صورة من الأرشيف

مختارات سيارة المستقبل- آمنة وذاتية التحكم جهاز جديد يجعل سيارتك القديمة وكأنها سيارة حديثة فولكس فاجن تطور نظاما ذكيا لإيقاف السيارات عن بعد سيارة "بي إم دبليو" تركن نفسها بساعة ذكية! تفاصيل اختراق سيارة "جيب" والتحكم بها عن بعد

أمر كالسحر كان بمثابة حلم بعيد المنال في السابق، غير أنه قد تحقق وأصبح واقعا.

التحكم في قيادة  السيارات  عن بعد بدلا من أنظمة التحكم الذاتي، فكرة ابتكرتها شركة ناشئة في برلين: خدمة من الباب إلى الباب بسيارات كهربائية بالكامل يتم التحكم في قيادتها عن بعد. كما يمكن أيضا التحكم في الشاحنات في مواقع المناطق الصناعية.

قد يصبح وجود  شاحنة  دون سائق  تقاد بين شوارع المدينة، في حين يجلس السائقون على بعد بضعة كيلومترات في مكتب أمرا عاديا. تعمل شركتان ناشئتان من ألمانيا على تطوير هذه التكنولوجيا، إحداهما شركة (Fernride) من مدينة ميونيخ التي تركز على الشاحنات في قطاع الخدمات اللوجستية، والأخرى شركة (Vay) الألمانية الناشئة من برلين، وتركز على نقل الركاب الأفراد بالسيارة.

وفكرة شركة (Vay) هي تقديم خدمة "من الباب إلى الباب"، حيث يقوم السائق عبر الهاتف  بإحضار السيارة الكهربائية إلى العميل، وهو بدوره يأخذها ويقودها إلى وجهته، ثم يسلمها لاحقا إلى السائق عبر الهاتف، الأمر الذي يلغي الحاجة إلى ركن السيارة. تستخدم الشركة نهجًا يسمى "القيادة عن بُعد" للتحكم في السيارات عن بُعد من مواقع تقع على بعد أميال.

والجدير بالذكر أن ما تختبره شركة (Vay)، تطبقه  شركة (Fernride) على الشاحنات. ومستقبلا ترغب  شركة (Fernride) بقيادة شاحناتها على الطرق السريعة. في حين ما تزال شركة (Vay) تنتظر موافقة السلطات الألمانية.

كما أسست الشركة الألمانية الناشئة فرعا لها في الولايات المتحدة. وقال الرئيس التنفيذي لشركة (Vay) والمؤسس المشارك  توماس فون دير أوهي إنه يرغب أن يجعل ألمانيا رائدة في مجال القيادة عن بعد.

ر.ض (صنع في ألمانيا DW)

المصدر: DW عربية

كلمات دلالية: سيارات ذاتية القيادة شاحنات كهربائية ألمانيا بايرن ميونيخ برلين من الباب إلى الباب سيارات ذاتية القيادة شاحنات كهربائية ألمانيا بايرن ميونيخ برلين من الباب إلى الباب عن بعد

إقرأ أيضاً:

ميثاق ودستور تأسيس .. هل من عاصم من تفتيت وحدة البلاد وشعبها؟

عبده الحاج - مارس 2025

قامت الكتلة الموقعة على ميثاق السودان التأسيسي بصياغة والتوقيع على ميثاق ودستور انتقالي للبلاد، وهو مجهود قام به نفر مخلصون، بحسن نية ورغبة أكيدة منهم في إيجاد مخرج من الأزمة الراهنة في البلاد. وهم يُشكرون على مجهودهم الصادق، ولكن ما قاموا به من عمل يحتاج إلى وقفة، فهو يوضح مدى الأزمة التي نعانيها في تناول قضايانا والتعامل معها.
الدستور (دستورًا دائمًا كان أم انتقاليًا) هو آمال وتطلعات الشعب، موضوعة في صياغة قانونية، وهو المرآة التي يرى فيها كل مواطن نفسه. وهو يخص كل الشعب (كل فرد فيه)، ويضعه الشعب عبر آليات وإجراءات متوافق عليها بينه، ولا يجوز أن تضعه مجموعة مصغرة منه لمجرد أنها صاحبة القوة الآن، أو حتى صاحبة الأغلبية. فالدستور لا يخضع للأغلبية، ولا يمثل الأغلبية، وإنما يمثل كل الشعب، أقلية وأغلبية، على حد سواء، وإن كان في ظل الحكم الديمقراطي تمارس السلطة، وتنفذ السياسات الدستورية حكومة مكونة من الأغلبية (حزب أو ائتلاف)، فإن تلك السياسات يضعها برلمان مكون من الأغلبية الحاكمة والأقلية المسماة بالمعارضة، وتخضع لرأي الأغلبية في الأمور الخلافية، ولكن يحكمها الدستور (الشعب)، كما يحكم الدستور الأغلبية والأقلية، ولذلك من الضروري أن يكون الدستور معبرًا عن كل الشعب، وليس فئة معينة، مهما بلغ تأهيلها وحسن نواياها، أو قوة سلاحها، فكل ذلك قد يمنحها القدرة على السيطرة على السلطة، أو خلق سلطة وفرضها على الشعب لفترة من الزمان، ولكنه قطعًا لا يمنحها شرعية لوضع دستورٍ للبلاد. وبالرغم من أن ما تم التوقيع عليه في نيروبي يسمى دستورًا مؤقتًا، إلا أنه قصد به أن يحدد ملامح الدستور الدائم، ويفرضها بما ورد فيه من نصوص وتهديدات.

بدأ، وورد في مستهل ديباجة الدستور الانتقالي لعام 2025 عبارة: (نحن الشعوب السودانية، صاحبة السيادة على مصيرنا وأرضنا)، وهي عبارة قد منحت تلك الشعوب السيادة نظريًا، وسلبتها إياها عمليًا، بأن نصبت فئة معينة وصيًا على الشعب السوداني، تقرر في سيادته، ومصيره، وأرضه!!
وقد تكررت لفظة (شعوب) عشرين مرة في وثيقة الدستور الانتقالي لنيروبي، وثمانٍ وعشرين مرة في ميثاق السودان التأسيسي، وهي عبارة (الشعوب) تدل على عجز من قاموا على الأمر عن رؤية ما يوحد السودانيين (الشعب السوداني) بل تدل، وبصورة أوضح، على مدى التباين وعدم الانسجام بينهم. فنحن الشعب السوداني صرنا في نظرهم شعوبًا، وهو تعميق للقبلية والعنصرية والمناطقية التي زرعها نظام الإخوان المسلمين وروّج لها. وها هي بعض المكونات المسلحة والمدنية تحاول استثمارها لأغراض سياسية، وتسير في نهج الطغمة التي ثار عليها الشعب (وليس الشعوب) السوداني.

لم يكتفِ ذلك الدستور بتقسيم الشعب السوداني إلى شعوب، بل وضع اللبنات الأولية لتقسيم البلاد إلى دويلات وإمارات، ليجد كل طالب للسلطة فرصة لإرضاء طموحاته. فقد نص ذلك الدستور صراحة على أن الدولة تدين بدين العلمانية، وهي (العلمانية) أمر جدلي، ليس عليه توافق. فقد جاء في الباب الأول من دستور المجموعة (الدولة والدستور والمبادئ فوق الدستورية) في الفقرة الرابعة ما نصه:
"السودان دولة علمانية ديمقراطية لا مركزية، ذات هوية سودانوية."
ووُضع ذلك المعتقد (العلمانية) ضمن المبادئ فوق الدستورية (المبادئ الأساسية)، والتي لا يجوز تعديلها، ولا حتى بمجلس تشريعي منتخب، بل رفعوا سيف الانفصال (حق تقرير المصير) في وجه من يفكر في إلغائها!! فقد ورد في الباب الأول أيضًا، في الفقرة السابعة منه (المبادئ فوق الدستورية والدستور)، وفي النقطة الرابعة ما نصه:
"في حالة عدم الإقرار بـ أو النص على العلمانية، التي تفصل الدين عن الدولة، في الدستور الانتقالي والدستور الدائم المستقبلي، أو انتهاك أي مبدأ آخر من المبادئ فوق الدستورية، يحق لجميع الشعوب السودانية ممارسة حق تقرير المصير."
وبذلك، صار الدستور متناقضًا، فهو ينص على حرية الاعتقاد، بينما يفرض معتقدًا معينًا بنص في الدستور لا يجوز تعديله، بل جعل ذلك المعتقد (العلمانية) فوق الدستور، تمامًا مثل الحاكمية بالحق الإلهي المطلق!! وكل ذلك مفروض بقوة السلاح.. فلماذا نعيب ذلك على حكومة الإخوان المسلمين، إن كنا سنفعله؟! فهل الغرض هو تغيير الوجوه، مع الإبقاء على الكوزنة؟!!

والفقرتان السابقتان من الدستور (الرابعة والسابعة) هما عبارة عن نقل لفقرتين من البرنامج السياسي للمجموعة (ميثاق السودان الموحد)، وتحديدًا النقطة الثالثة من الباب الأول (المبادئ العامة)، والتي ورد فيها ما نصه:
"تأسيس وبناء دولة علمانية ديمقراطية لا مركزية، قائمة على الحرية والمساواة والعدالة، غير منحازة لأي هوية ثقافية أو عرقية أو دينية أو جهوية، وتعترف بالتنوع وتعبِّر عن جميع مكوناتها على قدم المساواة."
والنقطة السابعة من الباب نفسه، والتي ورد فيها:
"في حالة عدم الإقرار بـ أو النص على العلمانية، التي تفصل الدين عن الدولة، في الدستور الانتقالي والدستور الدائم المستقبلي، أو انتهاك أي مبدأ آخر من المبادئ فوق الدستورية، يحق لجميع الشعوب السودانية ممارسة حق تقرير المصير."

ولتوفير الضمانات لتمرير دستورهم، سعوا إلى تجريم قيام الأحزاب على خلفيات دينية، فقد ورد في الفقرة الرابعة من الباب الأول للميثاق (المبادئ العامة) ما نصه:
"يحظر تأسيس أي حزب أو تنظيم سياسي على أساس ديني، أو قيام أي حزب سياسي أو تنظيم سياسي بالدعاية السياسية على أساس ديني أو عنصري."
وهي فقرة من الميثاق تم تضمينها في دستور المجموعة، وتحديدًا في الفصل الثاني (الحقوق والحريات الأساسية) في فقرة (حرية التجمع والتنظيم)، فقد جاء في النقطة الرابعة ما نصه:
"يحظر تأسيس أي حزب أو تنظيم سياسي على أساس ديني، أو قيام أي حزب سياسي أو تنظيم سياسي بالدعاية السياسية على أساس ديني أو عنصري."
وبالتالي، فإن الدستور في مجمله عبارة عن ترجمة لرؤية سياسية لجماعات معينة، أرادت أن تفرض رؤيتها عبر دستور للبلاد، تفرضه بقوة السلاح!! فتلك الجماعات هي في مجملها، عبارة عن حركات مسلحة، لها رؤى وأهداف ووسائل تعمل وفقها، من أهمها قوة السلاح، وهي رؤى ووسائل، ليس بالضرورة أن يتفق معها بقية الشعب السوداني.. ولكن لا يبدو أن لديهم أي اعتبار لذلك!! ومن الواضح أن قوة السلاح هي المسيطرة على تلك الرؤية، فرغم تباين الجهات الموقعة على الميثاق، إلا أن رؤية البندقية الأكبر كانت هي السائدة بصورة شديدة الوضوح.

المبادئ فوق الدستورية (المبادئ الأساسية) هي مجموعة من المفاهيم والقيم الأخلاقية الإنسانية (مستمدة من القانون الطبيعي الإنساني أو الموروث الديني والثقافي للشعب صاحب المصلحة)، وتعتبر الأساس والإطار الذي ينبني عليه الدستور، والمرجعية في تفسير وتطبيق نصوصه بصورة تضمن الحقوق الأساسية (حق الحياة وحق الحرية وما يتفرع منهما)، والعدالة للجميع.
ومبدأ الحقوق فوق الدستورية هو محل جدل وخلاف بين الفقهاء الدستوريين، فبعضهم يرى أن الدستور هو أعلى قانون ولا يجب أن يخضع لأي تقييم خارجي، بينما يؤكد آخرون ضرورة وجود معايير عليا تضمن عدم تجاوز بعض القيم الجوهرية.

غالبًا ما يعتمد تعيين المبادئ فوق الدستورية على التفاسير الفقهية والقانونية، وليس على نصوص صريحة في الدستور. فمثلًا، بعض الدساتير تعتبر مصادر التشريع من المبادئ الأساسية (نصًا أو تفسيرًا)، ولكن لا يوجد دستور ربط النص، أو عدم النص على دين، أو مبدأ، بحق تقرير المصير! وهي سابقة خطيرة، تكرس للديكتاتورية والوصاية، وتهدد وحدة البلاد، بل تؤسس، وبصورة شديدة الوضوح، لتقسيم البلاد. فقد يكون الكثير من القائمين على أمر ذلك الميثاق، الدستور، حريصين على وحدة البلاد حاليًا، كما كانوا من قبل حريصين على ما وقعوا عليه مع بقية المكونات الثورية عند تأسيس تقدم (الرؤية السياسية لإيقاف وإنهاء الحرب وتأسيس الدولة واستكمال الثورة)، ورغم ذلك نكصوا عن ذلك العهد في أقل من عام، عندما فشلوا في تغيير مساره بما يناسب رؤيتهم، فهم يقينًا لن يكونوا حريصين على وحدة السودان لمجرد الحديث عنها، أو التوقيع على ما ينص عليها، فهم لم يحترموا العهود والمواثيق السابقة، فماذا نتوقع منهم؟! بل هم أسسوا صراحة لتقسيم البلاد بما وضعوه من وثيقة تعبر عن رؤيتهم السياسية، أسموها دستور، وربطوا بعض بنودها بتقسيم البلاد بصورة شديدة الوضوح، بل اشترطوا أن يكون ذلك جزءًا من دستور البلاد الدائم، دون مراعاة لآمال وطموحات بقية الشعب!! فهل تركوا لنا مجالًا لنظن خيرًا بحرصهم على وحدة البلاد؟!

وما يمكن أن يقال أيضًا، في هذا الصدد، أن صياغة رؤية سياسية لمجموعة معينة، وترجمتها في شكل دستور، عمل يناقض نصوص ذلك الدستور، ويهزم فكرة الدستور بصورة أساسية!
وقد جاء في ديباجة الدستور ما نصه:
"والتزامًا بمبدأ المواطنة المتساوية أساسًا للحقوق والواجبات الدستورية دون تمييز على أساس الدين أو الثقافة، أو العرق، أو الجهة، أو القبيلة، أو الوضع الاجتماعي أو الرأي السياسي، أو أي شكل من أشكال التمييز."
كما وردت الإشارة لذلك في الباب الأول من الدستور في فقرة (التزامات الدولة)، وفي الباب الثاني منه (المساواة أمام القانون)، وكلها تشير إلى عدم التمييز على أساس الرأي السياسي في ظل الدستور. ولكن الدستور نفسه ليس أكثر من ترجمة لرأي سياسي معين، بل إن الميثاق نفسه يغفل عدم التمييز حسب الرؤية السياسية، فقد ورد في الباب الأول (المبادئ العامة) ما نصه:
"تأسيس وبناء دولة علمانية ديمقراطية لا مركزية، قائمة على الحرية والمساواة والعدالة، غير منحازة لأي هوية ثقافية أو عرقية أو دينية أو جهوية، وتعترف بالتنوع وتعبِّر عن جميع مكوناتها على قدم المساواة."
فقد أغفلت الفقرة عدم التمييز (الأنحياز) حسب الرؤية السياسية، فهي تقر بذلك ضمنيًا، وقد مارسته عمليًا، فهل هنالك تمييز أكثر من ذلك؟!! أليس هذا نموذجًا للتناقض يُفقد تلك الوثائق الاحترام ويجعلها مجرد فهلوة سياسية؟

أيضًا، من التناقضات والنقاط الخطيرة في تلك الرؤية السياسية والدستور، ما ورد بشأن المليشيات المسلحة. فقد جاء في الباب الأول من الميثاق (المبادئ العامة)، وفي الفقرة التاسعة عشرة ما نصه:
"الإقرار بحق الحركات المسلحة الموقعة على هذا الميثاق في الاستمرار في الكفاح المسلح كوسيلة من الوسائل المشروعة للمقاومة والنضال من أجل التغيير وبناء السودان الجديد."
كما جاء في الباب العاشر من الدستور (حل المليشيات) ما نصه:
"تعتبر المليشيات التابعة للمؤتمر الوطني والحركة الإسلامية وجميع المليشيات الأخرى محلولة من تاريخ إجازة وسريان هذا الدستور."
وهو أحد مطالب الثورة (حل كل المليشيات). ولكنه يناقض ما منحه المشرعون لأنفسهم من امتياز بالاحتفاظ بمليشياتهم، بل سعوا إلى تمكينها مستغلين الدستور، ليجعلوا منها جيش علي كرتي جديد. فقد ورد في فقرة (تكوين الجيش) في الباب نفسه من الدستور ما نصه:
"تكون قوات الدعم السريع، والجيش الشعبي لتحرير السودان، وحركات الكفاح المسلح الموقعة على ميثاق السودان الجديد التأسيسي، نواة للجيش الوطني الجديد."
وبالتالي، فهم يسعون لإحداث تمكين جديد في القوات المسلحة القومية ليحل محل التمكين الحالي، مع ملاحظة أن هذه المليشيات المكونة للجيش لا تزال تحتفظ بهيكلتها وولائها وسلاحها كما ورد في الميثاق، فهم جيش، وهم مليشيات، في آن معًا!!
وهذا يوضح التناقض، والازدواجية، والخلل الكبير في المفاهيم والممارسة عند تلك المجموعة! فهي صورة صارخة من التمكين السياسي، والعسكري، أشبه بتمكين الفلول، وديكتاتورية مشابهة لديكتاتوريتهم، مع اختلاف الأديان المستغلة. فحسن النوايا وحده لا يكفي، ولا فرق بين استغلال دين أو آخر في التمكين، فالنتيجة واحدة. كما أن التعصب للقناعات الشخصية هو ما أوردنا موارد الهلاك، وهو ما كان يمارسه تنظيم الإخوان المسلمين (وغيرهم من الديكتاتوريين)، وهو نفسه ما ثار ضده الشعب (المفهوم وليس الأشخاص)، وما يريد التخلص منه، وإلى الأبد، لا استبدال القائمين به بوجوه جديدة!!

لقد جاء عن دور الجيش (الجديد) المزمع تكوينه في نهاية النقطة الأولى من فقرة (الأجهزة النظامية) من الباب العاشر من الدستور ما نصه:
"ويقتصر دوره على حماية البلاد وأراضيها وسيادتها الوطنية، والشعوب السودانية، وحماية النظام العلماني الديمقراطي، وضمان احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية، وحماية النظام الدستوري، دون تدخُّل في الشأن السياسي أو الاقتصادي."
فمن مهام الجيش الجديد (تمكين الحركات المسلحة) حماية (النظام العلماني الديمقراطي)، والعلمانية مقدمة على الديمقراطية، كما أنها مقدمة على ضمان حماية الدستور (رغم أنه مجرد رؤية سياسية لهم)!!
ثم كيف لا يتدخل ذلك الجيش (المليشيا) في الشأن السياسي والاقتصادي، وهو مكون من حركات مسلحة، ذات رؤية سياسية معينة، فرضتها في الدستور، كما فرضت نفسها، وبنص ذات الدستور، لتكون القوة الباطشة الوحيدة، المخولة لها حماية الدستور (رؤيتها السياسية)!!!
أليس ذلك تقنينًا لفرض رؤية سياسية أحادية بقوة السلاح والتمكين، وليس مجرد ممارسة العمل السياسي ضمن بقية مكونات الشعب السوداني؟!!! أليس ذلك تناقضًا وفهلوةً سياسية؟!! أليس هو ما قامت ضده الثورة؟!

ليس ما ورد أعلاه هو كل ما يحتاج إلى وقفة في ذلك الطرح السياسي، وإنما هو فقط بعض مما ورد فيه مما يهدد بتفتيت وحدة البلاد، وهو ما حذرت منه سابقًا في سلسلة المقالات الخاصة بموضوع الحكومة الموازية، وكنت قد حذرت فيها من مغبة الإقدام على إقامة حكومة موازية دون الوفاء بحقها.
وقد حصلت الانقسامات في القوى الثورية، بل طالت الأحزاب، وهو ما كنت قد حذرت منه يومها، ووضحت أن ذلك (تفتيت القوى الثورية) من أهم أهداف عناصر الفلول المزروعة وسطنا، أو التابعة لحكومة بورتسودان، وأن موضوع الحكومة الموازية أحد وسائلهم لتحقيق ذلك. وقد حدثت الانقسامات، وصرنا اليوم أضعف مما كنا بالأمس، وإن لم نتدارك الأمر، فقد نصبح غدًا أضعف منا اليوم، بفعل منا، وفعل من الفلول.
فموضوعا الحكومة الموازية والعلمانية من النقاط الخلافية والجدلية التي يجب الحوار حولها بتجرد وموضوعية، بدلًا من فرضها بالقرارات الفوقية، أو بقوة السلاح.
والعلمانية ضرورية، ولا بد منها، كما أن العلمية ضرورية أيضًا، وبنفس القدر. فالمفاهيم الإنسانية تتكامل، ولا تتناقض، ويجب أخذها كلها في الاعتبار، والاستفادة من كل التراث البشري، بما يخدم المواطن، ويحقق كرامته (غرض الدساتير أرضية وسماوية).
ولكن ذلك لا يتأتى إلا بالنظر الصحيح لتلك المفاهيم والمعتقدات ووضعها في مكانها الصحيح (موضع الوسيلة)، وبذلك يزول التعارض في نفوسنا بين تلك المفاهيم، وحينها يمكن أن نحسن استخدامها، لا المتاجرة بها.
وقد أثرت بعض ممارسات الماضي في النظرة المغلوطة للدين، مما فتح الباب أمام التحشيد والمتاجرة بالعلمانية، بل محاولة فرضها كدين (معتقد) رسمي للدولة! وهو خلل في المفاهيم قد نعود للحديث عنه لاحقًا.

ما حصل في نيروبي عمل كبير، ومجهود عظيم، يصلح أن يكون بداية لحوار بين القوى الثورية، ففيه الكثير مما هو نقاط اتفاق بين القوى الوطنية، بدون الحاجة إلى تعديل فيها.
وفيه ما يحتاج إلى تأجيل، لمزيد من الحوار، والعمل الجاد، للوفاء بحقه، وفيه ما يحتاج إلى مراجعات، وفق رؤية وطنية شاملة وعلمية، بعيدًا عن المفاهيم المغلوطة، وبعيدًا عن التعصب، وبرؤية بعيدة المدى، وترتيب للأولويات وفق متطلبات المرحلة، مصحوب بوضوح رؤية وقدرة على التفريق بين الوسائل، والأهداف، والغايات، بدون عجلة، أو انجراف خلف التيار العام مغمضي العينين، فكثير مما يبرق أمام أعيننا من جواهر، أو ما نظنه من الوهلة الأولى العصا السحرية لحلول مشاكلنا، لا يعدو كونه شراكًا نصبها لنا ببراعة سدنة القديم، فقد لُدغنا من جحرهم عبر السنين، مرارًا وتكرارًا.. ولا نزال!!  

مقالات مشابهة

  • ميثاق ودستور تأسيس .. هل من عاصم من تفتيت وحدة البلاد وشعبها؟
  • بسبب تسرب مادة المازوت على جسر الكولا.. تحذير من غرفة التحكم المروري
  • اضرابات تشل المطارات الألمانية وتلغي 3400 رحلة جوية
  • شركة الغاز تدعو لتأمين إمدادات الغاز والإفراج عن الشاحنات المحتجزة في أبين
  • منى رزق تشارك العاملين في مركز التحكم القومي بالعاصمة الإدارية وجبة الإفطار
  • ثورة تكنولوجية تقترب من الواقع .. التحكم بالأجهزة الذكية عبر الإشارات العصبية
  • "الدمام-الرياض".. ”قطار الشاحنات" يهدد سلامة البنية التحتية
  • أسعارها قليلة و 50%؜ مكونات محلية … تفاصيل شراء سيارات شركة النصر
  • تأخير وإلغاء رحلات من المغرب نحو ألمانيا بسبب إضرابات بالمطارات الألمانية
  • باحثون ينجحون في تمكين رجل مشلول من التحكم بـ ذراعيه .. فيديو