حضور بارز للمرأة العمانية في المجال الدبلوماسي
تاريخ النشر: 17th, October 2023 GMT
مكنت السياسات التي انتهجتها سلطنة عمان المرأة العمانية من الإسهام بفاعلية في جميع المجالات، ومنها العمل في المجال الدبلوماسي حيث تشارك المرأة العمانية بجدارة في تمثيل بلادها في المحافل الدولية، وهناك العديد من العمانيات اللاتي يعملن ويتقلدن مناصب مهمة في السلك الدبلوماسي، ويقدمن إسهامات بارزة، بلغ عددهن 249 امرأة، أي ما نسبته 31% من إجمالي عدد الموظفين في وزارة الخارجية، في حين تبلغ نسبة العاملات في بعثات سلطنة عُمان بالخارج 20% من إجمالي موظفي البعثات.
وللتعرف على دور المرأة في هذا المجال، أجرت (عمان) حوارا مع المستشارة الدكتورة حنان بنت إبراهيم الشحية رئيسة دائرة أمريكا بوزارة الخارجية .. فإلى التفاصيل::
. ما هي التحديات التي تواجه المرأة العُمانية في المجال الدبلوماسي ؟
ـ في البداية أحب أن أبارك للمرأة العُمانية يومها الذي يأتي في السابع عشر من أكتوبر من كل عام كمناسبة وطنية للاحتفاء بإنجازاتها ومساهماتها القيمة في كافة ميادين الحياة. هذه الإنجازات التي يفخر بها الوطن لم يكن لها أن تتحقق لولا وجود قيادة حكيمة تؤمن بالدور المهم الذي يمكن أن تلعبه المرأة جنبًا إلى جنب مع أخيها الرجل وأهمية تمكينها وإشراكها في صناعة المستقبل، وقد نجحت المرأة العُمانية - ولله الحمد- في ترجمة هذه الثقة السامية إلى إبداع وتميز فاقت فيه الحدود وضاهت فيه الآفاق مستلهمة في ذلك قدوتها المنيرة في العطاء والبذل في سبيل الوطن من السيدة الجليلة حرم جلالة السلطان -حفظها الله ورعاها.
حول سؤالك عن التحديات التي تواجه المرأة العُمانية في المجال الدبلوماسي، فقد لا تختلف هذه التحديات عمومًا عن تلك التي تواجه المرأة في أي دولة أخرى، ونتيجة لإدراك سلطنة عُمان بأهمية تمكين مشاركة المرأة في هذا المجال، نجد الآن إقبالًا كبيرًا من النساء على الانخراط في السلك الدبلوماسي، ويقابل ذلك إرادة سياسية حقيقية من صناع القرار لتطوير الكفاءات النسائية وتأهيلها وبالتالي تمكينها من تولي مناصب قيادية، وبحسب الإحصاءات العالمية فإن نسبة القيادات النسائية في المجال الدبلوماسي كالسفيرات ورئيسات الوفود الدائمة عالميًا بلغت ٢٠,٥% هذا العام، أي ما يقارب خمس نسبة القيادات من الذكور، وهي وإن كانت تبدو دون مستوى الطموح إلا أنها تمثل ارتفاعًا ملحوظًا عما كانت عليه في عام ٢٠١٩م حيث بلغت النسبة ١٦% فقط. وقد تواجه المرأة الدبلوماسية في سلطنة عُمان- شأنها في ذلك شأن نظيراتها في باقي المجتمعات الشرقية- تحديات خاصة تفرضها العادات والتقاليد والصورة النمطية السائدة التي تفضل ركون المرأة في العمل لما هو مألوف ومريح، وهذا قد لا يتماشى دائمًا مع العمل الدبلوماسي الذي قد تكون له متطلباته الصعبة في بعض الأحيان، فقد يتطلب تنقلًا وسفرًا والعيش لفترات طويلة خارج البلد، مما يستوجب التكيف والتأقلم وتطويع الظروف مع ضرورة توافر الدعم الأسري والعائلي.
وفي كل الأحوال فإن الوزارة من جانبها حريصة كل الحرص على توفير بيئة عمل متكافئة وشاملة للمرأة الدبلوماسية، وإزالة كافة العوائق والتحديات التي تواجهها، وضمان حصولها على الدعم اللازم للنجاح في مهامها بما قد يتطلبه ذلك أحيانًا من تطويع وتسهيل الإجراءات مراعاة لأي ظروف خاصة قد تتعرض لها المرأة، فالمرونة مطلوبة والاعتبارات الإنسانية موجودة دائمًا في العمل الدبلوماسي. كما تعمل الوزارة كذلك على ضمان الانتقاء الجيد للكوادر النسائية الدبلوماسية للعمل فيها، فإلى جانب المؤهلات العلمية المناسبة والمهارات المطلوبة يجب أن تكون هذه الكوادر قادرة على الإيفاء بمتطلبات العمل الدبلوماسي ولديها الشغف والرغبة الجادة لخوض غماره، وتحرص على توفير التدريب والتأهيل عالي الجودة والمستمر لهذه الكوادر خلال فترة عملها وأن يكون للمجيدات منهن خط واضح في الترقي الوظيفي وتقلد المهام القيادية.
. ماذا عن جهود وزارة الخارجية في دعم حقوق المرأة وتعزيز حضورها على المستوى الدولي؟
ـ تعمل الوزارة على إدارة علاقات سلطنة عُمان مع المنظمات الإقليمية والدولية متعددة الأطراف ولديها وفدان دائمان لدى الأمم المتحدة في نيويورك وجنيف، ويناط بالوفدين تمثيل سلطنة عُمان في الاجتماعات والمحافل الدولية التي تعقد في مقر المنظمة بالمدينتين، والدفاع عن القضايا والقيم النبيلة التي تتبناها سلطنة عُمان، كما يعمل كلا الوفدين على التنسيق مع الجهات المعنية في البلاد لاستعراض جهود سلطنة عُمان في متابعة تنفيذ بنود عدد من الاتفاقيات والمعاهدات التي انضمت لها وصادقت عليها والمعنية بالمرأة وحمايتها ورعاية حقوقها، ومن أبرزها اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، حيث تناقش سلطنة عُمان بشكل دوري تقاريرها الوطنية التي توضح التطور الحاصل في مجال تمكين المرأة، ومدى تفعيل بنود الاتفاقية على المستوى الوطني أمام اللجنة الدولية للاتفاقية، وقد نالت جميع التقارير التي قدمتها سلطنة عُمان على مدى الأعوام إشادة وثناء اللجنة اعترافًا منها بالجهود المميزة التي تبذلها في هذا الشأن.
ويعمل الوفدان على تفعيل توجهات الحكومة العُمانية في دعم وتعزيز مشاركة وحضور المرأة عمومًا والمرأة العُمانية بشكل خاص، وذلك عبر دعم ترشحها لعضوية بعض اللجان المنبثقة عن المنظمة ومنها تلك المعنية بحقوق المرأة، كما يشارك أعضاء الوفدين في كثير من المؤتمرات التي تنفذها هذه المنظمة المعنية بالمرأة ويقومون بنقل توجهات حكومة سلطنة عُمان وجهودها في مجال تمكين المرأة.
. ما هو تقييمك لدور المرأة العمانية في العمل الدبلوماسي وجهود تمكينها في هذا المجال؟
ـ إن تمكين المرأة في سلطنة عُمان هو ليس بالنهج الجديد، فهو سياسة قامت عليها أركان الدولة العُمانية الحديثة وكان لها ولا يزال الأثر العظيم في إظهار العديد من الشخصيات النسائية القيادية العُمانية التي ساهمت في دفع عجلة التنمية في البلاد خلال العقود الخمسة الماضية، وكنتيجة لهذه السياسة الثابتة برزت سلطنة عُمان كدولة رائدة في التمكين السياسي والدبلوماسي للمرأة على المستويين الإقليمي والدولي، حيث كانت الدولة الأولى التي تعيّن امرأة لتمثيلها في الهيئة الاستشارية للمجلس الأعلى لمجلس التعاون الخليجي، وجاء دخول المرأة العُمانية في السلك الدبلوماسي مبكرا في عام 1975م إلى أن تم تعيين أول امرأة عُمانية لتولي منصب سفير في عام 1999م، وتم تعيين امرأة عُمانية بمنصب سفير في الولايات المتحدة الأمريكية خلال عام 2005م لتصبح أول سفيرة لدولة عربية في أمريكا، كما تمثل المرأة العُمانية بلادها في عدد من المنظمات الدولية منها المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (الإيسيسكو)، ومندوبية سلطنة عُمان الدائمة لدى الأمم المتحدة، ومنظمة التجارة العالمية، ومنظمة المرأة العربية، واللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الاسكو) وغيرها.
وما كان لهذا التمكين أن يتحقق إلا بوجود منظومة تشريعية وقانونية مساندة مستمدة من أحكام النظام الأساسي للدولة الذي ضمن عدم وجود تمييز بين الرجل والمرأة في الحقوق والواجبات وتولي الوظائف العامة، ورسخ مبدأ تحقيق العدل وتكافؤ الفرص بين العُمانيين ذكورًا وإناثًا، فلنا أن نفخر بهذه المرجعية الثابتة التي مكنت للمرأة في سلطنة عُمان بأن تكون شريكة للرجل في كافة المجالات، وهذه الشراكة هي من الثوابت الوطنية التي لا حياد عنها ولا تساهل فيها، حيث يحظى صون حقوقها التي كفلها لها القانون بحرص ورعاية سامية من لدن جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم - حفظه الله ورعاه.
وقد أثبتت المرأة العُمانية عبر الأعوام جدارتها في تولي مهام العمل الدبلوماسي، ونجد اليوم مشاركة مطّردة لها في المجال الدبلوماسي حيث بلغ عدد النساء العاملات في هذا المجال في سلطنة عُمان ما يقارب 249 دبلوماسية، أي ما نسبته 31% من إجمالي عدد الموظفين في وزارة الخارجية، في حين تبلغ نسبة العاملات منهن في بعثات سلطنة عُمان بالخارج ما يقارب 20% من إجمالي موظفي البعثات. كما أصبحت المرأة العُمانية تعمل دبلوماسية -بل وتترأس بعثة بلادها- في العديد من البلدان المهمة اقتصاديًا وسياسيًا، كذلك نجدها تتقلد مناصب قيادية مهمة داخل الوزارة كترؤسها لدوائر ومكاتب مهمة.
والواقع أننا إذا نظرنا إلى قدرة المرأة عمومًا على الإيفاء بمتطلبات العمل الدبلوماسي والسياسي والتميز فيه نجد أن كثيرا من الأبحاث والدراسات الصادرة عن المنظمات الدولية قد أكدت الدور القيادي المهم الذي يمكن أن تضيفه المرأة في هذا المجال، فالمرأة حسب ما توصلت له تلك الأبحاث هي أكثر قابلية لممارسة أدوار قيادية تحويلية وتطويرية عوضًا عن أدوار متركزة على مصالح ذاتية، وأن أنماط الإدارة التي تنتهجها المرأة عادة ما تكون أكثر تشاركية، ولذلك فهي قادرة وبجدارة على النجاح في مجال المفاوضات، والوساطة، والعلاقات الدولية بشكل عام.
.كيف تقيّمين نظرة المجتمع للمرأة العاملة في المجال الدبلوماسي؟
ـ المجتمع العُماني- شأنه شأن باقي المجتمعات في العالم- يمر بتغيرات وتحولات فكرية يصيغها فكر القاعدة الأعرض من السكان وهي الفئة العمرية الناشئة التي تفرض على المجتمع الأخذ بأسباب الحياة العصرية بما يتناسب مع الثوابت الدينية والأعراف الاجتماعية ولا يخل بها. ولذلك فإن النظرة إلى عمل المرأة في المجال الدبلوماسي هي في تغير متسارع وهذا ما نلاحظه من ازدياد إقبال النساء العُمانيات على العمل الدبلوماسي وتوافر دعم أسري وعائلي كبير لهن في سبيل الارتقاء والتميز في مجال عملهن.
وكما أسلفت، فإن متطلبات العمل الدبلوماسي كبيرة ومسؤولياته مهمة وحساسة، فالمرأة الدبلوماسية العُمانية هي بمثابة واجهة لبلدها في الخارج، ولذلك فالعمل الدبلوماسي عمومًا يتطلب العديد من المهارات والسمات الشخصية أهمها الثقافة وحسن الإطلاع، وإجادة اللغات، واللباقة، والصبر والجلد وعدم التسرع، والتعاون، والاستماع الدقيق، وحسن التصرف، وتقبل المختلف، والقدرة على تكوين وتعزيز العلاقات وغيرها. وقد أثبتت المرأة العُمانية جدارتها في العمل الدبلوماسي وامتلاكها لهذه المهارات والصفات، كما أظهرت مهارات قيادية وقدرات تفاوضية ممتازة وحنكة في التعامل مع التحديات الدبلوماسية المعقدة وحسن اتخاذ للقرار، وأعتقد أن المرأة بفطرتها هي مجهزة ببعض من هذه السمات مما يعزز كفاءتها في العمل الدبلوماسي ويجعلها جديرة لتقلد المناصب الدبلوماسية.
. هل من رسالة ترغبين في توجيهها للمرأة العمانية في يومها؟
ـ إن تمكين المرأة وإشراكها في المجال الدبلوماسي لم يعد استجابة لمطالب تفرضها المنظمات الدولية وإنما هو ضرورة وطنية تأتي متسقة مع مكتسبات النهضة في البلاد، فالتأهيل العلمي العالي الذي باتت تتمتع به المرأة العُمانية والأدوار المهمة التي تلعبها في تطور ورفعة بلادها اقتصاديًا، واجتماعيًا، وثقافيًا، وسياسيًا يحتم إشراكها جنبًا إلى جنب مع الرجل في هذا المجال المهم، ولذلك جاء تضمين رؤية عُمان 2040 بمحورٍ خاصٍ حول المرأة وتوفير البيئة الملائمة لمشاركتها في شتى مناحي الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والمدنية، بما يعزز وضعها ويمكنها من المشاركة الفعالة في جهودِ التنمية الشاملة والمستدامة في سلطنة عُمان.
وعلى الرغم مما تم تحقيقه إلى الآن في مجال تمكين المرأة دبلوماسيًا، فإن الطريق لا يزال طويلًا والمجال يظل متسعا سعة السماء لكل امرأة طموحة ومؤهلة للتميز وارتقاء سلم النجاح الدبلوماسي، فالمطلوب من جميع النساء العُمانيات سواء أولئك المنخرطات منهن في السلك الدبلوماسي حاليًا أو من هن على طريق ذلك، تكثيف الجهود وشحذ الهمم والعمل الدؤوب، والتسلح بالمهارات والكفاءات المطلوبة ليكن خير واجهة لبلادهن ويعكسن صورة مشرفة عنها.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: المرأة الع مانیة فی هذا المجال تمکین المرأة تواجه المرأة الع مانیة فی التی تواجه العدید من من إجمالی المرأة فی المرأة ا فی مجال عموم ا
إقرأ أيضاً:
«قومي المرأة» بسوهاج يختتم حملة «احميها من الختان» بـ3 مراكز
اختتم اليوم فرع المجلس القومي للمرأة بسوهاج، حملة طرق الأبواب التي جاءت تحت عنوان «احميها من الختان»، التي جرى تنفذيها خلال الفترة من 9 - 14 نوفمبر الجاري، بقرى مراكز دار السلام، وساقلتة، وجرجا.
نشر الرسائل الخاصة بتجريم ختان الإناثقالت الدكتورة سحر وهبي، مٌقررة فرع المجلس القومي للمرأة بسوهاج، إن الحملة تهدف إلى نشر الرسائل الخاصة بتجريم ختان الإناث، والتوعية بأضراره الصحية والنفسية، ونشر الوعى بالعقوبات القانونية التي توقع على كل من مارس الختان كالطبيب وأطقم التمريض وغيرهم من مُقدمي الخدمات الطبية، أو طلبه أو دعا أو روج له، والإشارة إلى الآثار النفسية والجسدية لضحايا الختان، وسيتم استعراض مبادرات المجلس لحماية المرأة من العنف، وخدمات وحدات المرأة الآمنة.
الحملة استهدف 24 قرية بثلاث مراكزوأشارت وهبي، إلى أن الحملة استهدف 24 قرية بـ3 مراكز هي، دار السلام، وساقلتة، وجرجا، بإجمالي 15 ألف زيارة، وشارك في التوعية الميدانية 54 من ميسرات المجلس القومي للمرأة، والقيادات الدينية من الأئمة والقساوسة والواعظات والراهبات، الذين يقومون بالمشاركة في التوعية الميدانية، ومُقابلة المُستهدفين في أماكن تجمعاتهم إقامتهم خلال الحملة.