آخر تحديث: 17 أكتوبر 2023 - 9:46 صبقلم: فاروق يوسف كذبت إسرائيل على العالم بحكاية الرؤوس المقطوعة، وهي الحكاية التي تلقفها الإعلام الغربي من خلال المنصات الأكثر مصداقية كما لو أنه كان ينتظرها قبل أن يفيق من حفلة تباكيه المشفوع بالتحريض على الانتقام ويعلن أن تلك الحكاية كانت ملفقة وأن مقاتلي حماس لم يرتكبوا جريمة ضد الإنسانية بقطع رؤوس أسراهم من الإسرائيليين.
غير أن ما حدث ألقى بظلال كئيبة على عمليات التضليل التي يمكن أن يمارسها الإعلام الغربي وتمر من غير أن تتعرض للمراجعة لتصبح جزءا من تاريخ زائف. لقد صدق الكثيرون أن حركة حماس بسبب انتمائها إلى تيار الإسلام السياسي يمكن أن ترتكب تلك الجريمة أسوة بما فعله تنظيم داعش في العراق وسوريا. وهو ما يكشف عن حقيقة الأهداف التي وقفت وراء تهافت وسائل الإعلام على رصد عمليات الذبح التي قام بها التنظيم الإرهابي وهو يقدم صورة مسيئة للإسلام والمسلمين في مرحلة أُعلنت فيها الحرب على الإرهاب الذي كان (ولا يزال) إسلاميا. وهو الموقف الذي حُظي بدعم الأجهزة المخابراتية التي اخترعت داعش وزودته بمادته البشرية من مختلف أنحاء الأرض ورسمت له خططه المؤقتة التي قامت أصلا على مبدأ تشويه صورة الإسلام وإظهار المسلمين وحوشا. حين قال جورج بوش الابن إن حربه على العراق هي حرب دينية لم يكن ذلك التصريح زلة لسان، والدليل على ذلك أن هناك مَن تحدث داخل إسرائيل وخارجها عن حرب دينية تعليقا على ما فعلته حركة حماس حين فاجأت إسرائيل بصواريخها وعمليات اقتحام مقاتليها للمستوطنات التي بُنيت على أرض مغتصبة. تعبير الحرب الدينية هو التعبير المفضوح المرادف لتعبير الحرب على الإرهاب. وهو تعبير يفصح عن حقيقة ما حدث عبر السنوات العشرين الماضية. كان الغرب وبالأخص الولايات المتحدة في حاجة إلى العدو المسلم الذي يحل محل العدو الشيوعي ولهذا كانت القاعدة وخليفها تنظيم داعش. ولو عدنا إلى وقائع تلك السنوات المحبطة لأدركنا ما تخللها من كذب ونفاق ومن هروب من مواجهة الحقيقة. فحين احتل التنظيم الإرهابي داعش الموصل عام 2014 كانت القوات العراقية التي هُزمت في معركة لم تقع مدربة من قبل الأميركان وكل الأسلحة التي تركتها في أرض المعركة وتُقدر قيمتها بمليار دولار كانت أسلحة أميركية حديثة. تلك إذًا وسيلة سريعة لتزويد داعش بالسلاح الذي سيستعمله في الدفاع عن نفسه. ولكن لمَ تُرك داعش ثلاث سنوات وهو يمارس بهلوانيته بدءا بالرجم والتعزير العلني وانتهاء بتحطيم الآثار التي هي حجر الأساس في التاريخ البشري مرورا بتنقيب المرأة وتجنيد الشباب وقتل مَن يرفع يده احتجاجا؟ إن لم تكن القوات الأميركية في العراق كافية فإن الولايات المتحدة تملك من قوات التدخل السريع الموجودة في الخليج العربي ما يكفي للتصدي لدول كبيرة بحجم إيران وليس لعصابة يترأسها رجل نكرة اسمه أبوبكر البغدادي، لم يُعرف عنه سوى أنه كان سجينا في سجن بوكا الذي أقامه البريطانيون حين احتلال العراق عام 2003 وبعد ذلك تولاه الأميركان. لم تكتمل التحضيرات لشن هجوم لتحرير الموصل إلا بعد ثلاث سنوات، سُمح فيها للتنظيم الإرهابي بأن يكمل الصورة التي يجب أن تظل خالدة في الأذهان. فالإرهابيون هم الممثلون النموذجيون للإسلام بنسخته السياسية المعاصرة التي صار على العالم أن يتصدى لها.مشهد الطيار الأردني معاذ الكساسبة الذي أعدمه التنظيم الإرهابي حرقا عام 2015 سيظل ثابتا في الذاكرة البشرية كما هي مشاهد تدمير الثور المجنح الذي يعود إلى العصر الآشوري الذي تفخر متاحف الغرب بامتلاك أشباهه. لم يخطئ داعش طريقه وهو يتلمس خطاه بين الحاضر والماضي. لقد تم استدعاء كل النصوص الظلامية التي أُلحقت بالدين الإسلامي من أجل أن تكون جرائم داعش منسجمة مع تراث القتل الذي كان جزءا من تاريخ المسلمين ولم يكن جزءا من الإسلام. كان هناك دائما صراع سياسي على الحكم، وهو أمر طبيعي ولم يكن الإسلام في صلب ذلك الصراع. عاشت بغداد عبر سنوات الحرب الأهلية (من 2006 إلى 2008) زمنا كانت فيه الرؤوس المقطوعة تُرى في المزابل. كانت القوات الأميركية على بعد أمتار مما يحدث. ولم تفعل شيئا. ولا يمكن تصديق الرواية التي تقول إنها تركت الشعب العراقي يفعل بنفسه ما يريد. كانت فرق الموت الأميركية تجوب شوارع المدن العراقية وتقطف ما تشتهي من الرؤوس. كانت تلك الوقائع المأساوية مطلوبة لكي تكتمل الصورة. وهي لا تخص الشعب العراقي في مرحلة حرجة من تاريخه بقدر ما تقدم خلاصة خبيثة لما يمكن أن يفعله المسلمون لو تمكنوا من العالم.
المصدر: شبكة اخبار العراق
إقرأ أيضاً:
حرب محتملة.. "داعش" يستعد للنشاط مجدداً مع إدارة ترامب
في خضم حملة رئاسية تركزت فيها النقاشات حول السياسة الخارجية بشكل أكبر، على الحروب في أوكرانيا وغزة ولبنان، ظل تنظيم داعش الإرهابي تحت الرادار، بينما دعا مؤيدوه ونشطاؤه إلى مهاجمة الأمريكيين في يوم الانتخابات.
المؤامرات الأخيرة التي تورط فيها مخططو داعش الصوماليون، تظهر أن الجماعة لديها وسائل هجوم دولية متعددة
وكتبت صحيفة "غارديان" البريطانية، أن مكتب التحقيقات الفيديرالي أحبط مؤامرة خطيرة في مدينة أوكلاهوما قبل أسابيع فقط من التصويت، مما أثار رداً شعبياً مماثلاً للأخبار المتعلقة بالتنظيم الإرهابي الذي بات مألوفاً مؤخراً: هل يشكل تنظيم داعش تهديداً متجدداً؟
لكن الحقيقة، هي أن داعش الإرهابي ، كان دائماً من بين التنيظمات التي يجب مراقبتها.
وعلى مدى السنوات الماضية، منذ سقوط ما يسمى بالخلافة، اضطر "داعش" إلى إعادة تشكيل نفسه وحشد قواه من خلال إعادة هيكلة خلاياه في أوروبا وتعزيز معاقله في أفغانستان تحت راية فرع خراسان، وغيرها.
والآن، يستعد تنظيم داعش ليكون شوكة كبيرة في خاصرة إدارة الرئيس الأمريكي المقبل دونالد ترامب، ويريد أن يكون نشطاً في موسم العطلات المقبلة، كما فعل في السنوات الماضية.
اتصالات مشفرةوفي أعماق غرف الدردشة على منصة الاتصالات المشفرة "روكت دوت تشات" التي اختارها التنظيم، تصاعد الحديث عن عمليات داعش في الغرب مع اقتراب عيدي الميلاد والشكر.
Islamic State is primed to be thorn in the side of incoming Trump administration — @BMakuch of @guardian featuring comments by @ColinPClarke and I https://t.co/Acx3UlSfdT
— Lucas Webber (@LucasADWebber) November 23, 2024وكتب أحد عناصر داعش في نوفمبر (تشرين الثاني) "إلى الإخوة المهتمين بسرقة سيارة واستخدامها في الهجمات القادمة"، مع رابط على موقع يوتيوب يشرح تقنيات سرقة السيارات عن بُعد.
لقد كان دهس المركبات سمة مميزة لعمليات داعش، بما في ذلك هجوم عام 2017 على جسر لندن، وآخر على سوق عيد الميلاد في برلين (الذي تضمن شاحنة مسروقة) عام 2016. ونشرت الجماعة الإرهابية مؤخراً أدلة أخرى، يحض أحدها على استخدام المسيّرات المدنية كأسلحة.
كما دعت موجة من الصور الدعائية الرسومية في أكتوبر ونوفمبر أتباع التنظيم الإرهابي إلى التحرك. وكانت إحدى الصور تحمل شعار "استهدفوهم في معابدهم" مع سكين وكنيسة كاثوليكية في الخلفية، بينما ظهرت في أخرى شجرة عيد الميلاد وماسورة ما يبدو أنها بندقية كلاشينكوف وقنبلة يدوية كزينة.
وقال أحد كبار محللي استخبارات التهديدات في مؤسسة التكنولوجيا ضد الإرهاب لوكاس ويبر، إن هناك "تهديداً متزايداً من تنظيم داعش للغرب خلال موسم العطلات".
وقال: "بدأ فرع ولاية خراسان في تنظيم داعش، بتهيئة الفضاء المعلوماتي من خلال نشر صور دعائية تهديدية، تظهر أحد مقاتليه وهو يحمل مسدساً بجانب شجرة عيد الميلاد، وآخر يحض أنصاره على اتباع نهج الإرهابيين الأوروبيين، الذين نفذوا الهجمات الأخيرة في أوروبا".
Meanwhile Trump in fact once again in his victory speech few days back highlighted how he defeated ISIS in 2019.
Islamic State is primed to be thorn in the side of incoming Trump administration - https://t.co/t22ng1qKFL
وعلى رغم من أن صور داعش، التي يصورها الهواة قد توحي بعدم الجدية، إلا أن هناك أسباباً أكثر من كافية لأخذ التهديدات على محمل الجد.
ونفذ تنظيم داعش فرع ولاية خراسان هجوماً دموياً على مسرح في موسكو في مارس (أذار) الماضي، مما أسفر عن مقتل 145 شخصاً بوحشية. وبعد ذلك، تعهد داعش الإرهابي بتنفيذ المستوى نفسه من المذبحة ضد هدف أمريكي. ثم أصدر بعد ذلك ملصقاً يظهر مبنى الكابيتول الأمريكي ورسالة: "أنت التالي".
وقال ويبر إن المؤامرات الأخيرة التي تورط فيها مخططو داعش، تظهر أن التنظيم لديه وسائل هجوم دولية متعددة.
وأضاف: "لقد تم ربط فرع داعش في الصومال بالمتآمرين في السويد، على سبيل المثال، حيث عاش زعيم الفرع لفترة من الوقت. كما تم ربط داعش في الصومال أيضاً بمؤامرة لتفجير قنبلة في إيطاليا".
لكن الولايات المتحدة وأهميتها السياسية ليست بعيدة أبداً عن أذهان مخططي داعش.
ترامب، الذي أعلن في حديث متلفز عن مقتل زعيم داعش أبو بكر البغدادي عام 2019، هو موضوع شائع للنقاش عبر الإنترنت بين أتباعه ونشطائه.
وتحدث أحد داعمي داعش على موقع "روكت دوت تشات"، عن محاولات اغتيال ترامب الصيف الماضي، والتي وصفها بـ "الكسولة"، مفترضاً إمكانية وجود فرص مستقبلية.
وأضاف: "أعتقد أنه إذا كان شخص ما مخلصاً وذكياً بما فيه الكفاية، فيمكنه القيام بذلك...الاستخبارات والأمن بشر، يمكن أن يرتكبوا الكثير من الأخطاء... إن الأمر بهذه السهولة...ونأمل في أن ينجح أحدها".
ويعتقد مدير الأبحاث في مركز صوفان للأبحاث كولن كلارك، أنه من بين جميع فروع التنظيم الإرهابي، سيكون فرع ولاية خراسان في المقام الأول في أذهان مسؤولي الاستخبارات الأمريكية.
ونبّه إلى أن بعض تعيينات ترامب في مجال الأمن القومي يمكن أن تثير استعداء موظفي الاستخبارات في الحكومة الأمريكية، الذين هم في طليعة ملاحقة داعش، وهو ما سيكون "طريقة سيئة لبدء ولايته الثانية".
ولفت إلى "أن مجتمع الاستخبارات، بما في ذلك وكالة الاستخبارات المركزية ولكن أيضاً غيرها، هو خط الدفاع الأول في حماية الوطن الأمريكي من جماعات مثل القاعدة وداعش ومختلف فروعها في أنحاء العالم".