موقع 24:
2025-04-27@18:54:16 GMT

حماس ليست فلسطين

تاريخ النشر: 17th, October 2023 GMT

حماس ليست فلسطين

هنا لحظة أخرى لاستدعاء الوعي الجمعيّ، فالموقف المشهود بالدماء والقتل يستدعي استجماعًا لحقيقة مكررة لطالما انتهجتها جماعات الإسلام السياسي، منذ أن نشأت جماعة الإخوان في العام 1928 وهي تعيش على مادة أنها تمثل المسلمين، هذه عقيدة راسخة لم تتبدل، وبالرغم من توالي العقود والأحداث وتفرّع الجماعة إلى أكثر من تنظيم مسلّح وغير ذلك إلا أنها أبقت على مسألة الانفراد بالتمثيل السياسي والشعبي، هذه المنهجية يمكن استقراؤها بامتداد التصادم بين جماعات الإسلام الحركي والدولة الوطنية العربية بعد نشوئها في ثورة الضباط الأحرار المصرية عام 1952.


عند حادثة المنشية في الإسكندرية تصادمت الدولة الوطنية مع الجماعة الدينية، لم تكن محاولة اغتيال الزعيم جمال عبدالناصر سوى لحظة التصادم الفكرية بين خصمين لا يمكنهما التعايش مع بعضهما البعض للتضاد المنطقي، اعتقدت في تلك اللحظة جماعة الإخوان أنها إذا أطاحت برأس الدولة الوطنية ستمتلك السلطة السياسية على مصر، هذا ما كانت تعتقده. والأكثر عمقا أن الجماعة كانت تدرك أن عملية الاغتيال إذا نجحت فهذا سيقضي على مشروع التحرر الوطني العربي، لذلك مثلت نجاة عبدالناصر نجاة للمشروع القومي بمفهومه الوطني أكثر من ذلك المفهوم الأممي الذي كان رائجًا في الحقبة الناصرية.

حتى نكسة 1967 كانت في جوهرها تصادمًا بين الدولة الوطنية والجماعة الدينية، ما تلا النكسة كان خطابا تعبويا مشحونا بالشماتة على النظام المصري كنظام سياسي وطني، كانت تلكم الأيام مشبعة بكراهية فكرة الدولة الوطنية العربية في مركزها وعمقها العروبي، الشحنات الهائلة التي امتدت من كل حدب وصوب على النظام السياسي لم تكن مسبوقة وعملت فعليّا على إيجاد الهوة بين الشعوب والنظم السياسية في العالم العربي، حدث كل ذلك نتيجة عدم استيعاب الأنظمة الوطنية لحقيقة إهمال الجانب الديني الذي كانت تتحرك فيه الجماعة دون ضوابط في إطار الدولة ومحدداتها.
انتهزت جماعة الإخوان الصراع بين الأنظمة الجمهورية والملكية ونجحت مع الخطاب اليساري العربي في توسيع خطاب الكراهية ضد النظم الوطنية، كانت حرب أكتوبر 1973 الرافعة الوحيدة التي منها تم تأكيد الحيوية للنظام الوطني العربي فيما حققه الجيش المصري عندما استطاع عبور جدار بارليف، وحتى ذلك الانتصار الثمين والتاريخي لم يكن قادرا على ردم الهوة المتسعة بين النظم السياسية العربية وشعوبها التي عادت إلى الإنصات لخطاب الدعوات الدينية المناهضة للدولة بعد معاهدة السلام المصرية – الإسرائيلية في كامب ديفيد 1979، والتي أدت إلى اغتيال الرئيس أنور السادات في 1981.
الحرب الأهلية اللبنانية كانت في عمقها توظيفا كريها للصراع الديني والطائفي في الشرق الأوسط، لم تتنبّه الدول الوطنية العربية إلى أن تلك الحرب كانت تعميقا لصراع على مفهوم أبعد من كونه صراعا متعدد الأدوات بقدر ما كان يعني تحطيما لمعنى الدولة الوطنية اللبنانية الجامعة، أفرزت الحرب اللبنانية أول ظهور لحصول الجماعات الراديكالية على السلاح خارج إطار الدولة، من حركة أمل الشيعية ولد حزب الله مع تزايد الخطاب الثوري الديني بعد أن نجحت الثورة الإسلامية الإيرانية في إسقاط حكم الشاه العلماني وإقامة دولة دينية واسعة جغرافيًّا ويقف على هرمها الخميني وليًّا للفقيه.
وبالرغم من كل الإفرازات ظلت المنظومة العربية السياسية منكرة لوقائع الإفرازات حتى وهذه النظم تتابع باهتمام اقتحام جهيمان العتيبي ومجموعته للمسجد الحرام في مكة، النظم العربية دون أن تستشرف المدى البعيد لإرسالها المقاتلين إلى أفغانستان مع اشتداد الحرب الباردة بين الولايات المتحدة والسوفييت كانت في الواقع خاضعة دون استدراك لتيار راديكالي ديني متعصب كان بالفعل قد أتمّ تغوله داخل هياكل المؤسسات الوطنية العربية وكان قادرا على توجيهها وفقا لرؤيته الأممية الإسلامية.

بانعقاد المؤتمر العربي الإسلامي في الخرطوم عام 1991 كانت جماعة الإخوان وحلفاؤها في الطائفة الشيعية قد أحكموا قبضتهم، ولذلك فإن ميلاد تنظيم القاعدة في شبه جزيرة العرب لم يكن سوى مسألة وقت بعدما أشاع التنظيم الدولي لجماعة الإخوان فكرة أنّ غزو اليمن الجنوبي في صيف 1994 حربٌ مقدسة ضد الشيوعيين الماركسيين، كان ذلك تمهيدا لحادثة أعظم عندما قرر زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن شنّ هجمات إرهابية في الحادي عشر من سبتمبر على الولايات المتحدة مختطفا الإرادة العربية والإسلامية، ما فعلته القاعدة كلّف المنطقة احتلالاً أميركيًّا لأفغانستان والعراق.
هذه السرديّة التاريخية ضرورية لاستيعاب فكرة أن الجماعات الراديكالية الإسلامية التي أظهرت تقاربا صريحا في سنوات “الربيع العربي” هدفها الرئيسي يبقى تحطيم الدولة الوطنية، الحوثي ظهر مدّعيًا أنه ممثل لليمن، وحزب الله ممثل للبنان، والحشد الشعبي وحلفاؤه ممثلون للعراق، وهكذا تمارس هذه الجماعات اختطاف شعوب وأوطان وترمي بها في حروب وصراعات بلا أهداف واضحة سوى أنها تريد إلغاء الحدود السياسية للدولة الوطنية العربية، هذا هدف تسعى له الجماعات الدينية لإقامة الدولة الأممية الشاملة أو ما تسميه في تعريفاتها “دولة الخلافة”.
حركتا حماس والجهاد في فلسطين ليس لهما حقّ أن تدعيا تمثيلاً لإرادة شعب فلسطين لترميَا به في حرب ليس لها معنى، كما ليس لكل الجماعات الدينية أن تفعل ذلك، ومع هذا الحصار المطبق على قطاع غزة بعد أن شنّ الهجوم الحمساوي على إسرائيل في السابع من أكتوبر 2023 من الأجدر أن يستيقظ العقل الجمعي العربي على حقيقة الأشياء؛ فلا يمكن أن تُستبدل الدولة الوطنية بدولة الخلافة أو الدولة الأممية، فهذه دولة مستحيل وجودها في الواقع السياسي. اللحظة وإن كانت دموية فهي أيضا يمكن أن تتحول إلى فرصة استيقاظ ومراجعة واتخاذ قرار القَطْع مع موروثات تستخدمها الجماعات الراديكالية لتدمير الإنسانية كلها.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان سلطان النيادي مانشستر سيتي غزة وإسرائيل الحرب الأوكرانية عام الاستدامة غزة الوطنیة العربیة الدولة الوطنیة جماعة الإخوان

إقرأ أيضاً:

تربطه علاقة جيدة مع إسرائيل .. من هو حسن الشيخ أول نائب للرئيس في فلسطين؟ وماذا قالت حماس؟

بعد إعلانه نائباً للرئيس الفلسطيني، محمود عباس، أمس السبت، أصبح حسين الشيخ أول فلسطيني من الداخل يحوز أرفع منصب في السلطة الفلسطينية.

وجاء اختيار حسين الشيخ لمنصب نائب الرئيس، وهو منصب مستحدث، بتفويض من أهم المؤسسات الحاكمة: حركة فتح والمنظمة، بعدما فوّضت "مركزية فتح" الرئيس باختيار نائبه قبل جلسة "مركزي المنظمة" الذي استحدث بدوره المنصب، الذي اختير الشيخ له بموافقة تنفيذية المنظمة، ما يجعله مرشحاً قوياً للحركة في أي انتخابات رئاسية محتملة مقبلة، أو رئيساً بحكم الأمر الواقع، في حال عدم القدرة على إقامة الانتخابات لأي سبب بعد وفاة عباس أو عدم قدرته على الحكم.

بدوها اعتبرت حركة حماس تعيين الشيخ نائباً لرئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، يمثل استمراراً لنهج التفرد بالقرار السياسي وتهميش القوى الوطنية، وتجاهلاً متعمداً لأولويات شعبنا الفلسطيني الذي يواجه عدواناً وإبادة متواصلة.

من هو حسين الشيخ؟

ولد حسين شحادة محمد الشيخ في مدينة رام الله في 14 ديسمبر (كانون الأول) عام 1960، لأسرة فلسطينية لاجئة تعود أصولها إلى قرية دير طريف المهجرة من قضاء الرملة. انتمى الشيخ إلى حركة "فتح"، في عمر مبكر، واعتقلته إسرائيل بسبب انتمائه ونشاطه في الحركة عام 1978، وقضى في السجون 11 عاماً، ثم خرج عام 1989 مع بداية الانتفاضة الفلسطينية الأولى.

خلال الانتفاضة، أصبح نشطاً فيها وحاز على عضوية القيادة الوطنية الموحدة والقيادة العليا لحركة "فتح"، ومع دخول السلطة الفلسطينية، التحق بقوات الأمن وكان عقيداً في جهاز الأمن الوقائي.

أما في الانتفاضة الثانية عام 2000، فدخل في صراع مع بعض قيادات حركة فتح المتنفذين، وإلى حد ما في صراع لاحق مع الحركة، لكنه ظلّ أحد قادتها.

في عام 2007، تسلم رئاسة الهيئة العامة للشؤون المدنية برتبة وزير ورئيس لجنة التنسيق المدنية العليا (CAC)، التي تعدّ صلة الوصل الرسمية بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل.

تعلم الشيخ في سجنه اللغة العبرية وأتقنها كتابة وقراءة ومحادثة، وانتخب عضواً في اللجنة المركزية لحركة فتح في مؤتمرها العام السادس، الذي انعقد في مدينة بيت لحم عام 2009، وانتخب مرة ثانية عام 2016، وما زال.

في عام 2017، أصبح أحد أعضاء وفد المصالحة الفلسطينية التابع لحركة فتح، إذ اختارته مركزيتها عضواً في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير عن الحركة في 7 فبراير (شباط) عام 2022 في الدورة الحادية والثلاثين للمجلس المركزي، بدلاً عن صائب عريقات الذي توفي قبلها بنحو عامين بسبب "كوفيد -19".

ثم اختير أميناً لسرّ اللجنة التنفيذية للمنظمة ورئيساً لدائرة شؤون المفاوضات، في خطوة قرّبته من موقعه الحالي.

أصبح الشيخ في العامين الماضيين أقرب شخص لعباس، وقاد كثيراً من الحوارات مع الإسرائيليين والأميركيين والعرب في جميع القضايا المصيرية المتعلقة بالسلطة الفلسطينية.

وفي فبراير الماضي، غادر موقعه كرئيس للهيئة العامة للشؤون المدنية، واحتفظ بباقي المناصب، بما فيها موقعه رئيساً لنادي شباب البيرة في رام الله.

وقبل أسبوع واحد فقط، عيّنه "أبو مازن" رئيساً للجنة السفارات الفلسطينية.

يتميز الشيخ بنظرة الخارج وإسرائيل له كشخص براغماتي يمكن التواصل والتوصل معه إلى اتفاقيات، ويقول الإعلام الإسرائيلي إنه يتمتع بعلاقات وثيقة مع نظرائه الإسرائيليين.

ويتبنى الشيخ نهج عباس القائم على التوصل إلى اتفاق سلام مع الإسرائيليين عبر الحوار، واستخدام الدبلوماسية والمقاومة الشعبية، ويقرّ بحاجة السلطة إلى الإصلاحات والتغيير، لكنه يعدّها إنجازاً وطنياً لا يجب التفريط فيه.

مقالات مشابهة

  • “أمين الجامعة العربية” يرحب بتعيين حسين الشيخ نائبًا لرئيس دولة فلسطين
  • الأمين العام للجامعة العربية يرحب بتعيين حسين الشيخ نائبًا لرئيس دولة فلسطين
  • تربطه علاقة جيدة مع إسرائيل .. من هو حسن الشيخ أول نائب للرئيس في فلسطين؟ وماذا قالت حماس؟
  • قضايا الدولة تطلق المؤتمر العربي الأول للقضاء(تفاصيل)
  • جهاد حرب: الإدارة الأمريكية ليست جادة في الضغط على إسرائيل لإنهاء الحرب
  • تحالف العمل الأهلي: قرار العفو الرئاسي يترجم الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان
  • واشنطن: الأونروا ليست محصنة ضد الدعاوى القضائية
  • وزير الخارجية يبحث خلال اجتماع مع السفراء والمندوبين الدائمين للدول العربية لدى مجلس الأمن تعزيز التنسيق العربي المشترك
  • ما هي الإمتيازات التي كانت تدافع عنها د. هنادي شهيدة معسكر زمزم
  • قبلان: الدولة بسيادتها وعزّة نفسها الوطنية ومن لا سيادة له ولا عزّة لا دولة له