«إكسبو 2023 الدوحة للبستنة» لا تدر ظـهـرك للحــديـقـة!
تاريخ النشر: 17th, October 2023 GMT
تقدم دولة قطر اليوم نموذجا ملهما في تطوير المجال الأخضر في المدن، وبصورة خاصة في المناخات الصحراوية، حيث تبلغ نسبة المساحة الخضراء للفرد أكثر من 16 مترا مربعا، وهو مؤشر متقدم يعكس التزام الدولة بتحسين البيئة ضمن رؤية وطنية تهدف إلى جعل المجال الأخضر جزءا أساسيا في التخطيط التنموي المستدام.
في إطار هذه الرؤية، تستضيف دولة قطر حاليا فعاليات المعرض الدولي «إكسبو 2023 الدوحة للبستنة»، والذي يشكل منصة مهمة لتبادل الخبرات والأفكار في المجال البيئي.
تقام فعاليات المعرض، وهو الأكبر من نوعه في الشرق والأوسط وشمال إفريقيا، في حديقة البدع الشاسعة والممتدة على مساحة 80 هكتارا وسط الدوحة. حدث كبير ومكان كبير لهما أكثر من دلالة حيث المناسبة؛ تذكير المجتمع المحلي والدولي، على مدار ستة أشهر، بأهمية تجديد الارتباط بالطبيعة، وتعزيز الحدائق في المجال الحضري والتفاعل مع الحلول المبتكرة بشأن الزراعة الحديثة، والتكنولوجيا والابتكار، والوعي البيئي، وقضايا الاستدامة.
حتى تترسخ المعلومات بشأن الحديقة لدى النشء، يمكن، وفق الحكاية المدرسية، أن يتعمد المعلم في امتحان الإنشاء تكرار موضوع الحديقة مرات عديدة. تأخذ هذه الحكاية الطريفة نهاية إيجابية في موضوعنا الأساسي. فما حدث لحظة الاستبدال المفاجئ لموضوع الحديقة بموضوع الطائرة، هو أن التلميذ الحائر اهتدى إلى تخيل طائرة سقطت للتو في حديقة، فشرع مباشرة يصف موضوعه الشيق، وبذلك لم يدر التلميذ ظهره للحديقة!
منذ قرون عديدة، حاول علماء الآثار العثور على بقايا حدائق بابل دون جدوى. وقد أثار ذلك تساؤلات عما إذا كانت تلك الحدائق مجرد «سراب تاريخي» يملأ النصوص اليونانية والرومانية. لكن في كتاب جديد صدر حديثاً بعنوان «لغز حدائق بابل المعلقة»، توضح الباحثة ستيفاني دالي من جامعة أكسفورد أن سبب عدم العثور على بقايا هذه الحدائق يعود إلى أنها لم تُبن في بابل بل في نينوى، وهي عاصمة الإمبراطورية الآشورية المنافسة التي تقع على بعد 300 ميل إلى الشمال. ومن المرجح، بحسب الباحثة، أن يكون سبب الارتباك حول موقع الحدائق هو الغزو الآشوري لبابل، حيث تمت الإشارة إلى نينوى باسم «بابل الجديدة» بعد استيلاء الآشوريين عليها. ويدعم هذا الترجيح حفريات حديثة تشير إلى وجود نظام لنقل المياه إلى تلك الحدائق في محيط نينوى.
سواء كانت مجرد سراب أو حقيقة تاريخية، تمثل حدائق بابل أحد أشكال الأحلام الأزلية في البحث عن السعادة! لقد شيد الملك البابلي نبوخذ نصر الثاني في القرن السادس قبل الميلاد حدائقه الشاهقة وأهداها لزوجته أميتيس ليوقف بذلك حنينها إلى الموطن الأصلي ميديا، وهكذا بدلت الملكة حزنها ليس فقط بشلالات من النبات تتدفق من على ارتفاع 75 قدمًا، وإنما بما تَمثَّل لها من سعادة، وهي تنظر إلى أعجوبة هندسية، أهديت لها كثمرة لا يتم الحصول عليها إلا من خلال خيال زوجها الملك!.
كيف يمكن للحدائق أن تحرك فينا تجربة أميتيس؟ بديهيا؛ الحدائق في كل الأزمان، فضاءات للاستمتاع بعناصر الطبيعة، تساعد على التفكير الإيجابي والاسترخاء، وبشيء من الاستطراد، فإن الحديقة عند الأدباء ترمز إلى الحياة، وفي ثقافات كثيرة تشكل البستنة مصدر سعادة، وفي صميم هذه الأخيرة من وضع شرطا، تمثل له في كون السعادة ثمرة لذيذة لا يتم الحصول عليها إلا من خلال الزراعة. أما بالنسبة لنا فلو وضعنا في الحسبان هذه التشبيهات بوصفها تصويرا أدبيا لنزهة يقوم بها شخص ما! فإنه يحدث في هذه الحالة أن تتفوق الوقائع على الخيال، وسرعان ما يبدو لنا الأمر لا محالة متعلقا بذكر الحدائق والبساتين جنبا إلى جنب مع ذكر استدامة المجال الحيوي، إذ لا ينفع الإنسان أن يحصل على القمر إذا خسر الأرض كما يقال.
يشغل البستان حيزا صغيرا من مكان كبير، بمنظور أشمل إنه يشغل حيزا من كوكبنا، يمكنه، فوق ذلك، مساعدتنا على فهم أعمق للمجال الحيوي في مُلازمته مفاهيم الاستدامة. في مجالات التفكير والثقافة وتدبير المجال العام يواصل الجميع دق ناقوس الخطر في أحلك الأزمنة التي تعيشها البسيطة! ولا شك في أن من تأثير ذلك تراكم الوعي البيئي الذي يسعى إلى ربط مصيرنا مجدداً بماهية وجودنا الحيوي. وبالنسبة للعلماءِ، فإنّ ما يشكِّل أولوية في توسيع نطاق التفكير، ينطلق من اعتبار الكوارث المناخية هي اليوم أسئلة استنكارية تطرحها البيئة، لذلك يبقى على عاتق القطاعات الثقافية والسياسية والاقتصادية العالمية أن تتعامل مع الأرض باعتبارها وطنا مهددا، وأن تدعو الجميع لصداقة البيئة والوعي بحتمية استدامتها، وذلك يشترط أولا وأخيرا ألا يدير العالم ظهره لواقع بيئي متفاقم بصورة ضبابية تحيط بنا من كل جانب.
المصدر: العرب القطرية
كلمات دلالية: قطر إكسبو 2023 الدوحة المستقبل الأخضر
إقرأ أيضاً:
تعثر مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة
حسن الورفلي (غزة، القاهرة)
أخبار ذات صلة قصف إسرائيلي يستهدف لأول مرة منذ شهر شرق لبنان مستوطنون يهاجمون تجمعين فلسطينيين في الضفةتعثرت مفاوضات التهدئة في غزة بين إسرائيل وحركة «حماس»، نتيجة رفض الحركة تسليم قائمة بأسماء الرهائن الإسرائيليين الأحياء المحتجزين داخل غزة، ما دفع الجانب الإسرائيلي لسحب الفريق المفاوض من المشاورات التي تستضيفها العاصمة القطرية الدوحة، بحسب ما أكده مصدر لـ«الاتحاد».
وأوضح المصدر أن المفاوضات المكثفة التي تستضيفها الدوحة والقاهرة تهدف للوصول إلى صفقة تبادل للأسرى في أقرب وقت ممكن، والاتفاق على آلية تضمن وقف العمليات العسكرية الإسرائيلية داخل غزة حال إنجاز صفقة لتبادل الأسرى والمحتجزين.
وأشار المصدر إلى أن حركة «حماس» تمارس أسلوب الضغط على إسرائيل لتقديم تنازلات في مفاوضات التهدئة، لا سيما الموافقة على انسحاب الجيش الإسرائيلي من القطاع، وتقديم الضمانات الكافية لوقف العمليات العسكرية في غزة خلال الفترة المقبلة.
وتظاهر مئات الإسرائيليين في تل أبيب، أمس، للمطالبة بالإسراع في إنجاز صفقة تبادل تضمن عودة الرهائن المحتجزين في غزة أحياء.
إلى ذلك، أكدت وسائل إعلام إسرائيلية، أمس، أن مفاوضات وقف إطلاق النار مع «حماس» تعتريها صعوبات ملموسة بشأن مسار صفقة التبادل.
وأعلنت «حماس» أمس، أن شروطاً جديدة وضعتها إسرائيل أدت إلى تأجيل التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة، لكنها وصفت المفاوضات المتواصلة في الدوحة بأنها «جديّة».
وقالت في بيان: «إن إسرائيل وضعت قضايا وشروطاً جديدة تتعلق بالانسحاب ووقف إطلاق النار والأسرى وعودة النازحين، مما أجل التوصل للاتفاق الذي كان متاحاً».
وأضافت أن «مفاوضات وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى تسير في الدوحة بالوساطة القطرية والمصرية بشكل جدي».
وسارعت إسرائيل إلى الرد، متهمة «حماس» بوضع «عقبات جديدة» أمام التوصل إلى اتفاق.
وجاء في بيان صادر عن مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو: «حماس تنكث بالتفاهمات التي تم التوصل إليها بالفعل، وتستمر في خلق العقبات في المفاوضات».