لجريدة عمان:
2024-10-05@04:42:01 GMT

شيخوخة السكان والنمو الاقتصادي في آسيا

تاريخ النشر: 16th, October 2023 GMT

ازدياد عدد السكان مِمَّن هُم في سِن العمل نعمة لكل بلد. فكثرة العاملين تعني أنهم يعيلون عددا أقل نسبيا من الأطفال والمتقاعدين.

وطالما أمكن لسوق العمل استيعاب الأعداد المتزايدة من الباحثين عن عمل سيزداد الإنتاج مقابل الفرد (دخل الفرد). وذلك يمكن أن يعزز المدخرات والاستثمار ويقود إلى مستوى أعلى من النمو الاقتصادي وإلى المزيد من مكاسب الإنتاجية ويسرِّع العملية التنموية.

لكن الإخفاق في انتهاز هذه الفرصة ستترتب عنه نتائج وخيمة كما قد تكتشف العديد من البلدان النامية عما قريب.

لنأخذ على سبيل المثال تايوان التي يشيخ سكانها بسرعة. ففي عام2021 بلغت نسبة التايوانيين في سن 65 سنة فأعلى 14% من جملة السكان. هذه عتبة كثيرا ما تستخدم لتحديد شيخوخة سكان أي بلد. وقريبا ستشهد تايلند مثلها مثل اليابان وكوريا الجنوبية ومعظم البلدان الغربية تناقصا في عرض العمالة. وبدون اتخاذ إجراءات استثنائية ستشهد أيضا تراخيا في الإنتاجية والنمو.

لكن تايلاند التي بلغ ناتجها المحلي الإجمالي للفرد 7 آلاف دولار فقط في عام2021 بعكس اليابان وكوريا الجنوبية ومعظم بلدان الغرب ليست بلدا متقدما. لقد شاخت قبل أن تصبح غنية. وعندما كانت لدى اليابان هذه النسبة نفسها من كبار السن كانت أغنى بحوالي خمسة أضعاف تقريبا من تايلند اليوم.

هذا عائق كبير أمام تنمية اقتصاد تايلند في المستقبل. ولكي تحمي مواطنيها الذين يشيخون والعديد منهم فقراء سيتوجب على الحكومة التايلندية إنفاق المزيد على الرعاية الصحية ورواتب التقاعد. ذلك سيزيد من صعوبة الاستثمار في المهارات المعززة للإنتاجية والبنية التحتية. وحيثما تمضي تايوان في هذا الجانب ستتبعها العديد من البلدان النامية.

في آسيا التي تستفحل فيها هذه المشكلة بقدر أكبر من المرجح أيضا أن يشيخ سكان اندونيسيا والفلبين عند مستويات دخول أدنى مقارنة ببلدان العالم الغني. وسريلانكا التي يقل متوسط الدخل فيها بحوالي الثلث مقارنة بتايلند ستشيخ بحلول عام 2028.

البلدان التي يشيخ سكانها قبل أن تصبح غنية إما أخفقت في انتهاز فرصتها (ميزتها) السكانية أو شاخت بأسرع مما ينبغي أو عانت من كلا المشكلتين.

في الفترة بين 1960 و1996 (قبل الأزمة المالية الآسيوية مباشرة) كان اقتصاد تايلند ينمو بمعدل 7.5 % سنويا في المتوسط. وكان ذلك نموا مثيرا لكنه أدنى من معدل اليابان الذي يتكون من رقمين (أكثر من 9%) في سنوات ازدهارها. في الأثناء وبفضل تحسن معدل العمر وعوامل أخرى بدأت تايلند تشيخ بسرعة. وتضاعفت نسبة كبار السن بين سكانها من 7% إلى 14% خلال عقدين. لقد احتاجت اليابان إلى 24 عاما لكي تشهد التغيير نفسه (في معدل شيخوخة سكانها) وأمريكا إلى 72 عاما ومعظم بلدان أوروبا الغربية إلى أكثر من قرن.

سرعة الشيخوخة وتباطؤ النمو الاقتصادي ظاهرتان واسعتا الانتشار في العالم النامي. فالفيتناميون ثراؤهم نصف ثراء التايلنديين ويشيخون بوتيرة أسرع. واقتصاد الهند أحد أسرع الاقتصادات نموا في العالم لكن ليس بنفس سرعة نمو اقتصاد تايلند أثناء فترة ازدهارها. وفي العشرية الثانية من هذا القرن شهدت الهند معدل نمو سنوي بلغ 6.6% في المتوسط.

من بين ما يمكن استنتاجه من كل هذا أن البلدان التي بها عدد أكبر من السكان في سن العمل يلزمها استغلال هذه الميزة لتحقيق المزيد من النمو. وقد لا تتوافر للهند أبدا فرصة أفضل من الآن. فهي تحت قيادة ناريندرا مودي لديها حكومة قوية ومنحازة لقطاع الأعمال ومن المرجح أن تفوز في الانتخابات في العام القادم.

هنالك إجماع حول الإجراءات التي يمكن أن تزيد من وتيرة نموها بما في ذلك الخصخصة وقواعد الاستثمار الأجنبي الأقل تشددا. مثل هذه الإصلاحات من شأنها أن تساعد الهند على الاستفادة من مساعي الغرب لنقل سلاسل التوريد من الصين. وإذا كانت الهند بحاجة إلى ما يدفعها إلى ذلك لا تحتاج إلى النظر أبعد من ولاياتها الجنوبية التي تشيخ بسرعة. ففي «كيرالا» 17% من السكان أعمارهم 60 سنة فما فوق.

استنتاج آخر وهو أن على البلدان النامية الشروع في التخطيط لشيخوخة السكان في وقت مبكر. يجب عليها إصلاح أنظمتها التقاعدية بما في ذلك رفع سن التقاعد.

كما يلزمها دعم وتطوير أسواقها المالية وإيجاد خيارات للادخار (والاستثمار) في الأجل الطويل والتأمين الصحي. وهي بحاجة إلى إيجاد الظروف الملائمة للرعاية الاجتماعية الخاصة والمنظمة بشكل جيد. كما يجب عليها

أن تحاول بشدة زيادة مشاركة الإناث في قوة العمل. ففي الهند نسبة مشاركتهن في العمل بائسة ولا تتعدى 24% أو نصف المتوسط العالمي.

توظيف المزيد من النساء سيعظِّم العائد الديموغرافي (يزيد الإنتاجية) ويساعد على التعامل مع حقيقة أن النساء أطول أعمارا من الرجال لكن غالبا ما تكون مدخراتهن ورواتب تقاعدهن أضعف وبالتالي يواجهن أوضاعا معيشية صعبة في شيخوختهن.

أخيرا يجب أن تتعلم البلدان النامية من أخطاء البلدان الغنية وذلك باتخاذ موقف براجماتي من الهجرة. ورغم صعوبة ذلك سياسيا إلا أنه كثيرا ما يكون أيسر السبل لتحقيق التقدم الاقتصادي. مواقع البناء في بانكوك تعج بالمهاجرين البورميين غير الشرعيين وبتقنين أوضاعهم يمكن للساسة التايلنديين تحويلهم إلى عمالة أكثر إنتاجا.

تشكل الهند المثال الأسعد لذلك. فازدهار هذا البلد الذي بحجم قارة تعززه الهجرة الداخلية. حسب آخر إحصاء سكاني لها في عام2011 بلغ عدد المهاجرين الداخليين 450 مليون نسمة. ويسافر العديدون من الشمال الفقير إلى الجنوب والغرب الأكثر ثراء لاقتناص فرص الوظائف الجديدة وتلك التي يُخلِيها باطراد كبار السن في الجنوب. هذه التجربة تشكل مثالا ملهما لما يمكن أن تفعله أسواق العمل المتحررة من القيود نسبيا وتقدم درسا لليابان وتايلند والحكومات في كل مكان.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: البلدان النامیة

إقرأ أيضاً:

«الصحة العالمية»: تعزيز أنظمة الرعاية والدعم للمسنين في جميع أنحاء العالم

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

يحتفل العالم باليوم الدولي لكبار السن في 1 أكتوبر من كل عام، وموضوعه لهذا العام: «الحفاظ على الكرامة مع التقدم في السن: أهمية تعزيز أنظمة الرعاية والدعم للمسنين في جميع أنحاء العالم» 
فالناس يعيشون عمرًا أطول، وفي حين أن مسار حياة كل شخص يختلف عن مسار حياة الآخرين، إلا أنه من الأرجح أن يعاني كبار السن من حالات معقدة ومزمنة يتطلب التدبير العلاجي لها تنسيقًا وثيقًا في مختلف مستويات الرعاية الصحية والاجتماعية، مقارنةً بالشباب.

وبينما نعيش في المتوسط عمرًا أطول، فإننا لا نعيش بالضرورة حياةً أوفرَ صحة. وهناك حاجة ماسة إلى تقديم رعاية جيدة وميسورة التكلفة ومنصفة تساعدنا على تحقيق أقصى استفادة من حياتنا الأطول، بغض النظر عن هويتنا أو مكان عيشنا أو العمر الذي بلغناه. 
إن نظم الرعاية والدعم التي تلبي احتياجات كبار السن بحاجةٍ إلى تعزيز. وقد خلصت دراسة حديثة أجرتها منظمة الصحة العالمية إلى أن الأشخاص البالغين من العمر 60 عامًا فما فوق يعانون من احتياجات الرعاية الصحية غير المُلبّاة بغض النظر عما إذا كانوا يعيشون في بلدان ذات دخلٍ منخفضٍ أو متوسطٍ أو مرتفع. 
وقد يحتاج كبار السن أيضًا إلى رعاية وقائية وتعزيزية تحافظ على صحتهم الجيدة. ويمكن أن تشمل هذه الرعاية الوصول إلى المعلومات، والمهارات والأدوات التي نحتاج إليها لرعاية أنفسنا.

ووفقًا للتقرير عن التقدم المحرز بشأن عقد الأمم المتحدة للتمتع بالصحة في مرحلة الشيخوخة (2023)، لا يمتلك الموارد اللازمة لتنفيذ الرعاية المتكاملة التي تلبي احتياجات المسنين سوى بلد واحد من كل 4 بلدان مُبلغة، ولا يستطيع تنفيذ الرعاية الطويلة الأجل سوى بلد واحد من كل 3 بلدان، ويوجد 16٪ فقط من البلدان المنخفضة الدخل، التي تعتمد اعتمادًا كبيرًا على الرعاية المقدمة بصورة غير نظامية، لديها برامج تدريبية لمقدمي هذا النوع من الرعاية، وأقل من 60٪ من البلدان المبلغة أدرجت الرعاية الطويلة الأجل في إطارها الوطني لكفاءة العاملين في مجال رعاية كبار السن.

ويدعو عقد الأمم المتحدة للتمتع بالصحة في مرحلة الشيخوخة (2021-2030) إلى إحداث تحوُّل في طرق تقديم الرعاية والتحول إلى تقديم رعاية متكاملة تركز على الأشخاص وتستجيب لاحتياجات كبار السن.

وتُسهم المنظمة في تنفيذ عقد الأمم المتحدة للتمتع بالصحة في مرحلة الشيخوخة من خلال دعم البلدان في تحويل نظمها الصحية ونُظُم الرعاية وإدماج الرعاية الطويلة الأجل لكبار السن في التغطية الصحية الشاملة.
وتوصي المنظمة بأن تقدم البلدان سلسلة متكاملة من الرعاية تحقق ما يلي:
• أن تركز على الأشخاص وأن تكون ملائمة وميسورة التكلفة ويسهل الوصول إليها، مع التركيز في المقام الأول على دعم كل شخص لتلبية احتياجاته وتفضيلاته وتحقيق أهدافه.
• إدماج الخدمات الصحية في مختلف المجالات والتخصصات لضمان حصول كل شخص على مجموعة كاملة من خدمات الرعاية الصحية التي يحتاج إليها دون أن يضل طريقه بين الخدمات والنظم المتفرقة.
• إدماج الرعاية الصحية والاجتماعية، وضمان حصول جميع الأشخاص على الرعاية القصيرة الأجل والطويلة الأجل بسلاسة في جميع البيئات السريرية ومرافق الرعاية ومجتمعاتهم المحلية ومنازلهم.
• تقديم الرعاية لمقدمي الرعاية، وتقدير مساهماتهم، وتقديم الدعم الكافي، وضمان الإنصاف - بما في ذلك لمقدمي الرعاية بصورة غير نظامية مثل مقدمي الرعاية الأسرية، الذين هم من النساء بشكل غير متناسب.
• تحميل الحكومات الوطنية مسؤولية تقديم الرعاية، بالتعاون الوثيق مع الحكومات المحلية أو منظمات المجتمع المدني أو القطاع الخاص، حسبما يقتضي الأمر.

ومن شأن التركيز على سلسلة متكاملة من الرعاية أن يُمكِّن البلدان من تلبية احتياجات الناس من جميع الأعمار على نحو أفضل، فيكون بذلك استثمارًا جيدًا للجميع في كل مكان وعنصرًا أساسيًا من عناصر التغطية الصحية الشاملة.

ويُذكّرِنا اليوم الدولي لكبار السن بأن جميع البشر، من الولادة إلى الوفاة، لهم الحق في تلقي الرعاية والدعم والوصول إليهما.

مقالات مشابهة

  • الصرامي: لو الأموال التي حصل عليها النصر من نصيب شرق الدلم لحقق بطولة آسيا .. فيديو
  • احذر.. هذا الأمر يسرع من شيخوخة الدماغ!
  • دعم شعبي ثابت في الدول العربية للفلسطينيين من دون تأثير على الحكومات
  • دعم شعبي عربي كامل للفلسطينيين.. ومطالبات بإنهاء التطبيع
  • «دبي للاقتصاد الرقمي» تبحث سبل تعزيز النمو الاقتصادي
  • «الصحة العالمية»: تعزيز أنظمة الرعاية والدعم للمسنين في جميع أنحاء العالم
  • دراسة صادمة: كورونا تؤدي إلى شيخوخة الدماغ 20 سنة
  • “قادربوه” يبحث التحديات التي تواجه الرقابة على صندوق الإنماء الاقتصادي
  • ما أبرز مصادر التوتر التي تُشكّل خطراً على صحتك النفسية في العمل؟
  • اليابان: الهجوم الإيراني على إسرائيل "غير مقبول"