السابع من أُكتوبر
تاريخ النشر: 16th, October 2023 GMT
د. صالح الفهدي
أَكرمنا اللهُ بأَن نشهدَ في أعمارنا ما حدث في هذا اليوم العظيم؛ السابع من أُكتوبر المجيد، تاريخٌ أَعادَ هيبةَ العرب والمسلمين للعالم، وأثبتَ شجاعتهم الأصيلة في وجه البغي والطغيان.
السابع من أُكتوبر المجيد أَثبتَ أَنَّ جمرة الإباءَ والنخوة والعزَّة والكرامة لم تنطفئ وأَنها كانت متوقّدةً تحتَ الرَّماد؛ فالأرضُ الساكنةُ لا تعبّرُ عمَّا في جوفها من ثورانٍ، وغليان.
السابع من أُكتوبر المجيد يومٌ ليس له يومٌ شبيهٌ قبله، وبعون الله له يومٌ شبيهٌ بعده، فقد كشفَ عن هشاشة الكيان الغاصب، وعن وهم أُسطورة قوَّته، وتسليحه، وعظمة جيشه، وإجرام "شاباكه" و"موساده"، وعرَّى ارتباكَ قادته، وتخلخل منظوماته، وعوار مؤسساته، وجبن جنوده وخواء متطرفيه.
السابع من أكتوبر المجيد لا يصدقُ عليه صفة "اليوم الأَسود" لإسرائيل لأن السواد أشرفُ من أن يوصفَ به الحدث؛ بل هو يومٌ الخزي والعار والانتكاسة المريرة، والإذلال المقيت لمحتلٍّ غاصبٍ هجَّرَ السكان، ودمرَّ الأرض، وقتل الأطفال والنساء والرجال، ونجَّس المُقدسات الشريفة، وسلبَ وطنًا شريفًا من أهله بتواطؤ قوى الرجعية والتخلف الإنساني.
وليس التاريخُ ببعيدٍ عن السادس من أكتوبر يومَ أن باغت الجيشان المصري والسوري الاحتلال الإسرائيلي عام 1973، فحققوا الإنجازات المبهرة على دولة الطغيان؛ حيث عبرت القوات المصرية قناة السويس، وهدمت خط بارليف وتوغَّلت عشرين كيلومترًا شرقًا داخل سيناء، في الوقت الذي تمكنت فيه القوات السورية من التوغل إلى عمق هضبة الجولان وصولًا إلى سهل الحولة وبحيرة طبريا.
إذن يبدو أنَّ إسرائيل لا تؤتى في مأمنها إلّا بعنصر المباغتة والمفاجأة، حيثُ يحسبُ المحتلُّ أَنه قد أحاط نفسه بسورٍ شاهقٍ لا يؤتى من أسفله أو من أعلاه، فيأمنُ على نفسه، وعلى رقصه، وعربدته، وسكْره ونشوته، فوق رفات أصحاب الأرض الذين دفنتهم دباباتهم ومركباته، حتى جاءهم النذير المبين من الأرض والسماء؛ شُهبٌ تتطايرُ كأنها الجمر الملتهب، ذكرتنا بقول بشار بن برد:
كأن مثار النَّقع فوق رؤوسنا// وأسيافنا ليل تهاوت كواكبه
وإذا بجند الله البواسل وهم يعانقون أرضهم المغتصبة، ويصافحون زيتونهم المختطف، ويشمُّون شذى آبائهم وأجدادهم في الوهاد والأُكمات، فيهرعُ الغزاةُ الطغاةُ الجبناء الذين كانوا في رقصهم يعربدون، كالنعامات الفارَّة، وتتساقطُ الأَبراج المحصنة، ويتطايرُ الشرر من كل مكانٍ، وتتهاوى حصون البغاة الأنذال. آلا أنه من يومٍ من أيام الله الكريمة التي لن ينساها التاريخ، بل سيحفرها في ذاكرة الزمن حفرَ فخرٍ واعتزاز بأعظم مقدرات هذه الأُمة؛ إبائها، وعزتها، وشموخها التي تتوارثها جيلا بعد جيل.
فمن صنعَ هذا اليوم؛ يوم السابع من أكتوبر؟ صنعُه شبابُ هذا الجيل الذي لم تغوه الضلالات الرخيصة، والشهوات الزائفة، والرغبات العارضة، والتفاهات النزقة، بل أعظمته الهمة العالية، والإصرار العنيد، والإرادة القعساء ليستردَّ أرضه، ويستعيد كرامته، ويعيد للأُمة عنفوانها وحريتها المسلوبة.
فلنفخر بالسابع من أكتوبر جميعنا نحن العرب والمسلمون، فهو لنا جميعًا: عزَّةً، ونصرًا، وكرامةً، وهديةً من الله، ولنعتز بما فينا جميعنا من نخوة متوقدة، وشهامة باسلة، وعزة حيَّة، برهنَ عليها شبابُ القسَّام.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
عميلان سابقان يكشفان تفاصيل جديدة عن تفجيرات البيجر التي هزت حزب الله
ديسمبر 23, 2024آخر تحديث: ديسمبر 23, 2024
المستقلة/-“تحت عنوان كيف خدع الموساد الإسرائيلي حزب الله لشراء أجهزة استدعاء متفجرة”، نشرت شبكة “سي بي إس نيوز” الأمريكية، مساء الأحد، تقريرا سلطت فيه الضوء على عملية استخبارية معقدة نفذها الموساد الإسرائيلي.
التقرير، الذي استند إلى شهادات عميلين سابقين، كشف عن تفاصيل جديدة حول استخدام أجهزة البيجر كأداة لاستهداف حزب الله، وهي عملية هزت لبنان وسوريا بعد أن استهدفت عناصر الحزب خلال سبتمبر/أيلول الماضي.
وفي التفاصيل التي كشف عنها العميلان خلال ظهور مقنع وبصوت معدل ضمن برنامج “60 دقيقة” على الشبكة الأمريكية، أوضح أحدهما أن العملية بدأت قبل عشر سنوات باستخدام أجهزة “ووكي توكي” تحتوي على متفجرات مخفية، والتي لم يدرك “حزب الله” أنه كان يشتريها من إسرائيل، عدوته.
وعلى الرغم من مرور السنوات، ظلت هذه الأجهزة خامدة حتى تم تفجيرها بشكل متزامن في سبتمبر/أيلول الماضي، بعد يوم واحد من تفجير أجهزة الإرسال المفخخة “البيجر”.
أما المرحلة الثانية من الخطة، وفقًا لما كشفه العميل الثاني، فقد بدأت في عام 2022، عندما حصل جهاز الموساد الإسرائيلي على معلومات تفيد بأن حزب الله يعتزم شراء أجهزة البيجر من شركة مقرها تايوان.
وأوضح العميل أنه “لتنفيذ الخطة بدقة، كان من الضروري تعديل أجهزة البيجر لتصبح أكبر من حيث الحجم ولتتمكن من استيعاب كمية المتفجرات المخفية بداخلها”.
وأضاف أن “الموساد أجرى اختبارات دقيقة على دمى لمحاكاة تأثير الانفجار، لضمان تحديد كمية المتفجرات التي تستهدف المقاتل فقط، دون إلحاق أي أذى بالأشخاص القريبين”.
هذا وأشار التقرير أيضًا إلى أن “الموساد أجرى اختبارات متعددة على نغمات الرنين، بهدف اختيار نغمة تبدو عاجلة بما يكفي لدفع الشخص المستهدف إلى إخراج جهاز البيجر من جيبه على الفور”.
وذكر العميل الثاني، الذي أُطلق عليه اسم غابرييل، أن إقناع حزب الله بالانتقال إلى أجهزة البيجر الأكبر حجمًا استغرق حوالي أسبوعين.
وأضاف أن العملية تضمنت استخدام إعلانات مزيفة نُشرت على يوتيوب، تروّج لهذه الأجهزة باعتبارها مقاومة للغبار والماء، وتتميز بعمر بطارية طويل.
وتحدث غابرييل عن استخدام شركات وهمية، من بينها شركة مقرها المجر، كجزء من الخطة لخداع شركة غولد أبولو التايوانية ودفعها للتعاون مع الموساد دون علمها بحقيقة الأمر.
وأشار العميل إلى أن حزب الله لم يكن على علم بأن الشركة الوهمية التي تعامل معها كانت تعمل بالتنسيق مع إسرائيل”.
وأسفرت تفجيرات أجهزة البيجر وأجهزة اللاسلكي التي نفذتها إسرائيل في سبتمبر الماضي عن مقتل وإصابة الآلاف من عناصر حزب الله والمدنيين والعاملين في مؤسسات مختلفة في لبنان وسوريا.
وكان موقع “أكسيوس” قد ذكر بعد أيام من تنفيذ الضربة، أن الموساد قام بتفجير أجهزة الاستدعاء التي يحملها أعضاء حزب الله في لبنان وسوريا خوفًا من اكتشاف الحزب الأمر، بعد أن كشف الذكاء الاصطناعي أن اثنين من ضباط الحزب لديهم شكوك حول الأجهزة.
وفي خطاب ألقاه الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، تعليقًا على الضربات التي وقعت قبل أيام من اغتياله، وصف نصر الله الهجوم بأنه “عدوان كبير وغير مسبوق”. وأضاف: “العدو قد تجاوز في هذه العملية كل الضوابط والخطوط الحمراء والقوانين، ولم يكترث لأي شيء من الناحيتين الأخلاقية والقانونية”.
وأوضح أن “التفجيرات وقعت في أماكن مدنية مثل المستشفيات، الصيدليات، الأسواق، المنازل، السيارات، والطرقات العامة، حيث يتواجد العديد من المدنيين، النساء، والأطفال”.