تأمل الأرجنتين متابعة عروضها القوية منذ التتويج بلقب كأس العالم لكرة القدم 2022 في قطر، وتحقيق فوزها الرابع توالياً في تصفيات أميركا الجنوبية المؤهلة الى مونديال 2026، عندما تحلّ ضيفة على بيرو في الجولة الرابعة، فجر الأربعاء، فيما تسعى البرازيل إلى تعويض فقدان أولى نقاطها، عندما تزور الأوروغواي في مواجهة مرتقبة.
ويدخل الأرجنتينيون المباراة بعدما انتزعوا فوزهم الثالث في التصفيات على حساب بارغواي بهدف لينفردوا بالصدارة (9 نقاط)، مستفيدين من تعثّر البرازيل أمام ضيفتها فنزويلا 1-1.
ويأمل الـ «تانغو» متابعة الفترة المميزة التي يعيشها منذ مونديال قطر، حيث حقّق 7 انتصارات متتالية من بينها 4 في لقاءات ودية، ثمّ الانتصارات الثلاثة في التصفيات.
وتُعدّ الأرجنتين مرشّحة لتحقيق الفوز بمواجهة بيرو التي سجّلت بداية ضعيفة جداً في التصفيات مكتفية بنقطة واحدة.
وتتجه الأنظار الى منازلة قوية ومرتقبة بين البرازيل، الثانية (7)، ومضيفتها وغريمتها الأوروغواي، الخامسة (4).
ولطالما اتسمت مواجهات البرازيل والأوروغواي بالحدّة، حيث تنافس البلدان بشراسة خلال منتصف القرن الـ 20 وتحديداً عندما حرمت الأوروغواي البرازيل من لقبها الأول في كأس العالم 1950 بفوزها عليها في المباراة الحاسمة 2-1. إلّا أنّ الأوروغواي، تراجع مستواها بشكل ملحوظ في الآونة الاخيرة، مما قد يشكّل فرصة للبرازيل من أجل تثبيت تفوّقها في المواجهات المباشرة.
إذ فاز «سيليساو» 38 مرة مقابل 20 للأوروغواي، من أصل 78 مواجهة.
كذلك، ستكون مواجهة كولومبيا، الرابعة (5) ومضيفتها الإكوادور، الثالثة (6) في غاية الأهمية، حيث يتنافسان على تثبيت موقعهما في المراكز الأمامية.
وفي مباراتين أخريين، تلتقي فنزويلا مع تشيلي وبوليفيا مع بارغواي.
المصدر: الراي
إقرأ أيضاً:
موكب النصر.. عندما عُزفت "عايدة" في قلب قناة السويس
إسماعيل بن شهاب بن حمد البلوشي
في لحظة تاريخية راقية جمعت بين عراقة الحضارة المصرية وسحر الدبلوماسية العُمانية، عبر السلطان قابوس بن سعيد- رحمه الله- قناة السويس على متن يخته السلطاني "آل سعيد"، في مشهدٍ مهيب استقبله فيه الرئيس المصري الراحل محمد حسني مُبارك.
لم يكن عبورًا مائيًا فحسب، بل عبورًا فنيًا وثقافيًا عابرًا للزمن، حين عزفت الفرقة الموسيقية السلطانية الخاصة معزوفة "موكب النصر" من أوبرا "عايدة"، في دلالة ذكية على ربط الحاضر بروعة الماضي، والاحتفال بمجدٍ بُعث من جديد.
في تلك الأمسية، لم تكن الأنغام التي انبعثت من سطح اليخت مجرد موسيقى كلاسيكية. كانت رسالة حضارية مشبعة برمزية الزمان والمكان، أراد من خلالها السلطان قابوس، الرجل الذي امتزجت في شخصيته الحكمة الشرقية والذوق الأوروبي الرفيع، أن يُحيي ذكرى لحظة خالدة من تاريخ مصر العظيم، حين افتُتحت قناة السويس في 17 نوفمبر 1869، في عهد الخديوي إسماعيل، الذي كان يتوق لتحويل مصر إلى قطعة من أوروبا؛ بل الأجمل، حضارةً وفنًا.
كان الخديوي إسماعيل قد دعا ملوك وأمراء أوروبا وغيرهم لحضور افتتاح القناة، ذلك الإنجاز الهندسي العظيم الذي ربط البحرين الأحمر والمتوسط، وأعاد تشكيل خريطة التجارة العالمية. وفي أوج الاحتفالات، أراد إسماعيل أن يقدم للعالم تحفة فنية تليق بمصر، فكلّف الموسيقار الإيطالي الشهير جوزيبي فيردي بتأليف أوبرا خاصة تُعرض في دار الأوبرا الخديوية الجديدة بالقاهرة. وهكذا وُلدت أوبرا "عايدة".
ورغم نية الخديوي عرض "عايدة" في حفل افتتاح قناة السويس، حالت الحرب الفرنسية البروسية دون إيصال الأزياء والديكورات من باريس في الوقت المناسب. فتم تأجيل العرض، وبدلًا من "عايدة"، قُدمت أوبرا "ريغوليتّو" في افتتاح دار الأوبرا. أما "عايدة"، فقد رأت النور لاحقًا، في 24 ديسمبر 1871، بعرضٍ مهيب في القاهرة، لتصبح واحدة من أشهر الأعمال الأوبرالية في التاريخ.
الموسيقار جوزيبي فيردي (1813- 1901)، الذي يعد أحد أعمدة الفن الأوبرالي الإيطالي، صاغ موسيقى "عايدة" بحس درامي مرهف؛ حيث تداخلت المشاعر الوطنية بالحب، والفخر بالانتصار. وكانت معزوفة “موكب النصر” (Triumphal March)، التي عُزفت في ذلك العشاء السلطاني العُماني المصري، ذروةً موسيقيةً تعبّر عن النصر المصري في سياق القصة، لكنها أيضًا تعبير فني خالد عن المجد الحضاري والأهم، وإذا كانت هذه المعزوفة التاريخية صُمِّمَت بمناسبة افتتاح الأوبرا الخديوية، فهل سبق للتاريخ أن يسجل عزفها في القناة ذاتها من قبل؟
كلمات من المجد الأوبرالي:
في أجواء الموكب، تُنشد الجوقة:
المجد لمصر، ولإيزيس // التي تحمي هذه الأرض المقدسة
تتماهى هذه الكلمات مع روح اللحظة التي صنعها السلطان قابوس؛ فليس من قبيل المصادفة أن تُعزف هذه المقطوعة في قلب قناة السويس، ذات الشريان الذي مثّل لمصر وللعالم بوابةً إلى الحداثة والانفتاح منذ القرن التاسع عشر.
عُمان ومصر: لحنٌ من التقدير المتبادل
اختيار "عايدة" من قبل السلطان قابوس- طيب الله ثراه- لم يكن مجرد ترفٍ موسيقي؛ بل كان فعلًا دبلوماسيًا ذا طابع ثقافي عميق، يعكس الفهم العميق للعلاقات بين الشعوب، واحترامًا صامتًا للذاكرة التاريخية المصرية؛ فالسلطان الراحل كان معروفًا بذائقته الرفيعة وعشقه للفنون الكلاسيكية، وقد جمع في هذه اللحظة بين فخامة التاريخ وسلاسة الدبلوماسية، في مشهد من أسمى صور القوة الناعمة.
لقد عبر يخت "آل سعيد" مياه القناة مزهوًا بمجد لا يُقاس بالأمتار أو البحار؛ بل بالمعاني. كانت معزوفة “موكب النصر” في تلك الليلة أكثر من موسيقى، كانت صدى لذاكرة مصر، وهديّة مُفعمة بالتقدير من سلطنة تعرف قيمة التاريخ وصوت الفن وتقديرًا مُشرِّفًا لمصر العراقة والتاريخ قاطرة الأمة التي يبقى فيها وبها أمل الأمة المُتجدد، كما أحيت الأمل دومًا في معترك التاريخ ومفاصله الوجودية للأمة مثالًا بعين جالوت وما قبلها وما بعدها، وإني على يقين أنَّ رايات النصر في مصر معكوفة إلى وقتها وإن نُشِرَت، سيدور التاريخ إلى مركزه، حينها ستفرح الأمة بنصر الله.. وعسى أن يكون قريبًا.
رابط مختصر