شكوك أوروبية حول قدرة “إسرائيل” على شن حرب برية واسعة في غزة
تاريخ النشر: 17th, October 2023 GMT
الجديد برس:
في حال قررت “إسرائيل” الهجوم البري الواسع، فإنها ستواجه مشكلة على صعيد الموارد العسكرية ومخزون الذخائر للأسلحة المختلفة المنخفض، وهذا المستوى تتم مراقبته بشكل دقيق من قبل المحللين العسكريين الغربيين.
بنيامين نتنياهو على عجلة من أمره لعملية برية واسعة يعيد من خلالها إعادة الاعتبار له ولجيشه بعد الضربة القاسية التي شكلها نجاح عملية “طوفان الأقصى”، لكن الشكوك كبيرة جداً حول قدرة “الجيش” الإسرائيلي على القيام بهذه المهمة بنجاح، بحسب محللين سياسيين وعسكريين أوروربيين، وتتوزع هذه الشكوك على مستويين:
الأول، هو قوة المقاومة الفلسطينية في غزة؛ إذ تقول صحيفة “Le temps” السويسرية، إن الجيش الإسرائيلي يواجه عدواً لا يمكن اختراقه، فحماس هي واحدة من أكثر الحركات سرية في العالم، والاستخبارات الإسرائيلية تواجه صعوبة كبيرة في الحصول على معلومات من غزة، وكتائب القسام، هي جيش حقيقي يضم ما لا يقل عن 15 ألف جندي محترف، وبالتالي من المستحيل تقدير العدد الإجمالي للمقاتلين الذين ستواجههم “إسرائيل” إذا دخلت غزة.
حسب الصحيفة السويسرية.
في الأعماق يمكن أن تكون المعركة أكثر حدة. أنفاق حماس، تحت مدينة غزة وشمال الأراضي الفلسطينية، هي حصون حقيقية تمتد على عدة مستويات وعشرات الكيلومترات، وتأوي عشرات الآلاف من المقاتلين. ويمكن لحماس أن تفجر بعضها لإبطاء تقدم الإسرائيليين، من خلال وضع القنابل على الطرق وفي المباني.
صحيفة “نيويورك تايمز” نقلت عن ضابط في حماس أنه من الممكن أيضاً نصب كمائن مفاجئة من خلف القوات الإسرائيلية بفضل فتحات الأنفاق إلى الشمال.
المشكلة الثانية التي تواجهها “إسرائيل” في حال قررت الهجوم البري الواسع، هي مستوى الموارد العسكرية ومخزون الذخائر للأسلحة المختلفة المنخفض، وهذا المستوى تتم مراقبته بشكل دقيق من قبل المحللين العسكريين الغربيين بحسب صحيفة “لو موند” الفرنسية، التي تقول: إن القوة الرئيسية للجيش الإسرائيلي هي قوته الجوية، مع أسطول يتكون بشكل رئيسي من طائرات F-16 الأميركية (9 أسراب، أو نحو 180 طائرة) ولكن أيضاً طائرات F-35 (سربين)، وهي من بين الطائرات الأكثر تقدماً من الناحية التكنولوجية في العالم وقربها الجغرافي المباشر من غزة.
وبفضل هذا التفوق الجوي، تمكنت “إسرائيل” من التفوق العسكري القوي على القطاع الفلسطيني، الأمر الذي سمح لها في السنوات الأخيرة بتنفيذ عمليات عديدة ضد حماس دون المخاطرة الكبيرة، فمنذ أكثر من 20 عاماً، كانت الإستراتيجية الإسرائيلية هي الحرب عن بعد، وذلك بشكل أساسي عبر العمليات الجوية من أجل تعريض جنودها لأقل قدر ممكن من المخاطر.
لكن هذا ليس دائماً فعال جداً، فهذه الاستراتيجية “يمكن أن تحدث ضرراً، لكنه ليس حاسماً أبداً لأنه من الممكن دائماً لأولئك المستهدفين أن يلجأوا إلى العديد من الممرات تحت الأرض في غزة، وهذا يؤدي بشكل رئيسي إلى خسائر في صفوف المدنيين، كما يقول العقيد البحري المتقاعد والمؤرخ العسكري الفرنسي ميشيل غويا لصحيفة “لو موند”، وهو مؤلف العديد من الأعمال حول الحروب في الشرق الأوسط، بما في ذلك حرب “إسرائيل” ضد حزب الله عام 2006 (كتاب وقائع الهزيمة المعلنة 12 تموز/يوليو – 14 آب/أغسطس 2006).
إذاً، فرضية الحرب البرية في غزة رهان محفوف بالمخاطر، إذ يقول غويا: “إن نقطة الضعف الحقيقية للجيش الإسرائيلي اليوم هي عدد القنابل والصواريخ الموجهة لديه”، وهو تحدٍ على المستويين الهجومي والدفاعي على وجه الخصوص، يجب أن يكون لدى نظام القبة الحديدية، وهو نظام دفاعي متطور مضاد للطائرات والصواريخ، ما يكفي من الصواريخ الاعتراضية ليظل فعالاً.
وتمتلك “إسرائيل” احتياطيات، بما في ذلك مخزونات الذخيرة الأميركية مخزنة على أراضيها منذ الثمانينات، بما في ذلك أنواع مختلفة من الأسلحة والذخائر الدقيقة، وقذائف المدفعية، وقاذفات القنابل اليدوية، وما إلى ذلك، وقد سحب منها “الجيش” الإسرائيلي بالفعل مرتين في عمليات في عامي 2006 و2014. ولكن كجزء من دعمها لأوكرانيا، استعادت واشنطن، في كانون الثاني/يناير، على ما يعادل 300 ألف قطعة ذخيرة، ومن هنا جاء طلب “إسرائيل” للحصول على المساعدات الأميركية.
إذا شن “الجيش” الإسرائيلي هجوماً برياً، فسوف يكون قادراً على الاعتماد على مشاة ميكانيكية قوية (7 ألوية يتألف كل منها من نحو 3000 عنصر). يمكن لهذه الأرتال من المركبات المدرعة، تليها المركبات الخفيفة المحاطة بجنود المشاة، أن تتمكن من المغامرة بدخول غزة، وتتمثل الطريقة في التقدم دون استخدام حارات المرور الحالية المكشوفة للغاية عن طريق تدمير جميع المباني الموجودة في طريقها، وهو ما ينطوي على تقدم بطيء للغاية، بمعدل 20 متراً في الساعة، و300 إلى 400 متر في اليوم.
ولكن بالنسبة لهذا النوع من العمليات، هناك حاجة إلى جنود مدربين تدريباً عالياً. ومع ذلك، فإن لدى “الجيش” الإسرائيلي 26 ألف فرد فقط في الوحدات القتالية. وتتكون معظم قواتها العاملة من المجندين، نحو 100 ألف شخص. وما لم ترسل على الفور ألوية احتياطية، فسوف تجد “إسرائيل” صعوبة في نشر أكثر من 30 ألف جندي على الأرض.
ومع ذلك، فإن حماس قادرة على جمع ما بين 7000 إلى 10000 مقاتل وعدد مماثل من عناصر التنظيمات الأخرى.
كل ذلك على أرض معدة وملغومة بالعبوات الناسفة، ويقدر مصدر عسكري لصحيفة “لو موند” الفرنسية أن الخسائر الإسرائيلية قد تصل إلى المئات، و”علينا أن نرى ما إذا كانت السلطة السياسية مستعدة لتحمل هذه الخسائر”، خصوصاً وأن الـ 360 ألف جندي احتياطي الذين استدعتهم “إسرائيل” سيكونون أمام تحد كبير “يكمن في معرفة ما إذا كان كل هؤلاء الجنود الاحتياطيين، الذين يجب توزيعهم بين غزة والحدود مع لبنان وسوريا والضفة الغربية، سيكونون قادرين على السيطرة على جبهات متعددة محتملة”، بحسب هيلواز فايت، الباحثة في المعهد الفرنسي للدراسات العسكرية.
يبقى التحدي الأكبر أمام الحكومة الإسرائيلية، والذي يجمع عليه المحللون الأوروربيون، هو في تحريك الجبهة الشمالية مع حزب الله، في حين يصعب تقييم نوايا “العدو اللبناني” بحسب مصدر عسكري إسرائيلي لصحيفة “لو موند”.
*محلل الميادين للشؤون الأوروبية والدولية – موسى عاصي
المصدر: الجديد برس
كلمات دلالية: فی غزة
إقرأ أيضاً:
بذورُ بريطانيا الخبيثة.. وعد بلفور وزراعة “إسرائيل” وآل سعود
يمانيون/ تقارير يستمرُّ الواقعُ الإنساني المريرُ في غزةَ كحقيقة مؤلمة وقصص موجعة، وجرائمَ مفزعة تقوم بها الصهيونية لأكثرَ من عام دون أن يتحَرّك أحد.
وبالتوازي مع هذا الإجرام غير المسبوق، تحل علينا الذكرى السابعة بعد المِئة لما عُرف بــــ “وعد بلفور” لتعيدَ إلى ذاكرتنا الدورَ البريطاني الخبيثَ في زرع الكيان الصهيوني في جسد الأُمَّــة.
وفي سياق هذه الذكرى، أكّـدت حركة الأحرار الفلسطينية أن معركة (طُـوفَان الأقصى) مُستمرّة رغم هذه الذكرى المشؤومة، مجددة التأكيد على أن الشعب الفلسطيني يقدم في سبيل ذلك التضحيات الغالية.
وقالت الحركة في بيان لها: إن “وعد بلفور وما نتج عنه سيبقى وصمة عار في جبين المجتمع الدولي وما يدعيه بإنسانيته، وعلى رأسهم بريطانيا”، لافتة إلى أنه “على الرغم مما يرتكبه الاحتلال من جرائم إبادة جماعية وتجويع وانتهاك لكامل حقوق الشعب الفلسطيني، إلا أن الشعب الفلسطيني يرسم لوحة أُسطورية في الفداء والتضحية، وأن الشعب الفلسطيني المقاوم لن يرفع الراية البيضاء، ولن يترك البندقية من يده، ومقاومته ستبقى مُستمرّة ومتنوعة ومتطورة في رحاب محور المقاومة وجبهات الإسناد حتى دحر الاحتلال الصهيوني”.
وقالت الحركة: “بعد 107 أعوام من “وعد بلفور” المشؤوم، فقد حان الوقت لأن تتحَرّك شعوب الأُمَّــة العربية والإسلامية في وجه هذا العدوّ”، مشيرة إلى أن “تحَرّك الشعوب اليمنية والعراقية واللبنانية والإيرانية التي أثبتت وأكّـدت أن هذا الاحتلال ما هو إلا وحش من ورق، وأن حرقه وتمزيقه بات أقرب من أي وقت مضى”.
بريطانيا رأس الحربة:
وفي السياق يؤكّـد الكاتب والباحث الدكتور عرفات الرميمة، أن “بريطانيا هي رأس الحربة فيما يحدث وتعيشه حَـاليًّا المنطقة”، منوِّهًا إلى أنه “قد تلاقت أطماع الصهيونية مع أهداف الاستعمار الغربي في السيطرة على المناطق الحيوية في الوطن العربي”.
ويوضح خلال لقاء له على قناة “المسيرة” أن الفكرة استقرت على أن تكون فلسطين هي المنطقة التي يجب أن تزرع فيها بذرة سرطانية هو العدوّ الصهيوني الغاصب.
ويشير إلى أنه “في العام 1905 عقد المتآمرون، لا المؤتمِرون، المؤتمرَ الصهيوني السابع في بازل بسويسرا، والذي يعد البذرة التي قسمت العالم وأهم البحار، وخُصُوصًا البحر الأبيض المتوسط الذي يعتبر بحرًا عربيًّا؛ كون أغلب الدول العربية مطلة عليه، ومن هنا يجب أن تتركز القوى الاستعمارية في البحر الأبيض المتوسط، “يطّلع المؤتمر على تقرير لجنة التقصي بشأن “عدم ملاءمة” أوغندا للاستيطان اليهوديّ الجماعيّ، ويتبنّى قرارًا بالبديل عن أوغندا وهي فلسطين”.
وهنا يشير الرميمة إلى أن المؤامرة على فلسطين كانت قديمة وعلى أن تكون هناك قوة تفصل بين شرق الوطن العربي وغرب الوطن العربي، فأتت الفكرة على أن تكون فلسطين هي هذه المستعمرة وفي قلب الأُمَّــة العربية، وعلى امتداد السياق التاريخي في العام 1915 جاءت اتّفاقية “سايكس بيكو” وتقسيم المنطقة العربية بين فرنسا وبريطانيا، ثم 1917، جاء يوم الوعد المشؤوم لبلفور، مبينًا أن دواعي هذا القرار لرئيس وزراء بريطانيا الذي كان يسعى إلى التخلص من الصهاينة في أُورُوبا، والهدف الآخر هي السيطرة على الوطن العربي.
الشيء الأخطر هنا هو الانتداب البريطاني الذي حقّق الوعد في الاستيلاء على فلسطين، وشرعنة الاستعمار البريطاني عبر عصبة الأمم المتحدة في العام 1922م؛ بمعنى أن بريطانيا سيطرت على فلسطين من خلال مرسوم عبر عصبة الأمم، أَو الأمم المتحدة كما تسمى الآن، حسب قول الرميمة.
ويضيفُ الرميمة أن تسلسل الأحداث بعد ذلك من هجرات لليهود، ودور عبد العزيز آل سعود الذي أخمد الثورات العربية المناهضة لاحتلال فلسطين، ولعب الكيان السعوديّ دورًا أَسَاسيًّا في ذلك، والذي قال عنه رئيس وزراء تشرشل: “فكرنا بزرع كيان موال لنا في السعوديّة قبل زرع الصهاينة أنفسهم في فلسطين، إلى جانب زرع النظام الأردني كذلك”، وبالتالي نقل حالة الاستعمار المباشر إلى الاستعمارِ عن طريق الوكلاء.
توافُقٌ بريطاني صهيوني:
كان هناك توافق بين المشروع الصهيوني من جهة، وبين الأطماع البريطانية الاستعمارية، حَيثُ قال منظِّر الصهيونية “هرتزل”: إننا “نعهد بحماية طريق التجارة البريطانية إلى الهند عبر السيطرة على فلسطين”.
وفي تاريخ 6 يوليو/تموز1921 أعلنت عُصبة الأمم مشروع الانتداب البريطاني على فلسطين، وتمت المصادقة عليه في 24 يوليو/تموز 1922، ووضع حيز التنفيذ في 29 سبتمبر/أيلول من العام نفسه، وحرص محرّرو صك الانتداب على الإشارة إلى أنه جاء بناء على وعد بلفور.
اشتمل الصك على ديباجة و28 مادة، وأكّـدت بريطانيا من خلال المشروع الصهيوني كما في وعد بلفور، وأضافت جزئية تقر فيها بـ “الصلة التاريخية التي تربط الشعب اليهودي بفلسطين”، مع ذكر حقوق “الطوائف غير اليهودية” باقتضاب.
وفي أُكتوبر/تشرين الأول 1933 بدأت مظاهرات في جميع أنحاء فلسطين؛ تعبيرًا عن الغضب من السياسات البريطانية التي مارست كُـلّ أشكال العنف والقمع، خَاصَّة بعد ما أعدمت في أغسطُس/آب 1929 رموزًا فلسطينية شاركت في ثورة البراق.
بدأت منظماتٌ وحركات مقاومة فلسطينية سرية شبه عسكرية بالتشكل، منها جماعة اليد السوداء بقيادة عز الدين القسام، الذي استشهد في كمين نصبته له القوات البريطانية في 20 أُكتوبر/تشرين الأول 1935.
وأدى اغتيال واستشهاد القسام إلى إشعال فتيل الثورة الفلسطينية الكبرى عام 1936 بالتزامن مع زيادة الاستيلاء اليهودي على الأراضي لاستيعاب الهجرة اليهودية المتزايدة، وزيادة القوانين البريطانية التي هجرت المئات، وتسببت بعطالة العديد من العمال الفلسطينيين، بالإضافة لخطط التقسيم للمنطقة.
مع الإشارة، ارتكبت القوات البريطانية خلال فترة انتدابها عددًا من المذابح، وقمعت الثورات الفلسطينية، وأبرزها ثورة عام 1920، وثورة البراق عام 1929، وثورة القسّام عام 1935، والثورة الفلسطينية الكبرى عام 1936م.
الأنظمةُ العميلة والبذرة الخبيثة:
كان الدور بريطاني هو الأهم في إنشاء دولة “إسرائيل” كما أنها عملت على إنشاء أنظمة وظيفية تعمل على خدمة وتحقيق المصالح الغربية الاستعمارية في المنطقة، ودورها المُستمرّ حتى اللحظة.
وفي هذا الشأن يحث العميد هاشم وجيه الدين، الأجيالَ العربية أن تعرف حقيقة الدور البريطاني الجوهري في زرع هذا الكيان والورم السرطاني في قلب وجسد الأُمَّــة العربية والإسلامية.
ويضيف خلال تصريح خاص لـ “المسيرة” وخُصُوصًا عبر أنظمة عميلة كان على رأسها الشريف حسين حينها، والذي حارب الدولة العثمانية التي رفضت أن تعطي فلسطين لليهود، الذين وصفهم وقتها عبد العزيز بن سعود وقتها بـ “المساكين” في مؤتمر العقير عام 1922م، حسب ما ذكره ناصر السعيد في كتابه “تاريخ آل سعود” كاشفًا أن عبد العزيز آل سعود قال للضابط البريطاني المتواجد في السعوديّة حينها: “يجب أن نعطيَ فلسطين لليهود المساكين”.
ويتابع حديثه: “الشريف حسين حارب الدولة العثمانية التي لم تتنازل عن القدس، وبالتالي وقف إلى جانب بريطانيا لزرع هذه البذرة الخبيثة “إسرائيل” في قلب الأُمَّــة العربية، وتحديدًا في فلسطين”، موضحًا أن “الدولة العثمانية رفضت كُـلّ الإغراءات البريطانية للتنازل عن القدس؛ فما كان من بريطانيا إلا أن أوعزت إلى الشريف حسين، والملك عبدالعزيز آل سعود أنظمتها العميلة في المنطقة بمحاربة الدولة العثمانية تحت شعار (الثورة العربية الكبرى)، التي كانت في الأَسَاس أدَاة لقتل، وإخماد أي تحَرّك عربي مقاوم، ورافض للمشروع البريطاني القذر في فلسطين، بعد هزيمة الدولة العثمانية”.
نقلا عن المسيرة نت