بعد حرب أوكرانيا.. هل تعزز طوفان الأقصى التقارب الروسي الصيني؟
تاريخ النشر: 17th, October 2023 GMT
عبد الله آدم
بينما يتحرك الرئيس الأميركي جو بايدن وحلفاؤه لإظهار دعمهم القوي والمتواصل لإسرائيل بعد عملية "طوفان الأقصى" في 7 أكتوبر/تشرين الأول الحالي يستقبل الرئيس الصيني شي جين بينغ نظيره الروسي فلاديمير بوتين في بكين بمناسبة الذكرى العاشرة لمبادرة الحزام والطريق الاستثمارية الضخمة التي أطلقها الرئيس الصيني، والتي تهدف إلى تعزيز النفوذ الدولي لبلاده من خلال ربطها آسيا بالدول الأوروبية والأفريقية.
زيارة الرئيسي الروسي لبكين هي الثانية في أقل من عامين، وذلك عندما شارك في افتتاح دورة الألعاب الأولمبية الشتوية لعام 2022 قبيل بدء الحرب الأوكرانية.
وكانت المحادثات التي أجريت خلال الزيارة بمثابة انطلاقة جديدة للعلاقات تحددت بموجبها رؤية الرجلين السياسية لنظام عالمي لا تهيمن عليه الولايات المتحدة وحلفاؤها حسب تصريحاتهما.
وعلى ضوء ما أفرزته حرب أوكرانيا وهجوم حماس وفصائل المقاومة الفلسطينية على إسرائيل يبدو أن الزعيمين أكثر قربا وقد نحيا جانبا تنافسهما الإقليمي والدولي، ففي حين أظهرت بكين تعاطفا واضحا مع الموقف الروسي في حرب أوكرانيا فقد تقاربت وكادت أن تتطابق وجهتا نظرهما مرة أخرى تجاه الهجوم الإسرائيلي على المدنيين في قطاع غزة.
ومن المتوقع أن يطغى هذا الهجوم على القطاع وخطر اتساع نطاقه في منطقة الشرق الأوسط ليكون مادة أساسية على طاولة الرئيسين الصيني والروسي ضيف شرف المنتدى الذي تحضره وفود أكثر من 140 دولة ويستمر يومي الثلاثاء والأربعاء.
وبدأ الزعماء والمدعوون بالوصول إلى العاصمة الصينية لحضور الاحتفال الذي يتوقع أن يجري على هامشه حراك دبلوماسي واسع.
وأعلنت الخارجية الروسية أمس الاثنين وصول وزير الخارجية سيرغي لافروف إلى بكين قبيل وصول بوتين الذي يقوم بأول رحلة خارجية له منذ إعلانه مطلوبا لدى المحكمة الجنائية الدولية بسبب حرب أوكرانيا.
وقد انتقدت بكين وموسكو تصرفات إسرائيل في ردها على هجوم حماس، ودعتا إلى وقف إطلاق النار، في محاولة لخلق موقف يظهر قيادتهما العالمية البديلة للهيمنة الأميركية المنحازة لإسرائيل، مما يراعي التوازن والمصالح في التعاطي مع الأزمات الدولية، خاصة في الشرق الأوسط، وعلى رأسها القضية الفلسطينية.
وتعد مبادرة الحزام والطريق من وجهة النظر الصينية أحد عناصر النظام العالمي متعدد الأقطاب الذي تدعمه بالتوافق مع روسيا، فقد أصدرت الصين "كتابا أبيض عن المبادرة" أكدت فيه أن مبادرة الحزام والطريق لا تستهدف التنمية في الصين فحسب، بل في العالم بأسره، مما يخلق عالما أفضل وأكثر تواصلا.
تقارب وتعاونوقبيل وصوله وفي مقابلة مع الإذاعة الرسمية الصينية أغدق بوتين الثناء على نظيره الصيني، واصفا إياه بأنه "ثابت وهادئ وعملي وموثوق وزعيم عالمي حقيقي"، وأشاد "بنهجه الفريد في التعامل مع الدول الأخرى بعيدا عن الوصاية أو الإكراه، بل قدم للآخرين الفرص".
وقد التقى بوتين وشي 40 مرة في العقد الماضي، بما في ذلك مرتان منذ بداية الحرب في أوكرانيا.
وخلال اجتماعهما السابق في بكين أصدر الزعيمان بيانا مشتركا أعلنا فيه عن صداقة "بلا حدود"، وأكدا على اصطفافهما القوي ضد الغرب.
وكانت الحرب الروسية على أوكرانيا قد وضعت علاقات البلدين على المحك، وبدا موقف بكين المندد بالعقوبات الغربية بمثابة الداعم لروسيا، مما جعل الصين تحت ضغوط غربية شديدة.
وتتهم الولايات المتحدة الصين بمساعدة روسيا اقتصاديا وتزويدها بالتكنولوجيا الأساسية منذ بدء الحرب.
وحاليا، تحاول بكين إظهار الحياد في الصراع بالدعوة للسلام، وكثفت في الأشهر الأخيرة جهودها لكي يُنظر إليها على أنها وسيط سلام محتمل، وهو موقف تتفهمه موسكو، وقالت الخارجية الروسية إنها تقدر "نهج الصين المتوازن".
وفي الجانب الاقتصادي، شهد العام الماضي نموا كبيرا في التجارة بين البلدين، حيث قفز التبادل التجاري بنسبة 30% إلى 185 مليار دولار، ويتوقع أن يبلغ 200 مليار دولار هذا العام.
ونقلت وكالة أسوشيتد برس عن ألكسندر جابيف مدير مركز روسيا أوراسيا في معهد كارنيغي أن الصين تنظر إلى روسيا على أنها جار مأمون الجانب وصديق موثوق ومصدر للمواد الخام الرخيصة، وهذا يدعم مبادرات بكين على الساحة العالمية، كما أن روسيا مصدر أيضا للتكنولوجيات العسكرية التي لا تمتلكها الصين.
وفي المجال الأمني، وسّع البلدان تعاونهما بمزيد من التدريبات العسكرية المشتركة والحوار السياسي وتعميق العلاقات الدبلوماسية على مستوى مجلس الأمن والتواصل المباشر بين الزعيمين.
وفي إطار ذلك، أدى الرئيس الصيني في مارس/آذار الماضي زيارة دولة إلى موسكو، كأول رحلة خارجية مهمة له خلال ولايته الثالثة رئيسا للصين.
موقف روسيا والصين من عدوان إسرائيلوقال الكرملين إن الرئيس بوتين أكد لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في اتصال هاتفي الليلة الماضية استعداد روسيا للمساعدة في إنهاء المواجهة في المنطقة بالوسائل السلمية، في وقت تستعد فيه موسكو لطرح مشروع قرار على مجلس الأمن الدولي يدعو لوقف إطلاق النار، دون الإشارة إلى حماس، حيث شبه المبعوث الروسي للأمم المتحدة يوم الجمعة الماضي القصف الإسرائيلي المتواصل لقطاع غزة بالحصار الوحشي الذي فرض على لينينغراد خلال الحرب العالمية.
أما الصين فقالت إنها سترسل مبعوثا إلى الشرق الأوسط لتشجيع المحادثات وأدانت "جميع الأعمال التي تلحق الضرر بالمدنيين"، لكنها لم توجه تلك الإدانة صراحة إلى حماس، ولم تذكر الحركة في بياناتها.
وخلال سلسلة من المكالمات الدبلوماسية خلال الأيام الأخيرة قال وزير الخارجية الصيني وانغ يي عن تصرفات إسرائيل إنها "تجاوزت نطاق الدفاع عن النفس".
وفي وقت بدا فيه الغرب متماهيا مع الرواية الإسرائيلية وداعما لها وما قد يتبع ذلك من تداعيات عسكرية وسياسية على فلسطين والمنطقة خطت الصين وروسيا مسارا مشتركا وأكثر تجليا وتباينا مع الغرب، فهل سينعكس ذلك على الساحة الدولية بما يخلق واقعا جديدا أم أن ذلك مجرد حالة طارئة سرعان ما تتلاشى؟
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حرب أوکرانیا
إقرأ أيضاً:
المعجزة والكرامة والإهانة
في الشريعة الإسلامية، هناك ثلاثة مصطلحات تستخدم للإشارة إلى الأحداث الخارقة للعادة، وهي: المعجزة، والكرامة، والإهانة. ومع ذلك، هناك فروق جوهرية بينها، فالمعجزة: هي أمر خارق للعادة يجريه الله تعالى على يد نبي من أنبيائه، تأييدا لرسالته وتحديا لقومه، وتكون مصحوبة بالتحدي، أي أن النبي يتحدى قومه أن يأتوا بمثلها، والغرض منها إثبات صدق النبوة والرسالة، وهي خاصة بالأنبياء والرسل.
أما الكرامة، فهي أمر خارق للعادة يجريه الله تعالى على يد ولي من أوليائه الصالحين، تكريما له وإكراما، ولا تكون مصحوبة بالتحدي، ولا يدعي الولي بها النبوة، والغرض منها تثبيت الولي على الإيمان وزيادة يقينه، وهي خاصة بالأولياء.
والإهانة: هي أمر خارق للعادة يجريه الله تعالى على يد مدعي النبوة الكاذب، إهانة له وفضحا لكذبه، وتكون عكس ما يتمناه المدعي، أي أنها تنقلب ضده وتؤدي إلى فضحه، والغرض منها إظهار كذب المدعي وضلاله.
وبشكل مبسط: المعجزة: دليل على صدق النبي، والكرامة: تكريم للولي الصالح، والإهانة: فضح للمدعي الكاذب.
وعلى سبيل المثال: انشقاق القمر لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم معجزة، وإحياء الموتى وإبراء الأكمه والأبرص لسيدنا عيسى عليه السلام معجزة، وناقة صالح عليه السلام التي خرجت من الصخر معجزة، وعصا موسى عليه السلام التي تحولت إلى ثعبان معجزة.
ومن الكرامات: ما ورد فى قصة مريم عليها السلام عندما كانت تجد عندها رزقا في غير موسمه، وقصة عمر بن الخطاب رضي الله عنه عندما رأى جيشه في نهاوند وهو في المدينة، ثم قصة أصحاب الكهف.
ومن أشهر نماذج الإهانة: ما حدث لمسيلمة الكذاب عندما حاول أن يشفي عينا مفقوءة، فعميت العين الأخرى، ومن الإهانة أيضا ما قد يحدث لبعض السحرة والمشعوذين من أمور خارقة، لكنها تنتهي بفضيحتهم وكشف زيفهم.
السبب الرئيس لتناول هذا الموضوع هو صدور كتاب يحمل عنوان: "طوفان الأقصى معجزة العصر"، والعنوان يدل على المضمون، وبغض النظر عن المحتوى، وسبب اختيار المؤلف لهذا العنوان، فإننى لم أستطع تقبله فى ظل معرفتى لمعنى المعجزة، والفرق بينها وبين الكرامة والإهانة، ولم أر وجها لاعتبار طوفان الأقصى معجزة، إذ أن الأحداث التي وقعت فيه وما تلاها هي أحداث مركبة ومعقدة، ولا يمكن تصنيفها تحت مفهوم المعجزة أو الكرامة، وذلك لأن الأحداث تتضمن أفعالا بشرية: "عمليات عسكرية، مقاومة، ردود فعل"، والأفعال البشرية لا يمكن اعتبارها معجزات أو كرامات بشكل مباشر.
وكذلك النتائج المترتبة على الأحداث متنوعة، وتشمل قليلا من الجوانب الإيجابية وكثيرا جدا من الجوانب السلبية، مما يجعل تصنيفها كمعجزة أمرا صعبا، فضلا عن أن المعجزات والكرامات هي أفعال إلهية مباشرة، بينما الأحداث الجارية هي نتيجة لتفاعل بشري وظروف تاريخية، والأحداث التى وقعت فى طوفان الأقصى وما تلاها من رد فعل وحشى، قد تحمل في طياتها جوانب مختلفة يمكن تفسيرها بشكل ديني أو سياسي أو إنساني، ومع ذلك قد يرى البعض في صمود المقاومة الفلسطينية أمام قوة عسكرية أكبر منها نوعا من التأييد الإلهي، وقد يرى البعض في معاناة المدنيين الفلسطينيين نوعا من الابتلاء أو الاختبار، ويبقى تفسير الأحداث أمرا شخصيا يعتمد على منظور كل فرد ومعتقداته.
لذلك أستطيع القول: إن عملية "طوفان الأقصى" لا تندرج تحت أي من التعريفات الإسلامية للمعجزات أو الكرامات، لكنها يقينا أتت بنتائج عكس المراد منها تماما، ولابد من إجراء تحقيق موسع يكشف حقيقة ما حدث، وما ترتب على العملية غير المدروسة من عواقب تؤكد عدم تقدير الموقف، بالمخالفة الصريحة لقواعد القتال فى الشريعة الإسلامية، التى يضيق المقال عن ذكرها.
[email protected]