ماذا وراء سعي مصر لزيادة قرض صندوق النقد الدولي لـ5 مليارات دولار؟
تاريخ النشر: 16th, October 2023 GMT
أثار دخول مصر في مفاوضات جديدة مع صندوق النقد الدولي من أجل زيادة حزمة الإنقاذ إلى 5 مليارات دولار، تساؤلات حول استعداد السلطات المصرية على تنفيذ شروط الصندوق، وإتمام المراجعات المتأخرة لبرنامجها الاقتصادي، وإمكانية فرض المزيد من الاشتراطات الجديدة.
وبحسب خبراء اقتصاد، فإن رغبة مصر في زيادة حجم برنامج الإنقاذ يؤشر على وجود أزمة حادة في تدفقات أموال المستثمرين، وأزمة حادة أكبر من المتوقع في توفير النقد الأجنبي لسداد التزامات مصر الخارجية من ناحية وتلبية احتياجاتها من ناحية أخرى.
وفي كانون الأول/ ديسمبر 2022، وافق صندوق النقد الدولي على برنامج إنقاذ بقيمة 3 مليارات دولار مدته 46 شهرا لمصر، على أن يخضع البرنامج لمراجعتين سنويا بإجمالي 8 مراجعات حتى أيلول/ سبتمبر 2026، وبسبب عدم التزام مصر لم يجر الصندوق حتى الآن المراجعات المقررة في آذار/ مارس وأيلول/ سبتمبر الماضيين.
وتُعدّ مصر هي ثاني أكبر مقترض من صندوق النقد الدولي بعد الأرجنتين، وتدين لصندوق النقد الدولي بنحو 22 مليار دولار، بحسب بيانات البنك المركزي المصري.
فيما يقدر بنك "مورغان ستانلي" احتياجات مصر التمويلية بنحو 24 مليار دولار في السنة المالية المنتهية في حزيران/ يونيو 2024.
وقامت مصر بخفض قيمة عملتها 3 مرات منذ آذار/ مارس 2022، وفقدت العملة أكثر من 75% من قيمتها بحسب سعر الصرف في السوق الموازي، وأكثر من 50% بالسعر الرسمي، لكن يبدو أن هذا ليس كافيا مع استمرار شح الدولار ودعم الجنيه من قبل البنك المركزي المصري.
مصر لا ترى مخرجا غير زيادة الديون
وتعهّدت مصر لصندوق النقد الدولي بالتحول إلى سعر صرف مرن دائم، وتتخارج الدولة بما فيها مؤسسات الجيش من قطاعات اقتصادية واسعة، وتقليل الإنفاق على المشروعات القومية الكبيرة التي لا تدر عوائد مالية وتستنفذ احتياطيات البلاد من العملة الصعبة.
وهو ما أكدت عليه المديرة التنفيذية لصندوق النقد الدولي كريستالينا غورغييفا، قبل أيام، بالتحذير من أن مصر "سوف تستنزف" احتياطياتها من النقد الأجنبي ما لم تخفض قيمة عملتها المحلية مرة أخرى.
ورغم إعلان وزير المالية المصري محمد معيط، قيام مصر بسداد كل التزاماتها الخارجية، التي بلغت نحو 52 مليار دولار خلال العامين الماضيين، إلا أن حجم الدين الخارجي البالغ نحو 165 مليار دولار لا يتراجع، بل في زيادة ما يعني عدم قدرتها على سد الفجوة التمويلية المتضخمة، بحسب مراقبين.
ولا تزال خطة مصر، بحسب معيط، تعتمد على التوسع في إصدار أدوات الدين من خلال اللجوء إلى الأدوات البديلة والأسواق المتنوعة في تدبير تمويلات إضافية مثل سندات الساموراى، والصكوك، والسندات الخضراء، وقريبًا سندات الباندا، إضافة إلى برنامج الطروحات.
ما ثمن زيادة حجم حزمة الإنقاذ؟
بشأن قدرة مصر على الوصول إلى اتفاق جديد يسمح برفع حزمة الإنقاذ إلى 5 مليارات دولار بدلا من 3 مليارات دولار يقول خبير أسواق المال، الدكتور مصطفى النحاس، أن "أي اتفاق جديد في هذا الصدد مرهون باستكمال صندوق النقد الدولي مراجعات برنامجه المتأخرة مع مصر وتنفيذ كل متطلبات صندوق النقد وربما يتشدد في فرض المزيد".
وأوضح في حديثه لـ"عربي21": هذه الإجراءات أو الشروط التي قد يفرضها صندوق النقد لن تقف عند تحرير سعر صرف الجنيه، وستمتد إلى خفض فواتير الدعم التي تشمل الوقود والكهرباء والتموين، وبالتالي زيادة الضغوط على المواطنين، كما أن مصر مُطالبة حينها برفع مساهمتها في صندوق النقد ما يعني أن ما سوف تحصل عليه باليد اليمني سوف نضعه في الصندوق باليد اليسرى".
وأرجع النحاس رغبة مصر في رفع حزمة الإنقاذ إلى "أن بعض الشركاء الدوليين والإقليميين ينتظرون تأكيدات صندوق النقد حول قدرة الاقتصاد المصري على تحمل الضغوط الناجمة عن الاحتياجات التمويلية من أجل تأمين أموالهم"، مشيرا إلى أن "اجتماعات صندوق النقد مع المسؤولين المصريين الفترة المقبلة هو تأمين ضمان استرداد الأموال التي مُنحت لمصر منذ عام 2016".
ورأى خبير أسواق المال أن "موارد مصر الدولارية سوف تتراجع نتيجة تطورات الأوضاع الإقليمية والحرب على غزة التي سوف تؤدي إلى تراجع إيرادات السياحة، والحكومة لا تطرح أي حلول إيجابية أو جديدة على أرض الواقع، ما ينذر بأوضاع اقتصادية صعبة على الحكومة والمواطنين وسوف تزداد صعوبة في عام 2024".
دائرة مفرغة في غياب الحلول الإنتاجية
من جهته، يقول رئيس منتدى التنمية والقيمة المضافة، الدكتور أحمد خزيم، إن "مصر مُطالبة بسداد 1.4 مليار دولار مستحقات لصندوق النقد الدولي قبل نهاية 2023، ولا توجد موارد دولارية للسداد لذلك تسعى مصر لزيادة حصتها والحصول على موارد دولارية إضافية لسداد تلك المستحقات، وبالتالي نحن ندور في دائرة مفرغة في نهاية المطاف، ولن يحل هذا الاتفاق الأزمة".
ورهن في حديثه لـ"عربي21" أي اتفاق "بأنه يتوقف على تحرير سعر صرف الجنيه، وهو ما أكدت عليه مديرة صندوق النقد الدولي وتحذيرها من تآكل احتياطي النقد الأجنبي للبلاد، ولكن معضلة تحرير سعر الصرف أنه أصبح قرار سياسي نتيجة دخول انتخابات الرئاسة نهاية العام".
وتوقع المستشار الاقتصادي أن "يكون تحريك سعر صرف الجنيه الرسمي ما بين 37 جنيها و38 جنيها على دفعة واحدة أو دفعتين، ولكن يكون هذا التحريك هو الأخير بل سيتبعه أكثر من تحريك خلال الفترة المقبلة، لأنه لا توجد خطط واضحة لزيادة الموارد الدولارية للحفاظ على قيمة الجنيه عند أي تخفيض، وهذا يؤكد أننا مازلنا بعيدين عن لب الأزمة والدخول في القطاعات الإنتاجية من أجل توليد الدولار من تلك القطاعات المتعددة".
وخفّضت وكالة "موديز"، قبل أيام، تصنيف الودائع طويلة الأجل لثلاثة بنوك حكومية، وهي "البنك الأهلي المصري" و"بنك مصر" و"بنك القاهرة"، بجانب أكبر بنوك القطاع الخاص وهو "البنك التجاري الدولي" إلى "Caa1" من "B3"، فيما خفضت تصنيف بنك الإسكندرية من "B3" إلى "B2".
ويعكس تخفيض تصنيفات البنوك المصرية، بحسب "بلومبيرغ"، ضعف بيئة التشغيل، وحجم الحيازات الكبير لهذه البنوك من السندات الحكومية، أحد أهم أدوات الدين لتمويل عجز الموازنة.
كما خفضت عدة مؤسسات وبنوك دولية توقعاتها لنمو الاقتصاد المصري، ورجح صندوق النقد الدولي، للمرة الثانية، تباطؤ الاقتصاد المصري أكثر من المتوقع لعام 2024 إلى 3.6% من توقعاته السابقة البالغة 4.1% في تموز/ يوليو نزولا من 5%؛ بسبب نقص السيولة من النقد الأجنبي وتضاؤل ثقة المستثمرين.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية مصر صندوق النقد مصر السيسي صندوق النقد قرض الفقر سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة لصندوق النقد الدولی صندوق النقد الدولی ملیارات دولار النقد الأجنبی ملیار دولار سعر صرف
إقرأ أيضاً:
ديب سيك الصيني يكبد أثرياء العالم خسارات بـ108 مليارات دولار
خسر أثرى 500 شخص في العالم، على رأسهم جينسن هوانغ المؤسس المشارك لشركة إنفيديا، ما مجموعه 108 مليارات دولار أمس الاثنين، إذ أدت عمليات البيع المكثفة لأسهم شركات التكنولوجيا المتأثرة بظهور تطبيق شركة "ديب سيك" الصيني الجديد المنافس في مجال الذكاء الاصطناعي إلى انخفاض مؤشرات الأسهم الرئيسية، حسبما أشارت بلومبيرغ.
كان المليارديرات الذين ترتبط ثرواتهم بالذكاء الاصطناعي هم الخاسرون الأكبر:
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2النفط قرب أدنى مستوى في أسبوعين بفعل مخاوف الطلبlist 2 of 2ارتفاع سعر صرف الليرة السورية أمام الدولار اليوم الثلاثاءend of list تراجعت ثروة هوانغ 20.1 مليار دولار، لتنخفض بذلك بنسبة 20%. خسر لاري إليسون المؤسس المشارك لشركة "أوراكل غروب" 22.6 مليار دولار، ومثلت 12% من ثروته، وفق مؤشر بلومبيرغ للمليارديرات. خسر مايكل ديل مؤسس شركة "ديل" 13 مليار دولار من ثروته. خسر تشانغ بينغ تشاو المؤسس المشارك لشركة "بينانس" 12.1 مليار دولار.وخسرت شركات التكنولوجيا الكبرى مجتمعة 94 مليار دولار، وتراجع مؤشر ناسداك الأميركي أمس بنسبة 3.1%، كما انخفض مؤشر ستاندرد آند بورز 500 بنسبة 1.5%.
وتعمل شركة ديب سيك، ومقرها هانغتشو، على تطوير نماذج الذكاء الاصطناعي منذ عام 2023، لكن الشركة ظهرت لأول مرة على رادار العديد من المستثمرين الغربيين هذا الأسبوع بعد أن تصدر تطبيق الدردشة المجاني "ديب سيك آر 1" (DeepSeek R1) عدد مرات التنزيل في جميع أنحاء العالم.
إعلانوزاد عدد المستخدمين الجدد لدرجة أن ديب سيك كافحت للحفاظ على التطبيق عبر الإنترنت، وعانت من انقطاع الخدمة، واضطرت لتقييد تسجيل المستخدمين من الصين.
وحسب بلومبيرغ، يمثل دخول ديب سيك -الذي تقول إنه كلف 5.6 ملايين دولار فقط لتطويره- إلى سباق الذكاء الاصطناعي تحديًا لرواية وادي السيليكون بأن الإنفاق الرأسمالي الضخم ضروري لتطوير أقوى نماذج التقنية التي تشهد زخما عالميا.
وكان هذا الأمر ضربة قوية للمليارديرات الذين ترتبط ثرواتهم بسلسلة توريد الذكاء الاصطناعي الغربية التي كانت المحرك الأكبر لسوق الأسهم على مدى العامين الماضيين، وفق بلومبيرغ.
نهج متشابهأدت التقييمات المرتفعة لما صارت تسمى شركات الذكاء الاصطناعي العملاقة، بما في ذلك ميتا وألفابيت (المالكة لغوغل) ومايكروسوفت، إلى جذب مليارات الدولارات من الثروة لأصحابها منذ كشفت شركة "أوبن إيه آي" عن تطبيق "شات جي بي تي" (ChatGPT) في نوفمبر/تشريين الثاني 2022، وقد عملت هذه الشركات في الغالب وفق نهج يتميز بإنفاق مبالغ ضخمة لتطوير وتشغيل أنظمة الذكاء الاصطناعي من خلال تخزين أشباه الموصلات العالية الجودة وإمدادات الطاقة اللازمة لتشغيلها.
وأعلن مارك زوكربيرغ الرئيس التنفيذي لشركة "ميتا" الجمعة الماضية أن الشركة تخطط لإنفاق ما بين 60 و65 مليار دولار على مشاريع تتعلق بالذكاء الاصطناعي هذا العام، الأمر الذي يفوق تقديرات المستثمرين في وول ستريت.
مارك زوكربيرغ أعلن في وقت سابق اعتزام ميتا استثمار 60 مليار دولار لتطوير الذكاء الاصطناعي (رويترز)وحسب تقرير بلومبيرغ للأبحاث، فإن الإنفاق الرأسمالي عبر جميع شركات التكنولوجيا الكبرى في طريقه للوصول إلى 200 مليار دولار في عام 2025.
وعلى الرغم من الإيرادات المحدودة التي تم تحقيقها من كل استثماراتهم حتى الآن، كافأت الأسواق أسهم التكنولوجيا الأميركية بتقييمات قياسية مرتفعة، أدت بدورها إلى مكاسب تاريخية في ثروة أصحابها.
إعلانوبرزت شركة إنفيديا باعتبارها الرابح الأكبر من طفرة الذكاء الاصطناعي حتى الآن بعد أن زادت صافي ثروة هوانغ بنحو 8 أضعاف إلى 121 مليار دولار منذ بداية عام 2023 حتى الجمعة الماضية، وارتفعت ثروة زوكربيرغ بنسبة 385% إلى 229 مليار دولار خلال الفترة ذاتها، وزادت ثروة جيف بيزوس من شركة أمازون بنسبة 133% إلى 254 مليار دولار، وفق بلومبيرغ.
الإنفاق الرأسماليوأدت حقيقة أن "ديب سيك" كانت قادرة على تطوير نموذج مجاني ينافس أو يتفوق على المنافسين بما في ذلك "شات جي بي تي" و"كلود" التابع لشركة أنثروبيك مقابل جزء بسيط من كلفة التطوير، المستثمرين إلى التشكيك في المنطق وراء اعتماد وادي السيليكون على الإنفاق الرأسمالي.
وحسب بلومبيرغ، فإن السبب الرئيسي لعدم اعتماد ديب سيك على الاستثمار الكبير والرقائق المتطورة لتطوير نموذجها هو أن الشركات الصينية كان لديها وصول محدود إلى وحدات معالجة الرسومات القوية، أو وحدات معالجة الرسومات، التي تعتمد عليها معظم الشركات الغربية منذ أن فرضت الحكومة الأميركية ضوابط تصدير صارمة على أكثر الرقائق تقدمًا.
وفي مقابلة مع "سي إن بي سي" الأسبوع الماضي، قال ألكسندر وانغ الرئيس التنفيذي لمزود بيانات التدريب "سكال إيه آي" إنه على الرغم من ضوابط التصدير الأميركية، فإنه من المرجح أن يكون لدى ديب سيك والمطورين الصينيين الآخرين وحدات معالجة رسومات أكثر مما تعرفه وادي السيليكون.
وقال وانغ، في إشارة إلى شريحة الذكاء الاصطناعي المتطورة من إنفيديا، "تمتلك المختبرات الصينية عددًا من وحدات معالجة الرسومات إتش 100 أكثر مما يعتقد الناس.. أعتقد أن شركة ديب سيك تمتلك حوالي 50 ألف وحدة إتش 100، وهو ما لا يمكنهم التحدث عنه.. لأنه يتعارض مع ضوابط التصدير التي تفرضها الولايات المتحدة".