مبدعات يتجاوزن الإعاقة ويحققن نجاحات محلية ودولية
تاريخ النشر: 17th, October 2023 GMT
رؤى بنت أحمد الفزارية فنانة تشكيلية، عانت منذ صغرها من إعاقة جسدية بعد تعرضها لإصابة في العمود الفقري وخاضت رحلة علاج طويلة، ولكنها اتخذت موقفا قويا ضد الاستسلام للإعاقة، فانخرطت في المجال الفني، ووضعت بصمة نجاح في عدد من المعارض المحلية والدولية.
قالت رؤى: أحب فنون الزخرفة وبتشجيع من أمي استطعت ممارسة الفن، ونقوش الحناء والرسم على الدفاتر المدرسية، وبعد إصابتي توقفت عن الرسم وبدأت رحلة علاج طويلة وحصلت على دعم وتشجيع من مستشفى قوات السلطان المسلحة بقسم العلاج الوظيفي برئاسة المقدم نجاة البوسعيدي التي اطلعت على موهبتي واقترحت عليّ أن أعرض أعمالي للمختصين في الجمعية العمانية للفنون التشكيلية.
وأقمت أول معرض شخصي لي عام 2011م، انطلقت بعدها للمشاركات المحلية والخارجية.
وعن أحب الأعمال التي تحب رسمها، تقول أروى: السفن الشراعية والبيئة البحرية والبرية والطيور والتراثيات والأعمال الفنية المزخرفة المستوحاة من النسيج العماني والأشكال الهندسية والزخارف الإسلامية، وبعض الأعمال الفنية دقيقة التفاصيل، تأخذ من شهرين إلى ثلاثة أشهر.
تصميم
عفاف بنت سعيد الإسماعيلية، مصممة أزياء لديها إعاقة السمعية، تقول: كان حلمي أن يكون لديّ مشروع خاص، وكنت أفكر في فن التجميل أو تصميم الأزياء، حتى جاءت فرصة لدراسة التطريز في المملكة المتحدة، وشجعتني أسرتي ودعمتني لاقتناص الفرصة، وكانت الانطلاقة بسيطة في فن تطريز الزي العماني، وكنت أعمل لوحدي في المنزل، ونجحت وقررت أن أقدم في صندوق الرفد لأتوسع وأحقق حلمي أن أمزج بين الحديث والقديم في كل قطعة أصممها، واستطعت أن انطلق بمشروع «عفاف كوتور»
أضافت عفاف: واجهتني صعوبات خلال تنفيذ المشروع المتمثلة في الإجراءات وآلية التواصل مع الجهات المعنية، ولم أكن أتخيل أن يتقبل الجمهور تصاميمي في فتره قصيرة والبعض عندما علم أنني من ذوي الإعاقة السمعية ساندني لأكون أكثر ثقة وأتوسع بشكل أكبر. وأسعى جاهدة للاهتمام بمن يعانون من إعاقات بفتح معهد خاص لهم، وأدرس مقترح افتتاح أفرع في الخليج للتوسع أكثر.
جرافيك
تميمة بنت علي الناصرية مصممة جرافيك، لديها إعاقة جسدية لكنها سعت لتحقيق طموحاتها، وتقول:» عن طريق التعلم الذاتي دخلت إلى العالم الافتراضي فتعلمت التصميم الجرافيكي وأنشأت مشروعي ووجدت إقبالا ولا زلت أسعى إلى تطوير مواهبي ومشروعي بالدعم والمساندة.» وأضافت: قمت بتصميم أجنحة معارض عديدة منها جناح أكسبو أصحاب الهمم بدبي، وجناح معرض مسقط الدولي للكتاب، وتم تكريمي من قبل وزارة التنمية الاجتماعية في مجال التصميم الجرافيكي، بالإضافة إلى عمل تصاميم إعلانات في كافة المجالات.
وعن الصعوبات قالت:» أصبت بهشاشة العظام منذ الولادة وعانيت من الكسور وصعوبة التنقل، لكن بفضل من الله تجاوزتها بتسهيلات من جهات حكومية بعد حصولي على كرسي متحرك وسيارة خاصة، ولا زلت أحاول تجاوز بعض الصعوبات مثل تحدياتي مع التعليم الحر فلقد واجهتني صعوبة في تعلم وفهم بعض المواد ولي رغبة في مواصلة التعليم وأتمني أن ألتحق بإحدى مدارس وزارة التربية والتعليم.»
رياضة
نصراء بنت ناصر الحارثية، لديها إعاقة ذهنية، انخرطت في مجال الرياضة، وتقول: ساعدتني أمي كثيرا في الانطلاق وأن أحقق ذاتي رغم التحديات التي واجهتها، وتحديت بكل إرادة وإصرار وعزيمة كل المعوقات، وحرصت على الالتزام بأوقات التدريب وأتيحت لي الفرصة للمشاركة في دورة الألعاب الإقليمية للأولمبياد الخاص في أبو ظبي عام 2018م، وحصلت على المركز الرابع على مستوى دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وشاركت في بطولة العالم للأولمبياد الخاص 2019 وكنت سعيدة جدا أني أمثل سلطنة عمان.»
إدارة
صفاء بنت علي الهنائية، تقول رغم الإعاقة تحديت نفسي وثابرت من أجل أن أصل إلى أهدافي وبدعم من مختلف الجهات، درست الدبلوم العام والتحقت بمركز الخوض للمعاقين سابقا والآن يسمى مركز التقييم والتأهيل المهني وطورت حياتي العلمية والعملية، ورغم إنني أعيش في مكان يفتقر نوعا ما للخدمات والتطوير إلا أنه لم ينتابني اليأس، والتحقت ببرنامج «كن معنا لأجلهم» ، وهو برنامج تدريب مقرون بالتشغيل حيث تدربت ما يقارب 6 أشهر في مجال تنمية الموارد البشرية، حيث درست إدارة الأعمال، وأحث كل الأشخاص ذوي الإعاقة ولاسيما المرأة على التمسك بالإرادة لتحقيق الغايات.
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
نساء غزة يعانين مرارة الإعاقة وقسوة النزوح
رغم المأساة التى يعانيها الشعب الفلسطيني من جراء استمرار الحرب لأكثر من عام ونصف العام، إلا أن العديد من النساء الفلسطينيات يتمتعن بعزيمة قوية وإرادة للحياة، قصص مأساوية وفقد وحزن وجروح غائرة سببتها الحرب ولا أشد قسوة من حياة امرأة فقدت زوجها وأبناءها وبيتها وأجزاء من جسدها وبقيت تصارع الظروف القاسية في ظل نقص الرعاية الصحية والنفسية والتأهيلية.
تعكس قصة فادية الدحدوح ذات الخمسة وأربعين عامًا وأبنائها واقعًا مأساويًا تعيشه النساء في قطاع غزة، الذي يشهد حربًا إسرائيلية دامية لأكثر من 15 شهرًا، تفاقمت خلالها معاناتهم بين مرارة الإعاقة، وقسوة النزوح، وشبح المجاعة، ولهيب القصف الإسرائيلي.
تقول فادية وهى تحاول تحريك يدها بصعوبة مستذكرة تلك الليلة الصعبة التي عاشتها ولن تنساها: سمعت صوت القصف كانت لحظة قصيرة، لكنها كانت كفيلة بتغيير كل شيء.
الصاروخ اخترق المبنى من أعلاه إلى أسفله، دمّر الطوابق الخمسة بعد حوالى 15 ثانية من سماع صوت الانفجار، أدركت أن الصاروخ قد أصابنا، لقد سقط باب خشبي على ظهري، وتراكمت فوقه الحجارة والركام، شعرت بشيء دافئ يتدفّق من ظهري وقدمي، عرفت حينها أنني مصابة. رفعت بصري بصعوبة، بحثت عن أطفالي حيث كانوا ينامون، لكن لم أجد سوى كومة من الحطام غطت مكانهم، في تلك اللحظة، أيقنت أنهم قد استشهدوا. لم يكن هناك مجال للشك، فقد تحول كل شيء حولي إلى دمار بينما كنت أستعّد لتوديع الحياة، اخترق أذني صوت ضعيف، نظرت أمامي، فرأيت ابنتى راما ذات الـ16 عام ملقاة في زاوية الصالون. وحين انهار السقف، سقط عليها الركام، لم تمت، الحمد لله، لكنها لم تستطع الحركة. سمعت صوتها يرتجف وسط الركام: «أنا عايشة، لكن رجلي مقطوعة». حاولت أن أواسيها، رغم الألم الذي كان يمّزقني، فقلت لها: «أنا أيضاً رجلي مقطوعة. لم أكن متأكدة من كلامي، لكن شعوري كان يقول لي: إنني فقدت إحدى قدمي».
توقفت فادية عن الحديث وهى تدارى دموعها بيدها، أخذت تنظر إلى سقف الخيمة لبرهه من الوقت، ثم بدأت الأم الأربعينية تستعيد ذكرياتها عن أسرتها قبل اندلاع الحرب، حين كانت تعيش في منزلها الذي تتوق للعودة إليه، عامرًا بالحياة والمرح والوداعة، لكنها فقدته كما فقدت زوجها وأبناءها.
قالت: «كنت أنتظر بفارغ الصبر أن يأتي ابني أحمد وزوجي لإنقاذي وإنقاذ الأطفال. كنت واثقة أنهما بخير، وأنهما في طريقهما إلينا، لكن لا أحد منهم جاء. بدأ الجيران بإخراجي من تحت الركام. نقلوني إلى سيارة، وهناك، رأيت فؤاد بجانبي، كانت جلدتا قدميه تذوب أمامي من شدة الحروق، مشهد كابوسي. وصلنا مستشفى المعمداني بسيارة الجيران، ولحظات بعدها وصلت سيارة تحمل زوجي وابنتى راما. كان زوجي مصابًا في رأسه بشدة، ولم تمض خمس دقائق حتى
استشهد بين أيدينا، أما أحمد، ومرام، وعبد الكريم، فلم يكونوا بين الجرحى لقد كانوا في قسم الشهداء، رحلوا منذ اللحظات الأولى للقصف، عندما أدخلوني إلى غرفة العمليات، كانت قدمي اليسرى لا تزال موجودة، لكنها كانت ممزقة بالكامل. حاول الأطباء وقف النزيف، لكن الدم تدفق بغزارة. في الواحدة بعد منتصف الليل، خضعت للجراحة وتلقيت 13 وحدة دم، حيث كنت قد فقدت كميات هائلة من الدماء. لم يكن أمام الأطباء خيار سوى بتر قدمي اليسرى من تحت الركبة، إذ لم يكن هناك أي أمل في إنقاذها».
فادية واحدة من أكثر من 12 ألف حالة- عدد تقديري للإعاقات- الناتجة عن الحرب الإسرائيلية التي اندّلعت في أكتوبر 2023 على قطاع غزة واستمرّت خمسة عشر شهرًا، مخلّفة وراءها أثرًا مدمرًا على المدنيين الناجين بتزايد أعداد الإصابات والإعاقات.
اختتمت فادية بشيء من الحسرة قولها: «العجز الذي أشعر به يُمزقني. لم أعد قادرة على رعاية أطفالي المصابين، لا أستطع الاهتمام بابني فؤاد، لقد أرسلته لعمته حيث يمكن أن تعتني به، لكن ذلك يقتلني من الداخل. أتلقى مكالمات تفطر قلبي، تخبرني أن فؤاد مريض ولا يستطيع الأكل. أصبحت مقيدة بعجزي، مكبلة بهذا البتر الذي حرمني من أداء أبسط واجباتي كأم، أذهب الآن إلى جلسات العلاج الطبيعي، أقاتل من أجل التأهيل لتركيب طرف صناعي. قدمت طلب تحويل للعلاج بالخارج، لأنني أريد أن أقف مجددًا، ليس لأجلي، بل من أجل أطفالي. أريد أن أكون قادرة على رعايتهم، تربيتهم، وحمايتهم، هذا الحلم، رغم بساطته، بات معركتي اليومية التي لا خيار لي سوى خوضها لكن المعبر ما زال مغلق وما زلت انتظر».
اليوم، تعيش فادية بقدمٍ واحدة لكنها لا تزال بحاجة إلى كرسي متحرك لمساعدتها على التنقل بسهولة بتكلفة لا تقل عن (850 دولارا) للكرسي المتحرك اليدوي أما الكهربائي فتصل إلى 3 آلاف دولار، لكن أسرتها لا تملك ثمنه نتيجة الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها بعد استشهاد زوجها وأبنائها.
تُعد تكاليف الإعاقة عبئًا ثقيلًا على العديد من الأطراف المعنية في قطاع غزة، وخاصة الحكومة التي قالت: إنها تعانى صعوبة تقديم الدعم الكافي لذوي الإعاقة بسبب نقص الموارد المالية والتحديات التي تواجهها في تخصيص الميزانيات الخاصة.
وأوضحت وزارة التنمية الاجتماعية في قطاع غزة، في بيانٍ لها، أن الأجهزة الحكومية المختصة بما فيها وزارة الصحة والتنمية الاجتماعية تبذلان مساعي جادة من أجل الحصول على دعم كاف يمكنهم من توفير الاحتياجات الأساسية لذوي الإعاقة، بما في ذلك القيام بالتأهيل اللازم، وتشغيل المراكز العلاجية المختصة بعد خروجها عن الخدمة، وتوفير الأدوات المساعدة.
وأكدت الوزارة أن إغلاق المعابر يعيق وصول العديد من الاحتياجات الأساسية لفئة الأشخاص من ذوي الإعاقة، بما في ذلك الحفاضات والعكازات والكراسي المتحركة الكهربائية (السكوتر)، وغيرها من أدوات.
ورغم أن منظمات الأمم المتحدة تعمل على تقديم بعض المساعدات للأشخاص ذوي الإعاقة داخل قطاع غزة؛ إلا أن هذه المساعدات لا تشمل جميع الفئات، خاصة مع تزايد وتفاقم الحالات جرّاء الحرب التي زادت من حجم الاحتياجات الطبية بشكلٍ فائق.
بينما تعاني المصابات من النساء من الألم الجسدي، تتفاقم معاناتهن بسبب نقص الإمكانيات الطبية وتدمير المنشآت الصحية؛ مما يضطر الأطباء في بعض الأحيان إلى اتخاذ قرارات صعبة، كما حدث مع فادية التي خضعت لبتر قدمها دون تخدير كافٍ.
الطبيب أحمد العبسي رئيس قسم الأطراف الصناعية بمستشفى حمد للتأهيل والأطراف الصناعية، يقول: إنّ عملية البتر في الظروف الطبيعية تتبع معايير أمان متكاملة تشمل فريقًا متخصصًا من أطباء العظام والتخدير والأعصاب. لكن في حالات الحرب، تتعرض هذه العمليات لتحدّيات كبيرة بسبب الظروف الاستثنائية، حيث يصعب توفير المعدات والأطباء المتخصصين بشكل كافٍ.
وفي غزة، حيث تتزايد حالات البتر نتيجة الحرب، يُضطر الأطباء في كثير من الأحيان للتعامل مع إصابات معقدة تتضمن الحروق والالتهابات، مما يزيد من تعقيد العملية ويؤدي إلى ضرورة إجراء عمليات بتر إضافية في بعض الحالات.
وبينما لا يتمكن العديد من المصابين من الوصول إلى المستشفيات في الوقت المناسب جرّاء الحرب، يؤدي ذلك إلى تأخير العلاج وتعرض الأطراف المصابة للعدوى. ووفقًا للعبسي فإنّ هذا التأخير، إلى جانب نقص الكوادر الطبية وارتفاع معدلات الفقر وسوء التغذية، يعوق التئام الجروح ويزيد من احتمالية تعرضها للبتر مرة أخرى.
ومن بين 2.3 مليون نسمة هم عدد سكان قطاع غزة، هناك أكثر من 40 ألف شخص يعانون إعاقاتٍ دائمة سواء كانت نتيجة لهذه الحرب أو لحروب سبقتها أو لأسبابٍ أخرى بنسبة 17.66% من مجموع السكان. وتشير البيانات إلى أن الحرب الأخيرة تسببت في زيادة 0.46% من الإعاقات نتيجة الإصابات الجديدة، إذ بلغت نسبة الأشخاص ذوي الإعاقة قبل الحرب 17.2% فيما تمنع إسرائيل دخول مواد تصنيع الأطراف الصناعية بحجة أنها قد تستخدم لأغراض عسكرية.
في سياق متصل حذّرت هيئة الأمم المتحدة للمرأة من العواقب الوخيمة لانهيار وقف إطلاق النار الهش على النساء والفتيات في غزة. وسلطت الضوء على «تفاصيل مروعة» للخسائر البشرية خلال ثمانية أيام فقط من استئناف حرب الإبادة الإسرائيلية على القطاع.
وفي مؤتمر صحفي في جنيف، تحدثت عبر الفيديو من العاصمة الأردنية عمّان ماريس جيمون الممثلة الخاصة لهيئة الأمم المتحدة للمرأة في فلسطين، وقالت: إن «الفترة من 18 إلى 25 مارس شهدت استشهاد 830 شخصا، منهم 174 امرأة و322 طفلا، وإصابة 1787 آخرين».
وأشارت إلى أن «هذا يعني استشهاد 21 امرأة وأكثر من 40 طفلا يوميا»، مؤكدة أن «هذا ليس ضررا جانبيا؛ هذه حرب تتحمل فيها النساء والأطفال العبء الأكبر».
وأكدت أن النساء والأطفال يشكلون ما يقرب من 60% من الضحايا في الأحداث الأخيرة، وهو «شهادة مروعة على الطبيعة العشوائية لهذا العنف».
ونقلت جيمون عن شركاء الهيئة ونساء وفتيات في غزة مطالبهم بإنهاء الحرب، مشددة على أن الوضع يقتصر على «البقاء على قيد الحياة».