بوابة الوفد:
2025-05-02@13:13:31 GMT

غزة والذاكرة العادلة

تاريخ النشر: 16th, October 2023 GMT

مصطلح الذاكرة العادلة مرتبط بالسرد والتاريخ والزمان كأحد عناصر الذاكرة والنسيان ولأننا نكتب التاريخ من عدة زوايا ومناحٍ ولكل كاتب تاريخ منظور وموقف مما يوثقه من حقائق وأحداث فإننا اليوم نكتب تاريخًا جديدًا بدماء الأبرياء وصراخ الأطفال وبكاء النساء وبسالة الفلسطينيين وأيضاً عبر وسائل الإعلام المرئى الذى يوثق الأحداث ويتابعها ويحللها ويفسرها وحتى إذا تدخلت آليات التكنولوجيا والذكاء الاصطناعى لتخلق أحداثًا أو تمثيلًا مختلفًا عن الواقع فإن الرجوع إلى أساسيات التوثيق العلمى والتقنى الذى يكشف الذاكرة الكاذبة والخادعة المفبركة كما حدث فى أحداث مذبحة غزة الحالية والتى لعب فيها الإعلام الكاذب وتقنيات الذكاء الاصطناعى والأخبار الكاذبة دورًا هامًا فى تشكيل رأى غربى استعمارى معارض لما قام به عناصر من حركة المقاومة الفلسطينية ضد العدو المحتل لأراضيهم فى المستعمرات الصهيونية الإسرائيلية فما كان من الغرب ورؤسائه المنحازين للصهيونية العالمية إلا أن لعبوا على ذاكرة الشعوب الأوروبية وحاولوا استدعاء الماضى المشين والمخزى والإجرامى الذى تعامل به الغرب فى أوروبا مع اليهود على مدار عقود وقرون انتهى بالمحرقة أو الهولوكوست وما تلاها من وعد بريطانى بإقامة دولة على أرض فلسطين.

. ثم يكتشف العالم والرأى العام أن ما تم طرحه على لسان رئيس الدولة الكبرى وحليفتها الصهيونية ووزراء الدفاع ونواب البرلمانات الأمريكية والفرنسية والبريطانية والألمانية أن كل هذا كان مجرد تلفيق وكذب وادعاء فإذا بالشعوب فى بلدان العالم تبدأ فى استدعاء ذاكرة الماضى وعيون الحاضر وترى ما يجرى رؤى العين من قبل هذه الدولة الاستعمارية الكبرى والصغرى تجاه مدنين عزل قتل منهم ما يتجاوز 2500 قتيل نصفهم من النساء والأطفال لا ذنب لهم سوى أنهم ولدوا على هذه الأرض وهاجروا من أرضهم مرات منذ نكبة ١٩٤٨ و١٩٦٧ وضربوا بالقنابل مرات ومرات أكثر من ٣٢٣ مرة على مدار ٧٥ عامًا من الاحتلال وحوصروا منذ أكثر من ١٧ عامًا والآن منعوا الحياة والماء والهواء والكهرباء وحتى الأمل فى الغد لا بريق ولا بصيص ولا طاقة من نور... ما قام به الإعلام فى هذه المحنة الإنسانية غير مسبوق سواء الإعلام الغربى أو الفضائيات العربية المستقلة إلى حد كبير والتى تتبع مناهج علمية وتقنيات إعلامية ولديها مساحات من الحرية والمهنية وإمكانات مادية وتقنية وبشرية تسمح بنقل الحدث والتصوير والوصول إلى مناطق الصراع وبؤرة الأحداث ومتابعة سريعة للأخبار بعدد كبير من المراسلين ومراكز رصد للقنوات الإعلامية والإلكترونية المختلفة ومرصد للتحليل السياسى والدراسات السابقة والحالية وخبراء بمعنى الكلمة على صلة بالأحداث أو بالجهات الفاعلة مثل متحدث باسم الجيش الإسرائيلى أو باحث فى الدراسات العربية الفلسطينية أو برلمانى أو سياسى أو صحفى لدى الأجهزة بالبلدان المختلفة والتى لها صلة بما يجرى شرقًا وغربًا.. أخبار وصور وتحليل وأفلام تسجيلية لإنعاش الذاكرة الكاذبة والخادعة ومحاولة كتابة ذاكرة أكثر عدلًا لهذه القضية الفلسطينية التى كانت قد ماتت وتجمدت بفعل الزمن والحصار ومؤتمرات وسلطة استكانت واستراحت.. لذا كان للإعلام الجديد والحديث الدور الأكبر بعد بواسل غزة وفلسطين فى تغير الرأى العام العالمى وتحريك شعوب العالم لتكون قوة ضغط تشكل سلاحًا جديدًا من الشعوب تضغط على الحكام والساسة والرأسمالية العالمية وتقف مع الإنسانية وحق الشعب الفلسطينى فى تقرير مصيره واستعادة أرضه وإقامة دولته وكأن الشعوب فى ارجاء العالم تدافع عن أهل غزة ضد جريمة الإبادة الجماعية التى تمارسها إسرائيل وصمت الإخوة والأشقاء.. قد كتب أحرار فلسطين ذاكرة جديدة لأمة قديمة قد يطويها النسيان.

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الذكاء الاصطناعى الشعب الفلسطيني

إقرأ أيضاً:

بلاغ البرهان رقم صفر: ضد اللساتك وضد الذاكرة

رأيتُ في ما يرى النائم، أن عبد الفتاح البرهان زارني.
جاءني كما يأتي البلاء:
بصمتٍ عسكري، وملامح لا تحمل أي معنى خارج البلاغ رقم واحد،
وكان معه فكي جبريل مختبئاً بالخارج، يحمل في جيب جلابيته فارق بارود الطلقة الأولى.

كنت في المطبخ حينها، أقف على حافة الصباح،
أعدّ قهوتي بهدوء المساكين الذين لم يتيقنوا بعد إن كانت هذه البلاد حيّة أم في غيبوبة.
النار وادعة، ورائحة القهوة تتصاعد بخشوع،
لكن حضوره — كما فعل في الخرائط — أفسد التوقيت.

فارت القهوة، سالت،
تدفقت على نار الموقد كما تتدفق الدماء حين يُقرر الجنرال أن:
“المرحلة تتطلب الحسم”.

لم أُمسك بالكنكة،
بل أمسكت لساني،
ثم أفلتُّه.
فانسكب منه سُباب ثقيل:

دين العسكر…

كنت أقرب إلى صلاة على روح ما تبقّى من هذا الوطن، ولكن دخوله أفسد اللحظة.



قال لي، بصوتٍ يشبه نشرة إخبار كاذبة تتخللها خُطب ياسر العطا ومحمد الجزولي:
“البلاد لا تنهض بحرق اللساتك.”
قلت له وأنا أمسح القهوة من على البلاط:
“ولا تنهض بالبندقية يا جنرال الغفلة، وهي مصوّبة إلى القلب.”

ابتسم ابتسامة من لا يعرف معنى القلب،
ابتسم كما يبتسم القاتل حين يُطلب منه أحد أن يعتذر.
وغاب.

غيّر فكي جبريل من مكانه تحت الشجرة،
لأن شبكة إرسال الهاتف كانت ضعيفة وهو يتحدث ويراقبنا.

فجأة، اختفى الاثنان، ولاح شبح سناء حمد ثم تبخّر،
لكن الريح التي خلّفها كانت نتنة بما يكفي لإصابة الهواء بالغثيان.

تنفست الصعداء،
دخلت الريح النتنة رئتي، فأصابتني بالغثيان أيضًا…



خرجت أسقي الزرع في الحوش الخلفي، وأُخلص رئتي من الرائحة، فعاد البرهان.
كان يمشي كما تمشي الذاكرة حين تفقد الطريق والبوصلة.

لم يقل شيئًا في البداية،
فقد كانت النبتات أكثر لباقة منه.

ثم قال بصوت نَكِرة:
“دخان اللساتك يشوّه صورة الدولة.”
قلت:
“الدولة؟
هي التي شوّهت صورة البلاد يا سيدي،
ونحن فقط نرفع المرآة.”

سكت.
ثم سألني:
“أين الوطن إذن؟”

قلت:
“الوطن احترق…
حين ظننتم أن اللساتك جريمة، وأن الرصاصة حُكم.”

ثم اقترب مني هامسًا — كأنما لا يريد للتاريخ أن يسمع —
وقال بشيء من الحنين:
“أنا فقط… كنت أحاول أن أحقق حلم والدي.
فقد قال لي ذات يوم:
يا ولدي، سيكون لك شأن عظيم في البلد.”

نظرت إليه طويلاً.
كانت عيناه ترتجفان بحنينٍ مستعار،
كما لو أنه يحلم بالحكم ويخافه في آن يحكم.

فقلت:
لكن الحلم الذي ورثته،
صار كابوسًا عامًا لكل من مرّوا تحت خُطاه.



كان البرهان، في تلك الزيارة،
أشبه بـ تقرير أمني فقد صفحته الأولى،
لا يعرف لماذا أتى، ولا كيف يخرج.

قلت له، وأنا أروي جذور الشجر:
“الذين أشعلوا الإطارات،
لم يريدوا أن يحرقوا البلاد،
بل أرادوا أن يُنيروا ما أطفأته البنادق.”

توقف، نظر إلى الماء يسيل على التراب،
ثم قال بصوت متردد:
“لكننا خرجنا ببلادنا من الظلام.”

ضحكت،
لا على النكتة،
بل على الرجل الذي ظن أن الرصاصة ضوء،
وأن من أشعل شمعةً على الأسفلت،
هو السبب في هذا الظلام .



اختفى، لكنني وجدت أثر حذائه العسكري على البلاط.
لم يكن وحلاً،
بل كان شيئًا أثقل:
بصمة من ركام،
أو بقايا خيانةٍ عابرة.

غسلت الأرض،
أعدت غلي القهوة،
وتأكدت أن الوطن — رغم كل شيء —
لا يزال يعرف الفرق
بين دخان اللساتك،
ودخان البندقية.

لكن البرهان لا يعرف.

zoolsaay@yahoo.com  

مقالات مشابهة

  • ترامب: الرسوم الجمركية تجعل أمريكا أكثر ثراء
  • مجلس منع الاحتكار ينضم لمنتدى المنافسة الأفريقي  
  • الزراعة: فحص أكثر من مليون طن بطاطس مائدة للتصدير لمختلف دول العالم
  • سبب احتفال العالم بعيد العمال أول مايو.. تفاصيل وأحداث تاريخية
  • مجزرة الصالحة.. متى يستيقظ ضمير الكفيل والعميل؟!!
  • أنا المصري.. حملة طلاب إعلام سوهاج لإحياء رموز مصرية أنارت العالم
  • بلاغ البرهان رقم صفر: ضد اللساتك وضد الذاكرة
  • بطالة العمال في العراق.. أكثر من 20% بوجود مليون عامل أجنبي
  • ترامب: الصين أكثر دولة في العالم تسرق الولايات المتحدة
  • الأمم المتحدة: أكثر من 72 ألف مهاجر لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال عقد