مرّت القمة الدولية التي عُقدت مؤخرا بمدينة نيويورك في الثامن عشر والتاسع عشر من شهر سبتمبر المنصرم، مرور الكرام دون أن تثير الكثير من الاهتمام، على الرغم من كونها تهمّ مصير نصف ساكنة هذا العالم التي لا تزال تعيش على هامش التنمية. لقد عُقدت هذه القمة في بداية أسبوع الجمعية العامة للأمم المتحدة، بهدف التقييم المرحلي لحصيلة «أجندة 2030» التي اعتمدتها الدول الأعضاء في الأمم المتحدة في عام 2015، وهي قائمة تضم سبعة عشر هدفا تندرج في إطار التنمية المستدامة، وهمّت مجالات مختلفة مثل إعادة التدوير، والتعليم، ومكافحة هدر المياه، والدفاع عن حقوق الإنسان.

الخبر الأسوأ هو أن العالم متأخر في سيره نحو هذه المطامح. أكثر من نصف الأهداف المنشودة لن يتم بلوغها بحلول عام 2030، حتى أن العالم قد شهد تراجعات فيما يخص ثلث هذه الأهداف. يعيش مليار ومائة مليون إنسان في المناطق الحضرية في ظروف قريبة من تلك التي تعرفها المناطق العشوائية، ولا يزال أكثر من ملياري شخص لا يصلون إلى المياه الصالحة للشرب. وبحلول عام 2030، سيظل 575 مليون شخص يئنون تحت وطأة الفقر المدقع، ما يمثل حوالي 7% من سكان الكوكب، ومعظمهم يعيشون في أفريقيا جنوب الصحراء.

لكن ثمة أيضا خبر جيد. تُظهر التجربة التي روكمت خلال العقود الثلاثة الماضية أنه من الممكن تماما محاربة الفقر. لقد انخفضت نسبة الفقر إلى النصف خلال ثلاثين عاما فقط، فقد انعتق مليار نسمة من الفقر المدقع خلال هذه الفترة، قبل أن تضع جائحة كورونا حدّا لهذا التقدم بشكل مباغت.

وخلافا للاعتقاد السائد، فإن الصين ليست الدولة الوحيدة التي انخفض فيها عدد السكان الذين يعيشون على أقل من دولارين في اليوم. ففي أفريقيا، تراجعت نسبة هذه الساكنة إلى41% في عام 2015 مقارنة بنسبة 54% في عام 1990. كما أن حلولا جديدة قد ظهرت في مجالي التعليم والصحة. فوفقا لمؤسسة بيل وميليندا جيتس، توجد حلول عديدة بسيطة وفي متناول اليد من حيث التكلفة، كتلك التي يمكن اعتمادها من أجل الحد من معدل وفيات النساء الحوامل أثناء الوضع. تموت امرأة كل دقيقتين بسبب المضاعفات المرتبطة بالحمل أو بالولادة.

من الملح أن نعيد وضع قضية التنمية على رأس الأجندة الدولية في وقت تعرّضت فيه البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل لثلاث أزمات متتالية. يتعلق الأمر بدايةً بجائحة كورونا التي كانت لها آثار مدمّرة على التعليم، حيث أدّت إلى تسجيل تأخيرٍ على مستوى التحصيل الدراسي وإلى التسرّب من التعليم. كما عرف تلقيح الأطفال أيضا منذ عام 2019 أكبر انخفاض ثم تسجيله في ثلاثة عقود، وزادت الوفيات الناجمة عن أمراض السل والملاريا مقارنة بالمستويات التي سُجلت في فترة ما قبل الجائحة.

وبعد جائحة كورونا جاءت الحرب في أوكرانيا لتزيد من تكلفة الغذاء وتفاقم أزمة انعدام الأمن الغذائي، مما أجبر المواطنين الأكثر فقرا على تخطي وجبات الطعام أو التضحية بنفقات التعليم أو الصحة من أجل الغذاء. وأخيرا، أدّى الارتفاع الذي عرفته أسعار الفائدة في البلدان الغنية، بهدف مكافحة التضخم، إلى تفاقم أزمة الديون في البلدان النامية، مما أجبر العديد منها على التضحية بإنفاقها الموجّه للقطاعات الاجتماعية.

في عالمٍ يعجّ بالتوترات الجيوسياسية، تعدّ محاربة الفقر واحدا من المواضيع النادرة التي تحظى بالإجماع. لا ريب أن البلدان النامية تطالب الاقتصادات المتقدمة ببذل جهود مالية إضافية، لكنها تريد قبل كل شيء أن يفي الآخرون بالتزاماتهم. لم تتجاوز المساعدة الإنمائية الرسمية في عام 2022 نسبة 0.36% فقط من الدخل القومي الإجمالي للبلدان الغنية، وهو ما يقل كثيرا عن الهدف المنشود المحدّد في نسبة 0.7%. وقد أفادت الزيادة التي شهدتها المساعدة الإنمائية الرسمية خلال هذا العام بشكل أساسي أوكرانيا واستقبال اللاجئين الأوكرانيين. وفي عام 2022، انخفضت التمويلات المخصصة لأفريقيا جنوب الصحراء بنسبة 7.8%.

ترغب البلدان النامية كذلك في أن يُسمع صوتها. عندما رأى البنك الدولي النور في عام 1944 لم تكن ثلاثة أرباع البلدان الأعضاء في منظمة الأمم المتحدة حاليا موجودة بعدُ. وخلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة خلال دورتها الثامنة والسبعين التي عقدت في سبتمبر المنصرم، أشار لي جونهوا (Li Junhua)، وكيل الأمين العام للشؤون الاقتصادية والاجتماعية في منظمة الأمم المتحدة، إلى أن «إصلاحات الحوكمة العالمية والمؤسسات المالية الدولية أصبحت ملحة».

جوليان بويسو صحفي بجريدة لوموند

عن صحيفة لوموند الفرنسية

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: فی عام

إقرأ أيضاً:

طارق فهمي: مصر لها الفضل في إعادة تقديم القضية الفلسطينية للواجهة الدولية

أكد الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية، أن هناك نجاحات تمت فى إعادة تقديم القضية الفلسطينية للواجهة الدولية، وهذا تم بفضل التحركات المصرية واستثمار حالة الزخم الكبيرة، والتى أدت إلى مزيد من الاعترافات الدولية للدولة الفلسطينية.

الجيش الإسرائيلي يستعد لاتخاذ قرار بشأن عملية رفح الفلسطينية والقتال في غزة حركة فتح: مصر تصدت بقوة ضد الإبادة الجماعية لأهالي غزة (فيديو) الحديث عن ترتيبات أمنية إسرائيلية من جانب واحد

وأضاف طارق فهمي، خلال مداخلة لقناة إكسترا نيوز، أن الأمور تجرى فى إطار استمرار العمليات الإجرامية الإسرائيلية فى عمق قطاع غزة، وبدء الإجراءات من جانب واحد، والحديث عن ترتيبات أمنية إسرائيلية من جانب واحد بدون تنسيق مع أى طرف وبدون انتباه لجميع الضغوطات الدولية على إسرائيل فى هذا التوقيت.

 

وأوضح طارق فهمي إلى أنه لا بد من وضع شرعية إسرائيل أمام المحاكم الدولية وليس محاصرتها وتطويق حركتها الدبلوماسية والسياسية فى هذا التوقيت، لأن هناك جهودا كبيرة إقليميا وعربيا ودوليا فى إطار محاصرة إسرائيل.

ولفت طارق فهمى إلى أن هذه الإجراءات لا تقف فقط عند محكمة العدل الدولية أو المحكمة الجنائية فى ملاحقة قادة الحرب الإسرائيليين وعلى رأسهم رئيس الوزراء الإسرائيلى ووزير الدفاع ورئيس الأركان، وقادة التشكيلات والكتائب العاملة فى العملية العسكرية على قطاع غزة.

 

وسقط عشرات الشهداء والجرحى الفلسطينيين في مناطق متفرقة من قطاع غزة، اليوم الجمعة، جراء عدوان الاحتلال الإسرائيلي المتواصل على القطاع، فيما استشهد شابان برصاص الاحتلال الإسرائيلي في مدينة "قلقيلية" الواقعة شمال غرب الضفة الغربية المحتلة.

 

واستشهد 12 شخصًا على الأقل وأصيب آخرون في قصف مدفعية الاحتلال لخيام النازحين في منطقة المواصي شمال غرب رفح.

وأفادت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، بأن طواقمها تتعامل مع عدد كبير من الشهداء والإصابات، بعد استهداف الاحتلال خيام النازحين في مواصي رفح.


وأسفر قصف لطيران الاحتلال استهدف منزلا لعائلة "صلاح" في مخيم الشاطئ غرب مدينة غزة، عن استشهاد 10 أشخاص على الأقل وإصابة 17 آخرين.


وقالت مصادر طبية في القطاع، إن 5 أشخاص استشهدوا وأصيب آخرون، في قصف لطيران الاحتلال استهدف شقتين سكنيتين وسط مدينة غزة شمال القطاع.

واستشهد شخصان في قصف للاحتلال استهدف تجمعا للمواطنين في حي الزيتون.

وأصيب عدد من الأشخاص في غارة شنها طيران الاحتلال قرب وادي غزة وسط القطاع.

وفي رفح جنوب القطاع.. استشهد شخصان وأصيب آخرون في غارة إسرائيلية استهدفت منطقة خربة العدس شمال المدينة.

وأصيب عدد من الأشخاص بينهم أطفال في قصف طيران الاحتلال منزلا لعائلة الشريف شرق النصيرات وسط قطاع غزة، وجرى نقلهم إلى مستشفى العودة، حيث وصفت إصابة الطفلة الرضيعة تولين الشريف (6 أشهر) بالخطيرة.

وفي الضفة الغربية.. استُشهد شابان، برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي في مدينة قلقيلية.

وكانت قوة خاصة من جيش الاحتلال قد أطلقت النار صوب سيارة يستقلها الشابان وسط قلقيلية، عقب اقتحامها المدينة من مدخلها الشرقي، ما أدى إلى استشهادهما، واصطدام المركبة في الرصيف أمام أحد المحال التجارية قبل توقفها.

ومنعت قوات الاحتلال طواقم الإسعاف والمواطنين الفلسطينيين من الوصول إلى المكان.

وأظهر مقطع فيديو جنود الاحتلال يحيطون بالمركبة، ويخرجون منها الشابين وهما مصابين بالرصاص في أنحاء جسديهما.

وانسحبت قوات الاحتلال من المدينة، بعد أن استولت على السيارة واحتجزت جثماني الشهيدين.

وباستشهاد الشابين، يرتفع عدد الشهداء في الضفة الغربية إلى 552 شهيدا، بينهم 135 طفلا، منذ السابع من أكتوبر الماضي، وفق معطيات وزارة الصحة.

 

مقالات مشابهة

  • الجدعان يختتم مشاركته في اجتماع المجلس الوزاري لصندوق الأوبك للتنمية الدولية
  • حزب المؤتمر مع اقتراب ذكرى 30 يونيو: يجب إعادة التذكير بأهمية ما حدث
  • اليوم العالمي لمكافحة إساءة استعمال المخدرات والاتجار بها.. أهداف عالمية ومحلية لابد من تحقيقها.. والأمم المتحدة تدعو لزيادة التوعية
  • رئيس جامعة طنطا: الدراسات الأكاديمية لابد أن ترتبط بخطة الدولة في التنمية المستدامة
  • طارق فهمي: مصر لها الفضل في إعادة تقديم القضية الفلسطينية للواجهة الدولية
  • نظام نقدي واقتصادي يليق بالقرن الحادي والعشرين
  • "المرأة الجديدة" تنظم ورشه عمل "أجندة التنمية المستدامة من منظور النوع الاجتماعي"
  • محافظ قنا يشارك في مؤتمر ضمن مشروع التنمية الحضرية المتكاملة "حيينا" بالقاهرة
  • محافظ قنا يُشارك في فعاليات مؤتمر مشروع التنمية الحضرية المتكاملة «حيينا»
  • لـ 14 سبتمبر.. تأجيل إعادة محاكمة المتهم في قضية خلية اللجان النوعية بالمرج