قبة إسرائيل الحديدية بعد هجوم حماس
تاريخ النشر: 16th, October 2023 GMT
لإسرائيل -بسبب التحديات الفريدة التي يواجهها أمنها القومي- تاريخ طويل في تطوير تقنيات وقدرات دفاعية حديثة ذات فعالية كبيرة. ومن الأمثلة البارزة على القوة العسكرية الإسرائيلية نظام «القبة الحديدية» للدفاع الجوي، الذي وصِف على نطاق واسع بأنه أفضل دفاع في العالم ضد الصواريخ والقذائف.
غير أن إسرائيل فوجئت، في السابع من أكتوبر 2023، بهجوم صاروخي واسع النطاق شنته حركة حماس الفلسطينية المتمركزة في غزة.
أنا مهندس طيران متخصص في دراسة الأنظمة الفضائية والدفاعية. وثمة سبب بسيط لعدم فعالية استراتيجية الدفاع الإسرائيلية على النحو الكامل في مواجهة هجوم حماس. ومن أجل فهم السبب، لا بد أولا من فهم أساسيات أنظمة الدفاع الجوي.
يتكون أي نظام دفاع جوي من ثلاثة عناصر رئيسية. أولا، هناك رادارات لكشف وتحديد وتتبع الصواريخ القادمة. وتتراوح نطاقات هذه الرادارات. ويعتبر رادار القبة الحديدية فعالا على مسافات تتراوح من 2.5 إلى 43.5 ميل (4 إلى 70 كيلومترا)، وفقا لشركة رايثيون المصنِّعة له. فور اكتشاف الرادار لجسم ما، يجب تقييمه لتحديد ما إذا كان يمثل تهديدا أم لا. ولتحديد هذا يجري الاعتماد على معلومات من قبيل الاتجاه والسرعة.
إذا تأكَّد أن جسما ما يشكل تهديدا، فإن مشغلي القبة الحديدية يواصلون تتبع هذا الجسم بواسطة الرادار. وتختلف سرعات الصواريخ اختلافات كبيرة، ولكن بافتراض أن السرعة التمثيلية تبلغ 3280 قدما في الثانية (أي كيلو متر في الثانية)، يكون أمام نظام الدفاع دقيقة واحدة على الأكثر للرد على الهجوم.
العنصر الرئيسي الثاني في نظام الدفاع الجوي هو مركز التحكم في المعركة. ويحدد هذا العنصر طريقة التعامل المناسبة مع التهديد المؤكد. ويستخدم معلومات الرادار المحدثة باستمرار لتحديد الاستجابة المثلى من حيث مكان إطلاق الصواريخ الاعتراضية وعدد الصواريخ التي سيتم إطلاقها ضد صاروخ قادم.
العنصر الرئيسي الثالث هو صاروخ الاعتراض نفسه. وهو في حالة القبة الحديدية صاروخ أسرع من الصوت مزود بأجهزة استشعار للحرارة. وتوفر أجهزة الاستشعار هذه تحديثات لصاروخ الاعتراض في أثناء انطلاقه، بما يتيح له التوجيه نحو التهديد والاقتراب منه. ويستخدم صاروخ الاعتراض فتيلا تقاربيا يتم تفعيله بواسطة رادار صغير لينفجر بالقرب من الصاروخ القادم فلا يكون مضطرا إلى ضربه مباشرة لتعطيله.
لدى إسرائيل ما لا يقل عن عشر بطاريات من القبة الحديدية رهن التشغيل، تحتوي كل منها على ما بين ستين إلى ثمانين صاروخا اعتراضيا. وتبلغ تكلفة كل صاروخ من هذه الصواريخ حوالي ستين ألف دولار أمريكي. وفي هجمات سابقة شارك فيها أعداد أقل من الصواريخ والقذائف، بلغت فعالية القبة الحديدية نسبة 90% ضد مجموعة من التهديدات.
إذن، لماذا قلّت فعالية النظام في مواجهة هجمات حماس الأخيرة؟
هي ببساطة مسألة أرقام. لقد أطلقت حماس عدة آلاف من الصواريخ، وكان لدى إسرائيل أقل من ألف صاروخ اعتراضي في الميدان جاهزا للتصدي لها. فحتى لو بلغت فعالية القبة الحديدية نسبة 100% ضد التهديدات القادمة، فإن العدد الكبير جدا من صواريخ حماس يعني أن بعضها سيتمكن من المرور.
توضح هجمات حماس بجلاء تام أنه حتى أفضل أنظمة الدفاع الجوي يمكن التغلب عليها إذا فاقته التهديدات التي يتعين عليها مواجهتها في العدد.
لقد أقيم نظام الدفاع الصاروخي الإسرائيلي على مدى سنوات كثيرة، بمستويات عالية من الاستثمار المالي. فكيف يمكن لحماس أن تتغلب عليها؟ مرة أخرى، كل ذلك يصفو في النهاية إلى الأرقام. تبلغ تكلفة الصواريخ التي تطلقها حماس نحو ستمائة دولار للصاروح الواحد، وبالتالي فهي أقل تكلفة بحوالي مائة مرة من تكلفة الصواريخ الاعتراضية في القبة الحديدية. إذ تبلغ التكلفة الإجمالية التي تتحملها إسرائيل لإطلاق جميع صواريخها الاعتراضية حوالي ثمانية وأربعين مليون دولار. أما إذا أطلقت حماس خمسة آلاف صاروخ فسوف تبلغ التكلفة ثلاثة ملايين دولار فقط.
وهكذا، في استراتيجية جيدة التخطيط والتنفيذ، راكمت حماس بمرور الوقت عددا كبيرا من صواريخ رخيصة نسبيا علمت أنها سوف تطغى على القدرات الدفاعية في القبة الحديدية. ومن المؤسف بالنسبة لإسرائيل أن الهجوم الذي شنته حماس يعد مثالا واضحا للغاية على الخلل العسكري، حيث استطاع نهج منخفض التكلفة وأقل قدرة أن يلحق هزيمة بنظام أكثر تكلفة يعتمد على التكنولوجيا المتقدمة.
سوف يكون للهجوم الذي شنته حماس انعكاسات على جميع القوى العسكرية الكبرى في العالم. فهو يبين بوضوح الحاجة إلى أنظمة دفاع جوي أكثر فعالية من ناحيتين مهمتين. أولا، هناك حاجة إلى ترسانة أعمق بكثير مكونة من الأسلحة الدفاعية القادرة على التصدي لأعداد كبيرة جدا من التهديدات الصاروخية. ثانيا، يجب تخفيض تكلفة السلاح الدفاعي بشكل كبير.
ومن المرجح أن تؤدي الأحداث الأخيرة إلى الإسراع بعملية تطوير ونشر أنظمة الدفاع الجوي ذات الطاقة الموجهة المعتمدة على أشعة الليزر عالية الطاقة والموجات الصغيرة عالية الطاقة. وتوصف هذه الأجهزة أحيانا بأنها تحتوي على «مخزن لا نهائي»، لأنها تتميز بتكلفة منخفضة نسبيا لكل طلقة تطلقها ويمكنها الاستمرار في إطلاق النار طالما أنها مزودة بالطاقة الكهربائية.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: القبة الحدیدیة الدفاع الجوی
إقرأ أيضاً:
تقارير صهيونية: صواريخ اليمن تكشف عيوباً خطيرة في أنظمة الدفاع الجوي
يمانيون../
أقر خبراء عسكريون صهاينة بأن الهجمات الصاروخية الأخيرة القادمة من اليمن كشفت نقاط ضعف كبيرة في أنظمة الدفاع الجوي للكيان الصهيوني، وأبرزها “القبة الحديدية” ونظام “حيتس” (السهم).
وأشار الخبراء إلى أن الصاروخ اليمني اتبع مساراً غير قابل للتنبؤ أو أن رأسه الحربي يمتلك تقنية لتغيير مساره وسرعته، مما جعل اعتراضه أمراً صعباً على الدفاعات الجوية.
كما اعترف الإعلام الصهيوني بفشل منظومة الدفاع الجوي في اعتراض الصاروخ قبل دخوله المجال الجوي. وذكرت قناة “كان” العبرية أن القوات الجوية للكيان الصهيوني فتحت تحقيقاً لمعرفة أسباب الإخفاق المتكرر لأنظمة الدفاع، موضحة أن صاروخاً من نوع “حيتس” أُطلق أولاً لاعتراض الصاروخ اليمني خارج الغلاف الجوي لكنه فشل.
وأضافت القناة أن محاولتين إضافيتين باستخدام صواريخ “القبة الحديدية” لاعتراض الصاروخ باءتا بالفشل أيضاً، مما أثار قلقاً كبيراً في الأوساط العسكرية حول فعالية هذه المنظومات الدفاعية في مواجهة التهديدات المتطورة.