يعيش لبنان سباقاً محموماً بين انفجار الجبهة الجنوبية على نطاق واسع وبين نجاح الضغوط الديبلوماسية لاحتواء الوضع على الحدود، إذ يشهد لبنان حركة ديبلوماسية كثيفة ولافتة تقدمتها وزيرة خارجية فرنسا كاترين كولونا التي جالت أمس، على كبار المسؤولين اللبنانيين لاجراء جولة محادثات مستبقة نظيرها التركي هاكان فيدان الذي يصل اليوم، بحسب الخارجية التركية، للغاية نفسها، وأيضاً موفد بريطاني خلال الأسبوع الحالي.



وكتبت" النهار": لم يتبدل المشهد اللبناني كثيرا مع مطلع الأسبوع لجهة "تنازعه" الشديد بين مؤشرات التدهور الميداني عند الحدود الجنوبية مع اسرائيل والرهان على ديبلوماسية بدأت تتصاعد لمنع الوضع من بلوغ الانفجار الحربي الواسع. ولكن العاملين الجديدين اللذين برزا امس تمثلا في حضور لبنان بقوة في قلب الديبلوماسية الساخنة التي تسعى الى تحييد لبنان عن الالتحاق بحرب غزة وذلك من خلال زيارة وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا لبيروت، كما في ما كشفه رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي عن شبكة اتصالاته الواسعة مع العواصم الغربية والعربية المعنية بما أوحى بتزخيم كبير للجهود الديبلوماسية. ومع ان الوضع الميداني شهد في ساعات بعد الظهر والمساء تصعيدا ملحوظا الا انه قياسا بالايام السابقة لم يكن بحدة التصعيد إياها، ولو ان الوضع يبقى مفتوحا على شتى الاحتمالات. وإذ بدا واضحا ان مستوى رهان بعض الأوساط الديبلوماسية المعنية والمطلعة على طبيعة ما يطرح في الزيارات والمشاورات الجارية على خط لبنان قد ارتفع لجهة امكان مرور العاصفة الحربية من دون اشعال حرب شاملة على الجبهة اللبنانية، تعتقد هذه الأوساط ان تطورات الساعات الأخيرة في شأن غزة وما ارتسم من معالم فرض "خط احمر" ضمني أميركي امام إسرائيل لمنعها من اجتياح بري لغزة سيساهم الى حد واسع في تقليص المخاوف التي كانت ماثلة حيال اشتعال الجبهة الثانية بين إسرائيل وحزب الله.

وكتبت" نداء الوطن": الرسالة التي نقلتها أمس وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا إلى بيروت وأبلغتها الى المسؤولين نصت على الآتي:»ابذلوا ما في وسعكم لتفادي إنزلاق لبنان في دوامة الحرب الدائرة بين إسرائيل وحركة «حماس»، إنها مسؤوليتكم للحؤول دون انجرار لبنان في دوامة لن يتمكن من الخروج منها».موقف كولونا بدا بعيداً من «اللغة الديبلوماسية»، على حدّ وصف أوساط قريبة من مرجع كبير. وهي قالت لـ»نداء الوطن» إنّ كولونا «لم تأتِ الى لبنان كي تستمع الى مضيفيها، وإنما جاءت برسالة حازمة لتحذّر من انزلاق لبنان الى الحرب الدائرة في غزة».
وأشارت مصادر مطلعة لـ”البناء” الى أن “كولونا نقلت للرئيس بري قلق بلادها من الأوضاع الأمنية على الحدود مع فلسطين المحتلة، وتزايد احتمال تدهور الاشتباك القائم الى حرب شاملة”، وشددت الوزيرة الفرنسية للرئيس بري على ضرورة بذل المساعي للضغط على حزب الله لتفادي الحرب، ونقلت تحذيرات بأن أي حرب سترتب تداعيات كبيرة على لبنان والمنطقة، كما أكدت ضرورة الحفاظ على الاستقرار على الحدود من خلال بقاء لبنان بمنأى عن المواجهة المستمرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين.

وكتبت" الاخبار": تحدّثت مصادر مطّلعة عن معلومات غير مؤكدة حول لقاء عقدته كولونا مع مسؤولين في حزب الله كرّرت خلاله «النصيحة» الفرنسية بتحييد لبنان عن الصراع. ونقلت المصادر أن موقف المقاومة «لم يتغيّر منذ بداية الأحداث الأخيرة، وأنها تُبلِغ كل من يتحدّث معها أو ينقل إليها رسائل بأنها تراقب عن كثب تطور مسار المعركة في غزة باعتباره المعيار الذي سيُتخذ الموقف على أساسه»، مؤكدة أن «الحرب على غزة يجب أن تتوقف».

وكانت كولونا اجتمعت عقب وصولها من القاهرة عصرا الى بيروت بالرئيس ميقاتي الذي شدد "على اجراء كل الاتصالات والعمل الدؤوب لابقاء لبنان في منأى عن التوترات في المنطقة"، معتبرا" أن وقف اطلاق النار يساهم في تحقيق هذا الامر".وشدد على" ضرورة تكثيف الاجتماعات الدولية والعربية الرفيعة المستوى لتلافي التصعيد".

بدورها ابدت كولونا قلقها من الاوضاع في المنطقة. وقال " ان فرنسا تؤيد اقتراح مصر عقد اجتماع لقادة بعض الدول العربية والاوروبية المعنية بالاضافة الى الاعضاء الدائمين في مجلس الامن، كما انها تبذل جهدا لايجاد اطار حل للقضايا المطروحة حاليا والبحث في الحلول التي تمنع التصعيد غير المحسوبة".

وقالت"يجب تلافي الحسابات الخاطئة والعمل على ابقاء جنوب لبنان خارج التشنجات لان الصراع الراهن قد يمتد لمهلة غير محددة".

بعدها توجهت كولونا والوفد المرافق إلى عين التينة حيث اجتمعت مع رئيس مجلس النواب نبيه بري لثلاثة ارباع الساعة وجرى عرض للاوضاع العامة في لبنان والمنطقة على ضوء تصاعد العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة. ثم زارت قائد الجيش العماد جوزف عون في مكتبه في اليرزة .

ومساء عقدت كولونا مؤتمرا صحافيا في قصر الصنوبر أكّدت فيه أنها توجّهت إلى تل أبيب والقاهرة وبيروت "لأن الوضع مقلق وخطر". وقالت: "أناشد من بيروت تحمّل المسؤولية والسيطرة على الوضع". وأشارت كولونا إلى أن "حجم هجوم حماس الارهابية على إسرائيل يُظهر أنّه كان مخطّطاً ومنظّماً" مطالبةً "بالإفراج عن الأسرى من دون مدّة ولا شروط ويجب التنبه إلى ضرورة عدم الخلط بين حماس والشعب الفلسطيني. ودعت الى "فتح ممر إنساني لكي تصل المساعدات إلى الشعب الفلسطيني" وشددت على انه "لا يمكن لحماس أن تأسر شعباً بأكمله". ورأت ان "على المسؤولين اللبنانيين أن يلعبوا دورهم في منع جرّ لبنان إلى الأحداث الإقليمية "مؤكدة ان"فرنسا تقارب ما يحصل بجدية تامة ولن توفر جهداً لترميم مسار السلام".

ورأت "أن هناك حالة طارئة إنسانية وديبلوماسية، وعلينا أن نفعل كل ما هو ممكن لتفادي اشتعال الاوضاع، لقد قلت ذلك عدة مرات، والسبب الأساسي لزيارتي هي استمرار العمل لتفادي اشتعال يمكن أن يطال المنطقة باكملها، وفرنسا تعمل على ذلك من اليوم الأول، ونحن نجري اتصالات متكررة مع دول المنطقة ومع شركائنا من الإتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ونمرر كل الرسائل الضرورية ونريد ان تلتقي كل الرسائل التي توجهها الدول لتحقيق هذا الغرض، ولهذا السبب انا في لبنان اليوم جئت الى لبنان للتذكير بحرصنا على هذا البلد ودعمنا لاستقرار لبنان وأيضا لأقول لكل وضوح انه ما من مجموعة يجب أن تعتقد انه بامكانها محاولة استغلال هذا الوضع، وهذه رسالة واضحة. وعلى المسؤولين اللبنانيين أيضا ان يتحملوا مسؤولية في هذا المجال لتفادي أن ينجر لبنان قسرا الى مثل هذه المسألة لأن الوضع لا يحتمل، هذا نداء للعقل للمسؤولية ولضبط النفس، ولا يجب أن ينجر لبنان وان اي انزلاق قسري وعن غير عمد لا يمكن أن يكون في مصلحة احد. فرنسا تأخذ الوضع الحالي بكل جدية ولن نألو جهدا لتفادي تدهور الوضع ولاعادة الهدوء لأن هذا ضروري. وهذا هو نداؤنا من أجل ان يكون هناك حس بالمسؤولية، وان تلتقي كل الجهود لتحقيق هذا الأمر".

المصدر: لبنان ٢٤

إقرأ أيضاً:

تقرير عسكري أمريكي عن ديناميكية القوة في الشرق الأوسط والنقاط الساخنة بعد سقوط الأسد

الإمارات العربية – حدد موقع “بريكينغ ديفينس” الأمريكي المتخصص بالشؤون العسكرية النقاط الساخنة الأساسية التي يمكن أن تؤثر على توازن القوى في المنطقة لسنوات مقبلة.

وذكر التقرير أن من بين تلك الدول وضع العراق والنفوذ الإيراني فيه ومصير القواعد العسكرية الروسية وخط الإمداد الرئيسي للأسلحة الإيرانية إلى حزب الله في لبنان.

ونقل التقرير الأمريكي عن الباحث في أكاديمية “ربدان” للأمن والدفاع كريستيان ألكسندر والذي يتخذ من الإمارات مقرا له قوله “إن إيران بعدما فقدت حليفها في سوريا فإنها قد تركز المزيد من اهتمامها على العراق”.

وبحسب ألكسندر فإنه “مع سقوط دمشق فمن المرجح أن تعزز إيران موقعها في العراق وتحتفظ بقاعدة عمليات وتمارس نفوذا غير مباشر على سوريا من خلال الحدود المشتركة والميليشيات العابرة للحدود”، مشيرا إلى أنه يرجح أن تكثف هذه الجماعات أنشطتها على طول الحدود العراقية السورية من أجل ضمان استمرارية خطوط الإمداد والحفاظ على الاتصال ببقايا الفصائل الموالية لإيران في سوريا.

إلا أن الباحث في معهد “المجلس الأطلسي” الأمريكي علي باكير وهو أيضا أستاذ في جامعة قطر يعتبر أن سقوط سوريا يمكن على العكس من ذلك أن يدفع الميليشيات العراقية إلى التقارب مع الحكومة العراقية.

ونقل التقرير عن باكير قوله إن انهيار الأسد سيحول الأنظار إلى الميليشيات العراقية حيث “سيتعرضون بشكل متزايد لضغوط داخلية وإقليمية ودولية للانضمام إلى المؤسسات والهيئات الرسمية العراقية بدلا من خدمة الأجندة الإيرانية في العراق وسوريا المجاورة”.

واعتبر التقرير أن هناك عددا لا يحصى من الأسئلة التي يتحتم الإجابة عنها من بينها الأسئلة الأكثر إلحاحا التي تشغل بال المسؤولين الأمريكيين والشرق أوسطيين وهي ما إذا كان التطرف سوف يترسخ في ظل فراغ السلطة الناشئ.

وبحسب باكير فإن “سقوط نظام الأسد سيكون له تداعيات وخيمة على النفوذ الإقليمي” لكل من روسيا وإيران، مضيفا أن “السؤال الملح بالنسبة للمواطنين العاديين في طهران وموسكو هو: ما الذي كسبناه من دعم هذا النظام منذ ما يقرب من 14 عاما؟ فكيف يمكن لقيادتنا أن تفسر الاستثمار السياسي والمالي والعسكري الضخم في هذا النظام؟”.

وذكر التقرير أنه قبل انتصار المعارضة السورية كانت موسكو قد بسطت قوتها جزئيا في سوريا وخارجها من خلال قاعدة حميميم الجوية بالقرب من اللاذقية وقاعدة طرطوس البحرية على البحر الأبيض المتوسط، لكن الآن مع فرار الأسد فإن مصير القاعدتين يبدو مجهولا.

ولفت إلى تصريح للمتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا مؤخرا قالت فيه إن “أولويتنا الكبرى هي سلامة جميع المواطنين الروس داخل الأراضي السورية وحماية المنشآت والبعثات الروسية بما في ذلك المنشآت الدبلوماسية والعسكرية وتلك المرتبطة بالشركات والمنظمات الروسية”.

وبعدما أشار التقرير إلى وجود صور استطلاع استخباراتية تظهر أن السفن العسكرية الروسية غادرت قاعدة طرطوس ورصد عدد قليل فقط من الطائرات في قاعدة حميميم الجوية، ذكر التقرير بتصريح للمتحدثة باسم البنتاغون سابرينا سينغ قالت فيه “يبقى أن نرى ما هو الطريق إلى الأمام في سوريا وهذا أمر متروك للشعب السوري أن يقرره”.

ونقل التقرير عن باكير قوله أيضا إنه من المنطقي أن تقوم روسيا بسحب سفنها حيث قد يكون هناك “تهديد وشيك لقواتها أو أصولها العسكرية”، إلا أن السؤال المفتوح يتعلق بما إذا كانت السفن الروسية ستعود.

وبحسب باكير فإن “القواعد العسكرية المعنية هي ملك للسوريين، لكن مسألة ما إذا كانت موسكو ستستخدمها في المستقبل، هو أمر يعتمد على الوضع الداخلي في سوريا وعلى اتفاقات مع السلطة الحالية أو المستقبلية”، إلا أنه رجح أيضا ألا تسمح السلطة المسيطرة في سوريا الآن لروسيا بتمركز قواتها أو أصولها العسكرية داخل البلد والمسألة تتعلق على المدى المتوسط والبعيد بالمتغيرات التي لا يمكن تحديدها بشكل كامل الآن.

أما بحسب كريستيان ألكسندر فباعتقاده أن هناك ثلاثة خيارات أساسية فيما يتعلق بالوجود الروسي، أولا أن تتفاوض روسيا مع الحكومة السورية الجديدة لمواصلة استخدام القواعد، وثانيا أن يرفض المسلحون الوجود الروسي بشكل كامل بسبب دعمهم السابق للأسد، وثالثا أن موسكو ستعتبر أن الوضع “متقلب” بدرجة كبيرة بحيث لا يمكن المخاطرة بالحفاظ على وجود عسكري على أي حال ولا تحاول العودة.

ونقل التقرير عن ألكسندر قوله إن روسيا يمكنها أن تتخلى عن هذه القواعد تماما وهو ما من شأنه أن “يمثل تحولا جيوسياسيا كبيرا “.

إلى ذلك ذكر التقرير أن سقوط الأسد قد يكون مقلقا بالنسبة لحليفته الوثيقة إيران لعدد من الأسباب، من بينها أن سوريا إلى جانب العراق كانت بمثابة طريق بري يمكن لطهران من خلاله إمداد وتسليح حزب الله اللبناني إلا أنه نقل عن الجنرال اللبناني المتقاعد وهبة قطيشة قوله إنه مع سقوط الأسد وسيطرة المسلحين على جزء كبير من هذا الطريق بما في ذلك البوكمال فقد جرى بذلك “قطع خطوط الإمداد من إيران إلى حزب الله في لبنان”.

ونقل التقرير عن باكير قوله إنها “مسألة وقت فقط قبل أن يتضاءل نفوذ حزب الله حتى داخليا في لبنان”، مضيفا أن طهران قد تصبح مجبرة على التكيف مع الواقع الجديد وتصبح أكثر واقعية أو أنها قد تسعى إلى محاولة التخريب إذا استطاعت أو قد تختار شراء الوقت وإعادة بناء موقعها الإقليمي والمناورة حتى انتهاء ولاية ترامب وعندها يمكن أن يعودوا بإستراتيجية إقليمية جديدة.

وختم التقرير بالقول إن الإجابة عن هذه الأسئلة ستظل قيد الانتظار وقد لا تعرف قبل أسابيع أو أشهر إلا أن المسألة الوحيدة المؤكدة هي أن ديناميكية القوة في الشرق الأوسط قد تبدلت بالفعل لسنوات أو عقود مقبلة.

 

المصدر: وكالات

مقالات مشابهة

  • بعد الفرز.. مطمر سيستقبل كمية من الردم الموجود في الضاحية الجنوبية لبيروت
  • الدفاع التركية: تحييد 6 مسلحين شمالي سوريا والعراق
  • رئيسة المفوضية الأوروبية: الوضع الميداني في سوريا لا يزال متقلبا
  • تركيا تعلن تحييد 6 عماليين بعمليات عسكرية في سوريا والعراق
  • أحواض المياه الساخنة علاج واعد لمرضى السكري
  • الإفلاس الميداني
  • تقرير عسكري أمريكي عن ديناميكية القوة في الشرق الأوسط والنقاط الساخنة بعد سقوط الأسد
  • رسالة كاتبة إلى أختها المعارضة التي ماتت قبل أن ترى سقوط بشار
  • بالفيديو.. مسيّرة تحلّق فوق الضاحية الجنوبية لبيروت
  • بخطوات بسيطة.. طريقة تحضير الشيكولاته الساخنة