سالم المري مدير مركز محمد بن راشد للفضاء لـ «الاتحاد»: تكنولوجيا الفضاء تقدم إمكانيات كبيرة لفهم تغير المناخ
تاريخ النشر: 17th, October 2023 GMT
شروق عوض (دبي)
أكد المهندس سالم المري، مدير مركز محمد بن راشد للفضاء، أن علوم الفضاء والاستفادة من التكنولوجيا الفضائية والأقمار الاصطناعية تقدم إمكانيات هائلة في مجال مراقبة تقلبات الطقس وفهم تأثيرات التغير المناخي الكبير، حيث يعتبر استخدام البيانات والمعلومات التي يمكن الحصول عليها من الفضاء أداة قوية للتصدي للتحديات البيئية والمناخية التي يواجهها العالم، مشيراً إلى أن الفضاء يُعد منصة مثالية للمساهمة في مكافحة تحديات التغير المناخي.
وقال المري، في حوار مع «الاتحاد»، إن مركز محمد بن راشد للفضاء، يستخدم تقنيات الأقمار الاصطناعية والذكاء الاصطناعي لرصد ومتابعة المؤشرات المختلفة للتغير المناخي، الأمر الذي يسرّع عملية جمع كميات ضخمة ومتنوعة من البيانات من مختلف أنحاء العالم، ومن ثم تحليلها في الوقت الحقيقي والتنبؤ بالاتجاهات طويلة المدى، بالإضافة إلى مبادرات، مثل مهمة الإمارات لاستكشاف المريخ، تساهم عبر دراسة الكواكب الأخرى، وتحليل أغلفتها الجوية في فهم تطور الظروف المناخية، وتقدير العواقب المحتملة للتغيرات، لافتاً إلى أن هذا التفهم يساعد في توجيه صناع القرار بوساطة البيانات الدقيقة التي يحتاجون إليها لاتخاذ خطوات فعالة تجاه تعزيز الممارسات المستدامة التي تقلل من التأثيرات الضارة للتغير المناخي، وتضمن مستقبلاً مستداماً للأجيال القادمة.
مؤتمر الأطراف
وحول استضافة دولة الإمارات للدورة الثامنة والعشرين لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية، بشأن تغير المناخ «COP28»، أشار إلى أن رؤية الدولة تتمثل في تعزيز الشراكات التعاونية والجهود المشتركة مع دول العالم، وتأتي استضافة الإمارات للمؤتمر كجزء من هذه الجهود، حيث ستتعاون في مجموعة متنوعة من المجالات، بما في ذلك الحفاظ على البيئة، ومواجهة تغير المناخ، وتعزيز العلاقات الدولية التي تسهم في توفير الموارد اللازمة، كما لا يمكن تجاوز أهمية الفرصة التي تمثلها هذه الفعالية لدعوة الشركاء الدوليين للتعاون من أجل ضمان مستقبل الأجيال القادمة، حيث تقود دولة الإمارات جهود تحقيق هذا الهدف، وهي تواصل مسيرة القائد المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «طيب الله ثراه» في دعم الحفاظ على البيئة والتنمية المستدامة.
وقال: إن دولة الإمارات من خلال استضافتها ومشاركتها الفعالة في «COP28»، تُعد مؤشراً على التزامها بأن تكون جزءاً مهماً من الجهود العالمية لمكافحة تغير المناخ، وقد أكد صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، مؤخراً، أهمية هذه المناسبة كوسيلة للاستفادة الشراكات الدولية المتنوعة التي تمتلكها الإمارات، من أجل تحقيق حوار شامل وتعاون فعّال، وذلك من خلال التركيز على حلول مناخية عملية وتعزيز التنمية الاجتماعية والاقتصادية المستدامة».
إنجازات متفردة
وعن أبرز الإنجازات التي حققتها الدولة ومركز محمد بن راشد للفضاء في مجال الفضاء، أكد المري أن دولة الإمارات حققت تقدماً ملحوظاً في قطاع الفضاء تحت إشراف القيادة الرشيدة، حيث تميزت بإنجازاتها في مجال استكشاف الفضاء وباتت رائدة عربياً، لافتاً إلى أن مركز محمد بن راشد للفضاء يتسم بدوره المحوري في تطوير برامج مثل برنامج الإمارات لرواد الفضاء، بالإضافة إلى المشاريع التي تعكس التزام الإمارات بتحقيق التميز في علوم الفضاء واستخدامها لدعم التنمية المستدامة، ومن أبرزها مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ ومشروع الإمارات لاستكشاف القمر.
مرصد الفضاء
وحول أهم محاور مبادرة «مرصد الفضاء من أجل المناخ»، قال: «بمشاركتنا في المرصد الذي يُعد اتحاداً عالمياً يضم وكالات الفضاء تحت إشراف المركز الوطني للدراسات الفضائية، نعزز دورنا والتزامنا بالتنمية المستدامة، ومن خلال تبادل بيانات DMSat-1 مع المجتمع الفضائي العالمي، نُسهم في نشر المعرفة على نطاق عالمي، مما يساهم في دفع مسيرة حماية البيئة وتحقيق التنمية المستدامة والحفاظ على استدامة قطاع الفضاء بشكل عام».
وأضاف: «إن المرصد يمنح الفرصة لتبادل المعلومات حول تطبيقات الفضاء، ومشاركة الاكتشافات والأدوات والتقنيات المرتبطة بتكنولوجيا استكشاف الفضاء، وهدف دولة الإمارات تعزيز وتحقيق الأهداف المشتركة في هذا القطاع بين الدول، كما يعتبر المرصد أيضاً منصة لتعزيز التعاون بين وكالات الفضاء والهيئات الحكومية والهيئات الوطنية والإقليمية والدولية، بالإضافة إلى المؤسسات الأكاديمية والبحثية والقطاع الخاص».
مستقبل مستدام
وأشار سالم المري إلى أن مركز محمد بن راشد للفضاء يلتزم ببناء مستقبل مستدام من خلال توظيف تكنولوجيا الفضاء لتعزيز التنمية المستدامة على الأرض، كما يسعى للحفاظ على استمرارية الأنشطة والبحوث الفضائية، مما يدلل على أن المبادرات الحالية والمستقبلية للمركز، ستسهم بشكل كبير في التصدي لتحديات الاستدامة العالمية من خلال تطوير حلول مبتكرة وتعاون دولي فعّال.
وبيّن أن المركز يولي اهتماماً كبيراً لتعزيز دوره في دفع التقدم نحو حماية البيئة وتعزيز التطور المستدام، وذلك من خلال مساهماته المهمة في المرصد الفضائي الدولي للمناخ، حيث يعمل على تعزيز الجهود العالمية لمراقبة تأثيرات تغير المناخ، كما يُقدم المركز بيانات مهمة من خلال القمر الاصطناعي (DMSat-1)، الذي تم إطلاقه بالتعاون مع بلدية دبي في عام 2021.
رصد الظواهر
حول أهم التقنيات التي يوظفها مركز محمد بن راشد للفضاء في رصد الظواهر البيئية، أكد المري على أن المركز يلتزم برصد التحديات البيئية العاجلة والعمل على التخفيف من تأثيرها باستخدام تقنيات تكنولوجيا الفضاء والأقمار الاصطناعية، وأهم التقنيات جاءت بعد انضمام المركز في عام 2017 إلى مبادرة Sentinel Asia، والتي تهدف إلى استخدام تقنيات الاستشعار عن بعد ونظم المعلومات الجغرافية لدعم إدارة الكوارث في منطقة آسيا والمحيط الهادي، في حين تتمثل الأقمار الاصطناعية بالقمر الاصطناعي «خليفة سات» الذي يُعتَبَر مثالاً بارزاً على ذلك، حيث يقدم صوراً عالية الجودة للأرض ويُسهم في مراقبة التغيرات البيئية والتخطيط الحضري بفضل تحليله الدقيق، بالإضافة إلى القمر الاصطناعي (DMSat-1) الذي أطلقه المركز عام 2021 بالتعاون مع بلدية دبي، حيث يلعب هذا القمر الاصطناعي دوراً رئيسياً في مراقبة الغازات الدفيئة والمواد الكيميائية والهباء الجوي في الغلاف الجوي للإمارات، مما يساهم في فهمنا لتأثيرات تغير المناخ وتعزيز جهود التخفيف من هذه الآثار.
أبحاث النيادي
وحول أبرز الأبحاث التي أجراها رائد الفضاء سلطان النيادي حول تغير المناخ والبيئة، قال: «خلال فترة تواجده التي استمرت لنحو 6 أشهر في محطة الفضاء الدولية، قام الرائد الإماراتي سلطان النيادي بتنفيذ أكثر من 200 تجربة متنوعة تتناول مواضيع متعددة، ومن بين هذه المجالات، برز اهتمامه بمراقبة الأرض ودراستها بشكل مستمر، مما أتاح له فرصة فريدة لرصد وتحليل الظواهر الطبيعية المتعددة، مثل الأعاصير والعواصف وحرائق الغابات وغيرها، كما كان له مشاركة بارزة في تجارب مثل تجربة Fluidics، والتي تهدف إلى دراسة اضطرابات السوائل في الفضاء، حيث يساهم هذا النوع من الأبحاث بشكل كبير في توسيع معرفتنا بأسرار محيطات الأرض والنظام المناخي المعقد الذي يؤثر على الكوكب، بالإضافة إلى ذلك، شملت أبحاثه مجال بيولوجيا النباتات، حيث تسهم هذه الأبحاث في فهم أعمق لعمليات نمو النبات وأسسها، كما ستلعب دوراً حيوياً في فهم تأثيرات التغيرات المناخية على النباتات والبيئة بشكل عام».
اتفاقية باريس
بالسؤال عن علاقة القمر الاصطناعي (DMSat-1) باتفاقية باريس للمناخ، أكد على أن هذا القمر سيلعب دوراً مهماً في تقديم المعلومات والبيانات المتعلقة بانبعاثات الغازات الدفيئة، وفقاً لمبادئ اتفاقية باريس للمناخ، حيث سيساهم القمر في تعزيز الفهم لظاهرة الاحتباس الحراري وتأثيرها، وذلك من خلال مراقبته للظروف البيئية العالمية الحالية.
وحول أسباب تصدر دولة الإمارات المركز الخامس في مهمات استكشاف المريخ، بيّن أن مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ، خلال العامين الماضيين، قاد إلى فهم شامل ومتنامٍ للغلاف الجوي للمريخ، واستطاع مسبار الأمل التقاط صور عالية الجودة وغير مسبوقة للمريخ وظاهرة الشفق عليه، كما رصد المسبار من خلال أدواته ثلاثة أنواع من الشفق القطبي المتميز، بما في ذلك الشفق القطبي المنفصل الغامض، على الجانب النهاري والليلي للمريخ.
وأشار إلى أن مهمة استكشاف المريخ زادت من الفهم المعمق للظروف والديناميات للغلاف الجوي الخاص بالكوكب الأحمر، كما ساهمت في رصد التغيرات اليومية للغلاف الجوي خلال مواسم المريخ المختلفة، وكشفت عن ظواهر جديدة مثل الشفق القطبي المنفصل غير المكتمل، ووجود الهيدروجين الذري، وسحب الجليد المائي، مؤكداً أن هذه النتائج أسهمت بشكل كبير في إثراء المجتمع العلمي بمعلومات جديدة، حيث أدت إلى نشر 13 بحثاً تغطي موضوعات مختلفة، مثل مناخ المريخ والعواصف الترابية والديناميات الشاملة.
250 متخصصاً
أكد أن المركز لديه أكثر من 250 متخصصاً في مجموعة متنوعة من القطاعات الرائدة، وأكثر من 5 أقمار اصطناعية تم تطويرها داخلياً، وتم إطلاق بعضها وآخرها المقرر إطلاقه في عام 2024، وهو القمر الاصطناعي (MBZ-SAT) الذي سيكون واحداً من أكثر الأقمار تقدماً في المنطقة في مجال صور الأقمار الصناعية عالية الدقة.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: الفضاء الإمارات مركز محمد بن راشد للفضاء المناخ مرکز محمد بن راشد للفضاء الأقمار الاصطناعیة الإمارات لاستکشاف التنمیة المستدامة القمر الاصطناعی دولة الإمارات بالإضافة إلى تغیر المناخ فی مجال من خلال الذی ی إلى أن فی فهم
إقرأ أيضاً:
«معلومات الوزراء» يرصد جهود مصر لحماية الآثار من تداعيات تغير المناخ
أوضح مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، أنّ التاريخ المصري وما يتضمنه من معالم أثرية على مر العصور، من أهم ركائز التراث الثقافي العالمي، مضيفا أنّ مصر تمتلك حضارة تاريخية عريقة وإرثا ثقافيا فريدا، بداية من العصور الفرعونية حتى التاريخ المعاصر، ومع وضوح تأثيرات تغير المناخ على مختلف القطاعات -ومن ضمنها التراث الثقافي والحضاري للدولة-، بذلت الحكومة جهودًا حثيثة لتسليط الضوء على قضية تأثير تغير المناخ على الآثار المصرية على الصعيد الدولي، وهو ما ظهر جليًّا على مستوى الخطط والاستراتيجيات وبرامج العمل الوطنية.
وركز مركز معلومات مجلس الوزراء على أهمية «الحفاظ على التراث التاريخي والثقافي من الآثار السلبية لتغير المناخ» كأحد توجهات الهدف الثاني في الاستراتيجية الوطنية لتغير المناخ في مصر 2050، الذي ينص على «بناء المرونة والقدرة على التكيف مع تغير المناخ وتخفيف الآثار السلبية المرتبطة بتغير المناخ»، عن طريق تحديد عدة مسارات، ومنها تقليل الخسائر والأضرار التي تمس أصول الدولة والحفاظ عليها من تغير المناخ، ومن أهم هذه الأصول إرث الدولة الثقافي.
صندوق حماية المواقع التراثية والمتاحف من أضرار التغيرات المناخيةوأضاف التحليل أنّه على هامش استضافتها لمؤتمر قمة المناخ (COP 27) بمدينة شرم الشيخ، أطلقت منظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة (ICESCO) بالشراكة مع وزارة السياحة والآثار مبادرة إنشاء صندوق حماية المواقع التراثية والمتاحف من أضرار التغيرات المناخية، ما عزز التزام مصر بمكافحة تأثير تغير المناخ على إرثها الثقافي؛ إذ يعمل الصندوق على تحقيق عدة أهداف، وهي دراسة واقع تأثير تغير المناخ على المناطق الأثرية والمتاحف، والبحث عن فرص تمويلية لصياغة خطط حماية الآثار.
علاوة على ذلك، وضعت وزارة السياحة والآثار هدفًا رئيسًا متمثلًا في «الحفاظ على التوازن البيئي واستدامة نشاط السياحة والآثار» كأحد أهداف الوزارة الاستراتيجية لتحقيق التنمية المستدامة في إطار رؤية مصر 2030، وهو ما ترجمته الوزارة بالعديد من البرامج والمشروعات التي تنهض باتجاه الحفاظ على استدامة المعالم الأثرية، وحفظها من تأثيرات تغير المناخ، ولعل من أبرز تلك المشروعات: «ترميم صالة الأعمدة الكبرى بمعابد الكرنك - مشروع خفض منسوب المياه الجوفية في مقابر كوم الشقافة - مشروع ترميم وتطوير معبد دندرة».
علاوة على ذلك، لا يقتصر تنفيذ مشاريع حماية الآثار المصرية من العوامل الناتجة عن ظواهر تغير المناخ على وزارة السياحة والآثار فقط، بل تتشارك الوزارات الأخرى المعنية في تلك المشروعات، فقد قامت وزارة الموارد المائية والري بتنفيذ عدة مشروعات بهدف التكيف مع ظواهر تغير المناخ، ويتم تطبيقها تحت شعار حماية الشواطئ المصرية من ظاهرة ارتفاع مستوى سطح البحر الناتج عن الاحترار العالمي وما يتسبب به من تبعات ومشاكل بيئية تُهدد المناطق الساحلية المصرية مثل «النوات» -ظاهرة مناخية تحدث في فصل الشتاء في المناطق الساحلية تصحبها رياح شديدة وأمطار غزيرة وعواصف رعدية- الساحلية وتآكل الشواطئ وتملح الأراضي ومشاكل النحر.
وتابع المركز، أنّ أبرز تلك المشروعات حماية قلعة قايتباي والمنتزه من خطر النحر الناجم عن الأمواج العالية في أوقات النوات والتقلبات الجوية- حماية مدينة رأس البر التاريخية ضمن مشروع حماية سواحل محافظة دمياط- مشروع خفض مناسيب المياه الجوفية بمنطقة أبو مينا الأثرية بالإسكندرية والتي تم تسجيلها على قائمة التراث العالمي لليونسكو في عام 1979 وتعد المنطقة الوحيدة المدرجة في القائمة بالإسكندرية ويتضمن المشروع إنشاء خطوط صرف للمياه لتخضع لعملية التطهير بصفة دورية وتحديث منظومة التحكم الإلكتروميكانيكية.
الإجراءات الوقائية التي اتخذتها الحكومة لا غنى عنها لأجل ضمان سلامة المعالم الأثريةوأفاد التحليل بأنّ الإجراءات الوقائية التي اتخذتها الحكومة لا غنى عنها لأجل ضمان سلامة المعالم الأثرية المصرية وحمايتها من المخاطر التي تهددها، سواء ارتبطت بالمناخ أو العوامل الجغرافية الأخرى، موضحا في ختامه أنّه من الضروري زيادة رصد تأثير الظواهر المصاحبة لتغير المناخ على المعالم الأثرية المختلفة عن طريق إنشاء وحدات بحث ومتابعة مختصة لإيجاد حلول لتقليل الضرر وبناء القدرة على التكيف، وضمان سرعة التدخل من جانب أجهزة الدولة وتنفيذ شراكات مع المنظمات الدولية المعنية، ومع كفاءة المشاريع القائمة، لا تزال هنالك المزيد من الحاجة لمضاعفة الجهود لضمان الحفاظ على سلامة الإرث الحضاري المصري.