صحيفة الاتحاد:
2024-07-10@21:49:36 GMT

«تغريبة القافر».. الحياة من أجل الماء

تاريخ النشر: 17th, October 2023 GMT

د. نزار قبيلات

أخبار ذات صلة محمد الشرقي: الفنون تعزز الجسور الثقافية والإنسانية «الشارقة للكتاب 42» يجمع فائزين بجائزة نوبل

يحاول كُتّاب الرواية، ما استطاعوا، تجاوز التقريرية والنمطية التسجيلية في رواياتهم، وهو ما فعله زهران القاسمي حين منح بطل روايته «تغريبة القافر» صفةً غير عادية، وهي سماع أصوات الماء في جوف الأرض، ما جعل سالم بن جميل بطل الرواية من أهم مُقتفِي الماء واستخراجه من باطن الأرض في قريته وبلده كله، فذاع صيته وأقبل الناس عليه يطلبون عونه ومهارته الفريدة تلك.


هذه الرواية «تغريبة القافر»، الحائزة على الجائزة العالمية للرواية العربية (البوكر 2023)، ذكرتني بروايات عالمية أخرى كان بناؤها يقف على تمكين الشخصية الرئيسة من امتلاك ما يؤهلها لخرق الواقع العادي والماثل أمامنا، تماماً كما جاء في رواية «كافكا على الشاطئ» للرائع هاروكي موراكامي، والتي كان بطلها يحسن لغة القطط والحوار معها، فـ«تغريبة القافر» سردية عربية بامتياز وقفت باقتدار بين حدود الماء والبقاء، وبين تلول الغرب وامتدادات الشرق، وراحت إذ ذاك تستبطن جوّانيات الشخصية العربية وهي تُسائِل الأرض، وتغرف من الماء بعد كدٍّ وصبرٍ واحتمال، فصارت هذه الصفات جزءاً من شخصية الإنسان العربي الهارب من سطح الأرض وناسها بإشاعاتهم وخراريفهم إلى باطن الأرض الأقوى والأصدق، حيث لم يأبه «سالم» بإشاعات أهل قريته وقصصهم التي تلاحقه، فجابه صلابة الصخور ودفق الأفلاج وتحديات المكان، فسالم لم يملك حتى موته مزرعته الخاصة كعموم أهل القرية الذين تنعّموا بخيرات المزارع، غير أنّهم لم يملكوا حوار الأرض كسالم ووالده.
سر الحياة
وحيث يكون الماء تكون الحكايا والقصص والأساطير الشعبية، ويزدهر معها خيال البشر وتدبّ الحياة في الأوساط، إذ صيرورة الإنسان تقاوم مزاميل النسيان والظمأ والجدب، فالماء حين يتدفق لا يفسح المجال للسكون والصمت والريبة، لأنه سرٌ مباح للحياة وعنوان نزول الإنسان الذي يبحث عنه ولا يشعر بالاطمئنان إلا حين يسمع خريره، ويرى جريانه وهو يعاند التواءات الأفلاج وصلادة الصخور، التي وقفت في آخر مشاهد الرواية بين سالم الذي سلِمَ من الموت أول مرة في بطن أمّه الغريقة، بيد أنه لم يسلم منه حين وقفت صخرة عملاقة بينه وبين الخروج لسطح الأرض، حيث زوجته وقريته ومزرعته التي تنتظره، فحين انفجر الماء وصعد قذف معه كل شيء: سالم وأحلامه وآمال زوجته ومستقبل قريته، لقد عاندت الأرض سالماً وقست عليه فأخذت منه أمه في البداية، لكنها أعطته المرضعة الرؤوم والزوجة المُحبّة وكذا لغة الأرض حين يكون الماء سبباً للعيش وسبباً للموت.
سيرة الماء
إن هذه الرواية تمنح قارئها بطاقة الانضمام إلى مجتمعها منذ عتبتها النصية الأولى، فتجره معها في تلابيب سيرة الماء والمزارع والوديان، ومعها كانت اللغة رقيقة بليغة تخلو من الوصف المركب والتعقيد التصويري والإسهاب النفسي الذي كان ممكناً أن يفرضه تيار وعي الشخصية الرئيسية في الرواية، فكل جملة وكل حوار في الرواية جاء متسقاً وشَكل المشهد المطروح ومناسباً للوظيفة السردية التي اضطلعت بها شخوص الرواية التي كانت في المجمل شخوصاً متساوية في الهيئة والأداء باستثناء سالم، لقد قُسّمت الرواية بين طرفين، الأول يميل لسالم ووالده، وطرف آخر هو مجتمع القرية الذي ينتظر من سالم إخراج الماء، وحين يتأخر أو يفشل تلاحقه قصص الجن والبئر، كونه ابن الغريقة.
وبناء الرواية بناءٌ غير تقليدي، بُني على الاستشراف السردي ثم العودة لخط الزمن التصاعدي وملء كل الفجوات التي قد يتركها أي سرد تصاعدي خلفه، أما المكان فلم يكن مكاناً أليفاً، بل هو مكان قلق، وإن أظهرت البنية السطحية للمكان هدوء القرية ورقة الأفلاج الدّفقة وأشجار النخيل الباسقة، إذ إن صراع الإنسان قائمٌ بين ما يرغب في حدوثه وبين المصير الذي لا يعرف وقت حدوثه.
«تغريبة القافر» رواية التوجس في مكان الهدأة والسكون، ورواية الحياة والموت بالماء، هي سيرة صحراء الإنسان العربي والخصب المأمول بالمشقة حين لا يكون له خيار غيره.

المصدر: صحيفة الاتحاد

كلمات دلالية: تغریبة القافر

إقرأ أيضاً:

أسامة الأزهري أمام مجلس النواب: برنامج وزارة الأوقاف يرسخ مفاهيم المواطنة والسلام المجتمعي

عرض فضيلة الدكتور أسامة الأزهري، وزير الأوقاف، برنامج وزارة الأوقاف والخطة المستهدفة، اليوم الأربعاء، أمام جلسة اللجنة الخاصة بمجلس النواب والتي عُقدت لمناقشة برنامج الحكومة الجديدة برئاسة المستشار أحمد سعد الدين، وكيل مجلس النواب، والنائب محمد أبو العينين، وكيل مجلس النواب، وبحضور المستشار محمود فوزي، وزير شئون مجلس النواب، والمستشار عدنان فنجري، وزير العدل، والدكتور أحمد فؤاد هنو، وزير الثقافة، والدكتور نوح العيسوي، وكيل وزارة الأوقاف لشئون مكتب الوزير، وأعضاء مجلس النواب.

وأكد الدكتور أسامة الأزهري، وزير الأوقاف، أن برنامج وزارة الأوقاف نابع من توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، الذي أكد على ضرورة تطوير ملفات الثقافة والوعي الوطني، والخطاب الديني المعتدل، على النحو الذي يرسخ مفاهيم المواطنة والسلام المجتمعي.

الجلسة الخاصة لمجلس النواب

وأوضح وزير الأوقاف، أن وزارة الأوقاف تتكون من شق مالي، وإداري، ودعوي والذي يسهم في تشكيل الوعي وتحصين الوعي المصري ضد المخاطر والأزمات وفي بناء الإنسان، أما الشق المالي ويتعلق بهيئة الأوقاف ورؤيتنا في هذا الجانب تتمركز حول استقطاب وحشد الشخصيات والخبرات الاقتصادية الرفيعة التي تتمكن من إدارة وتشغيل الهيئة لاستثمار أموال الوقف وتحديد فلسفة التعامل مع الوقف واستثماره وتعظيم عوائد الوقف والتي تسهم في تغذية الأنشطة التي تتعلق بالأوقاف، بما يسهم في تحقيق مستهدفات الدولة المصرية وتحقيق الدور الاجتماعي للوقف، ويعتمد هذا على توظيف الخبرات والشخصيات ذات الخبرة العميقة في إدارة الأموال وتحقيق أعلى عائد يعود على الإنسان المصري، وأما بالنسبة للشق الإداري فأنا أحلم وأطمح باليوم الذي تنال فيه كل أروقة الإدارات شهادة التميز في البناء الإداري كما أخطط وأسعى لنشر ثقافة التميز الإداري.

الجلسة الخاصة لمجلس النواب

وأضاف وزير الأوقاف أن هناك أربعة ملفات يتم الإعداد لتنفيذها، الأول محاربة كل صور التطرف الفكري، والعمل على تحصين كل شرائح المجتمع المصري من كل صور التطرف، والمستهدف الأول هم الأئمة والخطباء، والملف الثاني هو التصدي للتطرف اللاديني المضاد، ورصد كل القواعد والسلوكيات التي تؤدي إلى تراجع شديد في الأخلاق، وأن يتم توظيف الخطب والدروس لمحاربة كل مظاهر الإدمان والانتحار والتنمر والتحرش وغير ذلك من الظواهر المقلقة التي تؤثر سلبًا في المجتمع، والملف الثالث هو إعادة بناء الشخصية المصرية الوطنية من منطلق ديني، نريد من كل المنابر والمساجد أن تملأ وعي الإنسان المصري بمعنى كونه إنسانًا مصريًا ذلك الإنسان الشغوف بالعلم، الواسع الأفق، والواثق في نفسه ومؤسسات وطنه وفي تاريخه، الإنسان المصري الذي لا يستجيب لدعوات الإحباط، أما الملف الرابع أريد أن تسهم المساجد في ملئ وعي الشباب وكافة شرائح المجتمع المصري في صناعة الحضارة وتعظيم العلم والاكتشاف والاختراع والإبداع والشغف بالعلم والمعرفة.

وأكد وزير الأوقاف أن المجلس الأعلى للشئون الإسلامية سيشهد طفرة كبرى في إعادة تشكيل وضعه على السوشيال ميديا وإعادة تشكيل اللجان، بالتنسيق مع دار الإفتاء المصرية ومشيخة الطرق الصوفية والسادة الأشراف لتكون هذه المؤسسات يدًا واحدة للاصطفاف خلف فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر، لأنه الواجهة التي تعبر عن مصر أمام العالم، وكذلك التنسيق مع وزارة التعليم العالي ووزارة الشباب والرياضة من أجل وجود موسع للأئمة في النوادي ومراكز الشباب وإطلاق قوافل وحملات دعوية بالجامعات الكبرى.

اقرأ أيضاًوزير الأوقاف يبحث مع سفيرة الإمارات بالقاهرة آفاق التعاون المشترك

وزير الأوقاف ومحافظ الوادي الجديد يناقشان خطة الدعوة والمساجد وشئون القرآن الكريم

تعليمات مهمة من وزير الأوقاف بشأن خطبة الجمعة المقبلة «لا تحزن إن الله معنا»

مقالات مشابهة

  • وزير الأوقاف يعرض برنامج الوزارة في اجتماع اللجنة الخاصة المشكلة من مجلس النواب
  • اجتماع لجنة مشكلة من مجلس النواب لمناقشة برنامج عمل الحكومة الجديدة
  • أسامة الأزهري أمام مجلس النواب: برنامج وزارة الأوقاف يرسخ مفاهيم المواطنة والسلام المجتمعي
  • البحث عن إحساس أمان غائب
  • اختصاصي في علوم الأورام يكشف مخاطر بودرة التلك على جسم الإنسان.. فيديو
  • رسالة قصيرة في بريد أماني الطويل
  • قراءة في «بوصلة السراب»
  • على قطار الصحبة هذه المرة مع الأديب البرليني دكتور أمير حمد وبنت الجنوب ” نانجور”
  • التطور المستمر.. سر النجاح والتقدم
  • حرارة الصيف