DW عربية:
2024-11-22@23:32:43 GMT

مسألة شائكة.. ما تبعات اعتبار أمن إسرائيل "مصلحة وطنية" ألمانية؟

تاريخ النشر: 17th, October 2023 GMT

‍‍‍‍‍‍

لقد أظهرت ألمانيا التزاما عميقا تجاه إسرائيل

بالنسبة لألمانيا، الماضي حاضر دائما: فالإبادة الجماعية بحق اليهود الأوروبيين وغيرهم من الجماعات خلال الحقبة النازية لها تأثير عميق على الدولة والمجتمع اليوم. كما تؤثر على عملية صنع السياسات وتشكيل نظرة ألمانيا للعالم.

مختارات وزيرة الداخلية الألمانية تؤيد طرد داعمي حماس من بلادها بيربوك تتوجه إلى إسرائيل للتضامن وبدء نقل المواطنين الألمان شولتس يعلن حظر أنشطة حماس في ألمانيا وتعليق المساعدات للفلسطينيين إسرائيل تفرض "حصاراً كاملاً" على غزة وتعبئ 300 ألف عنصر احتياط

وعندما يتعلق الأمر بإسرائيل، التي أسستها الحركة الصهيونية كدولة يهودية بعد ثلاث سنوات فقط من قتل ألمانيا المنهجي لستة ملايين يهودي في المحرقة، فإن الدولة الألمانية ترى أنها تتحمل "مسؤولية خاصة".

إن التزامها تجاه إسرائيل هو أكثر من مجرد هدف سياسي؛ إنه جزء أساسي من وجود ألمانيا الحالية.

وهذا ما يجعل  أمن إسرائيل ووجودها بمثابة "مصلحة وطنية" في ألمانيا. استخدمت المستشارة السابقة أنغيلا ميركل هذا المصطلح عندما ألقت كلمة أمام الكنيست (البرلمان الإسرائيلي)، في عام 2008.

وقد كرر خليفتها، أولاف شولتس، هذا المصطلح عدة مرات منذ الهجوم الوحشي المفاجئ الذي شنته حركة حماس والذي أدى إلى مقتل مئات الإسرائيليين، معظمهم من المدنيين، وفقا للسلطات الإسرائيلية.

وقال شولتس في خطاب ألقاه أمام البرلمان الألماني "بوندستاغ"، يوم الخميس الفائت (12 أكتوبر/ تشرين الأول): "في هذه اللحظة، لا يوجد سوى مكان واحد تقف فيه ألمانيا. إنه بجانب إسرائيل". "وهذا ما نعنيه عندما نقول إن أمن إسرائيل هو "مصلحة وطنية ألمانية".

شولتس يؤكد دعم ألمانيا الراسخ والدائم لإسرائيل

إسرائيل تنادي وألمانيا تستجيب

وبعبارات مباشرة وملموسة، فإن ذلك يعني انضمام ألمانيا إلى كوكبة الحلفاء الذين يدعمون  الحصار الذي تفرضه إسرائيل على قطاع غزة، والذي وصفته الأمم المتحدة بأنه انتهاك للقانون الدولي.

وتسيطر إسرائيل على محيط غزة منذ أن قامت بإزالة مستوطناتها من جانب واحد في عام 2005. وتحكم حماس منذ 2007 المنطقة المكتظة التي يسكنها مليوني شخص، نصفهم تقريبا من الأطفال. 

وتقصف إسرائيل قطاع غزة بانتظام ردا على هجمات حماس. وفي هذه الجولة الأخيرة والأكثر كثافة من الأعمال العدائية، تسببت الغارات الجوية في مقتل مئات الأشخاص، ويلوح في الأفق غزو بري.

ويشار إلى أن حركة حماس، وهي جماعة إسلاموية فلسطينية مسلحة، تصنف في ألمانيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودول أخرى كمنظمة إرهابية. كما أعلن المستشار شولتس أن حكومته ستحظر جميع أنشطة حماس في ألمانيا.

وخلال اجتماع لحلف شمال الأطلسي في بروكسل، أكد وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس أن إسرائيل طلبت ذخائر لقواتها البحرية. وقال للصحفيين "سنناقش مع الإسرائيليين كيفية المضي قدما في هذا الأمر".

وربما يكون هناك المزيد من الدعم المادي والعسكري في الطريق، وقال مسؤولون ألمان إنهم سيلبون طلبات إسرائيل عند تقديمها.

البحث عن تعريف

ومثل أي دولة، لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها، وفق قواعد القانون الدولي، ضد أي هجوم. وألمانيا ليست الدولة الوحيدة التي تدعم هذا الحق. ومع ذلك، فإن هذا الحق، باعتباره "مصلحة وطنية"، يحظى بتسمية خاصة - وهي تسمية مفتوحة للتأويل على نطاق واسع.

وأكد كارلو ماسالا، الأستاذ في جامعة الجيش الألماني في ميونيخ، للقناة التلفزيونية الألمانية الثانية (ZDF): "في ألمانيا، لم يتم توضيح ما يعنيه هذا بالفعل". ويضيف: "إذا كان يُقصد بجدية حقًا "جزء من" المصلحة الوطنية في ألمانيا، فهناك تبعات أخلاقية وسياسية، وبطريقة ما دستورية" لهذا الأمر.

فإذا كان هناك تهديد وجودي لإسرائيل فعلا، وهو ليس كذلك حاليا، فستكون ألمانيا ملزمة بـ "الدفاع بنشاط" عن إسرائيل - مما يعني المشاركة العسكرية المباشرة، وفق ماسالا. وأضاف "هذا هو الاستنتاج المنطقي".

"المصلحة الوطنية" هي نظرية ومفهوم قانوني في العلاقات الدولية تطور عبر قرون من الفكر السياسي الغربي، مع تطور دور الدولة وحقوقها وسلطاتها. وبأخذ تعريف مؤسسة ميريام وبستر، فهي: "تبرير للسياسة الخارجية للدولة على أساس أن مصالح الأمة لها الأولوية".

وهكذا فإن  المصالح الوطنية لألمانيا  تنقاد لمصالح دولة أخرى. وهذا أمر منطقي عندما يُنظر إليه من خلال عدسة المؤسسة السياسية الألمانية. ورغم أن الحركة الصهيونية تسبق ألمانيا النازية، إلا أن المحرقة هي الدليل الأكثر تدميراً لدعم ادعائها بأن السيادة اليهودية، في هيئة دولة، هي وحدها القادرة على حماية اليهود.

إلا أن المبرر الأخلاقي والتاريخي يجعل استخدام ألمانيا لمصطلح "المصلحة الوطنية" متعارضا مع المعنى القانوني للمصطلح.

وتقول البروفيسورة ماريتا أوير، المديرة التنفيذية لمعهد ماكس بلانك للتاريخ القانوني والنظرية القانونية، لـ DW: "إن المصلحة الوطنية تعني دائما تقديم المصلحة على القيم". ولهذا "فهناك الكثير من التعقيد. ولكن يتم التخلص من كل التعقيد بسبب الخلط بين المفهومين".

بعبارة أخرى، قد تكون حماية دولة إسرائيل قيمة ألمانية تهدد بتقويض المصالح الألمانية، ولكن استحضار ميركل لـ "المصلحة الوطنية" في إسرائيل في عام 2008 أدى إلى تهدئة هذا التوتر. ربما كانت هذه نظرية قانونية متذبذبة، ولكن فيما يتعلق بالسياسة، تقول أوير إنها كانت "خطوة ذكية" أدت إلى "تبسيط الأمور".

وأوضحت أوير: "ليس من الضروري أن أكشف عن [الأسباب] كزعيم لدولة". "فإذا قلت إن هذه هي مصلحة الدولة، فهذا كل شيء. نقطة انتهى".

في عام 2008، قالت المستشارة الألمانية آنذاك أنغيلا ميركل للبرلمانيين الإسرائيليين إن أمن إسرائيل ووجودها هو "مصلحة وطنية" بالنسبة لألمانيا.

العواقب الحقيقية لنظرية الدولة

ومن خلال رفع موقف ألمانيا من إسرائيل إلى مستوى "المصلحة الوطنية" تتمكن رئيسة الحكومة (المستشارة) أو رئيس الحكومة (المستشار) من إنهاء النقاش، وفقًا لرأي كلاوس ديتر وولف، الأستاذ السابق للعلاقات الدولية في جامعة جامعة دارمشتات التقنية.

ويضيف فولف في رسالة عبر البريد الإلكتروني، ردا على أسئلة DW   أنّ جعل موقف سياسي محدد "مصلحة وطنية" هو لتحصينه ليكون "بمنأى عن التناقضات".

 

ويضيف قائلا إن القيام بذلك له "عواقب وخيمة" على السياسة الواقعية. فإذا تمكنت دولة ما ببساطة من تجاهل مبادئ معينة، فإنها يمكن أن تؤدي إلى تآكل التزاماتها الأخرى، مثل التزاماتها تجاه الديمقراطية وحقوق الإنسان والقانون الدولي.

إن حرية التعبير منصوص عليها في القانون الأساسي الألماني، الذي يعتبر بمثابة دستور للبلاد. وقد تم حظر احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين وتقييد أشكال التعبير الأخرى، استنادا لقانون العقوبات الألماني الذي يحظر التصريحات "الموافقة على الأعمال الإجرامية" أو إثارة الاضطرابات.

إنه توازن دقيق بين المصالح المتنافسة، رغم أن كيفية إدارة الدولة لالتزاماتها تجاه أولئك الذين يعيشون داخل حدودها هي شأن داخلي.

أما كيفية تموضع دولة ما في المجتمع الدولي فهي أمر آخر. إن تطبيق "المصلحة الوطنية" يرفع مصلحة دولة ما إلى المرتبة الأولى بين متساوين، الأمر الذي قد يتعارض مع القانون الدولي.

يقول جوست هيلترمان، مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في مجموعة الأزمات الدولية، لـ DW: "ليس هناك تسلسل هرمي في القانون الدولي". ويضيف: "ما قد تقوله ألمانيا بشأن حقها الأصيل  في الوقوف إلى جانب إسرائيل  لا يعفيها من مسؤوليتها في الالتزام بالقانون الإنساني الدولي والامتثال له، وهو الذي ينظم وسائل الحرب".

فيما قال مايك مارتن، المحلل العسكري البريطاني في حوار مع قناة DW News في وقت سابق من هذا الأسبوع: "ليس من الواضح بالنسبة لي أن إسرائيل تفرق بين الضحايا المدنيين والأهداف العسكرية". وأضاف أن "إسرائيل ملزمة بموجب القانون الدولي بالقيام بذلك".

وإذا انتهكت إسرائيل القانون الدولي سعيا لتحقيق مصالحها الأمنية، والتي تقول ألمانيا إنها "مصلحة وطنية" ألمانية، فقد تجد ألمانيا نفسها في موقف قانوني محفوف بالمخاطر على نحو متزايد.

ويليام غلوكروفت/ف.ي

المصدر: DW عربية

كلمات دلالية: ألمانيا إسرائيل أخبار إسرائيل دويتشه فيله ألمانيا إسرائيل أخبار إسرائيل دويتشه فيله المصلحة الوطنیة القانون الدولی أمن إسرائیل فی ألمانیا من إسرائیل فی عام

إقرأ أيضاً:

دعوى في هولندا لوقف صادرات الأسلحة إلى إسرائيل

طلبت 10 منظمات مناصرة للفلسطينيين من محكمة هولندية اليوم الجمعة إصدار قرار يلزم هولندا بوقف تصدير الأسلحة إلى إسرائيل والتجارة مع المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، عازية ذلك إلى الخسائر الكبيرة في صفوف المدنيين في حرب إسرائيل على قطاع غزة.

ويقول مقدمو الدعوى إن هولندا -باعتبارها دولة موقعة على اتفاقية الإبادة الجماعية لعام 1948- عليها واجب اتخاذ جميع الإجراءات المعقولة في ضوء المتاح لمنع الإبادة الجماعية.

وقال المحامي فوت ألبرز -الذي يُمثل مجموعات منها منظمتا حقوق الإنسان الفلسطينيتان مركز الحق ومؤسسة الميزان، ومنظمة "إين أندر يودز خيليد" (صوت يهودي مختلف) اليهودية المناصرة للفلسطينيين- إن إسرائيل مذنبة بارتكاب إبادة جماعية وفصل عنصري، وهي تستخدم أسلحة هولندية لشن الحرب.

وأضاف المحامي أن هولندا لم تتخذ الإجراءات اللازمة بمواصلتها تصدير قطع غيار الأسلحة والتعاون العسكري، مشددا على أنه يجب أن يتوقف هذا على الفور.

وتستند الدعوى -التي نظرت فيها المحكمة الجزئية في لاهاي- إلى أمر أصدرته محكمة العدل الدولية في يناير/كانون الثاني لإسرائيل بمنع أعمال الإبادة الجماعية في غزة.

واستشهد المدعون بسقوط أعداد كبيرة من الضحايا المدنيين الذين قتلوا وجرحوا والدمار غير المسبوق للقول إن إبادة جماعية تحدث.

كما أشاروا إلى مذكرتي اعتقال أصدرتهما المحكمة الجنائية الدولية أمس الخميس بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ورئيس الدفاع السابق يوآف غالانت بتهم ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية منها الاضطهاد والقتل واستخدام التجويع سلاح حرب في غزة.

"قضية حساسة"

في المقابل، طلب محامون يمثلون الدولة الهولندية من القضاة رفض مطالب المنظمات غير الحكومية بدعوى أنه ليس من حق أي قاض أن يملي السياسة الخارجية تجاه إسرائيل.

وقال محامي الدولة ريمر فيلدهوس للمحكمة إن هولندا لا تشارك في الهجمات التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة، ولا تساعد المستوطنات على البقاء في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

وقالت القاضية سونيا هوكسترا لدى افتتاح الجلسة: "من المهم أن نشير إلى أن خطورة الوضع في غزة أمر لا تجادل فيه الدولة الهولندية وأن وضع الضفة الغربية أيضا أمر لا جدل فيه".

وأضافت: "اليوم يتعلق الأمر بمعرفة ما إذا كان هناك انتهاك للقانون وما يمكن توقعه من الدولة، هل يمكنها فعل المزيد أو التصرف بشكل مختلف عما تقوم به حاليا"، مقرة بأنها "قضية حساسة".

ولم يعط القضاة أي إشارة إلى المدة التي قد تستغرقها دعوى المنظمات غير الحكومية الفلسطينية للنظر فيها. وعادة ما تستغرق مثل هذه القضايا نحو أسبوعين.

وكانت محكمة هولندية أمرت في فبراير/شباط الحكومة بمنع جميع صادرات أجزاء طائرات إف-35 المقاتلة إلى إسرائيل بسبب مخاوف من استخدامها لانتهاك القانون الدولي أثناء الحرب في غزة. وطعنت الحكومة على هذا القرار.

وقالت هولندا أمس بعد صدور مذكرتي الاعتقال إن زيارة وزير الخارجية كاسبر فيلدكامب إلى إسرائيل تأجلت.

مقالات مشابهة

  • دعوى في هولندا لوقف صادرات الأسلحة إلى إسرائيل
  • تعليقا على لقاء وفد الإصلاح والزبيدي.. بن دغر: المصلحة الوطنية تقتضي تمتين العلاقات بين القوى المناهضة للحوثيين
  • برشلونة يقترب من إنهاء صفقة ألمانية قوية
  • الضرائب: المصلحة تشهد تحولًا رقميًا جذريًا لتحقيق رضا الممولين
  • الضرائب تعلن توفير آليات دعم فني وقانوني للممولين
  • مصلحة الضرائب المصرية تستعرض أحدث خدماتها الرقمية في مؤتمر Cairo ICT 2024
  • حزب الاتحاد: مواجهة الشائعات مسألة أمن قومي
  • مدبولي: حققنا نجاحا مع صندوق النقد الدولي ونقلنا لهم طلباتنا
  • مركب أسلاك شائكة على وشك.. رسالة فريدة سيف النصر إلى حسن الهلالى
  • إيران تحذر من تبعات مشروع القرار الأوروبي