غزة- في سابقة في قطاع غزة، جرى اليوم الإثنين دفن 63 شهيدا من ضحايا العدوان الإسرائيلي في "مقبرة جماعية" بعد تعذر التعرف عليهم، لما لحق بوجوههم وجثثهم من تشوهات وحروق، وعلامات "تعفن" بدأت تظهر على أجسادهم جراء البقاء خارج ثلاجات حفظ الجثث التي تنوء بأضعاف قدرتها الاستيعابية.

وأشرفت لجان مختصة من وزارات الأوقاف والشؤون الدينية، والصحة، والعدل، والداخلية، على مراسم الدفن ومواراة الجثامين الثرى في "المقبرة الجماعية"، التي وصفها مدير عام المستشفيات في وزارة الصحة منير البرش بالمؤقتة إلى حين تعرّف أي من الأهالي على الشهداء، ونقلهم للدفن في قبور فردية خاصة.

لجأ الفلسطينيون إلى عربات المثلجات لحفظ الجثث بعد بلوغ طاقة استيعاب المستشفيات حدها (رويترز)

وقال البرش للجزيرة نت إن اللجوء إلى دفن الشهداء في مقبرة جماعية كان خيارا اضطراريا، بعدما بدأت تظهر على جثامينهم علامات تعفن وانتفاخ، ولم يعد بالإمكان التعرف على هوياتهم في ظل المجازر الدموية المتلاحقة التي ترتكبها قوات الاحتلال في غزة لليوم العاشر وأخفت عن الوجود عائلات بأكلمها.

وأسفر العدوان الإسرائيلي منذ اندلاع معركة "طوفان الأقصى" في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الجاري عن استشهاد 2778 فلسطيني وإصابة نحو 10 آلاف آخرين أكثر من نصفهم من النساء والأطفال، بحسب توثيق وزارة الصحة ومنظمات حقوقية، مما الذي شكل ضغطا هائلا على مرافق المستشفيات وثلاجات الموتى.

جثث مجهولة

وجراء ذلك، ظهرت مشاهد مأساوية مؤلمة لأعداد كبيرة من الجثث مكدسة على أبواب ثلاجات الموتى، وفي خيمة أقامتها مستشفى الشفاء بمدينة غزة لهذا الغرض، بعدما فاضت الثلاجات بما فيها من جثث.

وأوضح البرش أن جثث الشهداء التي دفنت في المقبرة الجماعية ظلت مجهولة منذ اليوم الأول للعدوان الإسرائيلي، ولتأخر تعرف ذويهم عليهم وتعذر إجراء الفحوص الطبية المتخصصة لتحديد هوياتهم، تقرر منح الجثث أرقاما وتوثيقها بالصور حتى يسهل الرجوع إليها بأي لحظة، وانتشالها وإعادة دفنها في قبور خاصة.

وتتسع ثلاجات حفظ الموتى في جميع مستشفيات وزارة الصحة على مستوى القطاع لقرابة 400 جثة فقط، من 50 إلى 60 جثة منها في ثلاجات مستشفى الشفاء كبرى مستشفيات القطاع التي تحملت النصيب الأكبر من ضغط الأعداد المتزايدة من الشهداء والجرحى.

مراسم تشييع الشهداء ودفنهم كانت قصيرة وسريعة بسبب تهديد طيران الاحتلال (الأناضول) كارثة صحية

وقال مدير المستشفى محمد أبو سلمية -للجزيرة نت- إن ساعات قليلة متبقية على وقوع الكارثة وتوقف جميع مرافق المستشفى عن العمل، بما فيها الثلاجات، بسبب توقف عمل المولدات إثر نفاد مخزون الوقود "وعندها سنواجه كارثة صحية كبيرة، وستنتشر معها الأوبئة والأمراض".

ومنذ بدء العدوان لم تنخفض أعداد جثث الشهداء في الثلاجات عن 150 جثة، مما يشكل 3 أضعاف القدرة الاستيعابية.

وبحسب أبو سلمية، فإن اضطرار المستشفى إلى وضع جثث شهداء في خيمة وفي ممرات المستشفى، ينطوي على أخطار صحية جمة في ظل الجو الحار وتزايد احتمالات تعرضها للتحلل وانتشار الأوبئة في أوساط الطواقم الطبية والمرضى والنازحين في ساحات المستشفى.

ويرى أن الحل المتاح هو في سرعة إتمام ذوي الشهداء لمراسم دفنهم. ولكن حتى هذا الحل ليس سهلا في ظل الأخطار الناجمة عن كثافة الغارات الجوية الإسرائيلية، وعدم تمكن منظمات دولية من الحصول على موافقات إسرائيلية وتنسيق لما وصفه البرش بـ "الدفن الآمن".

وسلبت إسرائيل الشهداء أرواحهم وكذلك الحق في مراسم تشييع ودفن تليق بهم، وحتى صلاة الجنازة في المساجد أصبحت مجازفة كبيرة في ظل استهداف إسرائيلي دمر العشرات منها كليا وجزئيا، فيؤدي المشيعون الصلوات على ضحاياهم في ساحات المستشفيات ومنها إلى المقابر مباشرة.

ومع الأعداد اليومية المتزايدة من الشهداء، تقتصر المراسم على إجراءات دفن سريعة وبحضور عدد محدود من دائرة الشهيد المقربة، ووسط مخاوف شديدة مع التحليق المكثف لطائرات الاحتلال التي تلقي بالموت حمما من السماء على مدار اللحظة.

وشارك صلاح عدوان في تشييع زوجة صديقه وأطفالها الثلاثة وثلة من ذويها، يوم الجمعة الماضي، ويقول "كان تشييعا غير مسبوق، عددنا لم يتجاوز أصابع اليدين، ونسابق الزمن لإتمام الدفن ومن فوق رؤوسنا طائرات حربية تبث الخوف والموت والإرهاب".


دون وداع

وغابت الكثير من مراسم التشييع والدفن المعتادة في غزة عن جنازة زوجة صديق صلاح هبة الخياط وأطفالها الثلاثة، الذين قضوا من بين 15 آخرين في منزل عائلتها في مدينة رفح جنوب القطاع، جراء غارة جوية إسرائيلية دمرت المنزل فوق رؤوسهم، ولم ينج من هذه المجزرة سوى طفلتها إيلياء (4 أعوام).

وأضاف صلاح للجزيرة نت "من المستشفى إلى المقبرة، هذا هو مسار التشييع باختصار في زمن الإرهاب الإسرائيلي، وتغيب إجراءات الوداع المعتادة في المنازل قبل التوجه للمقابر، فغالبية الشهداء لم تعد لهم منازل يودعون منها، وكثير منهم لم يتبق لهم أحباب يبكونهم فقد ارتقوا جميعا".

ونظرا لخطورة الوصول إلى المقابر الرئيسية الموجودة في غالبية مدن القطاع على مقربة من السياج الأمني الإسرائيلي، اضطر كثيرون إلى دفن شهدائهم في مقابر قديمة ومغلقة.

وختم صلاح "كل شيء في غزة أصبح استثنائيا، حتى الموت، ولم نعد قادرين حتى على وداع الأحبة بما يليق بهم، ولا نأمن على أنفسنا من اللحاق بهم شهداء في أي لحظة".

المصدر: الجزيرة

إقرأ أيضاً:

ارتفاع عدد الشهداء الفلسطينيين في العدوان الإسرائيلي على جنين إلى عشرة شهداء

المناطق_واس

ارتفع عدد الشهداء الفلسطينيين في العدوان الإسرائيلي المتواصل على جنين ومخيمها لليوم الثاني على التوالي، إلى عشرة شهداء.

 

أخبار قد تهمك تقنية التمثيل الضوئي تمكن الصين من تسجيل أول إنتاج للأوكسجين في الفضاء 22 يناير 2025 - 9:03 صباحًا صندوق الاستثمارات العامة وشركة “علم” يوقّعان اتفاقية لاستحواذ “علم” على شركة “ثقة” 22 يناير 2025 - 8:59 صباحًا

 

وأفادت وزارة الصحة الفلسطينية، باستشهاد عشرة فلسطينيين وإصابة أكثر من 40 بجروح مختلقة، في إطلاق نار وقصف إسرائيلي على مدينة جنين ومخيمها، كما أشارت إلى تدمير جرافات الاحتلال للبنية التحتية أمام المستشفى الحكومي في مدينة جنين، وإغلاق جميع مداخل المستشفى.

 

 

وفي مدينة القدس المحتلة، اندلعت مواجهات عنيفة بين الفلسطينيين وقوات الاحتلال الإسرائيلي، خلال اقتحامها مخيم شعفاط، مما أسفر عن إصابة شابين برصاص الاحتلال، بالإضافة إلى اعتقال عدد آخر، وسط إطلاق نار كثيف وقنابل غاز تجاه منازل الفلسطينيين.

نسخ الرابط تم نسخ الرابط 22 يناير 2025 - 9:05 صباحًا شاركها فيسبوك ‫X لينكدإن ماسنجر ماسنجر أقرأ التالي أبرز المواد22 يناير 2025 - 7:50 صباحًاأسعار النفط مستقرة مع تقييم المستثمرين لسياسات ترامب أبرز المواد22 يناير 2025 - 7:47 صباحًاتشغيل شبكة عصبية تحاكي خلايا الدماغ من أجل علاج الرعاش والصرع أبرز المواد22 يناير 2025 - 7:43 صباحًاحالة الطقس المتوقعة اليوم أبرز المواد22 يناير 2025 - 3:04 صباحًاأمانة جدة تطلق حملة للتبرع بالدم بالتعاون مع مستشفى الملك فيصل التخصصي أبرز المواد22 يناير 2025 - 3:02 صباحًا700 ألف زائر لمهرجان الخرج الأول للتمور والقهوة السعودية22 يناير 2025 - 7:50 صباحًاأسعار النفط مستقرة مع تقييم المستثمرين لسياسات ترامب22 يناير 2025 - 7:47 صباحًاتشغيل شبكة عصبية تحاكي خلايا الدماغ من أجل علاج الرعاش والصرع22 يناير 2025 - 7:43 صباحًاحالة الطقس المتوقعة اليوم22 يناير 2025 - 3:04 صباحًاأمانة جدة تطلق حملة للتبرع بالدم بالتعاون مع مستشفى الملك فيصل التخصصي22 يناير 2025 - 3:02 صباحًا700 ألف زائر لمهرجان الخرج الأول للتمور والقهوة السعودية تقنية التمثيل الضوئي تمكن الصين من تسجيل أول إنتاج للأوكسجين في الفضاء تقنية التمثيل الضوئي تمكن الصين من تسجيل أول إنتاج للأوكسجين في الفضاء تابعنا على تويتـــــرTweets by AlMnatiq تابعنا على فيسبوك تابعنا على فيسبوكالأكثر مشاهدة الفوائد الاجتماعية للإسكان التعاوني 4 أغسطس 2022 - 11:10 مساءً بث مباشر مباراة الهلال وريال مدريد بكأس العالم للأندية 11 فبراير 2023 - 1:45 مساءً اليوم.. “حساب المواطن” يبدأ في صرف مستحقات المستفيدين من الدعم لدفعة يناير الجاري 10 يناير 2023 - 8:12 صباحًا جميع الحقوق محفوظة لجوال وصحيفة المناطق © حقوق النشر 2025   |   تطوير سيكيور هوست | مُستضاف بفخر لدى سيكيورهوستفيسبوك‫X‫YouTubeانستقرامواتساب فيسبوك ‫X ماسنجر ماسنجر واتساب تيلقرام زر الذهاب إلى الأعلى إغلاق البحث عن: فيسبوك‫X‫YouTubeانستقرامواتساب إغلاق بحث عن إغلاق بحث عن

مقالات مشابهة

  • ارتفاع عدد الشهداء الفلسطينيين في العدوان الإسرائيلي على جنين إلى عشرة شهداء
  • مشاهد مأساوية من حادث حريق فندق بتركيا.. أودى بحياة 76 شخصا (فيديو)
  • بعد صدور مذكرتي توقيف بحقه.. هل يحاكم بشار الأسد على جرائمه بحق السوريين؟.. تقارير حقوقية توثق العثور على مقابر جماعية لنحو 100 ألف جثة بدمشق.. أبرز المسارات لمثول قادة النظام أمام الجنائية الدولية
  • تشييع جثامين كوكبة من شهداء الوطن والقوات المسلحة بصنعاء
  • مشاهد من تشييع كتائب القسام 5 من شهدائها بمخيم جباليا
  • إحالة مدير أحد المستشفيات بالشرقية ومسئولين إلى المحاكمة التأديبية العاجلة
  • ارتفاع حصيلة ضحايا العدوان الإسرائيلي على غزة إلى 47.035 شهيداً و 111.091مصابا
  • استشهاد أسير فلسطيني في سجون الاحتلال الإسرائيلي.. واعتقال شابين من قلقيلية
  • استشهاد أسير فلسطيني شاب في سجون الاحتلال الإسرائيلي
  • ارتفاع عدد شهداء غزة جراء القصف الإسرائيلي إلى 10