الجزيرة:
2025-04-28@19:32:47 GMT

الفلسطيني عطية النباهين.. القتل مرتين

تاريخ النشر: 16th, October 2023 GMT

الفلسطيني عطية النباهين.. القتل مرتين

غزة- "ليش طخوني؟" (لماذا استهدفوني بالرصاص؟) سؤال لم يفارق الشاب عطية النباهين منذ استهدافه برصاصة من جندي إسرائيلي أدت إلى إصابته بشلل رباعي في أطرافه قبل 9 أعوام، وقد استشهده في غارة جوية إسرائيلية دفنته و12 آخرين من عائلته تحت ركام منزلهم بمخيم البريج للاجئين وسط قطاع غزة في العدوان الإسرائيلي الأخير.

فارق عطية النباهين (24 عاما) الحياة دون أن يجد إجابة عن سؤاله، أو يعرف دافع القناص الإسرائيلي الذي قرر في لحظة أن يسلب فتى -كان في 15 عاما وقتها- حركته ويغتال أحلامه، ويجعله قعيد الفراش بلا حراك.

55 عائلة فلسطينية في غزة تعرّضت لجرائم إبادة ومُسحت تماما من السجل المدني (غيتي) مجزرة مروعة

عند الساعة الـ11 من اليوم الثاني للعدوان على غزة، في الثامن من أكتوبر/تشرين الأول الجاري، كان عطية من ضحايا مجزرة مروعة ارتكبتها طائرات حربية إسرائيلية حوّلت منزل عائلته المكون من 3 طوابق إلى "قبر جماعي"، ودُفن تحت أنقاضه 13 فردا بينهم امرأتان والعديد من الأطفال.

ولم ينجُ من أسرته سوى شقيقه تامر وزوجته الحامل في شهرها التاسع وأحد أبناء شقيقه، وهو طفل في الخامسة من عمره.

يقول تامر (37 عاما) للجزيرة نت "عاش عطية حياة بائسة، معاقا لا يغادر سريره إلا نادرا، ولا يعرف لماذا أصابته الرصاصة الإسرائيلية الغادرة وقضت على طفولته؟ وانتهت حياته في غارة غادرة، وقد أصبح الآن تحت الأرض ولن يعرف لماذا قُصفنا".

نجا تامر من هذه الغارة، وقد انتشله وزوجته الحامل وابن شقيقه الطفل فتحي (5 سنوات) متطوعون بعد نصف ساعة من القصف، كانت أرواحهم خلالها معلقة بين الموت والحياة.

استشهاد 12 فردا من عائلة النباهين بصاروخ حوّل منزلهم إلى كومة ركام (رويترز) كارثة

ويصف الشقيق ما حل بعائلته بـ"الكارثة"، وقال "قضى عطية 9 سنوات من عمره يتأمل إعاقته ولا يجد لها مبررا، وسأقضي ما تبقى من حياتي وليس لدي شك بأن الغارة جاءت من عدو إرهابي، ليس له هدف سوى القتل والدمار".

عندما أصيب بعيار ناري في رقبته حوّله من طفل مفعم بالنشاط، بحسب شقيقه، إلى "بقايا إنسان عاجز مشلول لا يقوى على مساعدة نفسه". ويذكر تامر النباهين عن عطية أنه "عندما أصيب كان في أرض للعائلة على مسافة نحو 700 متر من السياج الأمني الإسرائيلي شرق مخيم البريج".

في 16 نوفمبر/تشرين الثاني 2014، كان عطية فرحا بعيد ميلاده الخامس عشر، وكانت الأجواء هادئة ولا يوجد ما يبرر لقناص إسرائيلي أن يطلق رصاصته نحو طفل بريء داخل أرضه، يضيف تامر.

وهوى الشلل بأحلام طفل أمست له أمنية وحيدة بأن يتمكن من السير على قدميه مجددا، ويقول شقيقه "كانت أحلامه كبيرة ويريد أن يحتضن الدنيا بذراعيه، حتى باغته صاروخ غادر وهو يتناول آخر لقيمات له في الدنيا من يد زوجة شقيقي هديل (25 عاما) التي رافقته شهيدة إلى الجنان".

واستشهد، رفقة عطية وهديل، كل من علا (26 عاما) والطفلة أريج (9 أعوام) والطفل محمد (8 أعوام)، والطفل آدم (7 أعوام)، والطفل قيس (عامان)، والطفل جمال (7 سنوات)، والفتى محمد (15 عاما) والفتاة رهف (16 عاما)، وأبناء تامر الثلاثة وهم: كنان (7 أعوام) وريان (5 أعوام) ومريم (عامان ونصف العام).

مئات الأطفال الفلسطينيين قُتلوا منذ بدء القصف الإسرائيلي إثر عملية طوفان الأقصى (الأناضول) كومة ركام

وأوضح تامر أن أطفال العائلة كانوا يلعبون عند مدخل المنزل وقت وقوع الغارة الجوية، "التي حوّلت المنزل إلى كومة من الركام، وتسببت كذلك في استشهاد وجرح عدد من أبناء عمي في منزلهم المجاور".

وأفاد الباحث في مركز الميزان لحقوق الإنسان بالمنطقة الوسطى من قطاع غزة محمد الدعالسة -للجزيرة نت- بأن طائرة حربية استهدفت منزل النباهين بصاروخين دون إنذار مسبق.

وبحسب الباحث الحقوقي، فإن الغارة تسببت في تدمير كلي لمنزل النباهين، وإلحاق أضرار جسيمة بمنازل مجاورة، وخلفت شهداء وجرحى.

وخاض "الميزان" مع "مركز عدالة لحقوق الإنسان" معركة قضائية طويلة في المحاكم الإسرائيلية منذ إصابة عطية النباهين عام 2014، للحصول على تعويض مدني عن إصابته التي أدت إلى شلله التام، غير أن محاكم الاحتلال حرمته من الحصول على أي تعويض باعتباره مقيما في غزة.

سمير زقوت: إسرائيل ارتكبت جريمتي حرب بحق الشهيد عطية النباهين (رويترز) عوائق

وقال سمير زقوت نائب مدير "الميزان" للجزيرة نت إن محاكم الاحتلال استندت في رفضها إلى التعديل رقم 8 لقانون الأخطاء المدنية الإسرائيلي. ويُعتبر هذا القانون "واحدا من عوائق إجرائية ومالية وقضائية وعقبات عديدة وضعتها السلطات الإسرائيلية لمنع الفلسطينيين من رفع دعاو قضائية والحصول على سبل إنصاف مدنية في المحاكم المحلية الإسرائيلية".

ولاحقا، أقرّت ما تسمى "المحكمة العليا الإسرائيلية" في يوليو/تموز 2022 قرار المحكمة المركزية الإسرائيلية بخصوص قضية النباهين، وأيّدت القانون الذي يمنح الدولة حصانة شاملة من المسؤولية المدنية للتعويض عن أي قتل وإصابة لفلسطينيين في قطاع غزة.

وارتكبت دولة الاحتلال -بحسب زقوت- "جريمتي حرب بحق الشهيد عطية، ولم تفتح الجهات المختصة الإسرائيلية أي تحقيق حقيقي في حادثة إطلاق النار عليه عام 2014".


انتهاكات جسيمة

وبالنظر إلى سياستها الممنهجة لمنح حصانة شاملة لقواتها المسلّحة عند قتل الفلسطينيين وإصابتهم، فمن المؤكد أنها لن تجري تحقيقا بما يتماشى مع المعايير الدولية في قتله، يضيف زقوت.

وشدد المسؤول الحقوقي على أن الحياة التي عاشها عطية النباهين وقتله المأساوي يبرهنان على الوحشية والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي ترتكبها قوات الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني في قطاع غزة.

وأكد أن عطية نجا خلال حياته القصيرة التي قضاها تحت الحصار الإسرائيلي غير الإنساني، من 6 حروب إسرائيلية "حتى قضى شهيدا معاقا".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: قطاع غزة

إقرأ أيضاً:

من الشِعر وحتى القتل!

هنالك من يختطف نصيب الطفلة من الضحك. الطفلة محدودة الذكاء التي تتمتعُ بخيال واسع لا يُقدر. تخرجُ من هذا الخيال الخصب امرأة بفستان أخضر وساقين طويلتين، تخرجُ شجرةٌ تخشى على جذورها البلل، يخرجُ الهنود الحمر ومقامع الحديد، وبينما تجعلنا البنت نُصدقُ حدوث كل هذه الأشياء يأتي الآخرون لنفـيها!

هنالك بنت أخرى ظلت تركض خشية ما رأته ولم يكن يجدر بها أن تراه، فحول الركضُ قدميها إلى كرتين دميمتين من جلد وعظم، حدث ذلك عندما شاهدت بائع الحلوى وهو يُخفـي بداخله طفلا أحرقت عجينة السكر قدميه!

لم ينضج الطفل القروي الباكي - الذي نهشت الضباعُ جسد والديه الساقطين من علو شاهق كما نهشته الحياة فـي صباه وشبابه- لم ينضج حزنه حتى مات رجلٌ عجوز اتكأ على كتفه فـي سيارة مهتزة ومتجهة إلى عدن. لم ينضج حتى شاهد معجزات عدن: البحر والسينما والشوارع التي تضج بالبشر القادمين من بقاع الدنيا الشاسعة.

ثمّة امرأة قطعت عن قصد الروابط بين أعضاء جسدها، حررت الأعصاب والدماء والعظام والإحساس. لم تكن وحدها، كانت بين تسع نساء، تارة يسرن على الماء وتارة أخرى يُمرغن رؤوسهن فـي رماد التنور!

الأب الذي أحمى سكينه وصنع بها مثلثا على عنق ابنه، دفع ابنه لأن يُكمل الرسم الناقص، فرسم قاربا نصفه محروق!

هكذا يعيشُ الأطفال فـي عالم غير مرئي اسمه «مرقص القرد»، مكان واسع وساحر، تأتي منه كل الأفكار من الشِعر وحتى القتل، وإليه أيضا تذهبُ عقول المجانين. ربما هو الأمر ذاته الذي جعل الطفلة الجالسة فوق الأحصنة الدوارة فـي الملاهي فـي تقلبٍ محمومٍ بين حزن وجزع وفرح وقبلات مُبللة!

إهداء الساعات كان يجلبُ النحس فـي تلك البلد العجيبة، فكيف يُهدي أحدنا الآخر زمنا محبوسا فـي دائرة صغيرة! لا سيما لأولئك الراغبين ببتر علاقتهم المشوهة بالماضي؟!

وبينما يُقسم الإنجليز والثوار خططهم وغنائمهم، كان هنالك من يلتقطُ طفلة ألقيت من بيت يحترق. طفلة تحولت لأشهر طاهية «زربيان» فـي عدن، وفـي قصّتها شديدة الثراء، نقرأُ التحولات السياسية والأيام الثقيلة من مطبخها عندما يختفـي البصل والسمك واللحوم ويحوم شبح الجوع.. فـي وقت كان غياب روائح الحياة من البيوت يكشفُ عن جثث غير مرئية. آنذاك قاطع العالم اليمن الجنوبي وانكفأت عدن على نفسها، وكل السجناء الذين دخلوا بمزاج عدني مرح خرجوا مجانين يتحدثون مع أنفسهم ومع الجدران!

ونحنُ نقرأ للكاتبة اليمنية هدى جعفر مجموعتها القصصية: «اليد التي علّقت المرآة» الصادرة عن منشورات جدل، نجدُ أنفسنا إزاء لحظات مُكتظة بالعواطف والحساسية، سُلبت من أيام مُفرطة العادية، سُلبت من غفلات المدينة التي تُحرم كل شيء. فحيث يغدو كل شيء مُحرما فإنّ الأشياء تحدثُ بكثافةٍ هائلة تحت جلد المدينة، فلا نرى إلا بثورها وصديدها الملتهب وجذورها المتعفنة.

سبع قصص عن الذين يتركون غصة فـي القلب ما أن يستديروا خارجين من حياتنا، بينما نُراقب ذهابهم بشجنٍ وافتتان. عن الذين يجلسون فـي قاع الكأس السعيدة، لكن ما إن تُزاح قشرتهم الخارجية، فلا يعودوا إلى ما كانوا عليه قط!

عن المرأة التي تستأجرُ امرأة مجهولة لتحكي لها حتى الفجر كشهرزاد مفقودة، لتنقذها من بئر الوقت المُوحل. عن الروائح التي تستيقظُ بعد سنوات ولا يعرف أحدنا أي رئة عبأتها أولا!

يمكنُ لنظرة واحدة مُرسلة فـي الفراغ أن تُغير الواحد منا إلى أبد الآبدين، وهنا يربضُ جرح السردية التي تنبشُ غبش الطفولة والفهم المتشظي والرعب الكامن فـي استذكارات المهمشين. وبينما تُركبُ الشخصيات قصصها المتداخلة شديدة الغرابة، نُركبُ نحن القراء الفزع الذي يصطلي فـي أعماقنا.

مقالات مشابهة

  • إحالة أوراق قاتل شقيقه وطفليه بالشرقية للمفتي
  • تحذيرات عاجلة لسكان إسطنبول… إذا كان وزنك أقل من 60 كيلوغراماً ففكر مرتين قبل الخروج
  • رجع لاستعادة هاتفه.. إنقاذ شاب مرتين خلال أيام أثناء تسلقه جبل فوجي
  • جميع الأرقام القياسية التي حققها لامين جمال جوهرة برشلونة
  • ستيني يذبح زوجته بعد الشكوك في سلوكها
  • من الشِعر وحتى القتل!
  • السجن 7 سنوات لـ4 متهمين و3 أعوام لسيدة بتهمة خطف مذيع وسرقته بالإكراه
  • أيمن عطية: 5179 طنًا من القمح تم توريدها حتى الآن لصوامع القليوبية
  • ضرب مبرح ينتهي بمأساة.. أم تنهي حياة طفلها وتصيب شقيقته في الدقهلية
  • غرق طفلين فى ترعة بإحدى قرى مركز قوص بقنا