الخليج الجديد:
2024-11-22@14:30:57 GMT

عن عنصرية الغرب وإنكاره إنسانية شعب فلسطين

تاريخ النشر: 17th, October 2023 GMT

عن عنصرية الغرب وإنكاره إنسانية شعب فلسطين

عن عنصرية الغرب وإنكاره إنسانية شعب فلسطين

يزيف المسؤولون الغربيون الوقائع حين يدعون أن الانتقام والعقاب الجماعي وقتل الآلاف من أهل غزة يمثل دفاعا شرعيا عن النفس.

المسؤولون الغربيون يرادفون ببراءة كاذبة بين وحشية آلة القتل الإسرائيلية وبين أعمال عسكرية تقوم بها جيوش الدول المسؤولة للحفاظ على أمنها.

يمارس الغرب زيفا يتجاوز تصريحاتهم الفارغة من المضمون ويرتبط بمضامين أخرى تحتل موقع القلب في السياسة الغربية تجاه قضية فلسطين.

لو لم تكن عنصرية الغرب حاضرة ومتمكنة من الحكومات والمجتمعات، لما تجاهل قادة الغرب حقائق الاحتلال والاستيطان والفصل العنصري والحصار.

لولا عنصرية لما خرج بايدن مروجا أكاذيب عن وحشية حماس دون إشارة واحدة لجرائم الاحتلال والمستوطنين قبل الحرب وجرائم الحرب الإسرائيلية مؤخرا.

من نظرة الاستعلاء العنصرية صمت الغرب على جرائم وانتهاكات حكومات إسرائيل وتجاهل الفصل العنصري تجاه الفلسطينيين ويرفض مقررات الشرعية الدولية.

يرفض الغرب أن يقر لشعب فلسطين بحق تقرير المصير وإقامة الدولة المستقلة وعودة اللاجئين ويريد التحايل عليها والتنصل منها والامتناع عن العمل على وضعها موضع التنفيذ منذ نكبة 1948.

* * *

بينما تواصل آلة القتل الإسرائيلية ارتكاب جرائم حرب بانتقامها الأعمى وعقابها الجماعي لأهل غزة وتورطها في تهجيرهم داخل القطاع، تتحايل الحكومات الغربية على الرأي العام العربي والعالمي اللذين تروعهما مشاهد المقتلة الإسرائيلية والأعداد المفزعة للضحايا من الأطفال والنساء والرجال بإطلاق التصريحات التي تطالب «حكومة الحرب» في تل أبيب باحترام القانون الدولي العام والقواعد المنظمة للحروب ومقتضيات حماية المدنيين وتدعو إلى إدخال المساعدات الإنسانية العاجلة إلى غزة.

وهذه، جميعها، تصريحات فارغة من المضمون:

أولا، لكونها لا ترتبط بممارسة ضغوط فعلية على إسرائيل لكف آلة القتل عن الفلسطينيين في غزة وللامتناع عن إصدار أوامر التهجير من شمال القطاع إلى جنوبه والابتعاد عن إطلاق العملية العسكرية الأرضية بكل ما تحمله من أخطار كارثة إنسانية محققة.

ثانيا، لكونها لم تحل بين الحكومات الغربية وبين إغراق إسرائيل بالمساعدات العسكرية والمالية ولم تحل بين الولايات المتحدة تحديدا وبين إرسال قطع عسكرية إلى شرق المتوسط إعلانا عن الانحياز الكامل من جانبها ولتهديد أطراف إقليمية كإيران وحزب الله شددت على عدم رغبتها في التورط بمواجهات عسكرية مع إسرائيل.

ثالثا، لكونها خرجت على استحياء شديد من بعض رؤساء ووزراء خارجية الغرب ووضعت «كجمل اعتراضية» بين متواليات التشديد الزائف على حق إسرائيل في «الدفاع الشرعي» عن النفس وحقها في «العمل العسكري» لتحقيق الأمن لمواطنيها.

يزيف المسؤولون الغربيون الوقائع حين يدعون أن الانتقام والعقاب الجماعي وقتل الآلاف من أهل غزة يمثل دفاعا شرعيا عن النفس وحين يرادفون ببراءة كاذبة بين وحشية آلة القتل الإسرائيلية وبين أعمال عسكرية تقوم بها جيوش الدول المسؤولة للحفاظ على أمنها.

غير أن المسؤولين الغربيين يمارسون زيفا يتجاوز تصريحاتهم الفارغة من المضمون ويرتبط بمضامين أخرى تحتل موقع القلب في السياسة الغربية تجاه قضية فلسطين.

فمن جهة، يرفض الغرب أن يقر للشعب الفلسطيني حقوقه الأساسية المتمثلة في تقرير المصير وإقامة الدولة المستقلة وعودة اللاجئين (أو خليط من العودة والتعويضات) ويصنفها كحقوق يمكن التحايل عليها والتنصل منها والامتناع عن العمل على وضعها موضع التنفيذ وهو ما يعيش معه الفلسطينيون دون انقطاع منذ النكبة في 1948.

ومن وراء ممارسات الرفض والتحايل والتنصل تقف نظرة الحكومات الغربية إلى الشعب الفلسطيني كبشر من الدرجة الثانية يمكن فيما خصهم قبول حياة التهجير المتكرر واللجوء الدائم والانتقاص الممنهج من حقهم في الحياة الآمنة والكريمة بفعل عنف إسرائيل ووحشية آلة قتلها.

ومن داخل النظرة الاستعلائية والعنصرية صمت الغرب على جرائم وانتهاكات حكومات إسرائيل المتعاقبة، وتجاهل سياسات وممارسات الفصل العنصري التي تورطت وتتورط بها تجاه الفلسطينيين، ولم يرد تنفيذ مقررات الشرعية الدولية فيما خص إنهاء الاحتلال والاستيطان في الضفة الغربية والقدس الشرقية والحصار على غزة.

لذلك، لم تهتم لا الولايات المتحدة ولا أوروبا طوال السنوات الماضية برعاية مفاوضات سلام حقيقية بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية بغية الوصول إلى تطبيق حل الدولتين، واعتبرت أن تقديم بعض المساعدات الإنسانية والاقتصادية للأراضي الفلسطينية المحتلة يغني عن إنهاء الاحتلال وتحقيق التسوية السلمية، وقبلت الانتهاكات الإسرائيلية عنفا ممنهجا واستيطانا إجراميا في الضفة والقدس وعدوانا عسكريا متكررا وحصارا ظالما على غزة.

من جهة أخرى، ولذلك أيضا، لم تجد الحكومات الغربية في الأيام الأولى للحرب على غزة أي حرج في التماهي مع الخطاب الرسمي الإسرائيلي الذي صنف الفلسطينيين بعنصرية فاضحة «كوحوش بشرية» و«حيوانات بشرية» وأطلق عليهم من ثم نزوعه الانتقامي المفزع وآلة قتله المتفلتة من كل قيد، ولم تفكر كثيرا قبل تبرير العدوانية والانتقام والعقاب الجماعي كدفاع شرعي عن النفس من قبل إسرائيل بعد أن هاجمتها حماس ومن تمرير إنزال القتل والدمار بغزة بحجة حماية الأمن الإسرائيلي.

لو لم تكن عنصرية الغرب تجاه فلسطين وتصنيف شعبها كبشر من الدرجة الثانية حاضرة ومتمكنة من مفاصل الحكومات والمعارضات والمجتمعات المدنية والفضاءات العامة، لكان رؤساء الغرب ووزراء خارجيته قد اكتفوا بالإدانة المستحقة لاعتداءات حماس على المدنيين الإسرائيليين ولربما برروا شيئا من ردود الأفعال العسكرية ضد حماس والفصائل المسلحة الأخرى دون الترويج للعقاب الجماعي.

ولما كانوا قد صمتوا لأيام على المقتلة الدائرة وعلى الحصار المطبق بقطع المياه والكهرباء والغذاء قبل أن يستفيقوا على المنظمات الدولية الإنسانية تدق نواقيس الخطر بشأن الكارثة الواقعة في غزة وعلى أصوات الشعب الفلسطيني تطالب بشيء من الحماية والعدالة وعلى مواقف الحكومات العربية المطالبة بكف يد إسرائيل عن أهل غزة.

لو لم تكن عنصرية الغرب تجاه فلسطين حاضرة ومتمكنة من مفاصل الحكومات والمجتمعات، لما تجاهل قادة الغرب حقائق الاحتلال والاستيطان والفصل العنصري والحصار التي أفضت إلى انفجار الداخل الفلسطيني ولتحدثوا عن ضرورة العودة إلى عملية سلام شاملة على أساس حل الدولتين ولربطوا بين غياب الأفق السياسي وبين دوائر العنف المتكررة بين إسرائيل وفلسطين.

ولولا العنصرية الغربية، لما خرج الرئيس الأمريكي جو بايدن على الرأي العام العالمي مروجا لأكاذيب ذبح حماس للأطفال ومرددا لمقولات عن وحشية حماس دون إشارة واحدة إلى جرائم الاحتلال والمستوطنين المتطرفين قبل الحرب وجرائم الحرب الإسرائيلية خلال الأيام الماضية.

من جهةٍ أخيرة، يمكن تصنيف الغرب للفلسطينيين كبشر من الدرجة الثانية تظل سياسات وممارسات الفصل العنصري تجاههم داخل إسرائيل وفي الأراضي المحتلة مقبولة تجاهلا وصمتا وتظل حياة الشتات ومخيمات اللاجئين تليق بهم تحايلا على مقررات الشرعية الدولية ويظل التنصل من حقهم في تقرير المصير قائما دون تغيير، يمكن هذا التصنيف العنصري المقيت الحكومات الغربية من منع التظاهرات والتجمعات السلمية للفلسطينيين التي تنظم دفاعا عن أهلهم في غزة وطلبا لوقف العدوان الإسرائيلي وللامتناع عن ارتكاب مزيد من جرائم الحرب والتهجير والعقاب الجماعي ومناداة بحل لقضيتهم العادلة.

يمنع الغربيون تظاهرات وتجمعات سلمية ويستخدمون أدواتهم الأمنية لقمعها بعنف وترهيب المشاركات والمشاركين بها بينما يصمتون عن الوحشية الإسرائيلية لكونهم لا يرون بعنصريتهم في الفلسطينيين، ومعهم في لحظات الحروب وحين تحدث المقتلة مجددا العرب والمسلمين وبعض اليسار التقدمي الغربي، سوى بشر من الدرجة الثانية عليهم الامتناع عن إزعاج المجتمعات الغربية بتظاهراتهم ولا يحق لهم تشويه مشاهد التأييد الكاسح لإسرائيل من قبل حكومات الغرب على الرغم من الجرائم والوحشية وليس لهم أن يتدخلوا كمواطنين لدولهم الغربية في مناقشة مواقف وسياسات الحكومات التي يفترض أن تمثلهم. فذاك حق محفوظ فقط للبشر من الدرجة الأولى، والفلسطينيون ونحن معهم في قراءة الغرب العنصرية لسنا وبغض النظر عن بطاقات هوياتنا سوى لاجئين دائمين ومن ثم بشر من الدرجة الثانية لا دخل لنا لا بالسياسة ولا بالقضايا الكبرى وعلينا عدم تجاوز مقتضيات المتابعة الصامتة لتقتيل أهلنا في غزة من قبل إسرائيل وللمساعدات الغربية وهي تنهال عليها وللقطع العسكرية الغربية وهي ترهب وتهدد فلسطين ومن حولها.

لكل ظلم نهاية.

*د. عمرو حمزاوي باحث بجامعة ستانفورد، أستاذ العلوم السياسية المساعد سابقا.

المصدر | القدس العربي

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: الغرب إنسانية شعب فلسطين العقاب الجماعي جو بايدن حق تقرير المصير عودة اللاجئين من الدرجة الثانیة الحکومات الغربیة عن النفس فی غزة

إقرأ أيضاً:

النيابة العامة الإسرائيلية تقدم لائحة اتهام بحق المتحدث باسم نتنياهو بتهمة تسريب معلومات أمنية بهدف المس بأمن إسرائيل

قالت ‏القناة 12 الإسرائيلية، إن النيابة العامة الإسرائيلية تقدم لائحة اتهام بحق المتحدث باسم نتنياهو بتهمة تسريب معلومات أمنية بهدف المس بأمن إسرائيل.

وقد أعلن ‏الجيش الإسرائيلي، تنفيذ ضربات دقيقة على أهداف عسكرية في إيران.

وقالت ‏مصادر، إن الضربة الإسرائيلية كانت مكونة من عدة مراحل وهدفها التدمير التام للدفاعات الجوية الإيرانية.

وفي وقت سابق، أعلن التلفزيون الرسمي الإيراني عن إطلاق 200 صاروخ باتجاه إسرائيل في هجومٍ هو الأكبر من نوعه منذ فترة.

وأكدت وسائل إعلام متعددة، أن هذه الصواريخ استهدفت مواقع عسكرية إسرائيلية حساسة، مما يزيد من احتمال تصاعد الصراع في المنطقة.

مقالات مشابهة

  • العدالة الغربية المزعومة: مذكرة اعتقال أم مسرحية هزلية؟
  • البرادعي يوجه رسالة إلى الحكومات العربية بعد مذكرة اعتقال نتنياهو
  • محافظ الغربية يحقق أمنية شابين من ذوي الهمم ويوفر لهما كراسي كهربائية في استجابة إنسانية سريعة
  • النيابة العامة الإسرائيلية تقدم لائحة اتهام بحق المتحدث باسم نتنياهو بتهمة تسريب معلومات أمنية بهدف المس بأمن إسرائيل
  • عمرو خليل: قانون حظر الأونروا جزء من حرب الإبادة الإسرائيلية على فلسطين
  • القومي دان الفيتو الأميركي: يمنح إسرائيل صكاً مفتوحاً لإبادة شعب فلسطين
  • عادل حمودة يكتب: سفير ترامب الجديد فى إسرائيل: لا شىء اسمه فلسطين
  • كارثة إنسانية جراء نفاد الوقود في غزة.. ماذا يحدث في فلسطين؟ (فيديو)
  • الصين والسعودية وإيران تدعو لوقف عدوان إسرائيل على فلسطين ولبنان
  • قتل الأطفال يبلغ معدلاً غير مسبوق.. الغارديان: إسرائيل تستخدم الذخيرة الحية لقتلهم في الضفة الغربية