كانت اللحظات الأخيرة في حياة الموسيقار بليغ حمدي، محزنة، ومليئة بالألم، حسب ما قاله كتاب «بليغ.. أسرار الأيام الأخيرة» للكاتب أيمن الحكيم، والذي كشف فيه عن أخر طلب ل بليغ حمدي قبل أن تصعد روحه للسماء.

 أخر طلب في حياة بليغ حمدي

وفي تلك الفترة كان بليغ حمدي يقيم في حجرة مستقلة بإحدى المستشفيات، مفضلا أن يدفع تكاليف مضاعفة حتى لا يقيم في الغرف المشتركة، ولما دخل عليه محسن خطاب في ذلك الصباح كان الإعياء باديا عليه ولكن عقله كان يقظا وفي كامل وعيه وحكى محسن خطاب الشاهد الأول على تلك اللحظات الفارقة والأخيرة في حياة الموسيقار الكبير عن التفاصيل المحفورة على جدران ذاكرته قائلا: «دخلت على الأستاذ بليغ، كنت مترقبا لأعرف هذا الطلب الذي استدعاني من أجله على هذا النحو، كان منها من تأثير الجرعة الثانية من العلاج، وبمجرد أن رآني طلب مني أن أساعده ليدخل الحمام الملحق بالغرفة، ولما بدأت في مساعدته سألني: هي وردة ما اتصلتش؟.

. كان نفسي والله أسمع صوتها ممكن تكلمها لي في مصر». 
وتابع: «وبمجرد أن وقف على قدميه حتى فوجئت به يسقط على الأرض فاقدًا الوعي، حاولت إفاقته ولكني فشلت، فصرخت استدعي الأطباء وجاءوا سريعًا وأعادوه إلى سريره وتقرر بعد فحوصات سريعة نقله إلي غرفة العناية المركزة، وصممت على الدخول معه فأجروا لي عملية تعقيم ودخلت كانوا قد وضعوه تحت أجهزة التنفس الصناعي وأوصلوا بجسده أسلاكًا وخراطيم وبدا أنه يجاهد في التنفس ولاحظت أن رأسه قد سقطت من فوق الوسادة، فتقدمت لأعيدها إلي مكانها، وفي اللحظة التي كنت أحتضن فيها رأسه برفق بدأت الأجهزة الطبية في إطلاق صفير متواصل، وأشار لي  أحد الأطباء بما يعني أنه لا فائدة وأنه فارق الحياة، وكانت عقارب الساعة لحظتها ۱۱ و ۱۲ دقيقة تماما وهو تاريخ لا يمكنني أن أنساه أبدًا» .


بليغ حمدي مات بخطأ طبي


وفجر محسن خطاب مفاجأة، حيث كشف أنه مات بخطأ عبثي وساذج ويقول: كان تاريخ ميلاد الأستاذ بليغ المدون في جواز سفره هو أكتوبر ۱۹۳۹ وهو تاريخ غير حقيقي ويقل نحو ٩ سنوات عن التاريخ الفعلي وكانت هناك موضة وقتها أن يختصر نجوم الفن من أعمارهم سنوات، وهكذا أصبح الأستاذ عبد الوهاب من مواليد ١٩١٠ رغم أنه ولد ۱۹٠١ ، والست أم كلثوم سجلت في جواز سفرها أنها مواليد ١٩٠٤ رغم أنها مولودة قبلها بست سنوات على الأقل.
ومجاراة لهذه الموضة عدّل الأستاذ بليغ في تاريخ ميلاده وبناء على هذا التاريخ الرسمي المدون في جواز سفره حدد الأطباء في مستشفى جوستاف روسيه جرعة العلاج، فقد كان يدخل في تحديدها عمر المريض وقدرة الجسم على احتمالها، ولذلك جاءت الجرعة أقوى من قدرة جسده فأدت إلي مضاعفات خطيرة، خاصة وأن كبد الأستاذ بليغ كان قد وصل إلي التليف الكامل تقريبًا، ولذلك فمن المرجح أن يكون هذا الخطأ في تحديد جرعة العلاج سببًا قويا في رحيله المفاجئ والأعمار بيدا الله في النهاية .

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: بليغ حمدي وردة بلیغ حمدی فی حیاة

إقرأ أيضاً:

 أشرف غريب يكتب: أم كلثوم.. تاريخ أمة وضمير شعب

لا يقاس تاريخ الأمم بما حققته من مكتسبات سياسية واقتصادية.. كل هذا قابل للتغير والتأويل.. هناك أشياء أهم وأكثر خلودا.

لم يبقَ لليونان القديمة إلا فلاسفتها العظام، ولأوروبا العصور الوسطى إلا رموز عصر نهضتها، أما مصر القرن العشرين وما بعدها، ومهما مرت به من أحداث جسام، فلن يبقى لها إلا تلك الأسماء الشامخة التي صنعت ريادتها وتميزها، وفي صدر هؤلاء كانت كوكب الشرق أم كلثوم بكل تأكيد.

أكثر من سبعين عاما عاشتها هذه الفلاحة البسيطة التي أتت من ريف مصر لتقف على قمة الهرم في أمة شاء لها القدر أن تكون ذات تأثير واضح في كل الدوائر المحيطة بها، وشاء لأم كلثوم نفسها أن تكون أيضا جزءا من هذا التاريخ وصاحبة أثر بالغ الوضوح في كثير من الأحداث التي عاشتها أمتها، ربما لأنها لم تكن فقط مجرد صوت غنائي استثنائي بقدر ما كانت صوت شعب تسبقه حضارة آلاف السنين، وربما لأنها لم تكن فقط نجمة غير عادية عرفت كيف تدير موهبتها مهما اختلفت الأجواء والظروف بقدر ما كانت صنيعة وطن ومشروع أمة من أول أولئك الأفذاذ الذين أحاطوا بها في بدايتها ودعموا وجودها في زمن عشرات الأسماء الكبرى، وحتى رأس الدولة في زمن آخر أدرك أن بيده سلاحا لا يملكه غيره، فحافظ عليه وعظَّم من دوره وبرع في استثماره لتبقى هي للغناء سيدته الأولى، ولمصر رمزها الباقي.

وُلدت أم كلثوم في عهد الخديو عباس حلمي الثاني، وعاشت صباها وسنوات شقائها الفني في عهد السلطان حسين كامل، وبدأت مشوارها مع احتراف الغناء في عهد الملك فؤاد، وحققت الشهرة والنفوذ في عهد الملك فاروق، ودانت لها السيادة والزعامة على مستوى الوطن العربي في عهد الرئيس عبدالناصر، ورحلت عن دنيانا في عهد الرئيس السادات، عايشت كل الأحداث الجسام في تاريخ أمتها، شهدت حربين عالميتين، وخبرت أثرهما على مصر، وحضرت ثورتين كانت في ظل الأولى نبتة فنية صغيرة، وفي كنف الثانية فوق ذرى المجد الفني، عاصرت كل حروبنا مع إسرائيل، فشهدت نكبتنا في 1948 وصمودنا في 1956 وانكسارنا في 1967 وانتصارنا في 1973، وهي في ذلك كله كانت صوت مصر الهادر بالغناء أو نبض المواطن الشريف بالمواقف والعمل الجاد، وفي تلك الحقب والأحوال جميعها كانت أم كلثوم مرادفا حقيقيا للانتماء إلى هذا الوطن الذي عشقته وعبّرت عنه، وإلى محيطها العربي الذي توحد عبر أثير غنائها المنطلق من إذاعة القاهرة عاصمة العرب وقلبها الحي.

ألم تكن هي التي تحدثت باسم مصر في قصيدة الشاعر حافظ إبراهيم الشهيرة: «أنا إن قدَّر الإله مماتي لا ترى الشرق يرفع الرأس بعدي»؟ ألم تكن هي التي قالت: «مصر التي في خاطري وفي فمي أحبها بكل روحي ودمي يا ليت كل مؤمن بعزها يحبها حبي لها»؟ ثم هي التي قالت في ذروة الأزمة الفلسطينية بعد هزيمة يونيو: «أصبح عندي الآن بندقية إلى فلسطين خذوني»؟ أم كلثوم التي صدحت بالغناء لشعراء عرب من اليمن والسودان وسوريا ولبنان وتونس تأكيدا لتوجهها العروبي، ولشاعر فارسي وآخر باكستاني تكريسا لانتمائها الإسلامي، وهذا بالتأكيد بعض من كل، لكنه إشارة إلى ذلك النهج الوطني والقومي الذى لم تحد عنه كوكب الشرق على مدى سبعين عاما لم تتوقف خلالها عن الغناء لهذا الوطن وتلك الأمة.

هذا عن الغناء، أما عن المواقف فلن تسعفني الكلمات، أم كلثوم التي جابت أرجاء الوطن العربي من أبوظبي على الخليج العربي إلى المغرب على المحيط الأطلنطي دعما للمجهود الحربي بعد يونيو 1967 وجمعت من المال والمشغولات الذهبية ما كان عونا حقيقيا في المعركة الكبرى ورمزا بالغ الدلالة على البذل والعطاء، أم كلثوم التي تحدت اللوبي الصهيوني في أوروبا وراحت تغني على مسرح الأولمبيا في قلب العاصمة الفرنسية باريس مناصرة للقضية العربية، أم كلثوم التي حالت ظروفها الصحية أثناء حرب أكتوبر 1973 دون الغناء فتبرعت مع بدايات المعركة بمبلغ خمسة عشر ألف جنيه من جنيهات السبعينات (عشرة للمجهود الحربي وخمسة للهلال الأحمر المصري)، أم كلثوم التي غالبت مرضها في مايو 1974 لتلبي دعوة الرئيس السادات وتقف بجواره في حفل تكريم جرحى أكتوبر الذي أقيم بمستشفى القوات المسلحة بالمعادي، فكان ظهورها العلني الأخير، أم كلثوم التي وضعت اللبنة الأولى لمشروع دار الخير الذي تحول لاحقا إلى مشروع الوفاء والأمل، أم كلثوم التي احتشدت الملايين بالشوارع في مشهد وداعها المهيب قبل خمسين عاما ونعتها برقيات زعماء العالم.

باختصار.. لقد كانت أم كلثوم تاريخ أمة وصنيعة وطن، والعنوان الأبرز لعصر بأكمله كانت هي قبلته الأولى ورمزه الأعظم.

مقالات مشابهة

  • تفاصيل أيامه الأخيرة.. زوجة الراحل سامي عبدالعزيز لـ صدى البلد: سنقاضي العيادة المتسببة في وفاته
  • عاجل.. سبب وفاة الفنان صالح العويل وتفاصيل اللحظات الأخيرة في حياته
  • حورية فرغلي تركب قطار دراما رمضان في اللحظات الأخيرة
  • «مكالمة الموت».. تفاصيل رحلة الصيد الأخيرة في حياة "عقرب".. المحكمة تعاقب الصيادين بالسجن المشدد 15 عامـًا.. التحريات: المتهمون لم يستجيبوا لتوسلات الضحية
  • حفيد أم كلثوم يكشف تفاصيل لقائها مع بليغ حمدي وكواليس أغانيها
  • تشييع جثمان عامر التوني.. وابن شقيقته يكشف اللحظات الأخيرة في حياته| فيديو
  • تفاصيل رحلة معتمر الأقصر المتوفى في مكة.. أمنية ووصية اللحظات الأخيرة
  •  أشرف غريب يكتب: أم كلثوم.. تاريخ أمة وضمير شعب
  • تشيلسي يخطط لصفقات "اللحظات الأخيرة"
  • مكالمة الموت.. تفاصيل رحلة الصيد الأخيرة في حياة «عقرب»