أرنولا شوريت الرئيس السابق لمكتب عمدة ريليولا باب (الرون) من 2014 إلى 2017. وهو حاصل على الدكتوراه فى العلوم السياسية ويمتلك المؤهلات التى تسمح له بالإشراف وتوجيه الابحاث فى هذا التخصص. كما أنه مؤلف للعديد من الأعمال التى تتناول اندماج الفرنسيين من الهجرة العربية الإسلامية. ومنذ أغسطس 2022، انضم إلى كلية SKEMA للأعمال كأستاذ مشارك ومدير "البرامج والمشاريع وتوير الأعمال» فى جامعة سوربون Grand Paris وقبل هذا التاريخ، كان أستاذًا مشاركًا ومديرًا لمدرسة الأعمال العربية الفرنسية، وهى عبارة عن برنامج مشترك بين ESSEC وجامعة الخليج العربى فى البحرين منذ عام 2017.

وقد وصل إلى هذا المنصب نتيجة لخبرته القوية فى مجال التعليم العالى الخاص كأستاذ باحث ومدير تعليمى لبرنامج ثم نائبًا للمدير العام لكلية إيدراك" للأعمال (10 فروع فى جميع أنحاء فرنسا). وأيضا لديه حياة مهنية موازية خصصها لخدمة المسئولين المنتخبين المحليين والوطنيين والتى قامت بنقله من البرلمان الأوروبى إلى إدارة المكاتب المنتخبة المحلية من خلال الجمعية الوطنية. كما قضى فترة ناجحة فى القطاع الخاص فى قسم العلاقات المؤسسية لمجموعة كبيرة.. كل هذه الأفكار قدمها أرنولاشوريت فى كتابه الأخير: «اندماج النهاجرين.. نجاح الجيل الثانى من هجرة شمال أفريقيا».

من خلال دراسة حوالى خمسين ملفًا شخصيًا، يوضح المؤلف أن إندماج الفرنسيين من شمال أفريقيا يتم بشكل أفضل مما يعتقده الكثيرون. فى ظل أعمال الشغب التى ضربت كامل أرجاء البلاد ومع التحول الديموجرافى، يتعامل أرنولاشوريت مع نقاط وموضوعات أساسية فى قلب الأحداث الجارية: هل ما زال الاندماج ممكنا؟ هل ما زال نموذج الاندماج الفرنسى محفوظا؟ ماذا نعنى حقًا بالاندماج: هل يتعلق الأمر بالاندماج فى النسيج الاقتصادى أم ينبغى أن نتحدث حاليًا عن الاندماج الاجتماعى والثقافي؟ وفى وقت يدعو فيه الفرنسيون إلى إجراء استفتاء حول الهجرة، فهل تتمكن أوروبا من استيعاب «كل البؤس» الذى يعيشه العالم؟

لوديالوج: أرنولاشوريت، كتابك الأخير يتعارض مع معالجة وسائل الإعلام لموضوع الهوية.. بأسلوب متفائل للغاية، تقوم بشرح أن نموذج الاندماج الفرنسى يعمل بشكل جيد وأن الشباب ومعظمهم من الجيل الثانى من المهاجرين من شمال أفريقيا (جيل ٣٠/٥٠ سنة) هم أكثر نجاحًا مما نعتقد.. هل يمكنك أن تخبرنا عن الدراسة المتعلقة بهذه المسألة والمنهجية التى قمت باتباعتها؟

أرنولاشوريت: لقد استخدمت منهجية نوعية تعتمد على مقابلات شبه منظمة مع أشخاص يتوافقون مع معايير محددة للغاية. فيجب على سبيل المثال أن تتراوح أعمارهم بين ٣٠ و٥٠ عامًا وأن يكونوا أبناء لمهاجرين من شمال أفريقيا وأن يكونوا حاصلين على البكالوريا + ٣ إلى ٥ وأن يشغلوا منصبًا ذا قيمة إجتماعية (موظف، أوصاحب أعمال أوما إلى ذلك). كما أنه من أجل دراسة المتغير الدينى، فقد قمت بالحوار أوبسؤال أشخاص يعرف عنهم أنهم ذووعقيدة دينية على الأقل، حتى لا يتم سؤال الأشخاص الذين انفصلوا تمامًا عن الإسلام لأن نهاية الاستبيان تتعلق باعتبارات مرتبطة بالدين.

فى الواقع، هذا الاستبيان مأخوذ من كتابى الثانى، الذى أجريت فيه مقابلات مع نساء من الخليج يتمتعن بنفس الخصائص، وتساءلت كيف تمكنت هذه السيدات من شغل مناصب إدارية بهذه السرعة، وكيف استفدن من الإصلاحات التى فتحت لهن سوق العمل دون التسبب فى أزمة أورد فعل عنيف من قبل مجتمع معروف بأنه من المحافظين ومعروف بأنه تقليدى للغاية. لقد حددت العديد من آليات الاندماج التى أردت اختبارها على النساء ثم الرجال وأطفال المهاجرين من شمال أفريقيا إلى فرنسا.

الدافع الآخر لهذا البحث النوعى هو البيانات الكمية المتاحة ولكن قليلة الاستخدام، والتى تظهر أن أطفال المهاجرين من شمال أفريقيا هم فى المجمل خريجون تعليم عالى ومديرون تنفيذيون بنسب قريبة جدًا من المتوسط الوطنى، رغم أنهم غالبًا ما يأنتسبون إلى عائلات فقيرة جدًا، ولم يدرس أحد هذا النجاح حقًا من منظور نوعى لذلك فقد تمسكت به.

لوديالوج: يتفق الكثيرون على أن الاستيعاب المفروض هو عملية فاشلة. وتتناول الأمر فى كتابك «آباء من شمال أفريقيين وصلوا إلى فرنسا قبل عام ١٩٧٤». هل تعتقد أن مجمل دراساتك مهمة وتنطبق على الجيل الأخير، أى جيل المتمردين الذين يضعون أحكام الإسلام فوق قوانين الجمهورية الفرنسية (انظر إلى أحدث استطلاع لل IFOP الذى يظهر أن ٧٤٪ من الجيل الثالث تحت سن ٢٥ سنة يضعون الإسلام فوق قوانين الجمهورية)؟

أرنولاشوريت: لقد اخترت طوعًا أن أضع جانبًا مفهوم الاستيعاب، الذى لم يتم تعريفه جيدًا من الناحية الاجتماعية، وذلك للتركيز على تعريف الاندماج الذى يتم مشاركته إلى حد ما فى العلوم الإنسانية والاجتماعية. هذه هى العملية التى يدخل من خلالها عضو من مجموعة الأقلية إلى مجتمع الأغلبية وذلك من خلال اكتساب رموزه ومواقفه وقيمه، مع العلم أن مجتمع الأغلبية لا يتم الترحيب به بشكل خاص.

وعندما نتناول هذا التعريف، يجب علينا أن نضع ملاحظة الفشل فى منظورها الصحيح: لأنه فى كل مكان حولنا، يوجد موظفين ومديرين يعيشون ويزدهرون فى فرنسا وهم من أصول مختلفة تمامًا. ومع ذلك، فإن مجموع دراساتى تقتصر على السكان الذين تمت عليهم الأبحاث! يمكننا أن نأخذ آليات معينة ونفترض أنها تنطبق على مجموعات سكانية أخرى قريبة ولكن هذا يتطلب مزيدًا من التحقق.

وفيما يتعلق بالأرقام الخاصة بالإسلام، سأكون هنا قاسيًا للغاية لأن أولئك الذين يطرحونها هم فى الغالب أولئك الذين يقولون أن «استطلاعات الرأى لا تعنى شيئًا». من الواضح أن هذه الأرقام مخيفة ولكن الاكتفاء بالبيانات الأولية غالبًا ما يكون وسيلة لتخويف نفسك دون داع.

وهذا يتطلب من الباحثين أن يتعمقوا قليلا فى قيم هذه الفئة من السكان، التى نعلم جيدا أنها لا تعرف الإسلام جيدا ولكنها تميل إلى تمجيده والاحتفاظ فقط بعناصر معينة، بمعنى آخر، أود بشدة أن أجرى محادثات من نفس النوع الذى تمكنت من إجرائه مع أولئك الذين يبلغون من العمر ما يكفى ليكونوا آباءهم، وذلك حتى أتمكن من فهم الفروق الدقيقة فى البيانات الأولية وتحسينها، والتى غالبًا ما يلوح بها الأشخاص الذين لا يقدمون بالتأكيد كثيرًا.

وعند العودة للحديث عن مثيرى الشغب على سبيل المثال، فيجب علينا أيضًا أن ننظر إلى مصادر الشرطة، لقد تحدثت منذ وقت ليس ببعيد مع أحد من هؤلاء المسئولين الذى أخبرنى أنه من بين الأشخاص الذين تم اعتقالهم، كان هناك بعض من السكان الذين لهم أصول من جنوب الصحراء الكبرى، بأعداد زائدة مقارنة بالسكان من أصول من شمال أفريقيا. وبعبارة أخرى، ومرة أخرى، ربما تم التركيز على المتغير الدينى أكثر من اللازم على حساب عوامل أخرى لا تقل فى خطورتها عن الأخرى.

لوديالوج: نقطة البداية هى الاندماج الاقتصادى للعائلات من شمال أفريقيا. هل تعتقد أن «التنشئة الاجتماعية من خلال العمل» وحدها كافية للاستجابة للتحديات الحالية؟

أرنولاشوريت: بالتأكيد لا. ما يسمح بالاندماج هوالاجتماع مع الآخرين، مع وجود طرف ثالث يمكنه أن يقدم لك نموذجًا بديلًا، وذلك على سبيل الاستلهام قليلًا من جيرالد برونر. فى فرنسا، يظل العالم المهنى هوأفضل مكان للقاء أشخاص مختلفين، خاصة عندما تتولى مناصب المسئولية. وأجد من الصعب أن أتخيل أن المدير التنفيذى الذى يقضى ٥٠ ساعة فى الأسبوع مع زملائه من غالبية السكان، بما فى ذلك الأوقات المخصصة لتناول وجبات الطعام، يصبح هذا المدير مجرما أوأصوليًا بمجرد عودته ودخوله من باب المنزل. من الواضح أن الأمر لا يتم بصورة فورية ولكن فى عالم الأعمال الذى يتعرض لانتقادات متزايدة بسبب تعديه على الحياة الخاصة، هناك وظيفة تكاملية مثيرة للاهتمام. لكى نحصل على مهنة، نتعلم أن نكون مثل الآخرين، أن نكون مثل أولئك الذين نطمح إلى شغل مناصبهم. ونحن نفعل الشيء نفسه أثناء الدراسة وخاصة فى كليات الأعمال أوالهندسة.

لذلك بالطبع هذا لا يكفى، فقد حرص بعض الأشخاص الذين تمت مقابلتهم، على الحفاظ أيضا على نمط حياة معين داخل البيئة الخاصة، ولكن من الصعب أن نتصور أن البيئة التى نقضى فيها معظم أوقاتنا ليس لها سوى تأثير هامشى على الطريقة التى نتبعها أونتصرف بها فى حياتنا الخاصة.

وهؤلاء الذين وجهوا لى هذا الانتقاد، يجدون أيضا من الصعوبة الحصول على بيئة أكثر ملائمة للاندماج، أكثر من تلك المتوفرة من خلال العالم المهنى... ولا يحدثنى أحد عن المدارس الحكومية التى نعرف جيدا أن توزيعها الجغرافى لا يسمح بأى حال من الأحوال بالاتصال بأشخاص مختلفين.

لوديالوج: من وجهة نظرك، ما «القوى» التى تعمل على شباب شمال إفريقيا من الجيل الثالث، غير المندمجين أو «المتفككين» بحيث لم يعودوا يشعرون بمكانتهم فى المجتمع الفرنسي؟

أرنولاشوريت: إن معرفتهم ليست بتلك السهولة، وإلا سيصبح الأمر سهلًا للغاية! الأمر الأكثر وضوحا - لأنه منتشر فى كل مكان فى وسائل الإعلام وظاهر جدًا فى الفضاء العام، هو أسلمة الشباب من خلفيات مهاجرة. كيبل يتحدث عن الأجواء الجهادية وفلورنس بيرجود بلاكلر يتحدث عن أخونة الشباب… باختصار، إن العقيدة التى أعلنها طارق رمضان قبل أكثر من ٢٠ عامًا بهدف تقديم إسلام غير مثقف بين أحفاد المهاجرين تعمل بشكل جيد وأصبحت حركة داخلية ذاتية الاستدامة. ولم تعد هناك حاجة للبحث فى الخارج لمعرفة من أين يأتى الدعاة، فهم الآن بيننا ولسوء الحظ فإنهم يديرون شؤونهم بأنفسهم باستخدام وسائل التكنولوجيا الحديثة بشكل جيد للغاية.

لكن الأسلمة ليست سوى جزء مما يمكن أن يبعد الشاب عن المجتمع الفرنسى، الذى هو، دعنا نقول، المجتمع الوحيد الذى يعرفه. فنجد بشكل خاص لدى الشباب، أنه يوجد شغف مفاجئ للبلد الأصلى لأجدادهم، والذى يتجلى فى ارتداء لافتات بارزة، أشهرها العلم الجزائرى، الذى تم رفعه فى مناسبات عديدة، تماما مثل قميص كرة القدم لفرق من بلدان لا يعرفونها حقًا. إننا نشهد نوعًا من الخيال لبلاد عندما يذهبون إليها، لا تتم معاملتهم فيها بشكل جيد بالضرورة.

ونجد أيضًا موضوعًا ذا صلة بهذا الأمر: فكرة أن فرنسا عنصرية وتمييزية وتمنع الاندماج. إنه خطاب راسخ جدًا خاصة لدى اليسار والذى له نتيجة طبيعية وهى شكل من أشكال سحب المسئولية: فمنذ اللحظة التى نقتنع فيها بأن العنصرية منهجية وأن التمييز منتشر فى كل مكان، فمن الصعب أن نشعر بالهدوء فى المجتمع الذى من المفترض أن ننتمى إليه.

وينقل اليسار أيضًا رسالة ما بعد الاستعمار، والتى بموجبها تدين فرنسا بالمواقف الموروثة من الاستعمار. وهذه الرسالة جديدة تمامًا وتأتى بعد مرور أكثر من ٦٠ عامًا على استقلال الجزائر. لماذا الآن وليس قبل ٣٠ عاما ؟ وكيف يمكننا أن نفسر أن هذا الخطاب ينجح بشكل جيد مع الشباب؟

وأخيرًا، نشهد أيضًا انقلابًا فى القيم وشكلًا من أشكال رفض الغرب والحضارة التى يعيشون فيها منذ ثلاثة أجيال وحتى الآن. إننى أسمع المزيد والمزيد من أشكال الانبهار بالنماذج «البديلة» مثل مجموعة البريكس أوحتى روسيا، وذلك من أشخاص مدربين تدريبًا جيدًا ويبدون عقلانيين ظاهريًا. إن معاملة الأقليات المسلمة فى البلدان المعنية ليست موضع شك: فهم يقدمون أنفسهم كبديل للغرب، وبالتالى فإنهم موضع إعجاب.

وهذه المكونات الخمسة مترابطة وهى بالطبع ثمار العولمة وأداتها المميزة ألا هى الإنترنت. إن التلاعب يعمل بشكل جيد للغاية لأنه يستخدم التحيزات المعرفية التى تجعل من الممكن إستغلال الفشل الفردى ككبش فداء وطمأنة أولئك الذين يشعرون بالإقصاء. وما يثير الدهشة هوأن هذه القوى جديدة نسبيًا ولم تكن ذات أهمية حقيقية فى القرن الماضى عندما كان هناك بالفعل العديد من المهاجرين من شمال أفريقيا. إن البحث عن المسئولين هوأمر معقد: فنحن بالطبع نجد الإسلاميين وعمل دول المنشأ وجدلية اليسار المتطرف الجديدة التى تجد فى المهاجر صورة المعذبين الجدد فى الأرض. كما نجد أيضًا بالطبع الأعمال المزعزعة للاستقرار التى تقوم بها الدول الأجنبية ويمكننا أن نفكر فى تركيا وقطر وروسيا، والتى تقوم بتنشيط بالطبع الشرائح الأكثر هشاشة فى مجتمعنا.

لوديالوج: لقد أظهرت فى كتابك أن فرنسا قدمت الكثير، ولا سيما بفضل أدوات التمييز الإيجابى. وفى جيل واحد، فقد شهد الجيل الثانى من المهاجرين من شمال أفريقيا ارتفاعًا اقتصاديًا سريعًا مقارنة بالأطفال من الطبقات العاملة من أصل أوروبى، والذين يحتاجون فى المتوسط إلى ستة أجيال للوصول إلى نفس المستوى. إن أسلوبك يتحدى الأفكار المسبقة التى تجعل فرنسا دولة عنصرية. فهل هذا هوالحال: هل فرنسا دولة عنصرية؟

أرنولاشوريت: إن مجتمع الأغلبية الفرنسى مثل كل المجتمعات: نجده مترددا فى الترحيب بمن لا يشبهه. وتعتبر هذه ظاهرة طبيعية إلى حد ما. ومع ذلك، فإن مستوى العنصرية فى فرنسا لم يتم تسليط الضوء عليه من قبل أولئك الذين تمت مقابلتهم بإعتباره شيئًا محرجًا للغاية.

ومن ناحية أخرى، يؤكد العديد على التغيير فى طريقة الرفض أوالإقصاء، فبينما كان هناك قبل ٣٠ عامًا، المزيد من مظاهر الرفض المرتبطة بلون البشرة أوالأصل، فإنهم يؤكدون أن اليوم، أصبح دينهم المفترض أو تلك الصور النمطية المرتبطة بالأخبار ضدهم. يؤكد العديد ممن تمت مقابلتهم أن الجدل السياسى حول الإسلام ومكانته فى فرنسا، وكذلك المواقف المتطرفة بشكل خاص التى يتم التعبير عنها على شبكات التواصل الاجتماعى، تساهم فى خلق مناخ غير صحى. ويعتقد كثيرون أن التطرف أوعلى الأقل ظهور إسلام أكثر تشددا، يأتى أيضا من هذا الشعور بالرفض.

إذن الإجابة هى لا: فرنسا ليست عنصرية بالمعنى الأصلى كما نرى فى بلدان أوروبية أخرى. ولن يتم رفض شخص ما بسبب لون بشرته، لكن الصورة والقوالب النمطية المرتبطة بالدين المفترض لسكان شمال أفريقيا لا تساعد بالضرورة على الشعور بالهدوء، على أقل تقدير.

لوديالوج: إن الاندماج الاقتصادى لا يحكم بأى حال من الأحوال على الاندماج الثقافى. إن الجهل بالقوانين الاجتماعية والثقافية فى فرنسا هوالذى يتحمل المسئولية. فى الواقع، فإن ٦٧٪ من الأشخاص الذين غادروا للجهاد كانوا من الطبقات الوسطى و١٧٪ كانوا من الطبقات الوسطى العليا. ماذا يمكن أن نقول عن «تنافر الهوية» فى فرنسا؟

أرنولاشوريت: يمكننا أن نرى أشياء من هذا القبيل، ثم ننظر أيضًا إلى الانتماء الاجتماعى لأولئك الذين ارتكبوا الهجمات فى فرنسا: فى معظم الأحيان، لا ينتمون إلى الطبقة الوسطى بل على العكس تمامًا. أنزاروف، مراح، كواشى، عبد السلام، كوليبالى هم شباب من عائلات فقيرة جدًا! يجب أن نتذكر أيضًا أنه لكى تهاجر إلى سوريا، غالبًا ما تحتاج إلى المال كما يجب عليك المرور عبر تركيا، لذلك يجب أن تكون قادرًا على السفر والتحدث ببضع كلمات باللغة الإنجليزية ثم بضع كلمات بالعربية... فالأفقر الذين لا يملكون المال، فإنهم لا يستطيعون المغادرة ويبقون بكل بساطة حيث هم. ومرة أخرى، تبدو الأرقام صعبة: فالأشخاص الأكثر فقرًا المتطرفون لا يغادرون فى كثير من الأحيان بسبب نقص الوسائل والمعرفة. علاوة على ذلك، نحن نتحدث عن عدد سكان أقل من ١٠٠٠ شخص، وهذا عدد كبير ولكن يمكن مقارنته بقاعدة مكونة من ٦ ملايين شخص من أصل شمال أفريقى فى فرنسا.

لوديالوج: ما رأيك فى سياسة المدينة على الطريقة الفرنسية؟ هل تصفها بأنها «عملية بلا معنى ولا نهاية» أم ترونها على أنها عملية لتطوير وتجديد الأحياء؟

أرنولاشوريت: أجد دائمًا صعوبة فى إعطاء رأى حول هذا الموضوع لأننا عندما ننتقد الجهات الفاعلة فى السياسة الحضرية، فإننا ننتقد الأخصائيين الاجتماعيين وموظفى الخدمة المدنية والجمعيات التى تعمل على الأرض يومًا بعد يوم وغالبًا ما تكون مليئة بالنوايا الحسنة. إن انتقاد هؤلاء الأشخاص يتطلب وضع نفسك فى مكانهم، والأمر ليس بهذه البساطة. لذا أقول نعم: إن الجانب الإنسانى فى سياسة المدينة يؤدى فى رأيى إلى نتائج عكسية لأننا نشيد بالاختلاف والتنوع بدلًا من توفير المفاتيح اللازمة لـ «أن نصبح فرنسيين» على وجه التحديد واكتساب القواعد الاجتماعية التى تسمح بالاندماج الكامل. ومن خلال الرغبة فى القيام بعمل جيد، نعيد الناس إلى أصلهم المفترض، وهذا هوالحال بشكل خاص عندما تجتمع الجمعيات الاجتماعية والثقافية حول الأطباق التقليدية من بلدان السكان الأصلية أوعندما ندعو فنانين من الشرق أوالأفارقة إلى الأحياء، معتقدين أنهم يفعلون الشيء الصحيح: نحن هنا نعيد السكان إلى أصولهم ولا نولى اهتمامًا كافيًا لاندماجهم. إن الجانب الحضرى هونفسه تمامًا: نحن نفرط فى تجهيز الأحياء من خلال إنشاء المدارس والكليات وصالات الألعاب الرياضية وحمامات السباحة وجميع أنواع الأنشطة التى تعطى الانطباع بأننا نعتنى بالسكان، بإستثناء أنه من خلال القيام بذلك، فإننا لا نسمح لهؤلاء السكان بمقابلة أغلبية السكان عند مغادرة الحى. من المثير للدهشة دائمًا ملاحظة خطط النقل العام: يبلغ عمر متروباريس أكثر من ١٠٠ عام ويغطى العاصمة ثم تم إنشاء عددًا قليلًا من خطوط قطارات RER وقطارات الضواحى التى ذهبت بأقل قدر ممكن إلى المناطق الشعبية فى الأحياء حيث غالبًا ما كان يكفى توفير خط من الحافلات للخروج من تلك الأحياء. ولم يصل الترام إلا بعد وقت طويل ولا يزال مشروع متروباريس الكبرى قيد الإنشاء. يمكن تلخيص فلسفة النقل العام حول المدن الكبرى على النحوالتالى: يجب علينا أن نفعل كل شيء حتى لا يتنقل الفقراء وذلك من خلال تزويدهم بالكثير من المرافق فى الأحياء وجعل تنقلهم أكثر تعقيدًا. لقد خطرت لى هذه الفكرة عندما قمت بالمقابلات مع الكثير من الأشخاص.

لوديالوج: لقد كانت هناك ظاهرة إعادة الأسلمة فى فرنسا وأوروبا. إننا نشاهد علامات لم نشهدها قبل ٢٠ عاما وأبرزها الحجاب الإسلامى. يعود التاريخ المشئوم لحجاب كريل إلى عام ١٩٨٩. فى رأيك، لماذا حدث هذا الانقطاع؟

أرنولاشوريت: إن نقطة البداية كانت هى عدم الفهم عندما عبرت الضواحى عن مطالبها. إن المسيرة ضد العنصرية والمطالبة بالمساواة المعروفة بإسم «مسيرة العرب»، والإضرابات فى قطاع السيارات فى أوائل الثمانينيات، طالبت بالحق فى اللامبالاة. لكن أولئك الذين كانوا فى السلطة اعتبروا ذلك بمثابة نوع من الطموح لرؤية اختلافاتهم معترف بها. ومنذ ذلك الحين، تم تقدير كل ما يسمح بالتعبير عن هذا الفارق، وظهر الإسلاميون بقوة وبأعداد كبيرة. فى عام ١٩٨٩، كنا فى منتصف الحرب الأهلية الجزائرية وكانت الأسلمة أكثر وضوحا. كان السكان ذوى الأصول المهاجرة يستمتعون بالدفاع عنهم من قبل الدولة والخطاب العام، ولسوء الحظ، كان هناك الكثير من التردد قبل وضع القانون فى النهاية. ومع ذلك، فى كل مرة كان البيان العام حازمًا، لم تكن هناك مشاكل: يتم إحترام قانون الرموز الدينية فى المدارس بشكل عام وبمجرد أن أشار الوزير إلى أن العباءة لم تعد مقبولة، لم يعد ذلك مشكلة لا يمكن التغلب عليها. بطبيعة الحال، ركزت شبكات التواصل الاجتماعى على بعض الظواهر المحلية ولكن كما أشرح لطلابى: منذ اللحظة التى يجب فيها تطبيق القانون، يجب أن نكون قادرين على قبول أن المسئولين عن تطبيقه يرتكبون أخطاء فى التقييم. لا يمكننا الاستمرار فى العيش من خلال تصوير أقل المشكلات المحلية بصورة هيستيرية، فالشبكات الاجتماعية والتدفق المستمر للمعلومات تضر بشدة سلام مجتمعنا.

لوديالوج: تتحدث فى كتابك عن «إحياء الأصل الخيالي»، خاصة خلال الأحداث الرياضية أوالثقافية الكبرى أوحتى عن عقيدة الفكر «غير الاستعماري». ومع ذلك، فقد تم استغلال هذا الحق فى الاختلاف من قبل «قوى خارجية». فمن هى تلك القوى ؟

أرنولاشوريت: فى الوقت الحالى، إنها مشكلة فرنسية للغاية. إن ما نسميه «eWokism" هومجرد تجسيد آخر للتفكك وهى تلك الفكرة العزيزة على جاك دريدا، والتى تم تحديثها على مر السنين والتى عبرت المحيط الأطلسى مع ظهور «الدراسات الفرنسية». إذا لم أكن مخطئا، فإن ميشيل فوكووبيير بورديو، حتى اليوم، هم من بين علماء الاجتماع الأكثر اقتباسا فى العالم! ومن هنا يأتى التفكير المناهض للاستعمار الذى يحلل كل شيء فى نطاق مناهضة العنصرية والموقف الاستعمارى الجديد الذى قد تتخذه فرنسا تجاه أحفاد المهاجرين. ولكن كيف تطور هذا الفكر وهل تغلغل فى العقول إلى هذا الحد وخاصة فى اليسار فى السنوات الأخيرة عندما لم يكن هذا هوالحال على الإطلاق سابقًا ؟ لكن اليسار لم يكن أقل حضورا فى النقاش العام قبل ٣٠ عاما. يبقى الأمر لغزا.

والمسألة الأقل غموضًا هى الطريقة التى تناولت وتناقلت بها القنوات التليفزيونية الأجنبية ووسائل الإعلام عبر الإنترنت هذا الأمر لتصل إلى هدفها المباشر، وهم أحفاد المهاجرين الذين فقدوا اتجاهاتهم! الجزيرة، وقناة TRT التركية، وكذلك وسائل الإعلام الروسية RT، قضوا يومًا ميدانيًا فى تناول جميع رموز الشباب ولصب الزيت على النار. وقد وقع الضرر الآن، وأصبح هناك العديد من الشباب الذين بدأوا ينفصلون عن المجتمع الفرنسى، وحتى عن الغرب فى حين لا يوجد لديهم بديل حقيقى. وهنا، يجدون أنفسهم يحملون إحباطًا متفجرًا.

لوديالوج: هل يمكننا دمج الجميع؟ بالنظر إلى العدد الهائل من المهاجرين الوافدين، هل تعتقد أنه ينبغى علينا تعليق تدفقات الهجرة؟

أرنولاشوريت: لا… لا نستطيع ذلك. لقد تمكننا من دمج أطفال المهاجرين لأن والديهم جاءوا إلى فرنسا بناء على طلب أصحاب العمل لتلبية احتياجات محددة. على سبيل المثال، عامل جزائرى وصل إلى فرنسا وكان لديه عمل فى مصنع وكذلك سكنا، كان غالبًا فى أحد النزل. فمنذ اللحظة التى تكون لدينا فيها حاجة إلى أعداد ونستدعى العمالة الأجنبية من خلال قطاعات محددة، يمكننا البدء فى مشروع الاندماج. وهناك نتحدث أكثر عن الهجرة الإنسانية: الأشخاص الذين يجدون أنفسهم يعبرون البحر فى زورق مطاطى دون خطط محددة حقًا، لأنه يتم تشجيعهم على القيام بذلك... إنهم لا يستجيبون لحاجة معينة يعبر عنها العالم الاقتصادى، وبالتالى، فإنهم سيتجولون فى أوروبا دون حقوق أو وثائق، وينتهى بهم الأمر بتقديم طلب لجوء لا يتم قبوله فى كثير من الأحيان لأنهم لا يستوفون معايير حق اللجوء.

بمجرد إخطارهم بالرفض، لن يغادروا لأننا لا نطردهم والدول الأصلية ترفض استعادتهم، وفى عصر الإنترنت، فإن أدنى تسوية سيتم تفسيرها بشكل إيجابى فى بلدان الأصل، ويجب ألا ننسى أيضًا أن المهاجرين غالبًا ما يدفعون حياتهم ثمنًا لهذا العبور غير القانونى: فمن خلال عدم الوضوح بشأن إدارة حدودنا، فإننا نجعل أنفسنا متواطئين مع المهربين ونكون مسؤولين عن هذه الآلاف من الوفيات. ولن نتمكن من كبح جماح ذلك الأمر إلا من خلال القيام بما نادرا ما نفعله: وهوأن نكون حازمين وأن نقوم بحراسة حدودنا. فكلما زاد الضعف الذى نظهره، كلما زادت القوارب المطاطية التى تحاول العبور وزاد عدد الفقراء الذين يموتون غرقا. لقد أصبح من الملح إيصال الرسالة، حتى لوكانت غير سارة: الكرم والمشاعر الطيبة يقتلان الفقراء. دعونا نفكر فيهم قبل إرسال رسائل لا معنى لها.

ومن ناحية أخرى، دعونا ننظم الهجرة الاقتصادية بأهداف محددة: فليس من المستحيل أن نحدد احتياجاتنا من حيث الأعداد، بما فى ذلك العمل الذى يتطلب مهارات متدنية، وأن يكون من الممكن جلب المهاجرين لأسباب اقتصادية. وقبل كل شيء، يجب أن ندرك أنه إذا لم نكن واضحين وحازمين، فإن أيدينا ملطخة بالدماء.

أرنو لاشيرى: الرئيس السابق لمكتب عمدة ريليولا باب (الرون) والخبير الفرنسى فى العلوم السياسية، أجرى معه موقع «لو ديالوج» هذا الحوار الشامل الذى يتعرض فيه لقضايا عديدة فى المجتمع الفرنسى، من أهمها قضية المهاجرين من الدول العربية والإسلامية ومدى اندماجهم فى المجتمع.

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: الفرنسيين شمال إفريقيا لوديالوج وسائل الإعلام الأشخاص الذین من المهاجرین أولئک الذین فى المجتمع إلى فرنسا یمکننا أن بشکل جید بشکل خاص فى فرنسا على سبیل الذین تم کان هناک ومع ذلک من خلال أکثر من أن نکون أنه من لا یتم من قبل تمام ا یجب أن

إقرأ أيضاً:

في ندوة الانتخابات الفرنسية وصعود أسهم اليمين المتطرف.. «صالون البوابة» يناقش الوضع السياسي في فرنسا وتأثيره في المشهد الدولي

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

تدخل فرنسا مرحلة حرجة خلال الأيام القليلة المقبلة؛ حيث يتوجه الشعب الفرنسى لانتخاب برلمان جديد بعد قرار الرئيس إيمانويل ماكرون فى العاشر من شهر يونيو الجارى بحل «الجمعية الوطنية الفرنسية»، إثر النتائج التي أسفرت عنها الانتخابات الأوروبية الأخيرة.
وقال ماكرون عقب إعلان نتائج الانتخابات الأوروبية: «أعلن حل الجمعية الوطنية وسأوقع بعد قليل مرسوم إجراء الانتخابات التشريعية للدورة الأولى فى ٣٠ يونيو، والدورة الثانية فى ٧ يوليو»، وأضاف أن نتيجة الانتخابات الأوروبية «ليست نتيجة جيدة للأحزاب التى تدافع عن أوروبا»، مضيفا أن «صعود القوميين والديماغوجيين يشكل خطرا على أمتنا».
وكان اليمين الفرنسى بقيادة جوردان بارديلا فاز بالانتخابات الأوروبية فى فرنسا بحصوله على نسبة تراوح بين ٣١.٥ و٣٢.٥ من الأصوات أى ضعف ما حققه حزب الرئيس إيمانويل ماكرون على ما أظهرت تقديرات معهدى الاستطلاع إيفوب وأيبسوس.
وحل فى المرتبة الثانية حزب الأغلبية الرئاسية مع ١٥.٢ فى المئة من الأصوات وأتت فى المرتبة الثالثة تشكيلة الاجتماعى الديموقراطى رافاييل جلوكسمان مع ١٤ فى المئة.
ويشكل ذلك فشلًا ذريعًا لأغلبية الرئيس الفرنسى التى كان التجمع الوطنى اليمنى يسبقها فى انتخابات العام ٢٠١٩ بنقطة مئوية واحدة بحصوله على ٢٣.٣٤ فى المئة مقابل ٢٢.٤٢ فى المئة للأغلبية الرئاسية.
وصوب منتقدو ماكرون سهام النقد على قراره مؤكدين أنه يخاطر بمستقبل فرنسا، بعد أن رد على هزيمته فى الانتخابات الأوروبية بالإعلان عن انتخابات تشريعية مبكرة.

جانب من الندوة

وفى هذا الإطار نظم "صالون البوابة" ندوة تحت عنوان «الانتخابات الفرنسية وصعود أسهم اليمين»، بحضور الدكتور إميل أمين، الباحث السياسي والمتخصص فى الشئون الدولية، الذى قدم تحليلًا عميقًا ومفصلًا حول الوضع السياسي فى فرنسا وتأثيره في المشهد الدولي. 
كما تحدث الدكتور توفيق أكليمندوس، أستاذ العلاقات الدولية بالجامعة الفرنسية فى القاهرة، عن تطورات اليمين السياسى فى أوروبا وتأثيرها على السياسة الدولية.
وشهد "صالون البوابة" مناقشات حامية حول آخر التطورات السياسية فى فرنسا وكيفية تأثيرها على المشهد الدولي، وشارك الحضور بأسئلة واقتراحات حول الانتخابات الفرنسية وتأثيرها على قطاع غزة.
وقال الدكتور توفيق أكليمندوس، الباحث السياسى والمتخصص فى الشئون الدولية، إن أكبر جالية مسلمة فى أوروبا موجودة فى فرنسا وأكبر جالية يهودية موجودة فى فرنسا أيضا، وهو رمز لنجاح الثورة الفرنسية والاهتمام باليهود موجود عند فرنسا بشكل كبير، والدليل ذلك منح حقوق المواطنة كاملة لغير المسيحيين.
وأضاف "أكليمندوس" أن الرأى العام الفرنسى قبل عملية طوفان الأقصى التى شنتها المقاومة الفلسطينية فى السابع من أكتوبر ٢٠٢٣ ضد مستوطنات غلاف غزة، لم يكن يهتم كثيرا بالقضية الفلسطينية إلا أن الأمر اختلف بعد ذلك.
فى الوقت نفسه؛ أشار أستاذ العلاقات الدولية بالجامعة الفرنسية فى القاهرة، إلى أن إسرائيل تقلب الحقائق حتى حينما ترتكب مجازر ضد الفلسطينيين، ولفت إلى أن ما حقيقة يحدث فى منطقة الشرق الأوسط لا يصل إلى الداخل الفرنسى لأن الفكرة السائدة هناك أن المسلم يعتدى على اليهودى لأسباب متعددة.
من بينها المشاهد التى رأها المواطن الفرنسى بنفسه من عمليات إرهابية طالت العاصمة باريس على مدار السنوات القليلة الماضية، إلى جانب أن أحداث الحادى عشر من سبتمبر عام ٢٠٠١ فى واشنطن ونيويورك لا زالت عالقة فى ذهن المواطن الغربي.
ونوه إلى أن الأوساط الرسمية والدبلوماسية فى فرنسا، لها نظرة مختلفة إلى حد ما للأوضاع فى الشرق الأوسط، وعلى يقين بأن السياسات الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطينى أمرا خطيرا.

على اليمين الدكتور أمين أميل وعلى اليسار الدكتور توفيق أكليمندوس


وقال الدكتور توفيق أكليمندوس، إن اليسار في فرنسا حصل على ٢٨ ٪ من أصوات الناخبين بينما حصل اليمين على ٣٥ ٪ من الأصوات وجاء حزب الرئيس ماكرون متأخرًا، لافتا إلى أن اليسار الفرنسى يتعاطف مع القضية الفلسطينية لأسباب إخوانية، وهو أمر له أصداء كبيرة فى الأوساط الطلابية.
وأضاف أكليمندوس أن قرار الرئيس الفرنسى بإجراء انتخابات مبكرة كان مفاجئا ويجهل نبض الشارع الفرنسى بشكل جيد فى الوقت الحالي، مشيرا إلى أن ماكرون متزعم التفكير الأوروبي، وله مشروع اقتصادى طموح جدًا ويعمل على تحسين مستوى حياة الفرنسيين.
وأكد أستاذ العلاقات الدولية بالجامعة الفرنسية فى القاهرة، إن المانيا تحتاج إلى يورو قوى لأنها كانت محتكرة صناعة السيارات وماكينات المصانع، لذلك فإنها تحتاج إلى يورو قوي، لذلك فإن قانون تحديد ساعات العمل فى فرنسا أسعد الجانب الألمانى ولأنه أغرق الجانب الفرنسي.
وأوضح أكليمندوس، أن الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون والرئيسين السابقين فرانسوا أولاند ونيكولا ساركوزى جاؤوا من أجل الإصلاح وأولاند كان صاحب حس سياسى إصلاحي، ولكن ماكرون كان معه مشروع اقتصادى بالغ الأهمية، واقتحم المشكلات لأنه كان متعجلا وذو ميول سلطوية.
وأكد أكليمندوس، أن احتجاجات السترات الصفراء التى اجتاحت فرنسا فى عام ٢٠١٨ تركت أثرًا سلبيًّا فى مشوار الرئيس ماكرون، الذى تسبب فى أزمة اقتصادية بسبب ضخ المبالغ الكبيرة فى فترة جائحة كورونا.
واستهل الدكتور إميل أمين، الباحث السياسى والمتخصص فى الشئون الدولية، حديثه فى "صالون البوابة" بالتذكير بالعنوان الرئيسى للصحف الفرنسية تعليقا على إعلان الرئيس الراحل جمال عبدالناصر تأميم قناة السويس فى ٢٦ يوليو عام ١٩٥٦ وكان العنوان هو "استيقظ يا شارل مارتيل"، فى إشارة إلى القائد العسكرى الفرنسى الذى أوقف دخول المسلمين إلى فرنسا فى معركة بلاط الشهداء التى جرت عام ١١٤ هجرية الموافق ٧٣٢ ميلادية وكانت بداية لما جرى للمسلمين فى الأندلس بعد ذلك.
وأضاف الدكتور أميل أمين أن فرنسا ينظر إليها على أنها الابنة البكر للكنيسة الكاثوليكية، مبديا خشيته من وقوع شيء مخيف فى الأيام المقبلة فى البلد الأوروبي، لأن السعى وراء "العم سام" – وفق تعبيره - أغرق فرنسا، مشيرًا إلى تصريح البابا فرانسيس بابا الفاتيكان الأسبوع الماضى قال: أريد أوروبا للجميع، وليست أوروبا المتطرفة.
وتساءل هل تستمع الشعوب الأوروبية لنصيحة بابا الفاتيكان أم لا، مشيرا إلى إصدار وثيقة الأخوة الإنسانية فى عام ٢٠٢٠ والتى تنادى بتجاوز ثقافة الإقصاء والذهاب إلى ثقافة اللقاء.
وقال الباحث السياسى والمتخصص فى الشؤون الدولية، إن رئيس وزراء المجر فيكتور أوربان رفع شعار أوروبا عظيمة مرة أخرى، وأنه نقل الشعار من الرئيس الأمريكى السابق دونالد ترامب، مدللا بذلك على التأثير الأمريكى على القارة العجوز.
ونوه "أمين" فى الوقت نفسه، إلى وجود فارق بين الولايات المتحدة وأوروبا، يتلخص فى أن اليمين الأوروبى ليس مغرقا فى الهواء الديني، ويميل إلى تعظيم القومية عن الدين، موضحا أن الولايات المتحدة يطلق عليها دولة علمانية الهوية دينية الهوى، بينما اليمين الأوروبى يميل إلى تعظيم القومية أكثر من الهوية الدينية.
وأشار إلى تصريح جوزيف بوريل المسئول السابق للسياسة الخارجية فى الاتحاد الأوروبى قبل حوالى عام الذى قال فيه إن "أوروبا حديقة لها أسوار والآخرين يريدون أن يقفزوا من هذه الأسوار".
وقال الباحث السياسى والمتخصص فى الشؤون الدولية، إن ستيف بانون مستشار الرئيس الأمريكى السابق دونالد ترامب ترك الولايات المتحدة الأمريكية وذهب لنشر التطرف فى أوروبا، لافتا إلى أنه بفعل المد اليمينى يتوقع العديد من المحللين حرب أهلية فى أمريكا بسبب انتشار اليمين المتطرف.

جانب من الندوة


وبين أمين، أن العلاقات الصينية الإيطالية قبل جائحة كورونا كانت وطيدة للدرجة التى دفعت إيطاليا إلى التفكير فى الخروج من الاتحاد الأوروبى والدخول فى اتحاد مع الصين لكن الأمر توقف بفعل صعود اليمين.
وأكد أن هناك صحوة يمينية فى قارة أوروبا بتولى زعماء من اليمين مقاليد الحكم فى عدد من الدول وعلى رأسهم رئيس الوزراء المجرى فيكتور أوربان، ورئيسة الوزراء الإيطالية جورجينا ميلوني، إلى جانب صعود حزب "البديل من أجل ألمانيا" واصفا هذا بـ"المشهد المخيف".
وأشار "أمين" إلى نظرية الاستبدال الكبير التى تتحدث عن تصاعد نسبة الجاليات العربية والمسلمة والأفريقية فى فرنسا فى ظل "الشتاء الديموغرافي" للأوروبيين الذين لا ينجبون بكثرة، لذا يمكن أن يحدث عملية إحلال بين هذا وذاك.
وقال إن زعيمة اليمين فى فرنسا مارين لوبن، ترحب بالمهاجرين الذين يقدمون إضافة إلى المجتمع الفرنسي، مشيرا إلى أن زعماء اليمين فى أوروبا لديهم تحفظ كبير من أن تؤدى موجات الهجرة إلى "زلزال ديموغرافي".

مقالات مشابهة

  • يورو 2024.. فرنسا تتأهل لربع النهائى فى اللحظات الأخيرة
  • هل أوقع "ماكرون" فرنسا في أزمة سياسية؟
  • في ذكرى يوم عظيم
  • المناظرة «راكبة جمل»!
  • د. أحمد زايد: 30 يونيو.. تاريخ كتبه المصريون
  • في ندوة الانتخابات الفرنسية وصعود أسهم اليمين المتطرف.. «صالون البوابة» يناقش الوضع السياسي في فرنسا وتأثيره في المشهد الدولي
  • تحية إلى شعب مصر قاهر المستحيل وصانع المعجزات
  • للتاريخ.. ليس كل ما يعرف يُقال
  • الأرصاد تعلن عن حالة الطقس خلال الساعات المقبلة
  • الأرصاد تكشف عن حالة الطقس خلال الساعات المقبلة.. وتحذرالمصطافين على الشواطيء