاقها تعلمت العديد من المهارات منها: كيفية التعامل مع الزبائن، الالتزام بالوقت، اللباقة في الحديث، المحاسبة، المالية فهذه الوظيفة تبني شخصية المرأة.
أسعد لحظات فاطمة أثناء العمل حينما تتأمل في الشارع وهي تقود مركبتها في الصباح الباكر تتأمل العابرين أمامها، الجميع منشغل بأشيائه البسيطة أحدهم يشرب كوب قهوة وهو يقود والآخر يسمع أغنيته المفضلة..وآخر منزعج يتجاوز الجميع في الطريق يسرع كالمجنون كل شخص في هذه الحياة لديه لحظاته الخاصة ويومياته.
لم تثنها زحمة الطرقات في محافظة مسقط عن العمل؛ لأن كل شيء يوضحه النظام الإلكتروني في السيارة إذا كانت هناك زحمة اكتظاظ أو غيره.
حينما بدأت فاطمة تعمل في سيارتها الخاصة قبل طرح فكرتها على شركة أوتاكسي لم يكن لديها الوقت الكافي للجلوس مع أفراد عائلتها كانت مزحومة جدا تعمل منذ بزوغ الشمس لحين مغيبها لحاجة النساء والفتيات لخدمتها، ولكن بعد أن تبنت فكرتها شركة أوتاكسي قامت بتنظم وقتها من خلال جدول أسبوعي ساعتين لقيادة التاكسي وساعتين للجلوس مع عائلتها، فالعمل في أوتاكسي مرن ومريح جدا، أنتِ من تحددين أوقات العمل والساعات التي ترغبين العمل فيها.
واجهت فاطمة الكثير من التحديات أصعبها نظرة المجتمع إذ يرون أن عمل المرأة كسائقة تاكسي هو غير مناسب لها ولطبيعتها ولا تتناسب مع العادات والتقاليد والأعراف إلى جانب تغيير فكرة ونظرة المجتمع لسائق التاكسي فهو له مكانته في المجتمع فهو فرد ذو علم وثقافة وفكر قد يكون لديه وقت فراغ هو ما دفعه للعمل كسائق تاكسي وليس لحاجته.
عائلة فاطمة تنظر إليها نظرة خوف تريد لها الأفضل ولكن بعد رؤيتهم لها ووصولها لطموحها مع حفاظها على عاداتها وتقاليدها أصبحوا فخورين فيها استطاعت تغيير فكر وثقافة.. واختتمت حديثها بقولها «أنا اليوم فخورة بنفسي غيرت مفهوم وفكر سيستفاد منه الجميع ».
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
أزهري: الأمم تتقدم بالعمل والأخذ بالأسباب لا بالتمني
قال الشيخ أبو اليزيد سلامة، من علماء الأزهر الشريف، إن سيدنا النبي- صلى الله عليه وسلم-، علمنا السعي والعمل الجاد في حياة المسلم، مستشهداً بمواقف من سيرة النبي- صلى الله عليه وسلم- لتوضيح كيفية جمع الإيمان بالله مع الأخذ بالأسباب لتحقيق النجاح.
وأوضح العالم الأزهري، خلال تصريح اليوم الإثنين: “الله- سبحانه وتعالى- قال: (وأن ليس للإنسان إلا ما سعى وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى)، بمعنى أن سعيك سيُرى في الدنيا وستحصده في الآخرة، مهما كان إيمانك، يجب أن تسعى وتجتهد”.
وأشار إلى أن النبي- صلى الله عليه وسلم-، على الرغم من مكانته الرفيعة وحبه الكبير لله- تعالى-، لم يكن يتواكل على معجزات الله فقط، بل كان يخطط ويدبر الأمور بعناية، موضحا: “النبي صلى الله عليه وسلم كان أفضل خلق الله، ومع ذلك لم يترك أمر الهجرة من مكة إلى المدينة للصدفة أو لمعجزات الله فقط، بل وضع خطة محكمة، بحث عن الزاد والصاحب ووسيلة الانتقال، واختار مسارا مختلفا ليحمي نفسه وصحبه”.
وأضاف: "كان بإمكان النبي- صلى الله عليه وسلم- أن يقول 'خليها على الله' وأن يعتمد على معجزات الله دون أن يخطط، ولكن النبي أراد أن يعلمنا أن العمل مع التوكل على الله هو السبيل لتحقيق النجاح في حياتنا.. النجاح لا يأتي من رفع اليدين فقط والدعاء، بل يأتي من السعي الجاد، من العمل، من التعليم، من اكتساب المهارات، وتطوير الخبرات."
واختتم: "الأمم لا تتقدم بالتمني، بل بالعمل المتواصل والتعلم والاعتماد على الأسباب، مهما كانت علاقتك بالله جيدة، لا بد أن تسعى وتعمل لتحقيق أهدافك، وهذا هو الطريق الذي علمنا إياه النبي صلى الله عليه وسلم".