لجريدة عمان:
2025-03-12@04:10:23 GMT

شيخوخة السكان والنمو الاقتصادي في آسيا

تاريخ النشر: 16th, October 2023 GMT

ازدياد عدد السكان مِمَّن هُم في سِن العمل نعمة لكل بلد. فكثرة العاملين تعني أنهم يعيلون عددا أقل نسبيا من الأطفال والمتقاعدين.

وطالما أمكن لسوق العمل استيعاب الأعداد المتزايدة من الباحثين عن عمل سيزداد الإنتاج مقابل الفرد (دخل الفرد). وذلك يمكن أن يعزز المدخرات والاستثمار ويقود إلى مستوى أعلى من النمو الاقتصادي وإلى المزيد من مكاسب الإنتاجية ويسرِّع العملية التنموية.

لكن الإخفاق في انتهاز هذه الفرصة ستترتب عنه نتائج وخيمة كما قد تكتشف العديد من البلدان النامية عما قريب.

لنأخذ على سبيل المثال تايوان التي يشيخ سكانها بسرعة. ففي عام2021 بلغت نسبة التايوانيين في سن 65 سنة فأعلى 14% من جملة السكان. هذه عتبة كثيرا ما تستخدم لتحديد شيخوخة سكان أي بلد. وقريبا ستشهد تايلند مثلها مثل اليابان وكوريا الجنوبية ومعظم البلدان الغربية تناقصا في عرض العمالة. وبدون اتخاذ إجراءات استثنائية ستشهد أيضا تراخيا في الإنتاجية والنمو.

لكن تايلاند التي بلغ ناتجها المحلي الإجمالي للفرد 7 آلاف دولار فقط في عام2021 بعكس اليابان وكوريا الجنوبية ومعظم بلدان الغرب ليست بلدا متقدما. لقد شاخت قبل أن تصبح غنية. وعندما كانت لدى اليابان هذه النسبة نفسها من كبار السن كانت أغنى بحوالي خمسة أضعاف تقريبا من تايلند اليوم.

هذا عائق كبير أمام تنمية اقتصاد تايلند في المستقبل. ولكي تحمي مواطنيها الذين يشيخون والعديد منهم فقراء سيتوجب على الحكومة التايلندية إنفاق المزيد على الرعاية الصحية ورواتب التقاعد. ذلك سيزيد من صعوبة الاستثمار في المهارات المعززة للإنتاجية والبنية التحتية. وحيثما تمضي تايوان في هذا الجانب ستتبعها العديد من البلدان النامية.

في آسيا التي تستفحل فيها هذه المشكلة بقدر أكبر من المرجح أيضا أن يشيخ سكان اندونيسيا والفلبين عند مستويات دخول أدنى مقارنة ببلدان العالم الغني. وسريلانكا التي يقل متوسط الدخل فيها بحوالي الثلث مقارنة بتايلند ستشيخ بحلول عام 2028.

البلدان التي يشيخ سكانها قبل أن تصبح غنية إما أخفقت في انتهاز فرصتها (ميزتها) السكانية أو شاخت بأسرع مما ينبغي أو عانت من كلا المشكلتين.

في الفترة بين 1960 و1996 (قبل الأزمة المالية الآسيوية مباشرة) كان اقتصاد تايلند ينمو بمعدل 7.5 % سنويا في المتوسط. وكان ذلك نموا مثيرا لكنه أدنى من معدل اليابان الذي يتكون من رقمين (أكثر من 9%) في سنوات ازدهارها. في الأثناء وبفضل تحسن معدل العمر وعوامل أخرى بدأت تايلند تشيخ بسرعة. وتضاعفت نسبة كبار السن بين سكانها من 7% إلى 14% خلال عقدين. لقد احتاجت اليابان إلى 24 عاما لكي تشهد التغيير نفسه (في معدل شيخوخة سكانها) وأمريكا إلى 72 عاما ومعظم بلدان أوروبا الغربية إلى أكثر من قرن.

سرعة الشيخوخة وتباطؤ النمو الاقتصادي ظاهرتان واسعتا الانتشار في العالم النامي. فالفيتناميون ثراؤهم نصف ثراء التايلنديين ويشيخون بوتيرة أسرع. واقتصاد الهند أحد أسرع الاقتصادات نموا في العالم لكن ليس بنفس سرعة نمو اقتصاد تايلند أثناء فترة ازدهارها. وفي العشرية الثانية من هذا القرن شهدت الهند معدل نمو سنوي بلغ 6.6% في المتوسط.

من بين ما يمكن استنتاجه من كل هذا أن البلدان التي بها عدد أكبر من السكان في سن العمل يلزمها استغلال هذه الميزة لتحقيق المزيد من النمو. وقد لا تتوافر للهند أبدا فرصة أفضل من الآن. فهي تحت قيادة ناريندرا مودي لديها حكومة قوية ومنحازة لقطاع الأعمال ومن المرجح أن تفوز في الانتخابات في العام القادم.

هنالك إجماع حول الإجراءات التي يمكن أن تزيد من وتيرة نموها بما في ذلك الخصخصة وقواعد الاستثمار الأجنبي الأقل تشددا. مثل هذه الإصلاحات من شأنها أن تساعد الهند على الاستفادة من مساعي الغرب لنقل سلاسل التوريد من الصين. وإذا كانت الهند بحاجة إلى ما يدفعها إلى ذلك لا تحتاج إلى النظر أبعد من ولاياتها الجنوبية التي تشيخ بسرعة. ففي «كيرالا» 17% من السكان أعمارهم 60 سنة فما فوق.

استنتاج آخر وهو أن على البلدان النامية الشروع في التخطيط لشيخوخة السكان في وقت مبكر. يجب عليها إصلاح أنظمتها التقاعدية بما في ذلك رفع سن التقاعد.

كما يلزمها دعم وتطوير أسواقها المالية وإيجاد خيارات للادخار (والاستثمار) في الأجل الطويل والتأمين الصحي. وهي بحاجة إلى إيجاد الظروف الملائمة للرعاية الاجتماعية الخاصة والمنظمة بشكل جيد. كما يجب عليها

أن تحاول بشدة زيادة مشاركة الإناث في قوة العمل. ففي الهند نسبة مشاركتهن في العمل بائسة ولا تتعدى 24% أو نصف المتوسط العالمي.

توظيف المزيد من النساء سيعظِّم العائد الديموغرافي (يزيد الإنتاجية) ويساعد على التعامل مع حقيقة أن النساء أطول أعمارا من الرجال لكن غالبا ما تكون مدخراتهن ورواتب تقاعدهن أضعف وبالتالي يواجهن أوضاعا معيشية صعبة في شيخوختهن.

أخيرا يجب أن تتعلم البلدان النامية من أخطاء البلدان الغنية وذلك باتخاذ موقف براجماتي من الهجرة. ورغم صعوبة ذلك سياسيا إلا أنه كثيرا ما يكون أيسر السبل لتحقيق التقدم الاقتصادي. مواقع البناء في بانكوك تعج بالمهاجرين البورميين غير الشرعيين وبتقنين أوضاعهم يمكن للساسة التايلنديين تحويلهم إلى عمالة أكثر إنتاجا.

تشكل الهند المثال الأسعد لذلك. فازدهار هذا البلد الذي بحجم قارة تعززه الهجرة الداخلية. حسب آخر إحصاء سكاني لها في عام2011 بلغ عدد المهاجرين الداخليين 450 مليون نسمة. ويسافر العديدون من الشمال الفقير إلى الجنوب والغرب الأكثر ثراء لاقتناص فرص الوظائف الجديدة وتلك التي يُخلِيها باطراد كبار السن في الجنوب. هذه التجربة تشكل مثالا ملهما لما يمكن أن تفعله أسواق العمل المتحررة من القيود نسبيا وتقدم درسا لليابان وتايلند والحكومات في كل مكان.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: البلدان النامیة

إقرأ أيضاً:

لحظات مرعبة.. ظاهرة كونية تتسبب فى ذعر السكان| ماذا حدث؟

فى مشهد مرعب ثار بركان النار في غواتيمالا بأمريكا الوسطي، مما دفع السلطات إلى إجلاء نحو 300 أسرة وإصدار تحذير من أن 30 ألف شخص آخرين في المنطقة قد يكونون في خطر.

ثوران بركان النار يثير الرعب في غواتيمالا

وبدأ ثوران البركان خلال الليل، حيث يعد بركان النار الذي يبلغ ارتفاعه 3763 مترا أحد أكثر البراكين نشاطا في أميركا الوسطى،وكان آخر ثوران للبركان في يونيو 2023.

قنبلة موقوتة بامريكا … ثوران «بركان يلوستون» يهدد العالمثوران جديد لبركان كيلاويا في هاواي.. والحمم تتصاعد لـ 125 مترا |شاهد

وأطلق بركان الغاز والرماد إلى السماء، مما دفع السلطات إلى إغلاق المدارس في المنطقة المجاورة وطريق رئيسي يربط المجتمعات.

 ويتعرض نحو 30 ألف شخص  للخطر في هذه المناطق حيث تم مطالبتهم باخلاء منازلهم.

خطر يهدد المنطقة بسبب ثوران البركان 

ويعد الخطر الأكبر من البركان هو الانهيار الطيني البركاني، وهو عبارة عن خليط من الرماد والصخور والطين والحطام، والذي يمكن أن يدفن بلدات بأكملها.

وأودي ثوران البركان عام 2018 بحياة 194 شخصا وفقدان 234 شخصا آخرين.

وأظهرت لقطات فيديو بثتها وسائل الإعلام تصاعد الحمم من فوهة البركان؛ الذي يقع على بعد 35 كيلومتراً جنوب شرقي العاصمة غواتيمالا على ارتفاع 3763 متراً، وكذلك لقطات لإجلاء السكان.

وكانت المرة الأخيرة التي ثار فيها البركان دون وقوع ضحايا أو أضرار العام الماضي لكن الخبراء أبدوا قلقهم من تجدد نشاط البركان بعد أن تصاعد منه الدخان وقذف الرماد والحمم.

وفى وقت سابق، قال المتحدث باسم «الهيئة الوطنية لاحتواء الكوارث» إن السلطات قررت إجلاء سكان حي اسكوينتلا وحييْن آخريْن كما نقلت السلطات نحو 4 آلاف شخص إلى الملاجئ في إجراء احترازي.

ويتصاعد عمود من الرماد بارتفاع ألف متر فوق فوهة البركان، ويتساقط وابل من رماد الغاز والصخور النارية على المناطق الواقعة غرب البركان.

وقال مدير معهد البراكين الحكومي بابلو أوليفا إنه من المتوقع أن يظل البركان عند مستوى نشاط «مرتفع إلى مرتفع للغاية»، لكنه لم يتمكن من تحديد متى يمكن أن يهدأ.

ثورات يونيو الدامي

وسرد سكان المنطقة خوفهم من تكرار حدوث ثوران يونيو الدامي، وقالت ميريام غارسيا من قرية «إل روديو» التي نجت منه: «كنا خائفين، وهذا هو سبب إجلائنا» وفق ما نقلته وسائل الإعلام المحلية.

ويراقب الخبراء عن كثب بركانين آخرين ناشطين هما «باياكا» (20 كيلومتراً جنوب غواتيمالا)، و«سانتياغيتو» (117 كيلومتراً إلى الغرب)، اللذين نشطا في الفترة الأخيرة مجدداً من دون حدوث ثوران.

مقالات مشابهة

  • الأمم المتحدة تدعو إلى إنهاء معاناة السكان غرب سوريا
  • لحظات مرعبة.. ظاهرة كونية تتسبب فى ذعر السكان| ماذا حدث؟
  • مطالبات من النواب بتحديد المنشآت الحيوية التي يحظر الإضراب فيها
  • تحريض طائفي مفتعل
  • غواتيمالا تجلي السكان قرب بركان يقذف حمما
  • السيد الرئيس أحمد الشرع في مقابلة مع وكالة رويترز: الأمن والازدهار الاقتصادي مرتبطان بشكل مباشر برفع العقوبات الأمريكية التي فرضت على نظام الأسد، فلا نستطيع أن نقوم بضبط الأمن في البلد والعقوبات قائمة علينا
  • ارتفاع مثير للمنازل المهجورة في كوريا بسبب شيخوخة السكان
  • المرأة في سوق العمل .. ركيزةٌ أساسية للنمو الاقتصادي في المملكة
  • الكوني: العمل بنظام المحافظات من شأنه أن يخفف العبء عن العاصمة التي أصبحت ساحة للصراعات السياسية
  • سموتريتش: نعمل مع أمريكا لتحديد البلدان التي سيهاجر إليها سكان غزة