كيف كانت المياه الجوفية سببا في قيام وسقوط حضارة قديمة بالصحراء الليبية؟
تاريخ النشر: 16th, October 2023 GMT
مع انخفاض كميات الأمطار وارتفاع درجات الحرارة، غالبا ما تُعتبر الصحراء الكبرى واحدة من أكثر البيئات تطرفا والأقل صلاحية للسكنى على وجه الأرض، في حين أن الصحراء كانت أكثر خضرة بشكل دوري في الماضي البعيد، فقد وجد مجتمع قديم يعيش في مناخ مشابه جدا لمناخ اليوم طريقة للحصول على المياه في الصحراء، وحافظ على ازدهاره حتى نفادها.
يصف بحث جديد تم تقديمه اليوم الاثنين في الاجتماع السنوي للجمعية الجيولوجية الأميركية كيف سمحت سلسلة من العوامل البيئية للحضارة الصحراوية القديمة المعروفة باسم امبراطورية الجرمنت، باستخراج المياه الجوفية من باطن الأرض، بما حافظ على المجتمع لما يقرب من ألف عام حتى نفدت المياه.
وبحسب بيان صحفي منشور على موقع "فيز دوت أورغ" فإن الأمطار الموسمية كانت قد حولت الصحراء الكبرى إلى بيئة خصبة نسبيا منذ ما بين 11 ألفا إلى 5 آلاف عام مضت، مما وفّر موارد المياه السطحية والبيئات الصالحة للسكن وازدهار الحضارات. وعندما توقفت الأمطار الموسمية قبل 5 آلاف سنة، عادت الصحراء مرة أخرى إلى بيئة جافة وقاحلة، وتراجعت الحضارات من المنطقة، باستثناء منطقة شاذة غير عادية.
عاش الجرمنتيون في الصحراء الجنوبية الغربية الليبية من عام 400 قبل الميلاد إلى عام 400 بعد الميلاد في ظل نفس الظروف شديدة الجفاف الموجودة هناك اليوم وكانوا أول مجتمع متحضر يتم تأسيسه في الصحراء التي تفتقر إلى نهر يتدفق باستمرار.
كانت بحيرات المياه السطحية والأنهار في عصر "الصحراء الخضراء" قد اختفت منذ فترة طويلة بحلول وقت وصول الجرمنتيين، ولكن لحسن الحظ كانت هناك مياه مخزنة تحت الأرض في طبقة مياه جوفية كبيرة من الحجر الرملي، من المحتمل أن تكون واحدة من كبرى طبقات المياه الجوفية في العالم.
تقنية الفقارات (القنوات) لجلب المياه الجوفيةجلبت طرق تجارة الجمال من بلاد فارس عبر الصحراء تقنية حصاد المياه الجوفية باستخدام الفقارات أو القنوات. تضمنت هذه الطريقة حفر نفق مائل قليلاً في أحد التلال، إلى ما دون منسوب المياه الجوفية مباشرةً.
ومن ثم تتدفق المياه الجوفية عبر النفق إلى أنظمة الري. حفر الجرمنتيون ما مجموعه 750 كيلومترًا من الأنفاق تحت الأرض وأعمدة الوصول الرأسية لحصاد المياه الجوفية، مع حدوث أكبر نشاط بناء في الفترة ما بين 100 قبل الميلاد و100 بعد الميلاد.
دمج فرانك شوارتز الأستاذ في كلية علوم الأرض بجامعة ولاية أوهايو والمؤلف الرئيسي للدراسة البحثية الأبحاث الأثرية السابقة مع التحليلات الهيدرولوجية لفهم كيف أن التضاريس المحلية والجيولوجيا وظروف الجريان السطحي أنتجت الظروف الهيدروجيولوجية المثالية للجرمنتيين ليكونوا قادرين على استخراج المياه الجوفية.
كانت لدى الجرمنتيين ظروف ملائمة بيئيا مكّنت النظام من العمل، تمثلت في مناخ أكثر رطوبة في وقت سابق، وتضاريس مناسبة، وإعدادات فريدة للمياه الجوفية، مما جعل المياه الجوفية متاحة باستخدام تقنية الفقارات. لكن حظهم نفد عندما انخفض منسوب المياه الجوفية تحت أنفاق الفقارة. ومع عدم وجود مياه جديدة لتجديد طبقة المياه الجوفية وعدم توفر مياه سطحية، أدى نقص المياه إلى سقوط إمبراطورية الجرمنتيين.
تعتبر قصة الجرمنتيين رسالة تحذيرية لقوة المياه الجوفية كمورد، وخطر الإفراط في استخدامها. ووفقا لشوارتز، هناك أمران يثيران القلق بشكل خاص، وهما: أولاً، أصبحت البيئات القاسية أكثر انتشارا حول العالم في دول مثل إيران. ثانيا، أصبح استخدام المياه الجوفية بشكل غير مستدام أكثر شيوعا.
ويضيف "عندما ننظر إلى الأمثلة الحديثة مثل وادي سان جواكين (وهو الجزء الجنوبي من وادي كاليفورنيا المركزي)، تجد أن الناس يستخدمون المياه الجوفية بمعدل أسرع من تجديدها".
وقد "شهدت كاليفورنيا شتاء ممطرا جدا هذا العام، ولكن ذلك جاء بعد 20 عامًا من الجفاف. وإذا استمر الميل إلى سنوات أكثر جفافًا، فسوف تواجه كاليفورنيا في النهاية نفس المشكلة التي واجهها الجرمنتيون. وقد يكون استبدال إمدادات المياه الجوفية المستنفدة مكلفًا وغير عملي في النهاية".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: المیاه الجوفیة
إقرأ أيضاً:
هل يجوز أداء قيام الليل بعد صلاة العشاء مباشرة.. أمين الفتوى يوضح
قال الدكتور محمود شلبي، أمين الفتوى بدار الإفتاء، إنه يجوز قيام الليل عقب صلاة العشاء مباشرة، إذ تبدأ الصلاة عقب صلاة العشاء وحتى ما قبل صلاة الفجر، مشيرا إلى أنه من الأفضل أن تؤدى الصلاة في الثلث الأخير من الليل لأنه وقت بركة.
صلاة قيام الليل من العبادات المهمة، وسنة مؤكدة عن الرسول -صلى الله عليه وسلم-، وتواترت النصوص من الكتاب والسنة بالحث عليه.
قيام الليل له شأن عظيم في تثبيت الإيمان، والإعانة على جليل الأعمال، قال تعالى: «يا أيها المزمل قم الليل إلا قليلا نصفه أو انقص منه قليلا أو زد عليه ورتل القرآن ترتيلا إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا إن ناشئة الليل هي أشد وطئا وأقوم قيلا» (سورة المزمل:1-6)
والله تعالى مدح أهل الإيمان والتقوى، بجميل الخصال وجليل الأعمال، ومن أخص ذلك قيام الليل، قال تعالى: «إنما يؤمن بآياتنا الذين إذا ذكروا بها خروا سجدا وسبحوا بحمد ربهم وهم لا يستكبرون تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا وطمعا ومما رزقناهم ينفقون فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون».
قيام الليل في رمضان له فضل آخر علمنا إياه النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- حيث قال في الحديث الصحيح: «من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه»، لأن العبد يقبل على الله تعالى في وقت الليل فلا يراه أحد إلا الخالق -جل شأنه- فيتجلى الإخلاص في هذه العبادة بأسمى معانيها.
وقت صلاة الليل وعدد ركعاتها
يبدأ وقت صلاة الليل من حين الانتهاء من صلاة العشاء، ويستمر حتى طلوع الفجر، ولكن الوقت الأفضل لهذه الصلاة هو الثلث الأخير من الليل؛ لأن الله -عز وجل- ينزل إلى السماء في الثلث الأخير كما روي في الحديث: «إذا مضى شطر الليل، أو ثلثاه، ينزل الله تبارك وتعالى إلى السماء الدنيا، فيقول: هل من سائل يعطى؟ هل من داع يستجاب له؟ هل من مستغفر يغفر له؟ حتى ينفجر الصبح».وفي أي وقت صلى فيه المسلم فإنه ينال الأجر والثواب بإذن الله تعالى.
أما عدد ركعات صلاة الليل؛ فإن المسلم يصلي ما يشاء من الركعات مثنى مثنى، ولو صلى المسلم إحدى عشر ركعة مع الوتر فهو أفضل، لأن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فعل ذلك كما قالت سيدتنا عائشة رضي الله عنها.
كيفية صلاة قيام الليل
الأفضل في كيفية صلاة قيام الليل أن تكون مثنى مثنى، كما قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح، صلى ركعة واحدة توتر له ما قد صلى» وأقل الوتر ركعة واحدة يصليها بعد صلاة العشاء، فإن أوتر بثلاث ركعات فالأفضل أن يسلم بعد الركعتين ويأتي بواحدة، وإن أوتر بخمسة فيسلم بعد كل ركعتين ومن ثم يأتي بركعة واحدة، ويراعي في صلاته الطمأنينة وعدم العجلة والنقر، فيخشع في صلاته ولا يتعجل فيها، فأن يصلي عددا قليلا من الركعات بخشوع وطمأنينة؛ خير له مما هو أكثر بلا خشوع.