الحرب في الشرق الأوسط تضع المدارس في ألمانيا أمام تحديات صعبة
تاريخ النشر: 16th, October 2023 GMT
عواقب إرهاب حماس في إسرائيل: إذا لزم الأمر، يجب على الشرطة ضمان النظام في المدارس
ابتهاج وموافقة على إرهاب حماس ضد إسرائيل في برلين البعيدة تماما عن موقع الحدث؟ نعم، يبدو أن ذلك موجود. وهذا ما تشير إليه صور من مظاهرات مسموح بها وأخرى محظورة في العاصمة الألمانية. ولكن يبدو أيضا أن هناك تعاطفا في المدارس، حيث يتم تعليم الفتية الرياضيات والفنون والتاريخ.
مشاجرة بين معلم وتلميذ
بعد وقت قصير من بدء هجوم حماس، لفتت حادثة، وقعت في مدرسة ثانوية في منطقة "نويكولن" في برلين، الأنظار. نصف سكان المنطقة، البالغ عددهم 330 ألف شخص، هم من أصول مهاجرة. وتم تداول مقطع فيديو على شبكات التواصل الاجتماعي، يمكن من خلال الصورة غير الواضحة تماما رؤية شجار بين مدرس وتلميذ. وبحسب الشرطة، فإن المراهق قدم إلى المدرسة حاملا علم فلسطين ووشاحا فلسطينيا.
وفي الفيديو، يمكنك أن ترى بشكل غامض كيف يؤرجح المعلم ذراعه اليمنى وهو يضرب الفتى على ما يبدو. يعتبر درويش هيزارجي من "مبادرة كرويتسبرغ ضد معاداة السامية" أن هذا النوع من التعامل يمثل مشكلة: "فبدلا من الرد بشكل غاضب، كان يجب على المعلم أن يضع التلميذ في موقف يضطره لشرح وتبرير ما حدث"، كما يقول الخبير التربوي، في حديث لـDW.
جهود وقائية قليلة؟
مدير المبادرة، المنحدر أيضا من نويكولن، ليس مندهشا على الإطلاق من تزايد التوترات الآن في المدارس. ويرى أن الوقاية أمر بالغ الأهمية في مجال مكافحة معاداة السامية وجميع أشكال التمييز. ولكن تلك الجهود كانت للأسف دائما مفقودة.
"من لا يعالج هذه القضايا، مثل الصراع في الشرق الأوسط أو معاداة السامية المرتبطة بإسرائيل، بشكل وقائي في "الأوقات الهادئة"، لن يتمكن في أوقات الأزمات من الاستجابة بشكل مناسب لهذه النزاعات. إنها أشبه بدورة إسعافات أولية، وهي تحتاج لإعادتها كل فترة"، كما يقول الخبير درويش هيزارجي.
حيرة كبيرة لدى إدارات المدارس
خصوصا منذ الهجمات الإرهابية في إسرائيل والهجمات المضادة في غزة، تلقى هو وفريقه عددا كبيرا من الاستفسارات. والحاجة إلى المشورة كبيرة. "يتساءل البعض عما إذا كان ينبغي عليهم الوقوف دقيقة صمت، أو ما إذا كان يجب عليهم دعوة شخص ما من مدرسة يهودية؟"
لا نمتلك إجابة واحدة لكل شيء، يؤكد المعلم السابق، الناشط في مجال مكافحة معاداة السامية منذ أكثر من 20 عاما. ولكن لديه نصيحة واحدة: "حافظوا على هدوئكم وتحكموا في عواطفكم، واستخدموها بطريقة تعليمية هادفة".
كثيرون يسجلون للحصول على استشارة إضافية
وتقدم "مبادرة كرويتسبرغ ضد معاداة السامية" الآن استشارات إضافية للمعلمين والإخصائيين الاجتماعيين. ويقول درويش هيزارجي إنهم تلقوا، بعد ساعات قليلة فقط، أكثر من 40 طلبا. وهذا مؤشر على الحجم الهائل لحالة عدم اليقين في مدارس برلين.
ومع ذلك، فلا تقتصر مشكلة معاداة السامية على مدارس برلين، التي تضم نسبة عالية من المهاجرين. ففي شهر مايو/ أيار الماضي فقط، وردت تقارير عن طالبين من لايبزيغ في ولاية ساكسونيا، قيل إنهما أديا تحية هتلر، أثناء زيارة مدرستهم النصب التذكاري لمعسكر الاعتقال أوشفيتس. ومنذ سنوات عديدة والدراسات المختلفة تظهر وجود معاداة للسامية في جميع المعسكرات السياسية في ألمانيا.
وفي عام 2022، قامت اللجنة اليهودية الأمريكية (AJC) بتحديد مواقف السكان، وذلك من خلال دراسة تمثيلية أجراها معهد ألينسباخ للدراسات الديمغرافية. وأظهر الاستطلاع أن معاداة السامية ليست مجرد مشكلة على الهامش السياسي، وإنما "متجذرة بعمق" في وسط المجتمع.
دع الأحكام المسبقة جانبا
جمعية "أظهر وجهك! من أجل ألمانيا منفتحة على العالم" تعرف جيدا كيف يمكن العمل على توعية الشباب بالسلوك المتسامح. يعمل يان كريبس منذ 13 عاما هناك في مجال مكافحة معاداة السامية. المجموعة المستهدفة تشمل تلاميذ من مختلف الشرائح والطبقات الاجتماعية المتنوعة عرقيا وثقافيا ودينيا. وفي بعض الأحيان يمكن أن تكون هناك صراعات وأحكام مسبقة.
تساهم ورشات العمل والحوارللتلاميذ في كسر حاجز الأحكام المسبقة
يصف يان كريبس ما يمكن فعله لمواجهة ذلك، ويقول في حديث مع DW: "من المهم جدا أن ندع الأحكام المسبقة الموجودة في رأسنا جانبا".
ولجعل الشباب يتحدثون مع بعضهم البعض، يطرح هو وفريقه أسئلة غير متوقعة في ورش العمل التي ينظمونها. على سبيل المثال: "هل يأكل النازيون الجدد الشاورما؟". مثل هذه الأفكار المفاجئة، والتي تبدو سخيفة أحيانا، يريدون من خلالها تحفيز المشاركين كي تبدأ بينهم محاورات شخصية.
تجارب جيدة في ورش العمل
"لدينا دائما تجارب جيدة في هذا المجال. ليس في كل المواقف، وليس مع كل فصل دراسي"، كما يقول يان كريبس، "لأن ذلك سيكون حينها بمثابة معجزة. ولكن ورشات العمل تمكننا في كثير من الأحيان إجراء حوارات بناءة".
كما تلعب البيئة التي يلتقي فيها التلاميذ دورا مهما. يجب أن يشعروا بالراحة عندما يدخلون غرف "إظهار الوجه!". لهذا السبب قد يحدث مثلا أن يتم تشجيعهم على خلع أحذيتهم ليجلسوا معا على الوسائد الموجودة فوق السجاد.
"نحن نخلق أجواء شخصية"
"نحن نخلق جوا شخصيا غير متوقع من أجل هذا التفكير والتواصل الذي نهدف إليه جميعا"، يقول يان كريبس متحدثا عن سنوات طويلة من الخبرة. ويضيف: غالبا ما يكون هذا مدخلا للانفتاح على الآخرين.
كلاوس زايفريد، من رابطة علماء النفس الألمان، منخرط في البحث حول أسباب التحيز والتمييز وحتى العنف. وفي مقابلة مع DW، أكد زايفريد أن الغالبية العظمى من الأطفال والشباب من الأسر المسلمة في برلين مندمجون بشكل جيد. "هناك قلة قليلة فقط" تشذ عن هذه القاعدة.
ويرجع ذلك بشكل رئيسي إلى أنهم من عائلات تعيش في "مجتمع موازٍ"، بعض عائلاته لا تتحدث الألمانية. ويقول كلاوس زايفريد، الذي عمل لمدة 12 عاما مدرسا في المدارس الثانوية والابتدائية، ولمدة 26 عاما كأخصائي علم نفس مدرسي: "الأهل الذين لديهم خبرة مدرسية قليلة، يكون التعليم ليس مهما لهم. وهم يحصلون على معلوماتهم من وسائل الإعلام العربية - وهذه هي المشكلة الحقيقية".
وقد أظهرت دراسات مختلفة في الماضي أن معاداة السامية في أوساط الأشخاص ذوي الخلفيات المهاجرة والمسلمين ليست منتشرة بشكل أكبر عما هي عليه في مجتمع الأغلبية في ألمانيا.
بيد أنه عندما يتعلق الأمر بمعاداة السامية المرتبطة بإسرائيل، مثل الإساءة لليهود الألمان والعنف ضدهم بسبب الصراع في الشرق الأوسط، فإن نسبة المسلمين والأشخاص ذوي الخلفية المهاجرة تكون أعلى. مثلا في دراسة حول "السلطوية" تعود لعام 2020، وافق 40.5 بالمئة من المسلمين الذين شملهم الاستطلاع (سواء ممن يحملون الجنسية الألمانية أو بدونها) على العبارات المعادية للسامية المتعلقة بإسرائيل، لكن النسبة بلغت 5.2 بالمئة فقط عند البروتستانت، و7.1 بالمئة عند الكاثوليك، و9.4 بالمئة عند غير المنتمين لأي طائفة دينية ممن شاركوا بالاستطلاع.
دور الوالدين
المدرسة لا تستطيع بمفردها حل المشكلة. أنت بحاجة إلى الأهل أيضا للقيام بذلك، كما يقول الخبير التربوي كلاوس زايفريد. لو أخذنا مثلا مدينة مثل فرانكفورت أو شتوتغارت أو برلين، فإن 40 بالمئة من التلاميذ فيها ينحدرون من عائلات مهاجرة. "وهذا يعني: أننا نعيش في مجتمع هجرة وعلينا أن نتعلم كيفية التعامل مع ذلك".
انقاذ مصابين خلال الهجمات الإرهابية التي هزت باريس في عام 2015
فالأمر لا يمكن حله في المدرسة لوحدها، وفق زايفريد. ولابد للمدرسة أن تضمن شراكة تربوية مع أولياء الأمور. "حينها فقط سنكون قادرين على دمج هؤلاء الأطفال والشباب، ونمنع نموهم في مجتمع موازٍ".
حقيقة أن الناس من الدول ذات الأغلبية المسلمة غالبا ما تكون لديهم وجهة نظر مختلفة حول الوضع في الشرق الأوسط، باتت أمرا واضحا بالنسبة لكلاوس زايفريد، وخصوصا بعد الهجمات الإرهابية الإسلاموية التي شهدتها باريس عام 2015. في ذلك الوقت، كانت هناك دقيقة صمت في ألمانيا، عاشها هو عندما كان يستقل قطار الضواحي.
"دقيقة صمت لأجل الفرنسيين"
كان جميع الركاب هادئين وتوقف القطار. ولكنّ فتاتين عربيتين كانتا تتحدثان وتضحكان بصوت عالٍ. وعندما سألهما كلاوس زايفريد عن ذلك، قالتا: "نعم، لأجل الفرنسيين هناك دقيقة صمت، ولكن عندما يحدث شيء ما في لبنان، لا يوجد شيء مشابه" هنا. كانت هذه التجربة نافذة له كي يفكر أكثر في الأمر.
من الصعب معرفة كيف ستتطور الأمور في المدارس في ألمانيا، على خلفية تصاعد العنف في إسرائيل وغزة. والشرطة أيضا مستنفرة، كما أكد متحدث باسمها لـDW، والذي أضاف: "بالطبع نحن على اتصال بإدارة التعليم، مع التركيز أيضا على احتمال اتخاذ إجراءات معينة بسبب نزاعات قد تحدث".
مارسيل فورستناو/ف.ي
المصدر: DW عربية
كلمات دلالية: الصراع في الشرق الأوسط المدارس في ألمانيا برلين دويتشه فيله الصراع في الشرق الأوسط المدارس في ألمانيا برلين دويتشه فيله فی الشرق الأوسط معاداة السامیة فی المدارس فی ألمانیا دقیقة صمت کما یقول
إقرأ أيضاً:
توترات الشرق الأوسط تزيد توقعات وصول الذهب لـ 3200 دولار
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
ارتفعت أسعار الذهب العالمي إلى مستويات تاريخية جديدة خلال تداولات اليوم الثلاثاء في ظل تزايد الاضطرابات الجيوسياسية في منطقة الشرق الأوسط، بالإضافة إلى المخاوف المتعلقة بأزمة التعريفات الجمركية الأمريكية التي تزيد من الطلب على الملاذ الآمن.
وسجل سعر أونصة الذهب العالمي ارتفاعاً اليوم بنسبة 0.7% ليسجل أعلى مستوى تاريخي جديد عند 3028 دولار للأونصة بعد أن افتتح تداولات اليوم عند 3001 دولار للأونصة ليتداول حالياً عند المستوى 3021 دولار للأونصة، وفق جولد بيليون.
وارتفع الذهب لليوم السادس على التوالي ليسجل زيادة بنسبة 15% منذ بداية العام ومنذ تولي دونالد ترامب الرئاسة الأمريكية.
الذهب بشكل عام بمثابة تحوط من عدم الاستقرار الجيوسياسي، ليصل المعدن النفيس إلى أعلى مستوى قياسي له، حيث زادت المخاوف الاقتصادية الناجمة عن حرب الرسوم الجمركية الطلب عليه.
وتشمل الرسوم الجمركية ضريبة ثابتة بنسبة 25% على الصلب والألومنيوم، والتي دخلت حيز التنفيذ في فبراير، ورسوم جمركية متبادلة ستفرض في 2 أبريل.
هذا وقد أشار مجلس الذهب العالمي إلى أن الذهب قد يواجه بعض الاستقرار بسبب سرعة ارتفاعه الأخير، ولكن المزيج الحالي من عدم اليقين الجيوسياسي، وارتفاع التضخم وتوقعات انخفاض أسعار الفائدة إلى جانب ضعف الدولار الأمريكي لا يزال يوفر دعما قوياً للطلب الاستثماري على الذهب.
و أشار مجلس الذهب العالمي إلى أنه إذا ظل الذهب فوق 3000 دولار للأونصة خلال الأسبوعين المقبلين، فقد يؤدي ذلك إلى زيادة عمليات الشراء.
من جهة أخرى رفع بنك ANZ توقعاته لسعر الذهب لمدة 3 أشهر إلى 3100 دولار للأونصة، و لستة أشهر إلى 3200 دولار للأونصة، ليشير إلى تصاعد التوترات الجيوسياسية والتجارية وتخفيف السياسة النقدية وشراء البنوك المركزية.
وبعد خرق قام الكيان الصهيوني لوقف إطلاق النار الذي عقد في يناير، ليشن غارات على أهداف لحركة حماس في غزة، لتمثل الغارات تجددًا للتوترات في الشرق الأوسط مما يعزز الطلب على الذهب كملاذ آمن، ويحافظ على الأسعار الفورية عند مستويات قياسية فوق مستوى 3000 دولار للأونصة.
تركز الأسواق الآن على اجتماع البنك الاحتياطي الفيدرالي حيث من المتوقع على نطاق واسع أن يبقي البنك الفيدرالي على أسعار الفائدة دون تغيير في اجتماعه الذي يستمر ليومين، ولكن من المتوقع أن يخفف البنك المركزي من توقعاته المتشددة في مواجهة تزايد حالة عدم اليقين الاقتصادي.
وأعلن مجلس الذهب العالمي عن ارتفاع في التدفقات النقدية إلى صناديق الاستثمار المتداولة المدعومة بالذهب خلال الأسبوع المنتهي في 14 مارس ليسجل ارتفاع للتدفقات للأسبوع السابع على التوالي، ليصل اجمالي التدفقات إلى 32.7 طن ذهب.