اتجاهات مستقبلية
التكلفة الإنسانية للحروب
تُخلف الحروب وراءها أوزارًا من الدمار والمعاناة التي يدفع ثمنها دائمًا المدنيون الأبرياء وغيرهم من غير المحاربين. وتلك هي التكلفة الإنسانية للحروب. وبرغم أنه كثيرًا ما يتم التغاضي عن هذه التكلفة في إطار المنظورات الشائعة في دراسة الصراعات المسلحة، فإنها تُعد أكثر نتائج الصراعات إيلامًا وأكبرها تأثيرًا.
وتبنت طائفة من الدارسين والممارسين حديثًا اقترابًا جديدًا لتسليط الضوء على الكُلفة البشرية للحروب، وهو اقتراب الأمن الإنساني، الذّي يركز على تأثير الصراعات المسلحة على الأوضاع الإنسانية والصحية والأمن الغذائي والمائي والتنمية البشرية إجمالًا.
وإذا بدأنا بأكثر نتائج الحروب فداحةً، وهي الخسائر في الأرواح، ولاسيما في صفوف المدنيين، فسوف نجد أنّ أعداد الوفيات الناجمة عن الصراعات المسلحة أصبحت أكبر مما كانت عليه في أي وقت مضى في هذا القرن. فقد أُزهقت أكثر من 238 ألف نفسًا في الصراعات العام الماضي، وفقًا لمؤشر السلام العالمي، الصادر عن معهد الاقتصاد والسلام (IEP) في سيدني بأستراليا. وبالإضافة إلى الخسائر في الأرواح، تتسبب الحرب أيضًا في مجموعة واسعة من الأزمات الإنسانية الأخرى تتعلق بالنزوح الجماعي أو التهجير القسري، وانعدام الأمن الغذائي والمائي، وتدهور الأوضاع الصحية التي قد تصل لحد الكارثة وتفشي الأمراض والأوبئة، وتدمير البنية التحتية.
وتمتد التكلفة الإنسانية للحرب إلى ما هو أبعد بكثير من الفترة التي تعقب الصراع مباشرة لتطول أجيالًا وأجيالًا. فالأطفال الذين ينشؤون في مناطق الصراعات أكثر عُرضةً للإصابة بسوء التغذية وتوقف النمو والنكسات التعليمية. كما أنهم يكونون أكثر عرضة للمعاناة من اضطراب ما بعد الصدمة، والقلق والاكتئاب وغيرها من التأثيرات النفسية غير المنظورة. والأكثر خطورةً أنهم يكونون أكثر عُرضة للتجنيد في الجماعات المسلحة والمتطرفة.
وهناك العديد من مناطق العالم التي تعاني من التداعيات الإنسانية الخطيرة للحرب، وعلى رأسها منطقة الشرق الأوسط، أكثر مناطق العالم اضطرابًا وصراعًا. فقد اختبرت المنطقة، خلال العقود القليلة الماضية، العديد من الصراعات المسلحة والحروب الأهلية والإقليمية، أبرزها الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، الذي نشهد في الوقت الراهن أحدث فصوله في حرب غزة الخامسة. فهذه الحرب التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة، ردًّا على العملية التي نفذتها حركة حماس ضدها والمعروفة باسم “طوفان الأقصى”، تثبت يومًا بعد يوم، بل ساعة بعد ساعة أنها سوف تكون مختلفة عن جولات الصراع السابقة عليها، كونها الأكثر كلفةً من الناحية الإنسانية، كما كانت مختلفة في بدايتها وصيرورتها. فقد سقط آلاف القتلى الأبرياء من الجانبين، ولاسيما من الجانب الفلسطيني الذي يتعرض لحملة عسكرية مكثفة من إسرائيل، التي تستعد للتدخل بريًّا في القطاع من أجل القضاء على حركة حماس، وما سوف ينتج عنه من كارثة إنسانية غير مسبوقة في القطاع الذّي يتجه “نحو الهاوية”، وفقًا للأمم المتحدة.
إن ما يجري في غزة اليوم، والتكلفة الإنسانية الفادحة للصراع فيها وحولها هو جرس إنذار آخر للعالم عن التداعيات الإنسانية المأساوية للحروب؛ ولذا من اللازم أنْ يهبّ المجتمع الدولي ليس لوقف إطلاق النار وحسب، وإنما لتسوية الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي ومعالجة أسبابه حتى لا ينفجر مرةً أخرى في صورة حربٍ سادسة!.
المصدر: جريدة الوطن
كلمات دلالية: الصراعات المسلحة
إقرأ أيضاً:
المجر: ترامب لا يحتاج لوسطاء لوقف الحرب الأوكرانية
قال وزير خارجية المجر، بيتر سيارتو، اليوم الإثنين، إن الرئيس الأمريكي المنتخب، دونالد ترامب، لا يحتاج إلى وسطاء لوقف الحرب الأوكرانية.
وأضاف سيارتو في تصريحات لوكالة "سبوتنيك" الروسية، قائلاً "إذا كانت هناك حاجة إلى وسيط، فيجب أن يكون لدى الطرفين أو الثلاثة اتفاق ورغبة مشتركة في أن يكون هناك وسيط، وهو ما لا أراه الآن، ومن ناحية أخرى، أعتقد أنني أعرف، أن الرئيس ترامب كشخص لا يحتاج إلى أي وسطاء".
واعتبر الوزير المجري أن مقترح وقف إطلاق النار في عيد الميلاد بين روسيا وأوكرانيا الذي قدمته هنغاريا، قد يكون فرصة ممتازة للتوصل إلى تسوية سلمية طويلة الأمد.
وقال سيارتو "كنا على حق وما زلنا على حق، في أن هذه الحرب ليس لها حل في ساحة المعركة بل إن الحل يمكن فقط على طاولة المفاوضات، ولكن من أجل أن نكون قادرين على الجلوس حول طاولة المفاوضات بهدف إيجاد حل طويل الأمد للسلام، فثمة بحاجة إلى أن تكون الظروف ملائمة، أي وقف لإطلاق النار".
وكان الرئيس الأمريكي المنتخب، دونالد ترامب، أعلن الأسبوع الماضي أنه يعمل بنشاط على إنهاء الصراع الأوكراني، مشيراً إلى أنه يتعين على فلاديمير زيلينسكي الاستعداد لإبرام اتفاق لإنهاء الصراع في أوكرانيا.
سيارتو: وقف إطلاق النار في عيد الميلاد بين روسيا وأوكرانيا قد يدفع بعملية السلام https://t.co/pC3ecVA1QL
— Sputnik Arabic (@sputnik_ar) December 23, 2024وقال ترامب متحدثاً في مقر إقامته في مارالاغو: "نحاول وقف الحرب، تلك الحرب الرهيبة المروعة التي تدور رحاها في أوكرانيا".
ولفت ترامب إلى أن زيلينسكي يجب أن يستعد لإبرام اتفاق لإنهاء الصراع في أوكرانيا.